أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد يوسف - رؤوس أينعت وحان قطافها














المزيد.....

رؤوس أينعت وحان قطافها


قاسم محمد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3372 - 2011 / 5 / 21 - 20:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُحكى في الزمان الغابر أن رجلاً شديد البأس قوي البطش عاقد الحاجبين يدعى الحجاج بن يوسف الثقفي عيّنه الخليفة والياً على العراق نظراً لحالة الفوضى العارمة, وفي أول خطبة أمام أهل الكوفة أطلق الرجل العنان لبلاغته وإستعار من روعة اللغة بياناً وبديعاً ليروي ظمأ بطشه وقوته فراح يحدثهم بخطابه الشهير "والله إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها واني لأرى الدماء ترقرق بين العمائم واللحى, إني والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بالشنان ولا يغمز جانبي كتغمار التين ، ولقد فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة, وإن أمير المؤمنين نثر كِنانته، فعجم عيدانها, فوجدني أمرّها عودا، وأصلبها مكْسِرًا فرماكم بي, لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلالة، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم، وإني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلّف بعد أخذ عطائه ثلاثة أيام إلا ضربت عنقه".

إستحضرت هذه القصة من التاريخ رغم كثرة الروايات المتناقدة حول أسبابها لأدلل على منطق "فاقع" حكم البشرية طوال عقود من الزمن حتى تطورت الشعوب وأصبحت قيمة الإنسان في كيانه وعقله وتفكيره تلامس أعلى القيم وأرفع المقامات, ما يدفعني اليوم إلى فتح هذا النقاش هو العقلية الرجعية السائدة اليوم في عالمنا العربي وفي دول لامست حدود الحضارة الأولى وإرتقت بعراقتها وتاريخها الممتد منذ البشرية وإلى يومنا هذا, فأرضها أرض الديانات ومهبط الرسالات ومنبت الأنبياء وفي ربوعها ترعرع التنوع والتعدد الديني والعرقي والفكري, وبين أهلها شبّت أساسات الرقاء والتقدم الإنساني في مداميك الأخلاق ومكارمها حتى أضحت صفاتهم الحميدة مرادفاً طبيعياً لحرية الشعوب وتطورها وإزدهارها.

في عالم يضّج بالقيم الإنسانية والحريات ويتغنى بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها, هناك من يزاول دور الحجاج في العالم العربي, فيحدّث الناس عن الموت في زمن الحياة, ويقرع طبول الحرب مدوية بين حمائم السلام ويقود الأمة والمجتمع بسياسة القطيع نحو التهلكة, يهدد شعباً برمته ويصنع من شعاراته الفارغة غطاءً لتبرير القتل بل الإبادة, فتخرج الدبابات والمدرعات لتدك المدن والقرى الأمنة على رؤوس ساكينيها لا لشيئ سوى أنهم إنتفضوا لكرامتهم وطالبوا بالحرية والعيش الكريم فى نفوس حبلت بالظلم والقمع والإهانة وها هي تخوض مخاضاً عسيراً لولادة جديدة تنفض العار والغبار عن ناصية الوطن وتفتح الأفق جلياً نحو تقدم تاريخي لا محالة من وقوعه.

لتعود المنطقة إلى تاريخها الناصع وليعود التاريخ متجذراً في ربوعها كما كان, لا بد من كسر القيود ونزع الأغلال تمهيداً لثورات تطويرية متلاحقة تعيد الشرق إلى تنوعه وتعدديته وريادته, وتعيد الأديان إلى الوسطية والسماحة بعيداً من التطرف والإرهاب, وهنا, لا بد من التطرق (بشكل عابر) إلى مفهوم الإسلام وصورته في العالم وضرورة العمل على مؤتمر حقيقي وجامع يهدف إلى تطوير الأفكار وتحديث الرؤيا والإنفتاح على المجتمعات كافة بما يضمن عيشاً مشتركاً مع كافة التعدديات والأقليات في الشرق على قاعدة التساوي في الحقوق والواجبات ضمن منطق الوطن والمواطنة, وبالتالي فإن الصورة المغلوطة والمشوهة عن الإسلام بكافة مندرجاته يجب أن تتغير عملياً في كل الأصعدة وعلى كافة المستويات, فما كان يصح قبل ألف عام لا يصح اليوم, وعليه, منّ كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت.

إن هذه المنطقة الحساسة من العالم والتي ما برحت تشد الكون إلى خيراتها وتراثها, وصلت إلى مفترق مصيري وحاسم تطايرت معه الحسابات والإستراتيجيات والمصالح القائمة حينما قررت الشعوب بدمائها وتصميمها أن تقلب الطاولة على الجميع وتعيد رسم المنطقة بما يتناسب مع تاريخها ومستقبلها لتنزع عن جلدتها عقوداً من العبودية والخنوع ولتمسك بزمام المبادرة من جديد.



#قاسم_محمد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الله ... كُل ما جنّ فرحلو
- الإعتدال والممانعة ... واجهةٌ لقمع الشعوب
- دمشق تشترط لإستقبال رئيس وزراء قطر ... إسكات الجزيرة وإعتذار ...
- بثينة شعبان ... المقاومة ضد منّ ؟
- الشعب يريد إسقاط السلاح ... كل السلاح
- نقد الهزيمة ... والعودة إلى صفوف الجماهير
- سيُصفق الجميع لسوريا حتى تحمّر أيديهم
- سوريا تحفر للحريري وحزب الله معاً
- سوريا تخوض حروباً ناعمة لإستعادة لبنان
- منير الحافي ... شخصيةٌ لامست القلوب والعقول
- لبنان ... ولعبة الأمم
- حركة أمل وحزب الله ... هدوء ما قبل العاصفة
- الصهيونية والتطّرف ... وجهان لعملة واحدة
- على هامش التوأمة الوظيفية ... إيران وإسرائيل ... أكثر من مصا ...
- ما بين طهران وتل أبيب ... رشاقة النفاق السياسي
- محمد صالح ...الأحلام والحقائق ... يا سيدي أي الرجال أنت


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد يوسف - رؤوس أينعت وحان قطافها