النضال ضد الآمبريالية والصهيونية يمر من هنا

كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1004 - 2004 / 11 / 1 - 09:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

قريتي من القرى الجبلية البعيدة عن مدينة جبلة الساحلية . تعايش فلاحوها في الماضي مع بعضهم ضمن عقد اجتماعي غير مكتوب , تحميه مؤسسات الدولة , على سبيل المثال لا الحصر للقرية أراض شاسعة يدل اسمها عليها ( مشاع ) ينتفع منها الجميع بالرعي او التحطيب وما شابهه , أما ما تبقى من أراض وكروم فلكل فلاح حصته فيها يشهد على ذلك الجيران والمختار يورثها لأولاده بالقسمة والتراضي فيما بينهم .
زحفت الحضارة الى القرية من عدة جهات – ويا ليتها لم تفعل - كان آخرها " الطابو"
عام 1984 وتم مسح أراضي القرية جيولوجيا وجغرافيا وجويا , والأراضي المسماة – مشاع – أصبحت املاك دولة , والباقي ُطلِب من الأهالي إثبات ملكيتهم , وجرى أثناء التسجيل الكثير من الاعتباط والطرق الملتوية والرشاوي والمحسوبيات . ولكن تُرك الحق لمن يشعر بالغبن بالاعتراض ضمن مدة قانونية .
يهمنا هنا العقار /1731/ العائدة ملكيته لوالدي رحمه الله فقد خصني به قبل وفاته وانا في السجن , تم تسجيله املاك دولة لكونه مهجور وغير مستصلح . نصحني محام قدير بإقامة دعوى رغم انتهاء المدة القانونية المخصصة للإعتراض لأنني لم أكن قادرا على الاعتراض وأنا في السجن وتكفل بنفقات الدعوى مشكورا فهو يعرف وضعي من الناحية المادية , باشرنا الدعوى وقدمنا كل الاثباتات اللازمة وربحناها بعد ثلاثة أعوام . لكن الدولة استأنفت الحكم بشخص وزير الزراعة لحرصه على أملاك الدولة . طلب القاضي الجديد بعد عدة جلسات تقديم صورة مصدقة عن قرار القاضي العقاري وتقرير الخبرة ومحضر الكشف الجوي . بدأت رحلة العذاب من جديد بين الدوائر العقارية في جبلة واللاذقية ومحكمة الاستئناف .
آلاف الحوادث المشابهة التي يتعرض لها المواطن السوري يشم فيها روائح الرطوبة في المستودعات ويتذكر سحر الشرق وألف ليلة وليلة , ليس في الدوائر العقارية بل وفي دوائر الأحوال المدنية والمواصلات والمالية والجباية والضرائب ...الخ
ترى لماذا يحتاج المواطن السوري لصرف الكثير من المال والجهد والوقت والكرامة لإتمام معاملاته !!!!
لماذا تحتاج دعوى الى خمس سنوات حتى يبت بها ونحن في عصر الكومبيوتر والقرن الواحد والعشرين ؟
لماذا تحتاج أي معاملة الى مئات التواقيع الممهورة بالطوابع والتي لاتقدم ولا تؤخر ؟ نحن نرفع شعار التقدم والاشتراكية منذ أربعين عاما , ولكن ومع كل أسف مازالت آلية عمل القوانين عندنا وخاصة في الدوائر العقارية تعمل على الطريقة العثمانية !!
لقد انشغلت أحزابنا التقدمية بالنضال ضد الامبريالية ونسيت الوضع الداخلي وكان يمكن للمرء أن يجد لها بعض العذر بسبب صعوبة وتعقيد النظام العالمي السابق لولا أننا اكتشفنا أن كل الأحزاب المنضوية تحت لواء الجبهة الوطنية التقدمية كانت وما زالت مشغولة بتوريث امتيازاتها لأبنائها .( كل الأمناء العامون لأحزاب الجبهة عملوا من أجل أن يبقى منصب الأمانة العامة داخل عائلة الأمين العام الأول ) .
مع ذلك – ان تات متأخرا خير من الا تأت –
إن لسان حال الانسان العفوي في سوريا هذه الأيام يقول إن لم تعمل تلك الأحزاب المنضوية في الجبهة و التي تحوم حولها للدخول فيها و التي تحسب على المعارضة ولكنها تتفق مع السابقة برفع شعار النضال ضد الأمبريالية والصهيونية , أي ألأحزاب الموالية للدولة والمعارضة والبين بين . إن لم تعمل جميعها معا على تحديث وتطوير هذه القوانين فقد ينفجر الغضب المكبوت فجأة ويطالب بالامبريالية والصهيونية حتى تحدث له هذه القوانين وتخفف من معاناته معها ـ لقد طفح الكيل عنده ـ
كامل عباس – اللاذقية

#كامل_عباس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات