أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية















المزيد.....



القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3370 - 2011 / 5 / 19 - 08:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية

فصل من كتاب: المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية

فهرس الكتاب
1- تقديم.
2- الثورة التى نحتاج و القيادة التى لدينا.
3- الشيوعية : بداية مرحلة جديدة .
4- القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية.
5- من أجل تحرير النساء و تحرير الإنسانية جمعاء.
6- ملاحق :
أ- رسالة مفتوحة إلى الشيوعيين الثوريين و كلّ شخص يفكّر جدّيا فى الثورة بصدد دور بوب آفاكيان و اهمّيته.
ب- ما هي الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان؟
ت- حول القادة و القيادة.
ث- لمزيد فهم خطّ الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية : من أهمّ المواقع على النات.

القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية
1- القانون الأساسي
2- ملحق : " الشيوعية كعلم "
-------------------------------------
مدخل : المبادئ الأساسية للحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية.
لتحرير الإنسانية يحتاج العالم للثورة و الشيوعية :
يتطلب العالم اليوم تغييرا جذريا. فنحن نحيا على كوكب حيث عشرات ملايين الناس ماتوا أثناء الحربين العالميتين فى القرن العشرين وفى حروب أخرى منذ ذلك الحين...و حيث تستمرّ أجزاء كبرى من الإنسانية الآن فى أسر الحروب الوحشية والتدميرية و ما ينجر عنها من خسائر جمّة فى الأرواح ومن عذابات لا تحصى.
نحيا فى عالم فيه يموت الملايين جراء أمراض يمكن الوقاية منها بسهولة... وما زالت أعداد أكبر تواجه الجوع كحقيقة حياة يومية . إننا أسرى نظام إقتصادي عالمي يوزّع الفتات ويمدّ بالإمتيازات عددا صغيرا نسبيا، بينما يجبر الملايين على البحث بيأس عن عمل فى كثير من الأحيان يدمّّر العقل ويسحق الجسد...نظام إقتصادي دمّر وسلب الطبيعة نفسها ووضع الآن مستقبل الحياة الإنسانية موضع سؤال.
نقضى أيامنا فى عالم حيث حياة عدد لا يحصى من الأطفال تطحن وتحطّم ،البعض كعمال أطفال حتى عبيد تماما، و البعض الآخر كضحايا الفقر والإذلال... وتسحق إمكانياتهم وتختصر حياتهم. وفى كلّ مكان لا تزال النساء، نصف الإنسانية !، تواجه قفّاز الإغتصاب وسوء المعاملة والإضطهاد بأشكال تقليدية وأخرى "حديثة ".
والناس ذوو التوجّه الجنسي أو الهوية المختلفين عن التعابير السائدة فى المجتمع ( ويقع هذا بالخصوص وبصفة حادة أين يتعارض بصورة هامة مع النظام الأبوى السائد ) تتمّ معالمتهم معاملة تتّسم بالتمييز والإضطهاد و العديد منهم يتعرضون لهجمات وحشية و حتى قاتلة.
وعشرات ملايين الناس فى هذه البلاد يواجهون حياة الإستغلال الطاحن و اليأس المُرّ والكثير منهم أتوا إلى هذه البلاد من بلدان نهبها الرأسمال الأمريكي ليجدوا أنفسهم فقط ملقبين ب"غير الشرعيين" و مجبرين على العيش فى ظلال الإضطهاد التى تشبه الغستابو. و خصوصا ، ضمن السود، وكذلك غيرهم من الألوان و القوميات المضطهدة ، وقع تهميش جموع من الجماهير الشعبية لأن إستغلالها لم يعد مربحا. و عوض الإعتراف بإنسانيتها وإطلاق عنان إمكانياتها ، جرّمها هذا النظام ( واحد من تسعة سكان سود فى السجن و الشباب السود و اللاتينيون يواجهون المضايقات و الوحشية و التهديد المستمرّ بالقتل على أيدى الشرطة كلّما خرجوا إلى الشارع. فى حين ينتشر إنتشار الوباء التمييز العنصري الأمريكي و يفيض بقيحة فى أغلب الأحيان بأشكال قديمة و جديدة.
و على قمّة هذا كلّه، يملى هذا النظام الإقتصادي و الإجتماعي على كلّ شخص النظر لكلّ شخص آخر و التعامل معه كمنافس و خصم محتملين.
"حوت يأكل حوت" و " إبحث عن أن تكون الأول" هما الشعاران الحقيقيتان لهذا المجتمع. و الذين يسعون لجعل الأشياء أفضل ، ضمن حدود هذا النظام ، يجدون بصفة ثابتة جهودهم محبطة، غير قادرين على التوصّل إلى جذور المشاكل.
و نتيجة لكلّ هذا فإن الإغتراب و اليأس مستشريان و يشعر الناس كما لو أن حياتهم فارغة لا معنى لها. و ما الذى ينقذهم؟ إما المطاردة المجنونة للحصول على مزيد السلع أو الخيالات الخاطئة و العزاء الديني.
بيد أن الحقيقة القاسية لكلّ هذا هي أنه لا يجب أن يكون الأمر كذلك ! وهذا هو التناقض الساطع ، فى عالم اليوم ، إنتاج الأشياء و توزيع المنتجات ينجزه بشكل كبير عدد كبير من الناس الذين يعملون جماعيا وهم منظّمون فى شبكات عالية التنسيق. و فى أساس هذه السيرورة جميعها توجد البروليتاريا وهي طبقة عالمية لا تملك شيئا رغم أنها قد صنعت هذه القوى المنتجة ذات الطابع الإجتماعي الهائل وهي التى تشغّلها.وهذه القوى الإنتاجية العظيمة بوسعها أن توفّر للإنسانية ليس تلبية الحاجيات الأساسية لكلّ فرد على الكوكب فحسب بل بناء مجتمع جديد له جملة من العلاقات الإجتماعية و القيم المختلفة كلّيا... مجتمع حيث يستطيع كلّ الناس أن يزدهروا سوية حقا و بالكامل. ومع ذلك لا يستطيع هذا أن يحدث و لا يحدث وعوض ذلك بالنسبة للغالبية العظمى من الإنسانية و لأعداد كبيرة من الناس فى هذه البلاد، تسوء الأمور ويبدو على الدوام أنه ميؤوس منها أكثر فأكثر.
لماذا؟ لأن هذه القوى المنتجة تخلق و تشغّل إجتماعيا عبر عمل أعداد كبيرة من الناس ، لكن يملكها و يسيطر عليها حفنة نسبية من الناس : الطبقة الرأسمالية-الإمبريالية. و التملّك الخاص بالإمبرياليين للثروة المنتجة إجتماعيا يدعمه القانون و العادة ... و القوة المسلّحة للدولة. وما يشغل بال كافة هؤلاء الإمبرياليين - و كلّ ما يمكن أن يشغلوا به بالهم بحكم قوانين نظامهم الرأسمالي- هو الدافع اللانهائي لمراكمة الربح و مزيد الربح و التوسّع العنيف و الدفاع عن الإمبراطوريات المقامة لضمان تلك المراكمة.
هذا التناقض الحارق بين الطابع الإجتماعي للإنتاج و التملّك الفردي و السيطرة الفردية عليه هو الجوهر الذى يقرّر طابع و توجه المجتمع
و العالم ككلّ. إنه السبب الجذري لتواصل تحمّل هذه الفظاعات. و على هذه العلاقات الإقتصادية الأساسية تنهض هيكلة كاملة من الدولة و السياسة
و الثقافة و الأفكار و الأخلاق. و مهما كانت الإصطلاحات و/أو التعبيرات الشكلية المدخلة فطالما أن نفس النظام قائم و نفس الطبقة تحكم فإن الإساءات التى يعانى منها الناس عبر العالم ستستمرّ و يعاد إنتاجها و ستصبح أكثر تشويها حتى.
لهذه المشكلة حلّ واحد فقط هو ثورة تطيح بهذا النظام و الطبقة الرأسمالية-الإمبريالية التى تجسّده و تسيّره، ثورة ستؤسّس فورا سلطة جديدة.
و على هذه السلطة الثورية الجديدة أن تصادر على الفور ممتلكات وسلطة الطبقة الرأسمالية-الإمبريالية. و على الفور ستشرع فى تلبية أكثر حاجيات الشعب إلحاحية و ستحلّ ما كانت تبدو إلى الآن مشاكلا "عصيّة على الحلّ". و ستقوم بكل هذا خدمة ل و كجزء من شيئ أعظم هو الثورة العالمية ، المؤدية للتحرير الشامل للإنسانية جمعاء. وهذه السلطة الجديدة كدولة إشتراكية متجذّرة فى النشاط الواعي لعشرات الملايين من الناس، ستنطلق فى سلسلة من النضالات الأخرى لإجتثاث جذور الإستغلال والإضطهاد فى كافة المجالات ، من الإنتاج إلى المؤسسات الإجتماعية إلى الأفكار، فى سيرورة مليئة بالتحدّيات العظيمة و بالحيوية و التنوّع الحقيقيين.
و ستكون هذه الثورة سيرورة خلالها يحوّل الناس ظروف حياتهم و هم يقومون بذلك يغيّرون أنفسهم و من جديد، ينجز هذا كجزء من و بإرتباط بالثورة فى جميع أنحاء العالم. و سيكون الهدف و ينبغى أن يكون لا شيئ أقلّ من مجتمع فيه سيعرف الناس فى النهاية ماذا يعنى أن يكونوا أحرارا: مجتمع شيوعي حقا ، مجتمع عالمي قد إجتثّ و تجاوز الإنقسامات الطبقية و كافة العلاقات الإجتماعية الإضطهادية و ما يتناسب معها من أفكار و ثقافة. و هذا لا يعنى و لا يمكن أن يعني تحرّرا من كافة القيود إذ أنه يظلّ على الناس أن يعملوا معا لإنتاج ضرورات الحياة و أن يتعاملوا مع الطبيعة و إلتزامات بعضهم تجاه بعض. لكنّه سيعنى أن الناس سيكونون أحرارا فى القيام بذلك بطريقة لا تقسّمهم إلى قوى متنافسة عدائية...أحرارا من الجهل المفروض الذى يمثّل جزءا لا يتجزّأ من عالم اليوم... و أحرارا فى النهاية ، فى تطوير مستمرّ لشكل المجتمع العالمي الحقيقي لبشر يزدهرون بصفة متصاعدة ، ليس فقط كأفراد و لكن بأكثر جوهرية فى علاقاتهم المتبادلة و تفاعلاتهم مع بعضهم البعض.
هذه هي السيرورة و هذا هو الهدف النهائي للثورة الشيوعية.
و الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية يوجد لهذا الغرض و ليس لغرض آخر: قيادة الجماهير للقيام بالثورة الشيوعية الضرورية كجزء من النضال العالمي فى سبيل عالم متحرّر حقّا.
لايمكن للشيوعية أن تتحقق إلا من خلال الثورة البروليتارية :
يقال للناس اليوم "كونوا واقعيين" بمعنى حدّدوا أهدافكم فى دفع الحكومات للإصلاح و " لتحقيق المثل الديمقراطية الحقيقية ".
لا يمكن لهذا أن يعمل! تعليق الآمال و الجهود على ذلك ليس بوسعه إلاّ أن يزيد الأمور سوءا. و مثل هذه السيرورة ليست "واقعية"، إنها ذات نهاية مسدودة. لماذا؟ عبّر عن ذلك بوب آفاكيان ، الرئيس المؤسس للحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية ، على النحو التالي :
" فى عالم متميّز بإنقسامات طبقية و لامساواة إجتماعية عميقتين، الحديث عن "الديمقراطية" دون الحديث عن الطبيعة الطبقية لهذه الديمقراطية وأي طبقة تخدم ، لامعنى له بل أسوأ. طالما أن المجتمع منقسم إلى طبقات ، لا يمكن أن توجد "ديمقراطية للجميع" ، طبقة أو أخرى ستحكم و ستدافع عن و تروّج لهذا النوع من الديمقراطية الذى يخدم مصالحها وأهدافها. المسألة هي: أي طبقة ستحكم و إذا كان حكمها و نظامها الديمقراطي سيخدم فى النهاية إستمرار أو إلغاء الإنقسامات الطبقية و العلاقات الإستغلالية والإضطهادية و اللامساواة المناسبة لها ".
إن الجيوش البشغة و قوات الشرطة الوحشية التى تشكّل جوهر دولة اليوم إنبنت طوال قرون من الحفاظ على و خدمة مصالح و أهداف طبقة الرأسماليين-الإمبرياليين. وهذه الطبقة وحدها هي التى تقرّر متى ، كيف و ضدّ من سيستعمل الجيش و ستستعمل الشرطة و بأية أغراض... وإحتكارهم ل " القوّة الشرعية " يكشف كون الديمقراطية الأمريكية ( شأنها شأن جميع الديمقراطيات)، جوهريا ، دكتاتورية طبقة على طبقة أخرى وفى موضوع الحال ، دكتاتورية الإمبرياليين. و التاريخ الكامل لهذه البلاد من السطو وإبادة الهنود الأمريكيين الأصليين ، إلى عدد كبير من الحروب والأعمال العسكرية التى خاضتها هذه البلاد... إلى جريمة التأسيس المفزعة إلى العبودية ، إلى القمع العنيف الموجه ضد كلّ حركة جذرية ظهرت فى هذه البلاد لتقاتل من أجل عالم أفضل ، أثبتت هذه النقطة مرارا و تكرارا.
على الثورة أن تطيح بآلة دولة هؤلاء الرأسماليين-الإمبرياليين و أن ترسي سلطة دولة جديدة تخدم المصالح الثورية للطبقة المستغَلّة سابقا ، البروليتاريا فى تحرير الإنسانية و دفع المجتمع و العالم بإتجاه القضاء على الإنقسامات الطبقية و العلاقات الإستغلالية ككلّ. و ستكون هذه الدولة الثورية دكتاتورية البروليتاريا، دولة ستكون مغايرة راديكاليا لكافة أشكال الدول السابقة.
جميع الدول السابقة خدمت توسيع علاقات الإنتاج و الدفاع عنها، و فرضت هيمنة الطبقات الإستغلالية و حصّنت نفسها ضد أي تغيير جوهري فى هذه العلاقات. و بالعكس ،تهدف دكتاتورية البروليتاريا فى النهاية إلى القضاء على الدولة ذاتها و إلغاء الإختلافات الطبقية و كافة العلاقات الإجتماعية العدائية المؤيدة للإستغلال و الإضطهاد و إعادة الإنتاج المستمرّة للنزاعات الهدّامة بين الناس. و لأجل مواصلة التقدّم بإتجاه ذلك الهدف ، ينبغى على دكتاتورية البروليتاريا على نحو متزايد أن تجلب بصورة متنامية الجماهير الشعبية ، من عديد الشرائح الإجتماعي المتنوعة إلى المشاركة ذات المغزى فى سيرورة تسيير المجتمع و التقدّم صوب الهدف النهائي ،الشيوعية فى كافة أنحاء العالم. و ستتميّز هذه السيرورة بأناس يفكّرون و ينشطون بطرق مختلفة و مبدعة...ستكون مليئة بالخميرة[ يعنى صراع الأفكار] و المعارضة و النقاش حول كلّ من طابع المجتمع و سيره فى أي زمن معطى... و ستكون لها قيادة تمارس إطلاق العنان لهذا و بالمعنى الشامل لتوجيه هذا نحو الهدف النهائي، الشيوعية.
و تتناسب هذه الدولة مع و ستكون ضرورية على طول المجتمع الإشتراكي لكن الإشتراكية ليست هدفا فى حدّ ذاته ( إنها مرحلة إنتقالية حرجة و ضرورية غايتها الهدف النهائي، الشيوعية) و على الدولة الإشتراكية أن تمرّ بإستمرار بتغييرات راديكالية تتوافق مع الخطّ و تخدم التقدّم بإتجاه هذا الهدف النهائي الذى سيتضمّن القضاء النهائي على الإنقسامات بين الدولة و بقية المجتمع و إلغاء الدولة ذاتها ، مع إلغاء الإنقسامات الطبقية و العلاقات الإضطهادية ضمن الشعب، عبر العالم.
ستقود الدولة الإشتراكية و ستدعم الناس فى إنجاز تحويلات جذرية فى كلّ مجال من مجالات المجتمع. ستشيّد نظاما إقتصاديا إشتراكيا ،بأولا مصادرة وسائل الإنتاج الرئيسية ( المصانع ،الأرض و المناجم، الآلات و غيرها من التكنولوجيا إلخ) التى إمتلكها و سيطر عليها الرأسماليون الكبار كملكية خاصة، محوّلة هذه الوسائل إلى ملكية دولة إشتراكية و مستعملة إياها لتلبية حاجيات الشعب، فى حين تقدم الدعم للنضال الثوري عبر العالم. و ستلعب الدولة الإشتراكية دورا حاسما فى تحرّك المجتمع عبر موجات و مراحل مختلفة من النضال المتعدّد الأوجه و التغييرات الإجتماعية ، بإتجاه الرؤية الشيوعية لضمان وفرة عامة مشتركة للناس جميعا و تتجاوز التقسيم القديم بين الذين يقومون بعمل فكري و الذين يقومون بعمل يدوي ( بين العمل الفكري و العمل اليدوي) وكذلك إنقسامات إضطهادية أخرى بين الناس. و ستسعى لمنع عودة المستغِلِّين القدامى
و لمقاومة الهجمات الإمبريالية. و ستمكّن من نوع مغاير من الديمقراطية على نطاق أوسع و برؤية و ممارسة أكثر راديكالية للحرية الإنسانية من أي شيئ اليوم فى إتساق مع الهدف النهائي وهوتخطّى الديمقراطية ذاتها ، كشكل من أشكال الدولة ، و يناقش الناس و يقرّرون جماعيا مسار الأشياء دون اللجوء إلى أي نوع من أجهزة القمع العنيف. و فى النهاية ستبنى الدولة الثورية الجديدة على أنها " قاعدة إرتكاز" للثورة العالمية، قاعدة و مركز دعم للنضالات فى البلدان الأخرى ، و الكلّ يعمل سويّة لبلوغ عالم خال من الإستغلال والإضطهاد.
مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية :
إنطلقت الحركة الشيوعية الثورية فى 1848 عندما وضع ماركس وإنجلز الأسس النظرية و النظرة الأساسية فى " بيان الحزب الشيوعي" .
و تضمّنت المرحلة الأولى من هذه الحركة ثلاث ثورات ملحمية هي كمونة باريس و الثورة السوفياتية و الثورة الصينية التى إنطوت على الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كقمة ما بلغته. و قد أحدثت هذه الثورات تغييرات لم يسبق لها مثيل و مدهشة، و ألهمت رؤيتها و إنجازاتها الناس عبر العالم لكن الإمبريالية العالمية ظلّت مهيمنة و كانت هذه جهودا جديدة وأولية رغم النضالات البطولية فإنها تباعا هزمتها فى النهاية القوى الرجعية. و عقب هذه الهزائم ، جرى الإفتراء عليها بلا هوادة و أهيل عليها التراب و حرّفت. و فى الواقع ، أثبتت هذه الثورات أنه من الممكن إيجاد عالم أفضل حقّا و من خلال هذه الثورات راكمت الإنسانية تجربة لا تقدّر بثمن و نقطة إنطلاق جديدة تماما.
لكن مضت الآن عقودعلى مسك البروليتاريا الثورية سلطة فى أي بلد ،و مهما كانت المسميات ، لا يوجد اليوم أي بلد إشتراكي. تحتاج الإنسانية بسرعة لمرحلة جديدة من الثورة الشيوعية تقوم على الدفاع عن و حقّا التعلّم تماما من المكاسب الماضية و على هذا الأساس تحليل النواقص والأخطاء و التقدّم بالأشياء بطرق جديدة ، نحو قمم جديدة. و تحدّى التوليف/ التلخيص العميق للتجربة الماضية و خطّ الطريق إلى الأمام نهض به بوب آفاكيان و بقيامه بذلك طوّر أكثر النظرية العلمية و النظرة التحرّرية الشيوعية توجد الآن فى مفترق الطرق هذا.
لا بد من حزب ثوري لكي تنجز ثورة :
إنجاز ثورة ضد العدوّ القويّ و الخبيث و الإستمرار من ثمّ نحو إيجاد عالم جديد كلّيا ، دون إستغلال وإضطهاد ، سيرورة باعثة على التحدّى
و معقّدة بصفة لا تصدّق! و تتطلّب مثل هذه الثورة قيادة ، إنها تتطلّب تنظيما يتمتّع برؤية شاملة و منهج علمي لتحليل الواقع و كيفية تغييره وبإنضباط جدّي ، تنظيم بمقدوره أن يستنهض و يطلق العنان للقوة الثورية الكامنة لدي الجماهير الشعبية و أن يوجه غضبها إلى العدوّ الحقيقي
و يرفع نظرها نحو تحرير الإنسانية جمعاء، تنظيم بمقدوره أن يرسم الطريق عبر التقلبات الكبرى والإلتواءات و المنعرجات الخطيرة. و هذه المنظّمة هي الحزب الثوري الطليعي. و فقط بمثل هذه المنظمة بوسع الجماهير أن تواجه التحديات التاريخية و تكسب تحرّرها.
و الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية أخذ على عاتقه تلك المسؤولية فى الولايات المتحدة . وأعضاؤه متحدون فى رغبتهم العميقة فى عالم مختلف راديكاليا و أفضل و فى فهمهم للحاجة للثورة للحصول على ذلك العالم. و قد كرّسوا أنفسهم بإخلاص للثورة و على ذلك الأساس يحوّلون قدراتهم الفردية و عواطفهم من أجل قضية و حاجيات هذه الثورة.
تتطلّب الثورة الشيوعية فهما علميا للمجتمع. و علم الثورة هذا نشأ وواصل التطوّر فى تفاعل مستمرّ مع كافة التيارات الكبرى للحياة الإجتماعية الفكرية و العلمية و الثقافية و كذلك مع الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج. [ للمزيد حول علم الشيوعية ، انظروا الملحق]وهذا العلم لم ينشأ و لم يستطع أن ينشأ عفويا من الظروف الملموسة للمضطهَدين ، أو حتى من النضالات التى تنفجر ضد الإمبرياليين، فذلك الإطار ضيّق جدا، مُشبعُُ و مليئ للغاية بنظرة و طرق مقاربة الأشياء من النظام ذاته الذى يهيمن على الجماهير. لهذا ، إلى جانب كون النظام ينكر على الجماهير التدرّب على النظرية و الوصول إليها، فإن هذا العلم يجب أن يجلب للجماهير من " خارج " تجربتها و ظروفها المباشرة. و هذا يتطلّب حزبا متجذّرا فى فهم علمي للنظام و لنوع الثورة التى ينبغى أن تعوّضه.
دون مثل هذا الحزب ، لا يمكن أن تحدث ثورة . الحزب يقود الجماهير عبر المدّ و الجزر ، فى سيرورة تشبه الأمواج لرفع فهمها و قيادتها فى الصراع ضد العدوّ.
وفى قيادة الجماهير فى النضال ضد البرجوازية ، على الحزب أن يناضل ضد الطرق التى من خلالها تمارس العلاقات الإجتماعية السائدة جاذبية نحوها على الحزب ل "يستقرّ" و يتكيف مع الإمبريالية و لا يستهدف أي شيئ أكثر من إصلاحات داخل هذا النظام الإستغلالي. و حين يصير فى موقع قيادي فى الدولة الثورية الجديدة ، يخضع الحزب ، مرّة أخرى لضغوطات هائلة فى شكل تواصل العلاقات والأفكار القديمة فى المجتمع ( و التى لا يمكن إجتثاثها بالكامل إلاّ خلال فترة زمنية طويلة) سويّة مع التهديدات و العدوان المفتوح الإمبرياليين . و يجد هذا تعبيره المركّز فى قوى داخل الحزب توافق ،إزاء ذلك، على خطوط و سياسات توقف إنجاز الثورة فى نصف الطريق و فى الحقيقة تجرّ المجتمع إلى الرأسمالية –الإمبريالية. و يجب الكفاح ضد هذا أيضا و بدرجة أكبر حتى.
لكن السيرورة الثورية المستمرّة التى على الحزب إطلاقها و قيادتها هي المفتاح فى معالجة هذا التناقض بخوض الصراع مرارا و تكرارا للبقاء على الطريق الثوري ( و جلب الجماهير بأكبر قدر ممكن ) و النضال بثبات من أجل إقامة علاقة حيّة بين ما يفعله فى أي وقت معيّن و الهدف النهائي، الشيوعية. و فقط ببلوغ الشيوعية فعليا سيقع تجاوز الحاجة إلى مثل هذا الحزب أي إلى مجموعة قيادية مؤسساتية فى المجتمع.
و حتى ذلك الوقت، الحزب الطليعي أداة مطلقة الضرورة الأساسية لتحرير الجماهير ،أولا فى النضال الثوري لبلوغ السلطة و ثمّ على طول النضال فى منتهى التعقيد للحفاظ على السلطة و التقدّم بإتجاه الشيوعية . و فى حدّ ذاته الحزب أثمن ما تملكه الجماهير.
لإفتكاك السلطة على الشعب الثوري أن يواجه العدوّ و يهزمه :
فى بلد مثل الولايات المتحدة ، لايمكن للإطاحة الثورية بهذا النظام أن تتحقّق إلاّ إذا وُجد تغيّر كبير ، نوعي فى طبيعة الوضع الموضوعي ، كأن يُوجد المجتمع ككلّ فى قبضة أزمة عميقة ، تهزّ الطبيعة و العمل الجوهريين للنظام ذاته وإلى جانب ذلك ، يظهر شعب ثوري يعدّ بالملايين
و الملايين ، واعي لحاجة التغيير الثوري و مصمّم على النضال من أجلها. و فى هذا النضال فى سبيل التغيير الثوري ، سيواجه الشعب الثوري
و الذين يقودونه العنف القمعي لقوّة آلة الدولة التى تجسّد و تعزّز النظام الإستغلالي و الإضطهادي القائم، و ليحقّق النضال الثوري الظفر، سيحتاج إلى مواجهة و هزم العنف القمعي لقوّة النظام القديم الإستغلالي والإضطهادي.
قبل تطوّر وضع ثوري و كعمل جوهري لتطوير شعب ثوري ، فى بلد كالولايات المتحدة ، على الذين يرون الحاجة و ينشدون المساهمة فى ثورة أن يركّزوا جهودهم على رفع الوعي السياسي والإيديولوجي لجماهير الشعب و يبنوا مقاومة سياسية جماهيرية للطرق الرئيسية التى ، فى أي وقت ،تتركّز فيها طبيعة هذا النظام الإستغلالي والإضطهادي فى سياسات و أعمال الطبقة الحاكمة و مؤسساتها ووكالاتها ، مكافحين كلّ هذا للسماح لأعداد متزايدة من الناس بإدراك كلّ من الحاجة للثورة ولإمكانيتها عندما تظهر الظروف الضرورية ، كنتيجة لإنكشاف تناقضات النظام نفسه و كذلك لعمل الثوريين السياسي والإيديولوجي.
كلّ عمل الحزب - كلّ ما يقوم به- يهدف إلى القيام بالثورة و التقدّم نحو الشيوعية . ومثلما أشرنا إلى ذلك أعلاه ، لا بدّ من أزمة فى المجتمع وداخل الحكومة ذاتها كي تبرز فرصة حقيقية للثورة . لكن طليعة ثورية حقيقية لا تستطيع أن تنتظر فقط بشكل سلبي أن يحصل ذلك إذ عليها أن تعجّل تطوير هكذا وضع بفضل عملها الإيديولوجي و السياسي، " معدّة العقول " و " منظمة القوى من أجل الثورة " و ساعية بنشاط لتشكيل
" المجال السياسي" الذى على أساسه يمكن للوضع الثوري أن ينشأ فى المستقبل.
هذا العمل " التعجيل بينما يتم الإنتظار " يتطلب أن يبذل الحزب جهده ضد حدود الوضع السياسي الموضوعي الذى يواجهه ، ساعيا لتغيير الوضع إلى الدرجة القصوى الممكنة فى كلّ وقت معيّن و بالقيام بذلك فى علاقة بأية إمكانية لظهور فرص للثورة و مبقيا يقضته على أشدّها لأجل ذلك . و للقيام بهذا يقود مجموعة من الإعدادات الثورية ، وصحافة الحزب و نشر النظرة الشيوعية خصوصا كما ركّزت فى جملة أعمال و منهج و نظرة بوب آفاكيان ، كأركان أساسية لذلك النشاط.
وإنطلاقا من أسس توجهه و أهدافه الثورية ، ينبغى على الحزب أن يعبّأ المقاومة الجماهيرية لإعتداءات النظام ، و عليه أن يجعل الجماهير تشارك بأوسع شكل ممكن فى أهمّ مسائل الثورة ، و من خلال كلّ هذا عليه أن يضمّ إلى صفوفه أعضاءا جددا بأوسع قدر ممكن ( بالإستناد إلى المستويات العليا التى لخصناها فى المبادئ التنظيمية أسفله) و كجزء رئيسي لهذا ، يعمل الحزب على إستنهاض الشعب من كافة الشرائح الإجتماعية، وبشكل خاص العامود الفقري للثورة ، أولئك فى أسفل السلّم الإجتماعي و ليس لهم ما يفقدونه سوى سلاسلهم ،حول شعار " قتال السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة ".
و ينطلق الحزب فى كلّ ما ينهض به من وجهة نظر البروليتاريا العالمية و شعوب العالم قاطبة. و هذا التوجّه الأساسي هو الأممية البروليتارية .
إنه قائم على فهم أن البروليتاريا طبقة عالمية و أن الإمبريالية نظام عالمي متكامل واحد، حتى وإن كانت تمزّقه التناقضات و النزاعات، وأن الثورة الشيوعية سيرورة عالمية واحدة، حتى و إن حصلت فى عديد البلدان المعينة. و هذا يعنى القيام بكلّ ما نقدر عليه لإنجاز الثورة فى كلّ بلد معيّن بينما نساند سياسيا هذا التوجّه و النظرة عينهما و نعمل لنتقدّم بالقضية الشيوعية فى جميع أنحاء العالم.
الجبهة المتحدة فى ظلّ قيادة البروليتاريا : إستراتيجيا إنجاز الثورة و مواصلتها :
لتحقيق النصر ، سيترتب على الحزب أن يوحّد القوى السياسية والإجتماعية ذات وجهات النظر المتنوّعة ،للمساهمة بنشاط فى الثورة و دعمها. وإستراتيجيا الحزب للقيام بذلك هي الجبهة المتحدة فى ظلّ قيادة البروليتاريا. إن المصالح الجوهرية لغالبية الناس فى هذا المجتمع ليست متوقفة على الإمبرياليين. وهذه الحقيقة البسيطة لكن العميقة جزء مهمّ من القاعدة المادية الموضوعية التى تجعل الثورة فى هذه البلاد فى آن معا ضرورية و ممكنة. تحتجّ عديد الشرائح المختلفة و تتمرّد ضد ما يقوم به هذا النظام ، و هذه الإحتجاجات يجب و يمكن أن تدعم و تعزّز ، و هذا يعنى إبعادها عن الوقوع تحت تأثير ممثّلى النظام و جعلها رافدا للحركة الثورية. ستتصارع عديد الأفكار المتباينة ممثّلة فى النهاية طبقات متباينة لقيادة هذه النضالات، لكن فقط نظرة البروليتاريا و برنامجها ( كون هذه الطبقة ليس لها ما تخسره سوى قيودها) يمكن أن يقودا النضال من أجل الثورة و الشيوعية.
سيشكّل الذين ظروف حياتهم تتناسب مع طابع " ليس لهم ما يخسرونه "، بالأساس العامود الفقري – القاعدة الإجتماعية الأصلب- للنضال للإطاحة بهذا النظام و لصنع نظام جديد. و فى نفس الوقت، عديد الناس من طبقات مختلفة سيلتحقون كذلك بنشاط بالثورة أو على الأقلّ سيدعمونها. و الشيئ الرئيسي هو وجود لبّ كبير و نامي ، متجذّر ضمن البروليتاريا لكنه يجلب إليه من جميع شرائح الشعب ، يكون مشبعا بوجهة نظر الشيوعية و أهدافها و مناهجها، متحرّكا كقوّة قيادية و " قطب مغناطيسي" حوله يمكن تجميع الشعب الثوري.
وفى موقع القلب من الجبهة المتحدة و كعنصر حاسم فيها هناك تحالف التيارين الكبيرين للنضال : حركة الإطاحة بالرأسمالية و تركيز الدولة الإشتراكية الجديدة ، كمرحلة إنتقالية بإتجاه الشيوعية ( حركة يجب أن تكون متكوّنة من جميع القوميات) متحدة مع نضالات السود و الشيكانو و البورتوريكانس و الهنود الأمريكان الأصليين و قوميات مضطهَدة أخرى لإنهاء إضطهادها كشعوب ( أي الإضطهاد القومي). والإبادة الجماعية للأمريكيين الأصليين وإستعباد السود يقعان بالضبط فى جذور المجتمع الأمريكي ذاته. و هذا الإضطهاد لم ينته و إنما – فضلا عن إضطهاد أقليات قومية أخرى- إتخذ أشكالا جديدة و حتى أشكالا ملتوية لدرجة أكبر. و هذا كذلك على الرغم من النضالات الكبرى و العميقة ضد هذا الإضطهاد ،
و التضحيات الجسام التى قدّمتها الجماهير فى هذه النضالات. و الحقيقة الباردة لكنّها المحرّرة هي أن هذا الإضطهاد لا يمكن أن ينتهي إلا – وفى الواقع سوف ينتهى- بفضل الثورة ضد هذا النظام.
و يواجه هذان التياران من النضال عدوّا مشتركا و لهما حلاّ مشتركا، وواقع أن قطاعا كبيرا من البروليتاريا تشكّله القوميات المضطهَدة ، يزيد فى تعزيز القاعدة المادية لهذه الوحدة. و فى نفس الوقت، هناك كذلك برامجا و نظرات مختلفة فى صفوف الحركات المناهضة للإضطهاد القومي ، تمثّل فى النهاية قوى طبقية مختلفة، و الصياغة الفعلية لهذا التحالف الرئيسي ستكون سيرورة ديناميكية مليئة بالنضال الموحّد ضد العدوّ المشترك و النقاش الحادّ حول الطريق إلى الأمام و النظرة اللازمة للتحرّر و الهدف النهائي.
ثمة تناقضات إجتماعية أخرى هامة جدّا تغذّى الحركة الثورية و تساعد على التوجّه نحوها. و بصفة خاصة إضطهاد النساء مرتبط بإنقسام المجتمع إلى طبقات وهو متجذّر بعمق فى كلّ مجال من مجالات الحياة الأمريكية، بما فى ذلك هيكلة الأسرة ذاتها، و هناك حاجة صارخة - بالضبط الآن- لتطوير جديد لقوّة من النساء و الرجال تكرّس لإجتثاث هذا الإضطهاد. و علاوة على ذلك، هذه مسألة "محكّ" بالنسبة للحركة الثورية ذلك أنه يتعيّن أن تقاتل الثورة ضد إضطهاد النساء الآن حيثما يظهر و أن تواصل القتال ضدّه فى الظروف الأكثر مواتاة بكثير بعد إفتكاك السلطة، بهدف لا أقلّ من التحرير التام.
و يتركّز السؤال الملحّ حول المهاجرين و غالبيتهم جاؤوا إلى هنا من أمم تضطهِدها الإمبريالية الأمريكية. بإستمرار يثير الإمبرياليون الغضب
و الكراهية ضدّهم مستعملينهم كبش فداء ، وعلى عكسهم تماما ، ترحّب الحركة الثورية بالمهاجرين و تعمل على توحيدهم فى النضال للتخلّص من الإمبريالية و للتقدّم بالثورة نحو الهدف النهائي ، الشيوعية فى جميع أرجاء العالم.
و تجعل إستراتيجيا الجبهة المتحدة فى ظلّ قيادة البروليتاريا كذلك ممكنا بناء وحدة مع الطبقة المتوسّطة الواسعة و المتنوّعة فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي تتضمّن المثقفين و الفنانين و الحرفيين و عديد المزارعين و رجال الأعمال إلخ .على أساس تقديم قويّ للحاجة لثورة أصيلة
و عرض رؤيته للمجتمع المستقبلي، بإمكان الحزب أن يمدّ اليد و يكسب العديد من الناس من الطبقة الوسطى إلى الثورة الشيوعية، والمزيد منهم لمستويات متفاوتة من الدعم أو على الأقلّ " لحياد الصديق ". و حاسم ضمن هذه الشرائح هو الشباب الذين ليسوا متمسّكين بالأشياء القائمة و يمكن أن يكونوا أكثر إنفتاحا على التغيير الراديكالي و الثوري فى كلّ شرائح المجتمع جزء حاسم من إستراتيجيا الحزب و العمل الثوري.
و يطبّق الحزب طريقة وحدة- صراع- وحدة فى تكوين الجبهة المتحدة. و هذا يتضمّن ، فى كلّ مرحلة معينة من النضال، توحيد كافة الذين يمكن توحيدهم حول المعارك السياسية المباشرة والإستعجالية الراهنة، و فى نفس الوقت ، يكافح بشدّة بصدد كلّ من الهدف النهائي للنضال
و النظرة و المنهج اللذان ينبغى أن يرشداه. و من خلال كلّ هذا يقصد الحزب كسب أكبر قدر ممكن من الناس ليتبنوا تماما النظرة و المنهج الشيوعيين وهو يسعى أيضا للتأثير المتصاعد على فكر و قيم الناس فى المجتمع ككلّ فى ذلك الإتجاه.
ومطبقا هذه الإستراتيجيا وهذا المنهج عبر الإلتواءات و المنعرجات ،و معجلا بينما ينتظر تطوّر وضع ثوري ، و منشئا عبرعديد الدروب المتنوعة شعبا ثوريا يعدّ بالملايين و يجيئ من كافة مناحي الحياة ، و فى نفس الوقت دارسا النظرية و التجربة التاريخية ذات العلاقة و المطلوبة للقيام بالثورة و مطوّرا مذهبا يمكن أن يهزم فعلا الإمبرياليين...من خلال هذه المجموعة الكاملة من العمل الثوري ، يقوم الحزب بكلّ ما فى وسعه لتقريب زمن إنجاز الثورة و إعداد الناس لذلك.
حينها سيلتحق الملايين بالحياة السياسية بشتى ضروب وجهات النظر لكن مع تطوّر الأزمة و عبر القيادة العلمية للطليعة ، سيحدث إستقطاب حاد فى المجتمع، و ستتواجه قوتان رئيسيتان ، الطبقة الحاكمة و القوات المسلحة الرجعية (و الرجعيون الآخرون) القادرة على تنظيمها من جهة ، و الحركة الثورية للملايين و لعشرات الملايين ، من جهة أخرى. و سيصبح المجتمع عندئذ تقريبا "مضغوطا" حول هذا "القطب" أو ذاك من القطبين المتنازعين.
و جلّ الذين يلتحقون بالثورة عند تلك النقطة لن يفعلوا ذلك لإيمان عميق بالهدف النهائي ، الشيوعية، بل لأنهم أدركوا أن برنامج الثوريين وحده بإمكانه أن يعالج بسرعة المشاكل الحادّة و الملحّة التى تنخر المجتمع. بيد ان هذا " الضغط" النسبي و المؤقت س" يرتخى" عندما يتمّ إفتكاك السلطة الثورية الجديدة و تعزيزها. و سيكون المجتمع الجديد مرّة أخرى متميّزا بأنواع كثيرة من القوى الإجتماعية التى تحتلّ مواقعا ( و إن كانت متغيّرة) تتناسب (تقريبا) مع وجهات النظر المختلفة و المتنوعة بشأن ما يجب القيام به و لماذا ، فى أي وقت كان.
و يتعيّن على الحزب أن يفهم هذا فهما جيّدا و أن يواصل تطبيق إستراتيجيته للجبهة المتحدة بقيادة البروليتاريا فى الظروف الجديدة والأنسب
- لكن المغايرة- بعد إفتكاك السلطة. و ينطوى هذا على تطبيق طريقة وحدة- صراع- وحدة ، على طول المرحلة الإنتقالية نحو الشيوعية. و مرّة أخرى، هذا متجذّر فى الإختلافات بين الناس التى ستبقى ، لفترة تاريخية كاملة ، إثر إفتكاك السلطة ( إرث اللامساواة بأشكال مختلفة- مثلا الإختلافات بين الذين ينجزون بالأساس عملا فكريا و الذين ينجزون بالأساس عملا يدويا). فى المجتمع الإشتراكي الجديد، عند التقدّم فى الإنتقال إلى الهدف النهائي ،الشيوعية ،سيكون توجه الدولة الإشتراكية و الحزب الطليعي إنتهاج سياسة طويلة المدى من "التعايش" و التحويل مع الذين موقعهم فى العمل و نظرتهم للعالم تميّز الطبقات الوسطى. و هذا يعنى العمل بلا هوادة بإتجاه هدف تجاوز هذه الخلافات المادية القائمة ضمن الشعب و تأثيراتها الإيديولوجية ، بينما يبذل الجهد لكسب أعداد متزايدة من الناس للتبنى الواعي لنظرة و أهداف الثورة الشيوعية.
فى كلّ هذا ستكون قيادة الحزب ضرورية.
-----------------------
المبادئ التنظيمية
يتكون الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية من أناس تجمعوا للمساعدة على تلبية الحاجة الكبرى للإنسانية : القيام بالثورة كخطوة أولى بإتجاه الشيوعية. و كرّسوا حياتهم بالكامل إلى هذا ، بجدّية عظيمة و حبّ عظيم ، بتصميم عظيم و حماس عظيم أيضا.
خط الحزب حاسم :
أكثر الأشياء جوهرية و حسما بالنسبة للحزب هو خطه. و خطّ الحزب يشمل فهمه للمنهج العلمي و مجمل معرفة الشيوعية ( النظرية الشيوعية بالمعنى الأشمل) و تطبيقه لتلك النظرية على الواقع، و المبادئ والإستراتيجيا و السياسة الأساسيين المنجرّة عن ذلك التطبيق.
إذا كان خطّ الحزب صحيحا ـ إذا كان يتناسب و " يستوعب" الحركة الجوهرية للواقع و تطوّره ،عندئذ لا يهمّ مهما كان صغيرا فى زمن معين ، فإن الحزب سيظلّ قادرا على التقدّم بإتجاه الثورة و المساهمة فى تحرير الإنسانية طالما إتخذ هذا الخط الصحيح كأساس لحياته الداخلية و لعمله فى صفوف الجماهير. لكن ، بالعكس، إذا كان الخطّ مخطأ فى مسائل رئيسية و أسوأ حتى إذا إستمرّ الحزب فى خطّ خاطئ بصدد مسألة جوهرية و فى خضمّ ذلك ، إذا تغيّر توجّه الحزب و بات الحزب ذاته تحريفيا، أي تحلّل خطه و فسد و صار موضوعيا متكيّفا مع الإمبريالية و تخلّى بالأساس عن البحث عن القيام بالثورة ، حتى و إن لم يعترف بذلك...بالتالي مهما كان عدد الناس الذين إنجذبوا إليه فى المدى القريب ، فإن الحزب فى النهاية لن يكون سوى سكّين آخر فى ظهر الجماهير. هنا فقط مدى جوهرية مسألة الخطّ : إنه الإختلاف بين الثورة و الثورة المضادة.
إن الغاية الأسمى لهذا الخط هي تغيير العالم. و هناك مراوحة بين تطوير الخطّ و تغيير العالم تقود هذه السيرورة بأسرها. هذه هي ديناميكية النظرية/ الممارسة/ النظرية ، وهي لبّ حياة الحزب.
لقد شخّص بوب آفاكيان هذه الديناميكية على النحو التالي:
" العمل فى أي وقت معيّن على أساس نظرتنا و خطّنا ، كما حدّدناه جماعيا و عبر هياكل كل الحزب و قنواته و سيروراته، وإستخلاص الدروس من ممارستنا و رفعها إلى مستوى التجريد النظري( لكن أيضا إستخلاص الدروس من عديد المصادر الأخرى، بما فى ذلك تفكير و رؤى الآخرين و أفكارهم الثاقبة ) و تطبيق النظرة و المنهج الشيوعيين العلميين، المادية الجدلية للتوليف /التلخيص المتكرّر لكلّ هذا إلى مستوى أرقى ، فى تطوير و جدال النظرية و الخطّ ، وإعادتهما إلى الممارسة العملية ، على ما ينبغى أن يكون أساسا أعمق و أغنى. و هكذا دواليك."
بإختصار ، الخط هو العامل الأساسي و الديناميكي فى التفاعل بين الحزب و العالم الموضوعي الأرحب. و النضال من أجل تطوير الخطّ و إستيعابه و تطبيقه و خلال السيرورة تعميقه وإثراءه ، و حيث يجب تصحيحه...هذا النضال هو شريان حياة الحزب ، و هو فى موقع القلب من كافة أنشطة وواجبات كلّ عضو بالحزب.
توجه أساسي – " قوتنا فى عملنا الجماعي" :
فى تطوير و تطبيق هذا الخطّ ، يعمل الحزب كمنظمة جماعية ، ليس مجرّد مجموعة أفراد. كلّ عضو فى الحزب قائد للجماهير و كلّ واحد
" يجلب إلى المائدة " رؤاه وأفكاره الثاقبة و تجربة و قدرة و إبداع ثمينة. و كلّ الأعمال الفردية فى كلّ وضع معطى يمكن أن تكون لها إنعكاسات هائلة إيجابية كانت أم سلبية. و فى نفس الوقت ، يمكّن الحزب الناس من الدفع الجماعي نحو فهم العالم و تغييره. يجمع الأعضاء رؤاهم و مبادراتهم فى سيرورة و عربة جماعية ، وهذه الجماعية تخوّل لنا تحليلا أعمق و أبعد نظرا للواقع و تعبئة أقوى و أعمق للناس لتغيير ذلك الواقع، أبعد بكثير مما يقدر على فعله شخص يعمل بمفرده، أو حتى ما يمكن أن ينجزه مجموعة أفراد تجمعهم روابط رخوة.
فى صفوف الحزب ، يشترك الرفاق و الرفيقات فى الحلو و المرّ ، و يعتنون ببعضهم البعض : وهذا أيضا تعبير عن نظرتنا الثورية و عن جماعيتنا. فى صفوف الحزب ، هناك ( و يجب أن يوجد على الدوام) نقاش و جدال جماعي حول ما يتعيّن عمله و حول الصواب و الخطإ فى تطوّر النظرية و الممارسة الثوريين اللتان يساهم فيهما كافة الرفاق ، هذه هي " عصارة " حياة الحزب. لكن تجاه العدوّ ، نضمّ صفوفنا بإحكام
و نقدّمها كجدار قوي لا شقوق فيه متّحد و موالي للقيادة بما يجعل من الصعب جدّا على هذا العدوّ خرق صفوفنا.
المركزية الديمقراطية :
تتجلى جماعيتنا و تتحقّق عبر التسيير الجماعي للوحدات و التشكيلات الحزبية الأخرى على مختلف المستويات. الحزب بكاملة ملتحم فى سلسلة معرفة و سلسلة قيادة على قاعدة المركزية الديمقراطية.
تعرض قيادة الحزب المبادئ و التحليلات الأساسية و تركّز الإنتباه على المسائل الرئيسية أمام الثورة ، و توجّه الحزب عبر البحث الصارم
و النقاش الحيوي لكلّ هذا. و هكذا تمكّن من إيجاد سيرورة غنية من النقاش و الجدال فى صفوف الحزب على أساس علمي. و عندما يحدّد الخطّ ، بحماس يمارسه كلّ شخص عمليا. َمظهَرا المركزية الديمقراطية كلاهما- الجدال حول الخط و تطبيقه الموحّد- ضروريان للسيرورة الشاملة لمعرفة العالم و تغييره على أكثر الأسس الممكنة صحّة و عمقا. و المركزية الديمقراطية لا تخوّل للحزب جماعيا فقط أن يستخلص ، على قاعدة علمية، أفكار الرفاق فى الحزب و توليفها / تلخيصها ...لكن أيضا التعلّم من تفكير الجماهير الشعبية خارج الحزب ، و تطوير و تعزيز روابطه معها ، كجزء هام من تكريس العملية الجدلية لتعميق فهمه للواقع فى علاقة متبادلة مع قدرته على قيادة الجماهير الشعبية لتغيير الواقع ثوريا بإتجاه هدف الشيوعية.

تنظيم الحزب
الفصل الأول – العضوية :
تعنى العضوية فى الحزب إلتزاما مدى الحياة بالثورة و تحرير الإنسانية. أولئك الذين ينضمون إلى الحزب يكرّسون حياتهم للقيام بكلّ العمل الشاق و العمل الخطر و العمل فى أغلب الأحيان غير المرغوب فيه شعبيا و "ضد التيار" ، لتحقيق أهدافنا فى الواقع. بعد الإنضمام للحزب ، لا يجب على أي شخص أن يتركه أبدا ما لم يصبح مقتنعا ، إثر فترة طويلة من خوض الصراع، بأنه صار تحريفيا بلا رجعة أي أنه تحلّل و فسد و خان قضية الثورة ،حتى و إن ظلّ يدعو نفسه "شيوعي".
واجبات الأعضاء :
- أ / على أساس موقفهم و توجههم الثوريين ، على أعضاء الحزب أن ينشدوا الثورة بدرجة كبيرة بحيث أنهم يرغبون و يصمّمون على أن يتعاملوا معها بصفة علمية. يعمل أعضاء الحزب بإستمرار ليعمّقوا فهمهم و ممارستهم للنظرة و المنهج الشيوعيين العلميين. ويصارعون من أجل ما يعرفون أنه حقيقة بينما يحافظون على فكر نقدي و ذهن مفتوح على إمكانية أن يكونوا مخطئين.
إن أعظم مسؤوليات كلّ عضو فى الحزب هي الصراع من أجل صيانة خطّ الحزب و تطويره أكثر كخطّ ثوري . يجب على كلّ عضو فى الحزب أن يتجرأ على الذهاب ضد تيار الخطوط التحريفية ( من جديد ، خطوط ستقود إلى خيانة الثورة) و فى نفس الوقت ، يجب على كلّ عضو أن يرفع مستواه النظري ليكون أقدر على معرفة هذه الخطوط و النضال ضدّها. و على أعضاء الحزب أن يبذلوا جهدهم للحفاظ على تركيز نظرهم على المسائل الكبرى للثورة ، و العمل فى إنسجام مع الأهداف الإستراتيجية العامة، و لضمان أن يكون النشاط المنجز فى أية لحظة معطاة منسجما مع و مساهما فى تلك الأهداف الإستراتيجية البعيدة المدى.
- ب / أعضاء الحزب مستعدّون للتضحية بكلّ شيئ بإرادتهم و بحماس بأية مهمّة توكل لهم و النهوض بأية مسؤولية ، مهما كان التحدّي لأجل التقدّم بالقضية الثورية ، ليس فى بلد معيّن فحسب بل عالميا.
لا ينضمّ الشيوعيون للحزب كمهنة أو ك " نمط حياة بديل" و إنما لقيادة الجماهير للقيام بالثورة . و أعضاء الحزب مستعدّون لمواجهة أي قمع على أيدى العدوّ.
- ت / يحمى أعضاء الحزب سلامة قنوات الحزب و قيادة الحزب. يدافعون عن الإنضباط الحزبي و يعزّزونه و يشكلون جدارا فى وجه العدوّ .
- ث / يمثّل أعضاء الحزب النظرة و الموقف و الأخلاق الشيوعية فى صفوف الجماهير و يكرّسونها فى حياتهم الخاصة. ينشرون الأفكار الشيوعية و يقودون الجماهير فى القتال ضد العدوّ. يؤمن الرفاق فى الحزب بأن الجماهير قادرة على الفهم العلمي للعالم و يصارعونها من أجل ذلك، و لا يؤمن أعضاء الحزب بالآلهة أو الأرواح و يعارضون بجرأة الأفكار الدينية فى صفوف الجماهير، و كذلك كافة الإيديولوجيات الأخرى التى تقف حجر عثرة أمام ( أو تعارض) الثورة و التى فى النهاية ستقبل فى أحسن الأحوال بإصلاحات ضمن النظام الرأسمالي- و ذلك حتى حين سنبحث عن التوحّد و الصراع معها و التعلّم من حاملى تلك الأفكار. و يعرف أعضاء الحزب أيضا أنّ الجماهير تنظر إليهم و تعلّق عليهم آمالا كبيرة ( تتوقّع الأفضل من الرفاق) و يعيشون حياتهم منتبهين إلى ذلك.
يتوجه الرفاق فى الحزب بدقّة نحو إستغلال أية فرصة ممكنة للترويج للنضال الثوري و أهداف الثورة و الشيوعية، فى كلّ ما يقومون به.
و بحماس ينفذون المهام و يتجرأون على أخذ المبادرة. يسعون لتفادي الأخطاء لكنهم لا يهابونها.
- ج / يقدّم أعضاء الحزب بنشاط لوحداتهم و للقيادة تقاريرا عن ما يتعلّمونه و ما يفكّرون فيه. و يتضمّن هذا نقاشهم للمسائل النظرية والإستراتيجية و التطورات الكبرى فى العالم، و تأملاتهم فى الثقافة و العلم ، و كذلك تلخيصهم للتجربة المكتسبة من نشاط معيّن و أفكار و نظرة الجماهير. و يتحمّل أعضاء الحزب مسؤولية المشاركة فى تطوير المفاهيم الإستراتيجية فى مختلف مجالات عمل الحزب.
سيرورة الإنضمام إلى الحزب :
على الذين يتقدّمون بطلب للإنضمام إلى الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية أن يمثّلوا شعلة من النار من أجل الثورة. يجب أن يقفوا إلى جانب الجماهير الشعبية و يجب أن يكونوا قد قطعوا مع النظرة البرجوازية للعالم ( حتى و إن واصلوا النضال ضد تأثيراتها المستمرّة) . ويجب أن يمتلكوا إدراكا أساسيا للنظرة الشيوعية ووحدة جوهرية مع خطّ الحزب و كذلك تشوّق لمزيد التعلّم. كما يجب أن يستوعبوا بعمق أهمية هذا الحزب بالنسبة للجماهير و قضية الثورة. و يجب ان يكون لديهم فهما جيدا و إن أساسيا لخطّ الحزب ( مثلما عرض فى هذا القانون الأساسي و ملحقه) ويجب أن تكون لديهم تجربة فى تطبيق كلّ هذا فى النضال الثوري العملي و المراوحة بين النظرية و الممارسة.
كلّ من يتقدّم بطلب للحصول على العضوية ، يجب أن يجيب على إستمارة ، سواء كتابيا أو شفويا ، موضحا نقاط عدّة : تاريخ حياته و لماذا صار شيوعيا ، التغييرات و التحولات التى شهدها فى فهمه ووجهة نظره حتى التوصّل لذلك القرار ، و كيف يفهم قفزة الإلتزام بالإنضمام إلى الحزب. و على الهيكل الحزبي المعني أن يقدّم هذا على ضوء التطوّر العام للشخص ، بما فى ذلك موقفه من الجماهير و علاقته بها و مدى تكريس نفسه للثورة، و أن يعيّن رفيقا أو رفيقان لنقاش كلّ هذا مع مقدّم المطلب و لتوضيح أية أسئلة حول خطّ الحزب و مسؤوليات الأعضاء. وفى الوقت المناسب، على الهيكل الحزبي المعني أن يتخذ قرارا إما بقبول مطلب العضوية أو رفضه و هذا القرار يبلّغ عبر قنوات الحزب للمستويات العليا لقيادة الحزب.
الفصل الثاني- الإنضباط الحزبي :
يعتمد الحزب على الفهم الواعي لأعضائه للحفاظ على إنضباطه تجاه العدوّ. و تعكس قواعد الحزب إلتزاما بصيانة الحزب كتنظيم مركزي ديمقراطي مكرّس للا أقلّ من – و لا لشيئ آخر سوى- الثورة الشيوعية.
أ) يجب أن تكون هناك نقاشات نشيطة فى صفوف كافة الرفاق ، و مع الجماهير ،حول المسائل السياسية و الإيديولوجية المحورية. و على عاتق أعضاء الحزب تقع مسؤولية رفع أي خلافات مع الخطّ و السياسة إلى الإجتماع المنتظم للهيكل الحزبي الأعلى الذى إليه يعودون بالنظر، بطريقة مفتوحة و صريحة. و بالمقابل ، لا يتعيّن أن يذهب أعضاء الحزب خارج قنوات الحزب ليتحدّثوا عن هذه الخلافات و النقد و لا يتعيّن أن يشكّلوا مجموعات او كتل معارضة لخطّ الحزب فمثل هذه الكتل تحرف و تنخر و تقوّض - و إن ظلّت غير مراقبة ستحطّم فى النهاية- سلسلة المعرفة
و سلسلة قيادة الحزب.
ب) إذا كان أعضاء الحزب يحملون وجهات نظر مختلفة فيما يتعلّق بقرارات أو توجيهات الهيكل الحزبي الذى إليه ينتمون أو آخر أعلى منه، بإمكانهم الإحتفاظ برأيهم بينما يحافظون على الإنضباط الحزبي و يطبقون القرارات و التوجيهات. و لهم الحقّ فى تجاوز القيادة المباشرة و فى تقديم تقرير أو اللجوء مباشرة للمستويات الأعلى ،حتى اللجنة المركزية . و يحظر حظرا كلّيا على القيادة أن تقمع النقد أو أن تنتقم منه. من الضروري إيجاد وضع فيه توجد كلّ من المركزية و الديمقراطية، كلّ من الخطّ الموحّد و المبادرة الواسعة ، كلّ من الإنضباط و الصراع الإيديولوجي ، كلّ من وحدة الإرادة و العمل ، و سهولة التعبير عن الذات و حيوية وصراع الأفكار.
ت) يجب على كافة أعضاء الحزب أن يعارضوا "الليبرالية" أي يجب أن ينقدوا بصراحة الأشياء الخاطئة و التى تنتهك خطّ الحزب وإنضباطه وألا " يدعوا الأشياء تمر ّ" لأجل "صداقة " أو "لإنجاز العمل" إلخ. إن هذه الليبرالية عامل تآكل ينخر قلب الحزب.
ث) يعتمد الحزب على الإنضباط الواعي لأعضائه لتنفيذ الخطّ و للدفاع عن المعايير فى مقاومة و مواجهة العدوّ إيديولوجيا و سياسيا و تنظيميا.
و حيث ينتهك أعضاء الحزب هذا الإنضباط ، ستطبّق القيادة العقوبات. فى كافة حالات الإنضباط ، للعضو الحق فى اللجوء مرّة أخرى حتى إلى اللجنة المركزية. و تتضمّن العقوبات : التحذير ، والتحذير الجدّي ، والإقالة من المنصب ، والوضع موضع التجربة داخل الحزب ،و إنهاء العضوية من الحزب أو الطرد.
لئن تبيّن مرارا و تكرارا من خلال معارضة وإنتهاك المركزية الديمقراطية أن رفاقا لم يعودوا ينتمون إلى الحزب ، أو تحلّلت و فسدت إرادتهم الثورية فيتمّ العمل على إقناعهم بالإستقالة . وفى حال تحلّل و فساد الموقف و الفهم الإيديلوجي و السياسي لعضو من أعضاء الحزب و ليس متحدا جوهريا مع خطّ الحزب ، يجب أن يتمّ إقناعه بالإستقالة. وإذا أقرّت قيادة الحزب ذلك لكن الشخص ذاته ( الإنسانة ذاتها) لم يقرّ بذلك او قبل بذلك
و لا يريد الإستقالة ، أو حتى يرفض الإستقالة ، يعالج هذا الأمر عبر تعميق الصراع حول المسألة إلى درجة أن يتوصّل كافة المعنيين بالأمر إلى إتفاق بشأن أن الشخص المعني لا ينتمى ( أو فى الواقع ينتمى ) إلى الحزب. و إذا لم يجر التوصّل إلى هكذا إتفاق فإن على قيادة الحزب فى المستوى المعني أن تتخذ قرارا بما إذا كان يتعيّن أم لا سحب عضوية الشخص ، وهذا القرار يجب أن يرفع فى تقرير و تصادق عليه القيادة الأعلى التالية، قبل أن يدخل حيّز التنفيذ. وفى هذه الحال كذلك - كما فى جميع حالات الإجراءات المتصلة بالإنضباط بشأن عضو من الحزب - لعضو الحزب موضع السؤال أن يلتجأ صعودا إلى اللجنة المركزية.
ينبغى إنهاء عضوية الإنتهازيين و المنتهكين المزمنين للإنضباط الحزبي و/أو العناصر المعادية للثورة البروليتارية. المناهضون للثورة الفعليون و عملاء الطبقة الحاكمة و دولتها و الذين يبحثون عن تنظيم أركان قيادة داخل الحزب فى معارضة لخطّ الحزب و قيادته و مبادئه المركزية الديمقراطية يجب طردهم دون رجعة.
الفصل الثالث – القيادة :
القيادة الشيوعية – الخطّ و المنهج و التوجه :
القيادة الشيوعية هي قبل كلّ شيئ مسألة خطّ وبذل الجهد لقيادة الآخرين لتطبيق علم الثورة بطريقة حيّة على الواقع الموضوعي لتطوير خطّ أصحّ ما أمكن و لتنفيذ هذا الخطّ لبناء حر كة ثورية بإتجاه الهدف النهائي ،الشيوعية.
يجتهد القادة الشيوعيون ليقدّموا للناس الذين يقودون الفهم الأشمل ممكنا للخطّ و للتعلّم منهم و هم يقودون ،و على ذلك الأساس يطلقون حماسهم الثوري و مبادرتهم و نشاطهم الواعيين. يعملون مع الناس لتلخيص نتائج جهودهم ، مساعدينهم على التعلّم بأكمل قدر ممكن من هذه التجربة و للمساهمة فى تعميق الخطّ و مزيد تحويل العالم على ذلك الأساس.
أ- يجب على أعضاء الحزب و بالخصوص على قادة الحزب على كافة المستويات أن يستمعوا لآراء الجماهير داخل الحزب و خارجه و أن يشجعوها على النقد. و لأعضاء الحزب الحقّ و مسؤولية النقد و تقديم المقترحات إلى الناس فى كلّ مستويات الحزب ، بما فى ذلك قادة الحزب
و هياكله القيادية.
ب- إن إختيار القيادة مسؤولية مهمّة من مسؤوليات أعضاء الحزب ، تقترب من النهوض بمسؤولية خطّ الحزب. و الأعضاء فى كلّ مستوى من مستويات الحزب يختارون قيادتهم بالإستناد إلى معايير القيادة الملخّصة أعلاه، ووحدة الحزب تقدّم تاليا تقريرا للهيكل الأعلى التالي الذى يراجع هذا الإختيار. و إذا كانت هناك إختلافات بين المستويين بصدد ذلك فإنه يجب أن يوجد قدر معقول من النقاش المتبادل لحلّ هذا.
ت – قادة الحزب ثمينون و يجب أن يتمّ الدفاع عنهم و حمايتهم من العدوّ الطبقي. و يتحمّل الرفاق كافة المسؤولية فى ذلك.
الهياكل القيادية :
- ا- مؤتمر الحزب هو أعلى هيكل من هياكل الحزب. إنه يضع التوجه الأساسي للحزب و أهدافه ، لا سيما فى ظروف حاسمة من الصراع الطبقي. و المؤتمر الوطني للحزب يجب أن ينعقد فى فترات مفاتيح بالنسبة للحركة الثورية عدا الظروف الإستثنائية ، و تقريبا كلّ سبع سنوات.
ينتخب المؤتمر اللجنة المركزية التى تطوّر الخطّ و السياسة لمواجهة تحدّيات قيادة النضال الثوري، عبر جميع إلتواءاته و منعرجاته. واللجنة المركزية هي أعلى الهياكل القيادية للحزب ـ عندما لا يكون المؤتمر منعقدا. وفى الفترات بين مؤتمرات الحزب ، على اللجنة المركزية أن تقدّم تقاريرا لأعضاء الحزب .
-ب- تنتخب اللجنة المركزية رئيس الحزب والقادة المركزيين الآخرين و الأجهزة الدائمة التى إليها توكل كلّ سلطتها متى لا تكون منعقدة. و اللجنة المركزية ، فى ظلّ قيادة رئيسها و القادة المركزيين الآخرين ، يجب أن تشكّل عددا من الأجهزة الضرورية على مختلف المستويات لتقود كافة عمل الحزب.
الفصل الرابع- وحدات الحزب :
مهام وحدات الحزب:
تمزج وحدات الحزب قوّة أعضائها و النظرة الجماعية للعالم و القيام بالثورة ، مع الإحاطة و الصرامة ، الخيال و الإتقان ، الإبداع و المثابرة ـ و الصراع و الوحدة. الوحدة هي الموقع الرئيسي حيث يعمل الأعضاء بصفة منظمة ليدركوا و يطبقوا و يعمّقوا و يطوّروا و يتصارعوا بشأن خطّ الحزب. و تقوم الوحدات الأساسية على ديناميكية النظرية/ الممارسة/ النظرية ، قائدة أعضاءها فى سيرورة مستمرّة من معرفة العالم و تغييره.
من واجب الوحدات أن :
أ / تقدّم توجيها ثابتا لأعضاء الحزب و الناس الذين يقودون ، بشأن الخطّ الإيديولوجي و السياسي للحزب، بداية بالمسائل الأكثر حيوية التى تواجه الشيوعيين و الجماهير الثورية.
ب / تقود الأعضاء فى خوض صراع خطين و مقارنة و مواجهة الخطوط الصحيحة و الخاطئة و محتوياتها و نتائجها لكي يرفعوا قدراتهم على تمييز الصواب و الخطإ و خاصة التمييز بين الشيوعية و التحريفية. وفى نفس الوقت، يجب أن تنمّي روح و جوّ من جرأة التجاسر على التفكير
و العمل و عدم الإرتباط بالأعراف و " التحليق فى الأعالي و الطيران دون شبكة أمان".
-ت- قيادة كلّ رفاق الحزب فى إنجاز المتطلبات الأساسية لأعضاء الحزب كما جرى تعدادها فى الفصل الأول.
-ث- الحفاظ على الصلات الوثيقة مع الجماهير: تلخيص ظروفها و البحث بنشاط فى ما تفكّر فيه و كيف تفكّر ، خائضين نضالا إيديلوجيا معها ،
و قائدينها فى النضال ضد العدوّ- التعلّم بينما نقود و القيادة بينما نتعلّم.
-ج- ضمّ أعضاء جدد للحزب ، و جسّ النبض الإيديولوجي لكافة الأعضاء و فرض الإنضباط الحزبي و دعم و توسيع منظمات الحزب.
و على وحدات الحزب أن تشتغل مثل الفرق العلمية ، منغمسة فى صراع نشيط حول طبيعة و ديناميكية الواقع المادي الذى تواجهه ثمّ مطبّقة التحليل الناجم عن ذلك لتغيير الواقع، ملخصة النتائج بنفس التوجّه و المنهج ، بأكبر قدر ممكن من الإلمام و الإحكام و كجزء من مجمل سلسلة المعرفة و سلسلة قيادة الحزب.
الخاتمة :
أخذ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية على عاتقه مسؤولية قيادة الثورة فى الولايات المتحدة ، قلب الوحش الإمبريالي، كمساهمة رئيسية منه فى الثورة العالمية و الهدف النهائي، الشيوعية . وهذا تعهّد عظيم و تاريخي و كلّ الذين يتطلعون لرؤية حدوث هذا يجب أن يلتحقوا بهذه الطليعة و أن يساندوها عاملين سوية مع هذا الحزب ، و بانين له الدعم و على أساس تبنّى قضية و نظرة الشيوعية ، ينضمون إليه. تحرير الإنسانية قاطبة : هذا و لاشيئ أقلّ من هذا هو هدفنا ، ليس هناك من قضية أعظم و لا هدف أسمى له نكرّس حياتنا.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الملحق
الشيوعية كعلم.
الشيوعية فى آن معا علم و حركة سياسية ثورية. ليست هدفا مثاليا بل هدفا تحرّريا تقع قاعدته الممكنة ضمن وضع يواجه الإنسانية ، وضع حيث قفزة نحو عالم مختلف راديكاليا و أفضل بكثير ممكنة التحقّق.
لفهم العالم وتغييره فى مصلحة الإنسانية ، يحتاج الناس إلى نظرية علمية. و العلم ليس مجموعة من القوانين الغامضة "يملكها العلماء" . العلم ، كلّ علم حقيقي، نشاط إنساني حيوي يهدف إلى معرفة أسباب الظاهرة ، لماذا تحدث الأشياء و كيف تتطوّر و يبحث عن هذه الأسباب فى العالم المادي الذى يشمل المجتمع الإنساني. و النظرة العلمية لا تبحث عن " تفسيرات" ماورائية و لا تقبل بأي تفسيرات لا يمكن إختبارها و التحقّق منها أو تفنيدها فى العالم المادي الحقيقي، لكن بدلا من ذلك يطوّر نظرية أولية مستندة على دليل من العالم و إختبارات خارج النظرية فى الممارسة العملية و ضد النتائج المحققة و من خلال هذه السيرورة يتوصّل إلى فهم معمّق لما هو الحقيقة. و هذا الفهم يجب أن يطبّق مجدّدا على الواقع.
تمثّل الشيوعية قطيعة راديكالية مع كافة النظرات الدينية. و قد بيّنت طريق القضاء على العبودية الروحية التى كبّلت الطبقات المضطهَدة عبر التاريخ. و من المهمّ معرفة ما هو حقيقي . فلا حاجة لإختراع آلهة من المفترض أنها تتحكّم فى العالم الطبيعي و مصير الإنسانية. دون نظرة علمية يُحرم الناس من فهم وسائل و ديناميكية التغيير و دورهم المحتمل فى إحداث التغيير و بهجة و عظمة الإكتشاف.
وفضلا عن القطيعة مع الدين التقليدي ، لا يمكن للنظرة العلمية و الثورية حقّا ( و لا يجب أن تتضمّن أي عنصر من ) "بعث " فكر ديني بأشكال جديدة. الشيوعية ليست دوغما أو مجموعة كتب مقدّسة. و مثلما ليس هناك إلاه فى الجنّة ، ليست هناك نسخة مثالية من "الطبيعة" أو "التاريخ" تعملان بإتجاه هدف الشيوعية "الحتمي". و الميول نحو مثل هذا التفكير التى وجدت فى تاريخ الحركة الشيوعية ينبغى القطع معها. نحتاج إلى العلم، نحتاج إلى نظرة علمية لكلّ شيئ . و المنهج و النظرة الشيوعيين يوفّران هذه المقاربة .
تهمة كلاسيكية توجه للشيوعيين هي أنهم إبتدعوا رؤية "عالم مثالي" و بعد ذلك يحاولون فرض هذه الرؤية الطوباوية المثالية على الجميع. هذا ما يسمى الإدعاء "المعادي للشمولية " بأن للشيوعيين أحلام و مخططات طوباوية يمكن أن تبدو جيدة لكن ليس لها أساس أو قاعدة فى الواقع لذا
( يُواصل الإتهام ) يضطرّ الشيوعيون على نحو متزايد لإستعمال القسر ضد الناس ذاتهم الذين بإسمهم يُعلنون هذه المثل الطوباوية و ينتهون إلى إستعمال أشنع الوسائل لفرضها. الأمر ليس كذلك. فالشوعية تفحص بطريقة حيّة التيارات و الديناميكية الحقيقيين للمجتمع و تشير إلى الإتجاه الذى إليه تقود التناقضات الكامنة. إن منهج ماركس و المنهج الشيوعي كما تطوّر منذ زمن ماركس ليس بتاتا نظرة ميتافيزيقية تنطلق من مبادئ و مفاهيم مجرّدة و تبحث عن تركيبها على الحقيقة.
ينبغى على الشيوعيين أن يشتغلوا على الحقيقة ، على قاعدة ذات أكبر قدر ممكن من العلمية فى أي وقت كان. و فى هذه العملية ، يتفاعل الشيوعيون مع الآخرين الذين يطبّقون وجهات نظر و مقاربات مغايرة ذات أهداف مختلفة. تفكيرهم و أهدافهم و ميولاتهم و أفكارهم ( البعض منها يمكن أن تعكس بصفة أفضل الواقع من فهمنا أحيانا لبعض الظواهر) جزء من الواقع الموضوعي الأوسع الذى على الشيوعيين الإشتغال عليه. و من الضروري إمتلاك نظرة علمية لذلك كذلك. ووجهة النظر الشيوعية توفّر بصورة منظّمة و ثابتة و شاملة وسائل علمية للقيام بذلك ، إذا كان ذلك ما ينهض به و يطبقه فعلا الشيوعيون ، و لا يفسدونه بمثل دينية أو مفاهيم و نظرات فلسفية مثالية و ميتافيزيقية.
يجب أن تفهم الشيوعية كعلم حيّ و متطوّر بإستمرار. لقد وضع ماركس أسسها الجوهرية . وإستمرّت النظرية الشيوعية فى التطوّر منذ زمن ماركس لمزيد فهم الواقع المتغيّر و للتعلّم نقديا من التجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية و للتعلّم من أوسع مجالات الفكر و التجربة الإنسانيين و كلّ هذا لمواجهة و تلبية حاجيات القيام بالثورة فى عالم متغيّر. النظرية الشيوعية ( على الأقلّ النظرية الشيوعيةالحقيقية) نظرة شاملة و منهج علمي يمكن و يجب أن يطبّقا فى كافة مجالات الحياة و الواقع و فى سيرورة متطوّرة أكثر فأكثر.
إختراق ماركس:
كان ماركس وهو يعمل مع إنجلز، أوّل من صاغ و نظّم الأساس النظري و المنهجي للشيوعية ، المادية الجدلية و المادية التاريخية ( مطبّقا المادية الجدلية على المجتمع الإنساني و تطوّره).
و توفّر المادية الجدلية قاعدة نظرة علمية منظّمة و شاملة و متسقة كمادية تعكس حقيقة كون كافة الواقع يتشكّل كلّيا من مادة متحرّكة و لا شيء آخر. ليس هناك شيء أبديّ ، ثابت، لا يتغيّر إلخ و ليس هناك أي روح أو وعي مطلقان عن أشكال معينة من المادة المتحرّكة. و تعكس المادية الجدلية كون لكلّ شيء تناقضا و حركة داخليين و يتفاعل كلّ شيء مع الأشكال الأخرى من المادة المتحرّكة. و فى ظروف معيّنة، تشهد المادة تغيّرا نوعيا، طفرات و إنقطاعات ، منها تظهر أشياء جديدة.
على طول فترة أكثر من 150 سنة منذ زمن صياغة ماركس و إنجلز لأوّل مرّة الشيوعية كنظرية علمية ، وجد كذلك إثراء مستمرّ لفهم المادية الجدلية ذاتها ، على أساس التعلّم من الإكتشافات المتواصلة فى علم الطبيعة و علم الإجتماع و التاريخ و حقول أخرى. ليست المسألة أنّ هذه الإكتشافات و التطوّرات لم تبيّن فقط ، مع ذلك ، أن الواقع لا يتكوّن فحسب من مادّة فى حركة بل كذلك أنها عمّقت فهمنا لما يعنيه ذلك و فى نفس الوقت وضعت تحدّيات جديدة فى فهم أشكال معيّنة من المادة و مظاهر معيّنة من قوانين حركة المادّة.
مثّل تطبيق ماركس للمادية الجدلية على المجتمع الإنساني و تطوّره حقّا ثورة فى الفكر الإنساني ، ممهّدا الطريق للثورة عمليا. وضع هذا الإختراق ، المادية التاريخية ، فهم المجتمع الإنساني و قواه المحرّكة على قواعد علمية للمرّة الأولى فى التاريخ.
وأحدث هذا الفهم المادي التاريخي الجديد ثقبا فى التشويش والأساطير المضلّلة بأن التاريخ نتاج قوى ماورائية مثل "الآلهة" أو هو محدّد بإرادة و عمل "رجال عظماء" و بفعل "طبيعة بشرية" ثابتة. بالأحرى ،يحدث التطوّر فى الطبيعة عبر التفاعل الجدلي بين الضرورة و الصدفة ( السببية و الصدفة) وفى حال التاريخ الإنساني بين القوى المادية التحتية و النشاط الواعي و نضال الناس. و لكن هذا لا يعنى أن التاريخ كلّه صُدفة أو أن التاريخ ما نصنعه. و من هنا تتاتى أهمية رؤية حاسمة أخرى لماركس ألا وهي أن الناس يصنعون التاريخ لكن ليس على النحو الذى يتمنونه، يقومون بذلك على أساس مادي مؤكد، مستقلّ عن إرادتهم. يمكن للناس أن يغيّروا راديكاليا الواقع وفق مصالحهم الجوهرية ، لكن يمكنهم القيام بذلك فقط على أساس الواقع المادي القائم فعلا. و بقدر ما يفهم الناس بصورة صحيحة الواقع و كيف صار على هذا النحو و كيف يتحرّك و يتغيّر بإستمرار ، بقدر ما سيقدر الناس على معرفة التغييرات الراديكالية و العمل على التأثير في هذه التغييرات الراديكالية التى هي فى الأخير وجوهريا فى مصلحة الإنسانية. و بينما لا يتطوّر تاريخ الإنسانية وفق أي " إرادة عليا " أو غاية ( وليس له هدف محدّد) هناك كما أشار إلى ذلك ماركس ، تماسك مؤكد فى التاريخ الإنساني. وذلك التماسك متجذّر فى حقيقة أن كلّ جيل يرث القوى المنتجة ( الأرض و التقنية و المصانع و المعرفة و مهارات الناس إلخ) من الأجيال السابقة و عموما يُطوّرها أكثر و ينقلها إلى الجيل التالي.
و تبيّن المادية التاريخية أن ّ القاعدة الأساسية لأي مجتمع هي نظامه الإقتصادي ، نظام إنتاجه و إعادة إنتاجه لمتطلبات الحياة. لكن الناس لا ينتجون فقط بالطرق القديمة ، إنهم يدخلون فى علاقات إنتاج إجتماعية خاصة سماّها ماركس " القاعدة الإقتصادية " للمجتمع. و فى المجتمع الطبقي كلّ هذا تسيطر عليه الطبقة الحاكمة التى تنظّم الإنتاج و تخلق و تهيمن على الهياكل السياسية الحاكمة و التى تهيمن كذلك على أفكار و ثقافة إلخ ذلك المجتمع. و يستمرّ هذا حتى مزيد تطوّر قوى الإنتاج إلى نزاع جوهري مع علاقات الإنتاج الموجودة. ثمّ يجب أن تحدث ثورة فى البنية الفوقية السياسية خلالها تطيح الطبقة الصاعدة بالطبقة الحاكمة القديمة لتولد علاقات إنتاج جديدة تتناسب مع قوى الإنتاج الجديدة... و تصعد طبقة جديدة إلى السلطة.
لم يكن ماركس السبّاق فى تحليل وجود و مميّزات الطبقات و الصراع الطبقي بينها .غير أنه جذّر كلّ هذا فى الفهم المادي التاريخي بأن وجود الطبقات و الصراع بين الطبقات يرتبط بمراحل خاصّة من التطوّر التاريخي للإنتاج.
و بالطبع لم يقف ماركس عند هذا الحدّ. فقد بيّنت النظرية الشيوعية أساس و مهّدت الطريق لنوع من الثورة فى التاريخ الإنساني جديد كلّيا : الثورة البروليتارية. و ظهرت طبقة ، البروليتاريا التى لا تملك شيئا سوى قدرتها على العمل ، تشتغل بصورة مشتركة فى شبكات الإنتاج على وسائل الإنتاج الواسعة والإجتماعية ( و المعولمة على نحو متزايد) التى أوجدتها الرأسمالية. و البروليتاريا و هذا الإنتاج الإجتماعي فى نزاع جوهري مع الملكية الخاصة الرأسمالية للثروة المنتجة إجتماعيا ، فى شكل رأسمال خاص، و طبيعته الداخلية هي الإستغلال و التنافس على نطاق متسع ، مع ما يحمله من نتائج مدمّرة بالنسبة للإنسانية. و تتوسّع أعداد البروليتاريا بشكل متصاعد وهي فى موقع إستراتيجي و طبقة عالمية. لكن ما هو أهمّ هو أن هذه الطبقة تمثّل إمكانية علاقات إنتاج إشتراكية و هكذا طريقة جديدة إشتراكية للإستعمال الجماعي لقوى الإنتاج كملكية عامة للإنسانية، دون إستغلال و دون إنقسامات طبقية.
لهذا السبب الأساسي ، البروليتاريا هي الطبقة الأولى فى التاريخ التى يتطلّب تحريرها نوعا من الثورة سيقضى على كافة ، ليس بعض بل كافة، العلاقات الإستغلالية و الإضطهادية و الهياكل السياسية و طرق التفكير الناجمة عنها و التى تعزّز هذه العلاقات . و تؤدّى الثورة البروليتارية إلى تركيز دكتاتورية البروليتاريا ، دولة مختلفة راديكاليا عن كافة أشكال الدول السابقة التى كانت كلّها دكتاتوريات طبقية تخدم الطبقات المستغِلّة و هيمنتها السياسية. و هذه الدولة الجديدة يجب أن تكون هي ذاتها دولة إنتقالية إلى المجتمع الشيوعي، ملغِية كلّ الإختلافات الطبقية و الدولة نفسها. بإختصار، لتحقيق تحرّرها ، يتعيّن على البروليتاريا أن تقود ، بطريقة عميقة حقّا ، ثورة كمحرّرة للإنسانية.
وقد طوّرت النظرية الشيوعية التى أسسها ماركس هذا الفهم و أرسته على قاعدة علمية لم يسبق لها مثيل ، مثلما فعل داروين فى العلوم الطبيعية. هنا، الإطار لا يسمح بالإشارة إلى عديد العناصر المتنوعة للنظرية الشيوعية التى طوّرها ماركس ...و حتى إلى عدد أقلّ من التطوّرات الهامة للنظرية منذ أسسها ماركس فالمسألة ليست هي جوهر الموضوع هنا. بالأحرى جوهر المسألة هو لفت النظر لسبب قولنا إن الشيوعية ينبغى أن تفهم و تدرك و تطبّق و تطوّر كعلم و عرض سريع لذلك من خلال الإشارة إلى سيرورة تطوّرها.
ما طوّره ماركس كان و ما زال أساسا ، و فى نفس الوقت كما نستشف من كونه أساس كان البداية. و العلم يجب أن يتطوّر و إلاّ ليس علما. و لكلّ علم عناصر ناقصة و خاطئة فى الفهم ، يجب أن يتساءل حول مفاهيمه الخاصّة مرارا و تكرارا ، فاحصا النقد . الذى ينجزه آخرون و مصحّحا ما تبيّن أنه خاطئ ، ملخّصا نتائج الممارسة. و أبعد من ذلك، العالم الذى يراد فهمه متغيّر بإستمرا ر و النظرية الشيوعية تطوّرت و يجب أن تواصل التطوّر لتلبية هذه الحاجيات الكبرى.
فهم علمي للإمبريالية و مزيد تطوير الثورة البروليتارية :
مع نهاية القرن التاسع عشر ، إثر وفاة ماركس، شهدت الرأسمالية تطوّرا نوعيا. فى أوروبا و أمريكا الشمالية و اليابان ، برزت إحتكارات عملاقة ، وحدات كبيرة مركّزة و قويّة للغاية تحت ملكية و سيطرة رأسماليين. و إلى جانب هذا ، وسعت القوى الرأسمالية هيمنتها وإستغلالها البشع على نحو رئيسي إلى كافة أنحاء العالم. بهذا و بتغييرات أخرى ذات العلاقة، تطوّرت الرأسمالية و تحوّلت إلى رأسمالية إمبريالية. كان هذا ظاهرة جديدة واجهت الثوريين و شعوب العالم بضرورة جديدة كبرى، ظروف جديدة وجب فهمها علميا ، واقع جديد وجب تغييره لإنجاز الثورة.
مطبّقا النظرة و المنهج الشيوعيين ، حلّل لينين الميزات الجوهرية و الديناميكية اللصوصية للتطوّر الجديد للرأسمالية إلى إمبريالية، العاملة الآن على نطاق عالمي، و من هنا تعمّق تطوّر علم الشيوعية.
حلّل عمل لينين كيف و ما هي إنعكاسات نموّ إنقسام عميق بين الأمم الإمبريالية و الغالبية الساحقة من الإنسانية التى تعيش ضمن الأمم التى تضطهدها الإمبريالية و كيف أن ذلك الإنقسام هو فعلا علاقة إنتاج عالمية إستغلالية توجدها الإمبريالية فى قلب طريقة عمل الرأسمالية فى هذا العصر. و هذه السيرورة المستمرّة للمراكمة تشمل الآن إستخراج " أرباح هائلة " من الأمم المضطهَدة. و بيّن تحليل لينين تأثيرات "طفيلية " الإمبريالية فى "البلدان الأم" الإمبريالية ذاتها ما يشمل إنتشار جزء من الغنائم إلى شرائح معينة داخل البلدان الإمبريالية، بما فى ذلك "رشوة " قسم من الطبقة العاملة. و نجم عن هذا وضع جديد نسبة لما أرتآه ماركس الذى توقّع حدوث الثورة البروليتارية أوّلا فى أوروبا حيث الرأسمالية تطوّرت أوّلا ، و حيث ولّد تطوّرها تفقيرا جماهيريا وإستغلالا للبروليتاريين. لكن مثلما حلّل لينين ، بهذه الإنقسامات الجديدة فى العالم، بينما توسّعت فعلا قاعدة الثورة البروليتارية و تعمّقت عالميا، مؤقتا تراجعت نوعا ما فى أوروبا. لذا كان هذا أمرا جديدا فى الشيوعية. تحديدا كعلم ، تطوّرت الشيوعية نابذة و معدّلة بعض العناصر بينما حافظت على و طوّرت لبّها الأساسي . و بعيدا عن تفنيدها ، دلّل هذا و طوّر الطابع العلمي الحي للفهم الشيوعي.
و تطلّبت كذلك التغييرات التى أحدثها الإستغلال و النهب الإمبرياليين الشاملين تغييرات أخرى فى النظرية الشيوعية والإستراتيجيا الثورية. وعلى سبيل المثال ، مع التغييرات التى أحدثتها الإمبريالية ل "بلدانها الأم" بما فى ذلك عنصر الطفيلية الموصوف أعلاه، شدّد لينين على دلالة "الإنشقاق" الناجم عن ذلك ضمن الطبقة العاملة هناك ( بين الأقسام الأكثر رشوة و"برجزة") و حاجة للثورة البروليتارية لأكثر قاعدتها جوهرية أوطأ و أعمق ضمن البروليتاريا ، ضمن أقسامها الأفقر و الأكثر إستغلالا.
وهذا أيضا عصر حيث التنافس و الحرب بين مختلف الدول –الأمم شأن تقسيم و إعادة تقسيم العالم تجسّد فى نداءات قومية متنوّعة : " الدفاع عن بلادنا " إلى جانب "صيانة الديمقراطية " إلخ. كما طوّرها لينين ، حلّلت الشيوعية الأساس الرجعي للغاية لهذه النداءات القومية الإمبريالية، إنها تعبير عن إنتشار الإمبريالية فى جميع أنحاء الكرة الأرضية ، و مدّ أصابع الأخطبوط العالمية الإستغلالية و النزاع القومي لتنافس الدول الإمبريالية. و منطلقا من هذا ، و مطبّقا و مطوّرا، فى الظروف الجديدة شعار " بيان الحزب الشيوعي" " ليس للعماّل وطن" ، طوّر و شحذ أكثر الفهم الشيوعي للأممية البروليتارية. و فى نفس الوقت، أخذ يطوّر النظرية الشيوعية لتشمل الدور الثوري الكبير الممكن ، فى عصر الإمبريالية ، للنضال من أجل التحرّر الوطني فى الأمم المضطهَدة، و لفهم حاجة و قاعدة هذه النضالات من أجل التحرّر الوطني لقيادة البروليتاريا ، كجزء من الثورة العالمية وهدفها النهائي، الشيوعية.
بهذه و غيرها من التطوّرات ، كانت النظرية الشيوعية قادرة على توليف/تلخيص فهم منهجي لكيف أن الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية و أرست قاعدة حتى أعمق و أكثر عالمية للثورة البروليتارية يجب أن تضع حدّا للنظام الرأسمالي الإمبريالي.
فى الجزء الأول من القرن العشرين، أنجزت الحركة الشيوعية قفزات جديدة ووجدت كمّية واسعة من التجربة الجديدة المكدّسة فى القيام بالثورة البروليتارية و فى التركيز الفعلي لسلطة الدولة الثورية ، دكتاتورية البروليتاريا، فى الإتحاد السوفياتي. و مثّل هذا قفزة غير مسبوقة ، بداية تجربة جديدة تماما بالنسبة للإنسانية. و يمكن رؤية هذه التجربة التحرّرية جوهريا كمراكمة لقدر هائل من "المادة الخام" لمزيد الفهم العلمي و مزيد القدرة على التقدّم. و فى الواقع ، شهدت النظرية الشيوعية مزيد التطويرات بما فيها تطويرات فى الحاجة إلى حزب طليعي و فى طبيعة الدولة الثورية.
و مثلما شرح لينين السبب الرئيسي للحاجة و لدور الحزب كطليعة للثورة الشيوعية هو إدراك أنّ هذه الثورة تتطلّب قيادة و نظرة علمية لإحداث تغيير راديكالي للمجتمع. إعتبارا للتناقضات ذاتها التى تجعل الثورة ضرورية ، بما فى ذلك كون غالبية الجماهير تهمّش بصفة واسعة عن التدريب الفكري و "العمل الفكري" فإن تحريرها لنفسها يستدعى قيادة ، قيادة علمية. و بالفعل، هذا النوع من القيادة هو أفضل أداة لإطلاق العنان للفهم و المبادرة الواعيين للجماهير وهو بالضبط هدف و موضوع مؤلف لينين حول مسألة الحزب. و فهم لينين كذلك أنّ الحزب الطليعي فى حاجة إلى أن يكون عالي التنظيم. و الحزب ينظّم نفسه بغاية تجميع قوّة معرفته الجماعية و لإستعمال هذا الفهم بأقوى طريقة فى القيام بالثورة. و يجب أن ينظّم نفسه ضد محاولات قمعه و إبادته. يتعيّن أن يقود الجماهير الشعبية فى نضال جماهيري ثوري لتغيير العالم و لتغيير ذاته فى خضمّ العملية.
و ترتبط الحاجة إلى حزب طليعي بكون النضال العفوي للجماهير لوحده لن ينجز ثورة. فالتأثير العفوي للإيديولوجيا البرجوازية التى تهيمن على المجتمع و تتخلله سيدفع على الدوام إلى خفض فهم و أهداف النضال و جعلها فى النهاية إصلاحية. و هذا النضال العفوي يجب أن يتغيّر بفضل قيادة شيوعية علمية. و هذا الموقف من نوع الطليعة يتناقض بالضبط مع "نخبة تعوّض الجماهير". بالأحرى ،المسألة هي تمكين قطاعات واسعة من الجماهير من الفهم العلمي لأهداف و طرق التحرّر الثوري ، فى كلّ من النظرية و التحليل المستمرّ للأحداث من كافة النواحي فى المجتمع و العالم قاطبة. و مثلما صرنا ندرك بشكل أعمق ، يعنى هذا أيضا إطلاق سيرورة خلالها الجماهير ذاتها تساهم بصورة متزايدة فى الخوض فى وحلّ أهمّ قضايا الثورة. و كلّ هذا جوهري فى آن معا فى المرحلة السابقة على إفتكاك السلطة و مرحلة ما بعد إفتكاك السلطة، فى التقدّم بالنضال فى المجتمع الإشتراكي، و هدفه النهائي، الشيوعية عبر العالم.
كجزء لا يتجزأ من هذه التجربة الرائدة فى الإعداد ثمّ فى قيادة الثورة الروسية لإفتكاك السلطة و تعزيز السلطة الجديدة من خلال حرب أهلية
(فيها شاركت القوات المسلّحة الإمبريالية و الدول الرجعية بنشاط إلى جانب الثورة المضادة) و بعد ذلك الشروع فى التحويل الإشتراكي للمجتمع ، طوّر أكثر لينين النظرة الشيوعية للدولة. بناءا على التلخيص الأوّلي ، و إن كان بعيد النظر، الذى أنجزه ماركس للتجربة الثورية لكمونة باريس 1871 التى لم تعمّر طويلا ، عمّق لينين الإختراق و طبّق النظرية الشيوعية التى بيّنت أن الثورة البروليتارية ليس بوسعها ببساطة مسك آلة الدولة القائمة بعدُ التى وجدت داخل المجتمع القديم و خدمته ، بل عليها أن تحطّم جهاز الدولة و تنشأ بدلا عنه دكتاتورية البروليتاريا. و هذه نوع جديد راديكاليا من الدول فى آن معا تعنى قيادة الحزب و التشريك المتزايد للجماهير فى تسيير المجتمع، منجزة تغييرات ثورية بإتجاه الشيوعية و القضاء فى النهاية على كلّ من الحزب و الدولة ذاتهما.
الثورة فى الأمم المضطهَدة ... و مواصلة الثورة فى ظلّ الإشتراكية :
تبنّى ماو تسى تونغ النظرية الشيوعية عندما تردّدت رسالتها بقوّة عبر الكوكب فى أعقاب إنتصار الثورة فى الإتحاد السوفياتي . لكن النظرية الشيوعية كانت إلى حدّ بعيد متخلّفة فى علاقة بالميزات الخاصّة و بسيرورة الثورة فى المناطق الشاسعة من العالم التى تهيمن عليها الإمبريالية و التى تعانى من الظروف شبه الإقطاعية و الإستعمارية أو شبه الإستعمارية. فى تفنيد حيّ لفكرة أنّ الشيوعية كانت إيديولوجيا لا يمكن تطبيقها إلاّ فى أوروبا ، تبنّى ماو تسى تونغ النظرة و المنهج و المبادئ الشيوعية العلمية و طبّقها على الوضع ، محلّلا المجتمع الصيني وإقتصاده و علاقاته الإجتماعية . و إستمرّ ماو فى إنجاز تحليل جديد للطبقات و لعلاقات الإنتاج و لتجربة المقاومة و الثورة ، بما فى ذلك النكسات و الهزائم اللتان منيوا بها فى المراحل الأولى من الثورة فى الصين، و التى كانت تعزى ، فى جانب منها، لمحاولات الإتباع الدغمائي و الميكانيكي للتجربة و "النماذج" الثورية السابقة و بالخصوص تلك فى الإتحاد السوفياتي ، بدلا من تطبيق النظرة و المنهج الشيوعيين العلميين بطريقة حيّة.
من أعمال ماو و من المراوحة بين النظرية و الممارسة ، تطوّر مفهوم الثورة "الديمقراطية الجديدة " فى البلدان شبه المستعمرة شبه الإقطاعية و الإمبريالية و تركيز سلطة دولة جديدة ، شكلا جديدا من دكتاتورية البروليتاريا بينما لا يكون مباشرة إشتراكي ، يفتح الباب للإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية. و طوّر ماو كذلك نظرية و ممارسة حرب الشعب طويلة الأمد كوسيلة مركزية لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة. و هذا التقدّم فى النظرية الشيوعية لا يزال يزوّدنا بتوجه و قاعدة أساسيين للثورة فى ذلك النوع من البلدان، حتى بينما ثمّة كذلك تحدّى ملحّ لأن نأخذ بعين الإعتبار التغييرات الكبرى فى العالم مذّاك و أن نطوّر أكثر إستراتيجيا الثورة للنضال و تحقيق الإنتصار فى هذه الظروف المتغيّرة.
ثمّ بعد إفتكاك السلطة و الإنطلاق على طريق الإنتقال الإشتراكي فى الصين ،واجهت الثورة الشيوعية تطوّرا آخر لم يسبق له مثيل إلى حينها. فى أواخر الخمسينات حدث إنقلاب على الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و أعيد تركيز الرأسمالية، تحت قناع إشتراكي. و لم يكن إنقلابا جاء من الخارج و إنما من الداخل و بقيادة زعماء "شيوعيين" من الإتحاد السوفياتي ذاته. لم يتمّ التعرّف على ذلك حينذاك و كان شيئا جديدا تماما و فى الحقيقة لم يكن متوقّعا بصورة كبيرة فى النظرية كما تطوّرت إلى تلك النقطة. و كذلك لم يفهم بوضوح حينذاك ، وجود قوى مماثلة كانت تعمل فى الصين مشكّلة خطر إنقلاب على الشيوعية هناك ، أيضا.
ردّا على ذلك ،و من خلال الجهود المستمرّة التى دامت عقدين تقريبا ، إلى وفاته فى 1976 ، إشتغل ماو تسى تونغ و طوّر كلّ من نظرية و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاري. بهذا ، إقتحم ماو أرضا جديدة فى النظرية الشيوعية ، بما فى ذلك فى كلا مجالي السياسة و الفلسفة. مطوّرا أكثر فهم المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية نحو الشيوعية، صاغ ماو فهما أعمق للنضال الطويل الأمد و الحاد فى أغلب الأحيان لتجاوز " بقايا " المجتمع القديم داخل المجتمع الجديد، إلى جانب فهم قاعدة تواصل ولادة تعبيرات المجتمع القديم هذه داخل المجتمع الإشتراكي، إقتصاديا و سياسيا و إيديولوجيا. و مؤسسا على مساهمات لينين فى فهم أهمّية البناء الفوقي و الوعي لدى الشعب فى إنجاز الثورة الإشتراكية ، شدّد ماو تشديدا كبيرا على إطلاق العنان و قيادة الدور الواعي للجماهير فى خوض الصراع الطبقي ضد الخطوط و السياسات الإيديولوجية والسياسية التى تبحث عن توسيع ، لا تحديد " الحق البرجوازي" ( الطريقة التى وفقها العلاقات السلعية الموجودة و اللامساواة الباقية من الرأسمالية ،بالضبط صلب المجتمع الإشتراكي ، تعزّز بعضها البعض بصورة متبادلة و تنعكس فى البنية الفوقية ، المؤسسات السياسية و طرق التفكير و الثقافة و ما إلى ذلك، و كيف أن كلّ هذا يشكّل حواجزا أمام مواصلة التقدّم الثوري فى ظلّ الإشتراكية و يجب تحديده و فى النهاية تجاوزه كجزء حاسم من النضال لمنع إعادة تركيز الرأسمالية و بلوغ الهدف النهائي ،الشيوعية).
فى حين وجدت أخطار جسيمة و ضغوط من كلّ الأنواع ( عسكرية وإقتصادية و غيرها) من خارج الصين ، رأى ماو أنّ لبّ خطر إعادة تركيز الرأسمالية مصدره موجود داخل الحزب الشيوعي ذاته. لكن فهمه كان فهما ماديا و علميا و ليس سطحيا و شعبويا . مطبّقا و مطوّرا المادية الشيوعية ، على نقيض "الحكمة الشعبية" لم ينظر ماو لجوهر المسألة على أنه مشكل بيروقراطية أو " فساد قادة ". بالأحرى ، جوهر التحدّى هو أنه عندما يتم الإستيلاء على السلطة و تركيز الملكية الإشتراكية ، فإن السيطرة على وسائل الإنتاج و العلاقات الإقتصادية تتركّز فى القيادة السياسية. و على وجه الخصوص ، تجد تعبيرتها السياسية و كذلك الإيديولوجية ، فى الخطّ و التوجّه، أي إذا كان الخطّ يقود نحو مزيد تثوير هذه العلاقات أو نحو تعزيز و إعادة إنتاج العلاقات القديمة ، معيدا الرأسمالية. و مثلما وضع ذلك ماو و رفاقه " أتباع الطريق الرأسمالي يمثلون علاقات الإنتاج الرأسمالية ".
عملياّ، بلغ النضال لمنع إعادة تركيز الرأسمالية قمّته طوال عقد "الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى" فى الصين و نجح لعشر سنوات ، إلى إنقلاب أتباع الطريق الرأسمالي بعيد وفاة ماو، فى 1976 ، و ما نجم عنه من سرعة إستقطاب إجتماعي عميق و الفظائع التامة للرأسمالية التى نراها فى الصين اليوم. هذه هي بالضبط النتيجة التى حذّر منها ماو و رفاقه و ناضلوا ضدّها. و قد تجهّزوا بإختراقات أخرى فى الفهم العلمي الذى صاغه ماو ، إستطاعوا فهم هذا الخطر و مصادره الأساسية و تعبئة الملايين فى محاولة لصدّه و التقدّم بالثورة. مقارنة بالتجربة السابقة لإعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، التى تعزّزت هناك مع أواخر الخمسينات دون معركة عظيمة مماثلة ضد ذلك ، تقف الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى على النقيض تماما. و تعدّ العناصر الجديدة الهامّة فى الفهم العلمي للتقدّم بالثورة فى ظلّ الإشتراكية ، التى طوّرها ماو و رفاقه الثوريين ، عناصرا هامة كقاعدة إنطلاق منها ينجز مزيد التقدّم فى النظرية و الممارسة الشيوعية الثورية.
نهاية مرحلة ... بداية مرحلة جديدة :
مع الإنقلاب على الإشتراكية فى الصين ، فى 1976 والذى حدث بعد عقدين من ذلك الذى جدّ فى الإتحاد السوفياتي فى الخمسينات، إنتهت الموجة الأولى من الثورات الإشتراكية و اليوم ، لا توجد أية دولة إشتراكية فى العالم. إزاء هذا ، و فى وسط إفتراءات غير مبدئية و مقبولة دون نقد فى أغلب الأحيان أيضا ، من الضروري إنجاز توليف/تلخيص علمي حقا لهذه التجربة التاريخية لأجل تحقيق تقدّم عظيم جديد.
وفى نفس الوقت، هناك تغييرات كبرى فى العالم ، تسارعت كثيرا بعد إنحلال الإتحاد السوفياتي الذى صار بعدُ رأسماليا – إمبرياليا، فى بداية التسعينات و بقاء الولايات المتحدة القوّة العظمى " الوحيدة القائمة " فى العالم. وإنتشرت عبر الكوكب موجة عملاقة من "العولمة " الإمبريالية معجّلة التوغّل والإدماج الرأسمالي الأعمق والأوسع لعديد أجزاء العالم و منتجة عديد الفظائع الجديدة ، بما فى ذلك الدمار البيئي المهدّد للكوكب. وجاء هذا مترافقا مع إنعكاسات تفكيكية و زعزعة و تدمير لأقسام كبيرة من البشرية ، لا سيما و ليس فقط ، فى الأمم المضطهَدة و حدثت هجرة كبرى ، هجرة عالمية و داخل البلدان المضطهَدة حيث إنتقلت أعداد كبيرة من السكان من المناطق الريفية إلى المدن بما تسبّب فى إنتشار مدن الصفيح. و خلقت هذه التطوّرات و التغيّرات البالغة الأثر فى الظروف تحدّيات جديدة للإستراتيجيا الثورية و النضال الثوري عبر العالم.
كلّ هذا يطرح ، من جديد، الحاجة العظيمة للشيوعية. فبينما لا توجد ولو دولة إشتراكية واحدة فى العالم ، توجد تجربة الثورات الإشتراكية
و توجد جملة أعمال ثرية للنظرية العلمية الثورية التى تطوّرت خلال الموجة الأولى من الثورات الإشتراكية علينا إعتمادها قاعدة لتشييد صرح جديد. بيد أن نظرية و ممارسة الثورة الشيوعية تتطلبان تقدّما لمواجهة تحدّيات هذا الوضع ، التناول العلمي وإستخلاص الدروس الضرورية من التجربة الشاملة للموجة الأولى من الثورة الإشتراكية و ما يترتب إستراتيجيا عن التغييرات الواسعة التى تجدّ فى العالم.
تولّى بوب آفاكيان هذه المسؤولية و طوّر جملة من الأعمال و المنهج و النظرة الشيوعيين تجيب عن هذه الحاجات و التحديات العظيمة.
لقد أنجز توليفا/تلخيصا علميا للموجة الأولى من الثورات الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و فى الصين. و كنقطة إنطلاق دحض فكرة "موت الشيوعية"، مدافعا عن الإنجازات العظيمة لهذه الثورات. و طوّر أكثر تحليلا للمشاكل الحقيقية التى واجهتها فى المجتمعات التى "ورثتها" ، و فى إتخاذ الخطوات الأولى للتحويل الإشتراكي فى إطار عالم تهيمن عليه الإمبريالية. وهو يدافع بعمق عن السمة الرئيسية لهذه الثورات ، حلّل آفاكيان أيضا السمات السلبية فى هذه التجربة. و تضمّن هذا فحص كلّ من المفاهيم السياسية و الفلسفية التى قادت الموجة الأولى من الثورة الإشتراكية.
و تطلّب التوليف/ التلخيص العلمي لهذه التجربة ونقدها إعادة النظر و إعادة التركيب على أساس نظرة و منهج ماديين جدليين ، إنسجاما مع الحاجة لمواصلة الثورة و التقدّم نحو الشيوعية.
من هذا العمل ، طوّر آفاكيان توليفا/تلخيصا جديدا له عديد الأبعاد تشمل الفلسفة و السياسة والإستراتيجيا. فى مفهومه للمجتمع الإشتراكي ، يعتمد هذا التوليف/التلخيص الجديد بصلابة على تقدير تام للحاجة الجوهرية للبروليتاريا ، و على نحو مركّز عبر حزبها الطليعي، لقيادة سلطة الدولة و التمسّك بها بقوّة، ودون ذلك ستضيع كافة مكاسب الثورة و ستعود كافة فظائع الرأسمالية و بصفة ثأرية. و لكنه أيضا يتضمّن مفاهيما جديدة لكيفية
ممارسة القيادة الشيوعية و سلطة الدولة الثورية ليعبّرا تمام التعبير على الإمكانية التحرّرية للمجتمع الإشتراكي و ليتقدّم إلى أقصى حدّ ممكن ، فى كلّ لحظة، فى التحويلات صوب الشيوعية. و يتصوّر هذا أنه إلى جانب البناء على الأشكال الإشتراكية السابقة لتشريك الجماهير فى تسيير المجتمع الإشتراكي و فى ممارسة السلطة ، يجب أن يتسم المجتمع الإشتراكي بأكبر قدر من الخميرة و المعارضة من ذى قبل، و ليس فقط لأنه من المهمّ لأن يكون حيويّا حقيقة لكن خدمة لسيرورة تشريك أوسع الجماهير فى الجدال الممكن الأعمق للقضايا، لكي تتوصّل إلى الحقيقة على وجه أكمل و ليرفع وعيها و مشاركتها فى جميع مجالات المجتمع و تغييرها. و بينما لن يُسمح للرأسماليين المستغِلين السابقين للمجتمع بحقّ التنظّم ليعودوا إلى السلطة، فإن المعارضة بين صفوف الجماهير العريضة لمختلف السياسات و حتى للإشتراكية ذاتها لن تقمع بل سيجرى نقاشها و خوض الصراع معها طالما أن هذه المعارضة لا تتخذ شكل محاولات منظّمة للإطاحة بالدولة الإشتراكية.
و ينطوى هذا التوليف/التلخيص الجديد كذلك على تقدير أعظم للدور الهام للمثقفين و الفنانين خلال ( كامل السيرورة فى كلّ من متابعة آراءهم الخاصة و مساهمة أفكارهم فى الخميرة الأوسع- و كلّ هذا مجدّدا ضروري للحصول على سيرورة أغنى. و الدولة الإشتراكية بما فى ذلك الجيش و المحاكم يجب أن تكون مسؤولة أمام الحزب لكن أيضا عليها أن تكون مسؤولة أمام الدستور الإشتراكي الذى لا ينبغى للحزب أن يبحث عن
" تجاوزه " و الذى ينبغى أن يضمن حقوقا أساسية و إجراءات قانونية ، إلى جانب تحديد الأشكال الأساسية للدولة الإشتراكية وللإقتصاد فى مرحلة معيّنة من الثورة. و الغاية هي توفير إطار قانوني لمرحلة معطاة من التحويلات الثورية الجارية فى ظلّ الإشتراكية و للناس بضبط واضح و مؤسساتيّا للقوانين و الحقوق و لتوفير حيوية فكرية سويّة مع بعض " الهوامش ".
بإختصار ، فى التوليف/التلخيص الجديد كما طوّره بوب آفاكيان ، يتعيّن أن يوجد لبّ صلب و كثير من المرونة. و هذا ، قبل كلّ شيئ ،منهج
و نظرة تنطبق على نحو واسع جداّ. إنه قائم على فهم علمي بأن الواقع هو بالفعل ، حقيقة - وهو متكوّن من أشكال معيّنة من المادة فى حركة ، و لكلّ منها هويّة معيّنة- لكن فى نفس الوقت كلّ شيئ معيّن فى حركة و يتغيّر و يتفاعل مع الأشياء الأخرى فى مستويات مختلفة. وإستيعاب واضح لكلا المظهرين و تفاعلهما ، ضروري لفهم الواقع و تغييره، فى كافة المجالات وهو حاسم فى إنجاز التغييرات الثورية فى المجتمع الإشتراكي.
و هذا المنهج و هذه النظرة يقدّران الحاجة إلى قيادة بضمن ذلك تمييز الأوقات و الظروف التى يمكن و يجب فيها بوضوح وصلابة إستخلاص الدروس و تقديم القيادة مباشرة و بشكل حاسم جدّا. و يعنى هذا أيضا تحديد الأوقات و الظروف التى لا تستطيع و/ أو لا يجب أن تقوم فيها بذلك. وهذه النظرة إلى القيادة تقدّر أن هناك العديد من الظروف كذلك التى فيها درجة أكبر بكثير من "المرونة " ليست ممكنة بل ضرورية للغاية، قيادة تقدّر الحاجة للمبادرة و الإبداع و صراع وجهات النظر و الخميرة الواسعتين و تشجعهما. و لا وجود للبّ صلب دون مرونة أو مرونة دون لبّ صلب. فى ممارسة القيادة الثورية ، من الضروري التعلّم بينما نقود و نقود بينما نتعلّم. و من اللازم كلّ من العمل على توسيع لبّ صلب ( وهو نفسه يشهد تغييرات مستمرّة) و العمل على تشجيع المرونة لأكبر درجة ممكنة فى وقت معيّن بينما نبقى "مراقبة الثمن" بوضوح على الثورة و الشيوعية عبر كلّ هذا.
مطبّقة على المجتمع الإشتراكي ، هذه النظرة للبّ الصلب و المرونة الكبيرة تشمل الحاجة إلى لبّ قيادي متوسّع له وضوح بصدد الحاجة إلى دكتاتورية البروليتاريا و هدف مواصلة الثورة الإشتراكية كجزء من الصراع العالمي من أجل الشيوعية ، و مصمّم على مواصلة التقدّم بهذا الصراع خلال كافة الإلتواءات و المنعرجات. وفى نفس الوقت ، سيوجد بالضرورة العديد من الناس و التيارات المختلفة فى المجتمع الإشتراكي تدفع فى إتجاهات مختلفة و كلّ هذا سيساهم فى النهاية فى عملية التوصّل للحقيقة و بلوغ الشيوعية. و سيكون هذا أحيانا حادّا و ستكون صعوبة الإلمام بكلّ هذا ، فى أثناء مواصلة قيادة كلّ هذه السيرورة بإتجاه الشيوعية، كما وضع ذلك آفاكيان، تشبه التفكيك و التركيب مرارا و تكرارا. وكلّ هذا عسير لكنه ضروري وهو سيرورة مرحّب بها. إنه السبيل الوحيد للوصول إلى هناك، السبيل الوحيد لبلوغ الشيوعية. و مثلما لخّص ذلك آفاكيان نفسه :
" يتضمّن هذا التوليف/ التلخيص إعادة تفكيك و إعادة تركيب المظاهر الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن، بينما يتمّ التعلّم من المظاهر السلبية لهذه التجربة ، فى الفلسفة و الإيديولوجيا إضافة للأبعاد السياسية لكي نحصل على توجّه و منهج و نظرة علميين أعمق و أكثر تجذّرا ♦ بشأن ليس فحسب القيام بالثورة وإفتكاك السلطة لكن أيضا ،نعم، لتلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، على نحو متزايد ، فى المجتمع الإشتراكي، متجاوزين الندوب العميقة للماضى و مواصلين التحويل الثوري للمجتمع و فى نفس الوقت مساندين بنشاط الصراع الثوري العالمي و متصرّفين وفق الإعتراف بأن المجال العالمي و الصراع العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بصورة عامّة ، سويّة مع فتح مجال أفسح نوعيا للتعبير أمام الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس، مفهومة بمعنى شامل،ممكّنين من إيجاد سيرورة أكثر تنوّعا و أغنى من الإستكشاف و التجربة فى حقول الحياة العلمية و الثقافية و الفكرية عامة ، زيادة على توسيع المجال أمام تنافس الأفكار و مدارس الفكر المتنوعة
و أمام المبادرات والإبداع الفرديين و حماية الحقوق الفردية بما فى ذلك مجال تفاعل الأفراد مع " المجتمع المدني" بإستقلال عن الدولة ،و كلّ هذا فى إطار تعاوني و جماعي مع الإبقاء فى نفس الوقت على سلطة الدولة و تطويرها كسلطة دولة ثورية فى خدمة مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن و عالميا وهذه الدولة تقود وهي العنصر المحوري فى الإقتصاد و فى التوجّه الشامل للمجتمع، بينما الدولة ذاتها تتغيّر بإستمرار إلى شيئ مختلف جوهريا عن كافة الدول السابقة ، كجزء من التقدّم الحاسم بإتجاه القضاء النهائي على الدولة مع بلوغ الشيوعية على النطاق العالمي"
( "القيام بالثورة و تحرير الإنسانية" الجزء الأول).
فى تناغم مع هذا التوليف/التلخيص الجديد و فى إرتباط به ، طوّر بوب آفاكيان ووسّع مبدأ قدّمه ماو تسى تونغ : الماركسية تشمل لا تعوّض ، شتى مجالات العلم و الفنّ ، فضلا عن مجالات أخرى من النشاط الإنساني ، فالشيوعية هي النظرة العلمية الأكثر نظامية والأشمل لكن هذا لا يعنى أن إمتلاك الماركسية و المنهج يساوى تماما إمتلاك الحقيقة بشأن أي شيئ معيّن. الشيوعية ليست دوغما. و النظرة و المنهج الشيوعيين ينبغى تطبيقهما على الأشياء المعيّنة ، على مختلف الحقول، على الواقع المتغيّر أبدا. و غير الشيوعيين ، بضمنهم معارضى الشيوعية ، سيكتشفون حقائقا معينة هامة لم يكتشفها الشيوعيون . لذا يجب على الشيوعية أن تشمل كافة الواقع و ليس فقط جزءا منه و عليها القيام بذلك بطريقة مفتوحة و علمية. يجب أن تتصل و تتفاعل مع مدارس التفكير الأخرى. و من خلال هذا النوع من الإلتزام – على إفتراض أن الشيوعيين يقاربونها كشيوعيين ، يمكن التوصّل بإستمرار إلى حقائق جيدة و الشيوعية ذاتها يمكن و يجب أن تثرى و تتعزّز.
بتوافق مع كلّ هذا ، ناضل بوب آفاكيان بثبات من أجل أن تفهم الشيوعية و تطبّق كعلم حيّ.
الشيوعية : توليف/ تلخيص حيّ :
مثلما عبّر عن ذلك بوب آفاكيان ، الشيوعية فلسفة و نظرية سياسية كاملين و فى نفس الوقت هي حيّة ، نقدية و علم مستمرّ التطوّر. ليس إضافة كمّية لأفكار أفراد لعبوا دورا قياديا فى تطويرها ( و لا يعنى أن كلّ فكرة و سياسة و تكتيك معيّنين إتبعوهما كانا خاليان من الخطإ). الإيديولوجيا الشيوعية توليف/تلخيص لتطوّر و بالخصوص للإختراقات النوعية التى أنجزتها النظرية الشيوعية منذ تأسيسها على أيدى ماركس إلى يومنا هذا.
و بما أن الشيوعية ، نظرية و حركة ثورية ، تنهض و تتقدّم لمواجهة التحدّيات التى يفرضها الواقع الراهن ، فإن حزبنا ، الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية يتمسّك تمام التمسّك بالتالى من كتاب بوب آفاكيان " من أجل حصار التنانين" :
" فى آخر التحليل ، كما عبّر عن ذلك إنجلز مرّة ، يجب على البروليتاريا أن تكسب تحرّرها فى ساحة المعركة. لكن ليس هناك فقط مسألة الكسب بهذا المعنى ، بل مسألة كيف نكسب بالمعنى الأشمل. واحدة من الطرق الهامّة و ربّما غير الملحوظة أو فى الأغلب لا تلاحظ إلا إلى حدود ،من خلالها يبحث العدوّ حتى عند الهزيمة ، عن الإنتقام من الثورة هي زرع بذور فشلها المستقبلي ما يجبر الثوريين على أن يصبحوا لأجل إلحاق الهزيمة به. يتلخّص الأمر فى ما يلى ، علينا أن نواجهه فى الخنادق و أن نهزمه وسط دمار فظيع لكن لا ينبغى علينا فى السيرورة أن نقضي على الإختلاف الجوهري بيننا و بين العدوّ. و هنا ينهض مثال ماركس بمثابة منارة لنا حيث قاتل مرارا و تكرارا و عن قرب إيديولوجيو البرجوازية
و مادحوها لكن أبدا لم يقاتلهم على طريقتهم أو بوجهة نظرهم، طريقة ماركس مبهجة مثلما هو ملهم هدفه. يجب أن نقدر على المحافظة على صلابتنا على المبادئ لكن فى نفس الوقت على مرونتنا ، على ما ديتنا و على جدليتنا ، على واقعيتنا و على رومنسيتنا ، على إحساسنا الجدّي بالهدف و إحساسنا بالمرح ".
-------------------------------
♦ كتب آفاكيان بعمق عن أهمّية " توجه و منهج و نظرة علميين أعمق و أكثر تجذّرا " [ أنظروا "القيام بالثورة و تحرير الإنسانية"]و عن " أهمّية الوحدة بين إستيعاب الماركسية و تطبيقها لتناول كافة الواقع ، من جهة و تطبيقها الخاص على قضايا القيام بالثورة ، من جهة أخرى" [ أنظروا "نظرة علمية للماوية ، نظرة علمية للعلم" ضمن كتاب "ملاحظات حول الفنّ و الثقافة، العلم و الفلسفة" " ص 89]
متحدّثا عن أهمّية التوليف/التلخيص الجديد على هذا الضوء ، شدّد آفاكيان على :
" غاية فى الأهمية هو عدم التقليل من أهمية التوليف/التلخيص وقوّته الإيجابية الكامنة : نقد أخطاء ونواقص هامة و القطع معها بينما نقدّم ونعيد بريق ما كان إيجابيا فى التجربة التاريخية للحركات الشيوعية العالمية و البلدان الإشتراكية التى وجدت إلى الآن، وبمعنى حقيقي نعيد إحياء – على قاعدة جديدة وأكثر تقدّما – قابلية نجاح ونعم الرغبة فى عالم جديد ومختلف جذريا ،و إقامة هذا على أساس أصلب من المادية الجدلية. إن
هذاالتوليف/التلخيص الجديد وثيق الإرتباط و متداخل مع القطيعة الرئيسية فى حقل الإبستيمولوجيا ، قطيعة مع الذرائعية و الماقبلية و الدغمائية
] POSITIVISME و التفكير الديني و الفلسفة الواقعية[
و التجريبية و البراغماتية وكذلك مع القومية فى مجال كيفية نظرنا لكافة سيرورة التقدّم صوب الشيوعية" [ " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية" الجزء الأول].



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل تحرير النساء و تحرير الإنسانية جمعاءRCP ,SA
- الثورة التى نحتاج ...و القيادة التى لدينا – رسالة و نداء من ...
- الشيوعية : بداية مرحلة جديدة بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الو ...
- الماوية : نظرية و ممارسة - 9 -المعرفة الأساسية لخطّ الحزب ال ...
- غيفارا ، دوبريه و التحريفية المسلّحة_ ليني وولف
- الإمبريالية و السيدا / الأيدز فى أفريقيا( مقتطف من كتاب - عا ...
- بيع النساء : تجارة البشر العالمية ( مقتطف من كتاب - عالم آخر ...
- من تجارب دكتاتورية البروليتاريا بصدد تحرير المرأة (التجربة ا ...
- هدف الماركسية هو الشيوعية ( مقتطف من كتاب - عالم آخر، أفضل ض ...
- الرأسمالية ، البيئة و حماية البيئة فى ظل الإشتراكية ( مقتطف ...
- حقيقة الحرس الأحمر( مقتطف من كتاب- الثورة الماوية فى الصين: ...
- شهادات حيّة عن الحياة فى ظلّ صين ماو الإشتراكية (الفصل الثان ...
- حقيقة التيبت : من الدالاي لاما إلى الثورة ( مقتطف من كتاب- ا ...
- الوجه الحقيقي لل-معجزة الصينية - (مقتطف من كتاب- الثورة الما ...
- حول تلخيص الحركة الشيوعية النيبالية ( مقتطف من كتاب – لندرس ...
- الحركة الشيوعية العالمية و دروسها التاريخية( مقتطف من كتاب- ...
- ما هي الشيوعية ؟ ما هو تاريخها الحقيقي؟ ما هي علاقتها بعالم ...
- أساس الاقتصاد السياسي لحرب الشعب فى النيبال( من كتاب – لندرس ...
- الماركسية-اللينينية-الماوية :من وثائق أحزاب شيوعية ماوية( ال ...
- الحركة الأممية الثورية : بيان سنة 1984 و بيان سنة 1993( الفص ...


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية