أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - ضربني الحائط..!














المزيد.....

ضربني الحائط..!


محمد المراكشي

الحوار المتمدن-العدد: 3365 - 2011 / 5 / 14 - 20:50
المحور: كتابات ساخرة
    


يأتيك ابنك الصغير باكيا متمرغا في سوائل أنفه اللزجة وصراخه يعلو فوق كل أصوات المعارك ،فتسأله ما الذي أبكاه..فلا يجيبك و انما يستمر في الصراخ مخفيا بيده مكانا ما من جبهته أو رأسه..قد يسبقك إلى الكلام قائلا أن الحائط ضربه ! و قد تستنتج أنت ذلك او تكون قد لاحظت الحادث عن قرب ،فتقول له :أرأيت لقد ضربك الحائط !
من كل هذا لا وجود لمشكل خطير ،فجرح ابنك إن أسال الحائط دمه ستقوم بمداواته بالدواء الأحمر الأسطوري ،أو تذر عليه رماد الفلفل الأحمر أو غبارحبة اسبيرين !
و الحائط المسكين، الذي أكل التهمة لا يستطيع أن يتكلم فينزع عنه تلك الجنحة الخطيرة التي قد تحوله إلى جدار غير مرغوب فيه للحظات ،أصبح من حيث لا يحتسب مجرما في حق البراءة و الإنسانية !
يود ان يقول أن لا دم هذه المرة ،فأنت أمامه لم تجد في جبهة ولدك الصغير إلا انتفاخا أزرق اللون ،ستداويه بتدليكة دملج زوجة الجار التي سبقت و حبلت بتوائم أكثر من مرة !
مثل هذه الحوادث تتكرر كثيرا في بلاداتنا ،بدل أن نلمس الجرح أولاً نتباكى ..وبدل أن نعاتب أنفسنا أولاً نلصق التهمة في الآخر ..حتى و لو كان حائطا ! فحين تمرر السكين على أصبعك ،يصبح السكين بقدرة قادر هو الفاعل ! هو الذي قطع أصبعك ! و حين تنزل بكل قوتك على خنصرك أو بنصرك أو سبابتك بمطرقة ،تكون المطرقة هي التي نزلت على يدك ! و كأنها للتو أرادت أن تنتقم لما وضعته سندانا..
هذه الثقافة التبريرية التي تسكن عقولنا و تصرفاتنا ليست حبيسة الصراع الأزلي بين الإنسان العربي و المغربي مع أواني مطبخه أو آليات عمله أو حتى ملابسه،و إنما تمتد لتمس كل مناحي الحياة من السياسة إلى الرياضة إلى ساعة الحائط الصينية التي تؤذن كل ساعة !
في المستشفيات ،يشكو الناس من جشع الممرضين و لامبالاتهم لمرضهم،و الممرضون يلوحون بأن المشكل من عدم اهتمام الأطباء الذين يتركونهم مهملين في ممرات المراكز الإستشفائية بينما الأطباء يشكون من ظروف غير مريحة و غير مهنية تساهم في تدهور المرضى..و المريض الذي يلوم كل هؤلاء و كأنهم سبب مرضه ينسى أنه أكل معلبا فاسدا ظانا أن له من المناعة ما يقف للمرض بالمرصاد ! وفي النهاية المعلب هو المجرم الخطير !
و في التعليم ،يرسل الناس أبناءهم من صباحات الله تبدو على أغلبهم أنيميا النوم و الفطور،و لا يهتمون نهائيا بمحافظهم إن كانت تحمل كتبا أو علب سجائر ! وحين ينتهي الصيف المقبل يسأل إن كان قد نجح ابنه في السنة الماضية.. ! و لا ينتبه لضعف الولد حتى يسأله فجأة أمام عمه القادم من فرنسا عن إسم العدس بالفرنسية ! وحين يصطدم بالجواب المعدوم يلصق التهمة كلها في المعلم ! لم يدرسوكم شيئا هؤلاء الـ.. !! وكأن إسم العدس بالفرنسية سيوصل الانسان للقمر !
تتضارب المسؤوليات ،الآباء يلصقون التهمة في إضرابات الأساتذة ، و الأساتذة يشتكون من أولاد غير مهتمين بالمرة وأسر لا تتابع أولادها ،ويرجعون التدهور للوزارة ،و الوزير يزيد أسبوعا في الدراسة و كأن الأسبوع سيحل مشكلة البحث العلمي !
أما سياستنا فهي الطامة التي تجمع كل مفاتن التبرير !فكل جهنم السياسية و الاجتماعية التي نعيشها أنزلت علينا تنزيلا من الحكومات و الأنظمة ! وكل المشاريع المجهضة و الماتشات الخاسرة سببها "هم" !
وكل الفساد الذي يستشري سببه تخلف الشعوب و عدم قدرتها على استيعاب التحولات التي فهمها الحاكمون بعقولهم الخارقة ! و كل سبب أزمة السكن و الشغل تنبع من أمية من يمضي وقت فراغه في فراش الزوجية بدل الذهاب إلأى المسرح !
هي تلصيقات على أية حال ، منها الكثير مما يشير إلى تهرب الجميع في بلادنا من المسؤولية ،ومن الخطإ ،ومن الخوف من الاعتراف بالفشل و الهزيمة ! ماذا ننتظر من شعب بكامله ،بنخبه و مفكريه و معارضته و حاكميه ينبني فكرهم على التبرير بدل شرف الإعادة من الصفر..
لا أظن أن شعبا أو شعوبا تبدأ عندها فكرة المؤامرة من ثقافة التبرير هذه يمكنها أن تأخذ طريق المستقبل..
وحتى لا نُتهم بالعدمية فإنني أرى أن الأمر سهل جدا يبدأ من أول الحكاية :
أنا من قطع أصبعي بالسكين !
الطفل هو الذي ضرب الحائط !



#محمد_المراكشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمزمي و الزوجة الميتة..!
- حيا الله من يانا.. !
- الحب في زمن الموت..
- درس فرانكو...
- لا الليل لا الخيل لا البيداء تعرفك.. !
- هزائم شطرنج..
- الحول.. !! ( إلى رشيد نيني ..)
- البرونزاج في الأول من مايو !
- الحصير هو الحل !
- العرب أول من اخترع الفيسبوك !
- بيكيني الحكومة المثقوب !
- من الهيبيزم إلى ثورة الهيب هوب..
- ايميلات مزعجة !!
- سيكولوجية القرعة* !!
- الجريدة الأكثرمبيعا في المغرب..
- الأرض فيها العطر و النساء..
- القرقوبي في لسان العرب!!
- خيل الحكومة..
- حين يغضب فبراير!
- الشعب يريد..البارصا و ريال مدريد!


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - ضربني الحائط..!