أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الحسين شعبان - التعذيب والحوار العربي - الأوروبي















المزيد.....

التعذيب والحوار العربي - الأوروبي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 18:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


توقفت طويلاً عند الدعوة التي وصلتني من برنامج الحوار العربي الأوروبي تنظيم مؤتمر حول “التعذيب وسيادة القانون”، وتساءلت كثيراً هل يصلح مثل هذا العنوان لفتح حوار بين المؤسسات الوطنية (شبه الرسمية) لحقوق الإنسان ومعاهد ومراكز متخصصة أقرب إلى بيوت خبرة تعمل بصفة استشارية مع وزارات الخارجية الأوروبية؟ لعل أطراف الحوار شبه الحكومية هي أقرب إلى مؤسسات وسيطة بين الحكومة وبين منظمات المجتمع المدني، والمجتمع بشكل عام، سواءً من خلال دورها القانوني، أو عبر الرصد والمراقبة والضغط لوضع حد لانتهاكات التعذيب . وكنت قد حضرت مؤتمراً أسبق للحوار العربي الأوروبي تم تنظيمه من الجهات المعنية ذاتها بعنوان “الإرهاب وحقوق الإنسان” وكان قد التأم في عمان، لاسيما بعد شيوع ظاهرة الإرهاب الدولي وانتقالها إلى بلدان كثيرة، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 واحتلال العراق العام ،2003 الأمر الذي أسهم في صعود نجم تنظيمات القاعدة والتنظيمات الإرهابية بشكل عام .

وإذا كان موضوع الحوار حول الإرهاب له امتدادات دولية مباشرة، فإن موضوع التعذيب له فضاء دولي أيضاً حتى وإن تراءى للبعض أنه يدخل في صميم العلاقات الداخلية، الأمر الذي استوجب الحوار حوله من المؤسسات الوطنية والمعاهد والمراكز ذات العلاقة . وقد استضافت وزارة الخارجية الألمانية هذا الحوار في العاصمة برلين (قاعة ويلتسال هال) وحضره إضافة إلى الممثلين الرسميين عدد محدود من الخبراء والمختصين .

وإذا كان الحوار العربي الأوروبي اختياراً في السابق، فقد أصبح اليوم ضرورة ماسّة وحاجة لا غنى عنها في ظل الثورة العلمية التقنية، وفي ظل أوضاع العولمة والانفجار الهائل في حقل المعلومات والاتصالات والمواصلات والطفرة الرقمية “الديجيتل”، ولهذا أصبح الحوار واجباً في ظل عالم متداخل، مترابط، متشابك، ولم يعد نزوة أو حتى رغبة لمجموعة من المثقفين العرب والأوروبيين، بسبب تدنّي مستوى الحريات، وارتفاع معادلة الأمن على حساب الكرامة والحرية، والسكوت أو حتى تبرير جرائم التعذيب أحياناً، بزعم الاستقرار، ولعل مثل هذا الأمر لا يقتصر على هذا البلد أو ذاك، سواءً من البلدان العربية أو البلدان الأوروبية، بل أصبح ظاهرة عامة للعديد من الحكومات التي تتعكّز عليه، لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية الإجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة وتداعياتها الخطرة .

لقد كشفت الانتفاضات الشعبية التي حصلت في العديد من البلدان العربية، لاسيما التي استطاعت الإطاحة بالأنظمة التسلطية والاستبدادية السابقة في تونس ومصر، عن تفشي ظاهرة التعذيب، لا للمواطنين العرب فحسب، بل في الدول الأوروبية أيضاً التي شعر العديد منها بالمأزق الأخلاقي والوجداني، في السكوت عن الحكام المستبدين أو تبرير بعض أعمالهم، ناهيكم عن القصور التشريعي، وكذلك ضعف الآليات القانونية للحماية، الأمر الذي يجعل الحوار مهماً وضرورياً .

ومع تأكيدي لهذه الأهمية، فقد شعرت بحساسية خاصة وأنا ألقي بحثي وأتحدث إلى المؤتمرين، فقد كان مكان الاجتماع ليس بعيداً عن مقر جهاز “ستازي” المعروف بقسوته (جهاز الأمن السياسي الألماني التابع لألمانيا الشرقية قبل هدم جدار برلين)، وقد أسهم هذا الجهاز في تدريب و”تأهيل” العديد من الجلادين العرب، وتلقينهم وسائل التعذيب الحديثة والمؤثرة، ناهيكم عن بيع أجهزة وأدوات التعذيب إلى العديد من البلدان النامية، تحت واجهات ومزاعم مختلفة، بما فيها الصراع الإيديولوجي العالمي بين الشرق والغرب والاصطفافات الحادة في ظل الحرب الباردة، الأمر الذي كان على حساب الإنسان وحقوقه، التي هي غاية كل فلسفة وهدفها، كما أن الإنسان هو أغلى رأسمال في الوجود، وعلى حد تعبير الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس “الإنسان مقياس كل شيء” .

إن أي حوار لا يتّسم بالمصارحة والشفافية والنقد سيكون لا قيمة يعتدّ بها له، خصوصاً إذا توخّت الأطراف المتحاورة كما هي التي شاركت بالحوار العربي الأوروبي بشأن “التعذيب وسيادة القانون”، تحقيق شراكة حقيقية عربية وأوروبية .

ولهذا فقد اقتضى الحوار إظهار “التردد” في مواقف بعض الحكومات الأوروبية والغربية عموماً إزاء التحركات الشبابية والانتفاضات الشعبية، بسبب المصالح الاقتصادية والامتيازات التجارية التي كانت تحصل عليها، إضافة إلى بعض التبريرات التي تقدّم الأمن والاستقرار على حساب الحريات والحقوق وهو ما حاول كاتب السطور لفت النظر له .

وإذا كان التعذيب ظاهرة مستشرية في جميع البلدان العربية تقريباً خصوصاً بوجود نواقص تشريعية وضعف الروادع وآليات الحماية المنقوصة والإفلات من العقاب، فضلاً عن النقص الفادح في الثقافة القانونية والوعي الحقوقي المجتمعي، فإن عدم استقلال القضاء أو خضوعه في الكثير من الأحيان لتأثيرات السلطة التنفيذية أو ضعف جهات إنفاذ القانون هو سمة بارزة، لكن أوروبا والغرب عموماً ليسا بريئين من التعذيب .

إنّ ما حصل في سجن أبو غريب أو سجن غوانتانامو الذي وعد الرئيس الأمريكي أوباما بإغلاقه، لكنه لا يزال حتى الآن يضم نحو 160 معتقلاً في ظروف لاإنسانية، كما أكّدت العديد من التقارير الدولية، والسجون السرّية الطائرة (التي شارك فيها أكثر من بلد أوروبي) والسجون السرية العائمة (وسط البحر)، يحتاج إلى وقفة جدّية حقيقية من مواقع النقد والنقد الذاتي للكشف عن الممارسات والانتهاكات المنافية لحقوق الإنسان، ناهيكم عن أن هذه الوقفة لا بدّ أن تشمل معاناة اللاجئين أو طالبي اللجوء والمهاجرين والعمال الأجانب، في ضوء القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 (بروتوكولي جنيف)، فضلاً عن الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، واتفاقيات العمل الدولية .

لقد تطوّر الفقه الدولي كثيراً في موضوع تحريم التعذيب وتجريمه من وضع إعلان لمناهضة التعذيب العام 1975 وتحوّل هذا الإعلان إلى اتفاقية دولية شارعة، أي منشئة لقواعد قانونية جديدة أو مثبتة لها، وذلك في 10 ديسمبر/ كانون الأول عام ،1984 ودخلت حيّز التنفيذ في 26 يونيو/ حزيران عام ،1987 لاسيما بتأكيد أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، وحسب القانون الدولي الإنساني، فالتعذيب هو جريمة حرب مثلما يعتبره القانون الجنائي الدولي، جريمة ضد الإنسانية . وكانت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان (الإعلان العالمي في المادة الخامسة والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة السابعة) قد حرّمت التعذيب، وذهبت اتفاقيات جنيف وملحقاها، إضافة إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما عام 1998) الذي دخل حيّز التنفيذ في عام 2002 (المواد الخامسة والسابعة والثامنة) بهذا الاتجاه، الأمر الذي يتطلب الوقاية على صعيد التشريع والقانون وآليات الحماية، فضلاً عن التقنيات الضرورية، وهو ما ذهب إليه البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر/ كانون الأول عام 2002 ودخل حيّز التنفيذ في 22 يونيو/حزيران عام ،2006 وحتى الآن لم توقّعه أي من البلدان العربية باستثناء لبنان . وإذا كان بعض البلدان العربية قد وقّع على اتفاقية مناهضة التعذيب، فإن العديد منها تحفظ على اختصاص اللجنة المعنية حسب المادة 20 .

الجدير بالذكر أن جمعية دولية للوقاية من التعذيب كانت قد تأسست في عام 1977 بمبادرة من المحامي والمصرفي السويسري جان جاك غوتييه، شعوراً منه بتفاقم هذه الظاهرة التي ينبغي وضع حد لها في عالمنا المعاصر .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية لمظفر النواب: شاعر التجديد والتمرد والإبداع
- مَنْ يعوّض مَنْ؟
- الساسة العراقيون يتصرفون وكأنهم لا يزالون في المعارضة
- أيهدم بيت الشعر في العراق!
- بعد 50 عاماً على اعلان تصفية الكولونيالية
- دور المجتمع المدني بعد انتفاضات الشباب
- السمات العشر للانتفاضات العربية
- المواطنة بضدها
- الجنادرية والتويجري والأسئلة
- جاذبية التغيير
- الاستمرارية ميزت الجنادرية وهذه القضايا باتت ملحة
- مفارقات غولدستون: لماذا تراجع وأين الحقيقة؟
- روفائيل بطي.. إرهاص حداثي مبكّر!
- دستور مصر ووصفة السنهوري
- السياسة بوصفها علماً
- الشباب والتنمية!
- العراق من الاحتلال العسكري الى الاحتلال التعاهدي
- النيل وحرب المياه
- العرب وإسرائيل: أي جدل قانوني؟
- حرية التعبير و-حرية- التشهير


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الحسين شعبان - التعذيب والحوار العربي - الأوروبي