أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعدون محسن ضمد - كراهيتنا سوداء














المزيد.....

كراهيتنا سوداء


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 3364 - 2011 / 5 / 13 - 18:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعرَّض أحد الأطفال للضرب بكثرة من قبل زملائه في المدرسة، وهو أمر مألوف في المدارس الابتدائية، لكن ما أثار حفيظة معلمه أنه يتعرض للضرب بكثرة مع أنه قوي البنية ويستطيع الدفاع عن نفسه، ما دفعه للتحقيق مع التلاميذ، وسرعان ما اكتشف أن سبب الضرب طائفي، وأن الطفل يتعرض لاعتداء جماعي، ومن قبل أكثر من زميل؛ لأنه الوحيد الذي ينتمي لمذهب مختلف عن مذهب بقية تلاميذ المدرسة.. يقول المعلم الشاهد على هذه الكارثة: بعد جهد مكثف استطعت أن أقنع التلاميذ، أن اختلاف زميلهم عنهم بالمعتقد، يجب أن يكون مبعثاً لاعتزازهم به لا لاحتقارهم واضطهادهم له، لأنه يمثل ملمحاً من ملامح وجه العراق الأخرى، وهذه ميزة تستحق اعتزازهم وحمايتهم، وأنهم بضربهم له لا يختلفون عن الإرهابيين الذين يفجرون الأبرياء يومياً لمجرد اختلافهم.
هذه الحادثة تطرح التمييز الطائفي بشكله الواقعي الفج، وهي تكشف حقيقة كرهنا لبعضنا، هذه الحقيقة التي تجلَّت بشكل صارخ بالعنف الذي مارسه الأطفال ضد زميلهم، إذ الأطفال أكثر برائة من أن ينافقوا أو يخفوا مشاعرهم. الأمر الذي يكشف عن أننَّا فعلاً نخاف من بعضنا، ونشك ببعضنا، ونكره بعضنا البعض!! وليست قصَّة الطفل المُضطهد أعلاه، وحدها التي تواجهنا بهذا المرض، بل كل فعاليات حياتنا التي تضطرُّنا للاحتكاك مع بعضنا البعض، تؤكد هذه الحقيقة. ولنأخذ مثالاً على ذلك النقاشات التي تحدث بيننا يومياً، على صفحات الفيس بوك، فما أن يثار موضوع ما من تلك التي تثير الاختلاف أو تشير إليه ولو من بعيد، حتى تبدأ التلميحات والتلوحيات، وتثار الشكوك وتبدأ الاتهامات.. أيّ موضوع ومهما كانت علاقته بالطائفية بعيدة، يتجه بالنقاش اتجاهين؛ اتجاه يلعن الارتماء بأحضان إيران، واتجاه آخر يشْتُم الولاء للسعودية. وهذا الموضوع مخيف في الحقيقة، وهو يثير الشكوك حول حقيقة كوننا شعب واحد أم شعوب متعدِّدة!! وحول حقيقة كوننا بلد واحد أم بلدان متعددة؟
ما فائدة ثرثراتنا التي ندَّعي فيها تمسكنا بوحدة العراق، إذا كان السنّي العراقي يشعر بأنه غريب وهو يتجول في محافظة ميسان أو ذي قار، أكثر من شعوره بالغربة وهو يتجول بأرجاء أي مدينة عربية (سنيَّة)؟ ما فائدة شعاراتنا التي نهاجم فيها المساعي الهادفة إلى تقسيم العراق، إذا كان الشيعي العراقي يشعر بالأمان وهو يتجول في مدينة قم أكثر من شعوره بالأمان وهو يتجول في أي من مدن البلاد العربية (السنّية)؟ الحقيقة التي كشفتها برائة الأطفال أن الطائفية ليست لعنة السياسيين وحدهم، بل هي لعنتنا نحن جميعاً..
إذا كنّا نُرضع أطفالنا كره العراقي المختلف وندفعهم ـ بصورة مباشرة أو غير مباشرة ـ لضربه أو احتقاره أو إهانته، فهذا يعني أننا أكثر شراً من جميع السياسيين الذين نشتكي يومياً من طائفيتهم.. ما يجعلنا وجهاً لوجه أزاء أسئلة التقسيم، أزاء مصير العراق الواحد، وأزاء مسؤولية اختيارنا.. الاختيار بين تقطيع أوصال العراق أم الحفاظ على جسده معافى.
ما يجب علينا أن نقف عنده هو حقدنا على بعضنا، وإذا لم يغسل كل واحد منّا قلبه من أدران هذا الحقد، فهذا يعني بأن كلاً منا يمسك بسكين، سوداء ومشؤومة، ويطعن بها جسد العراق بحقد ولؤم كبيرين.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزارة حقوق الإنسان
- التيار الصدري
- سادتي الأفاضل
- ميدان ئازادي
- غناء في السياسة
- لحظة المصير
- سادة الشوارع
- لقاء الرئيس
- حزب الفيس بوك
- نريد أن نعرف
- مراسلو الفيس بوك
- الجياع يتجمعون
- أقل الثلاثة شراً
- مشنقة لمبارك في بغداد
- ديدن المناضلين
- شراكة الاضعف
- تعالوا نؤسلم المجتمع
- الملثمون
- أسلمة المجتمع
- أحمد القبانجي


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعدون محسن ضمد - كراهيتنا سوداء