عدو ما بعد القتل : عن صور جثة بن لادن

شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3364 - 2011 / 5 / 13 - 11:57
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

يبدو أن الأدارة الأمريكية التي تحذرنا كثيرا من مشاهدة صور جثة الأرهابي القتيل أسامة بن لادن ، تعمل وعلى أعلى المستويات لأرشاد العالم الى لغة الصورة وما تحمله من تأويلات وتداعيات خطيرة وإنها تتماها كثيرا مع مقولة أن العالم صورة . فمثلما كانت أجهزة الأستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية تعمل على تحليل خطابات وصور بن لادن وما يرتديه من ملابس وحتى الساعة التي في يده ، لتزيد من أتساع هالة الفزع والرعب التي أحيط بها ، فها هي أدارة البيت الأبيض تجعل من صور جثة هامدة لغزا محيرا وكأن هذه الجثة ستتحول الى منقذ لما يعيشه العالم من خوف ورعب وارهاب وحروب متواصلة أو ربما للأيغال في ممارسة الثأر من الفتى المارق الذي خرق كل شيء وتحول الى العدو رقم واحد . هذا الثار الذي يجعلها لا تتوقف عن الأشادة بعناصر المجموعة الخاصة التي قامت بعملية تصفية بن لادن والتخلص منه في عرض البحر وقدرتهم على تحويل صورة جثة قتيل الى هاجس مرعب حتى بعد موته .

أسهب (جيمس أينهوف ) عضو الكونكرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري كثيرا وهو يحلل صور الجثة العتيدة التي حضي بمشاهدتها ، كأنها كنز لايقدر بثمن ، وأذا ماكانت لأسامة بن لادن أم لشخص أخر غيره وعدد الطلقات التي أخترقت الجثة ومواضعها القاتله واللحضات الفاصلة بين الحياة والموت ولقد ذكرنا أينهوف هذا بتصريحاته النارية حول صور التعذيب التي تم نشرها لسجناء في سجن ( ابو غريب ) في بغداد خلال السنوات الماضية .

ترى متى كانت صورة بن لادن جميلة ومسلية ، خصوصا وأنها عادة ما كانت تنشر ويتم التركيز عليها من قبل وسائل الأعلام بشكل لافت ومثير وكأنها نذير شوؤم وعلامة للمخاطر المحدقة بالعالم والتهديد المتواصل بعمليات قتل وتفجير واسعة النطاق ، حتى تحذرنا أدارة البيت الأبيض من مشاهدتها بعد موته ؟ مرة قالوا مرعبة ومفزعة ، ومرة قالوا لمراعاة وضع الجثة بعد القتل . لكنها ستبقى لغزا حتى تستنفذ طاقتها على التوظيف في الحملات الدعائية والأنتخابية وأسكات الخصوم .

يجب أن يعيش العالم في حالة متواصلة من الخوف والفزع ، هذا ما تريده الأدارة الأمريكية ، ولأجل ذلك لا بد من وجود عدو ما وتهويل ما سيحل بالعالم بسببه حتى لو كان صورة جثة .

#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات