أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم خليل العلاف - شخصية الموصل ودورها الحضاري















المزيد.....

شخصية الموصل ودورها الحضاري


ابراهيم خليل العلاف

الحوار المتمدن-العدد: 3363 - 2011 / 5 / 12 - 13:20
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



حمدت الله ، عندما كلفتني كلية العلوم الإسلامية من خلال عميدها الصديق الهمام الأستاذ الدكتور عبد الله الظاهر ،أن أكون المتكلم الأول في نشاطها العلمي هذا ..وقد اخترت الموصل وشخصيتها ، ودورها الحضاري، موضوعا للحديث.. وتلك فرصة لنا لان نقف عند مدينتنا العزيزة ، ومحافظة نينوى لنذكر بوجوب إقالتها من عثرتها ، والارتفاع بها من المستوى الذي وصلت إليه وإعادتها إلى القها الذين عرفناه عنها منذ بدء عصور التاريخ .
والموصل .. اخواني ..اخواتي .. ليست مدينة فحسب إنها حضارة ،وهي تاريخ وتراث وموقف ودور ولقد انتبه إلى ذلك البلدانيون والجغرافيون العرب وغيرهم وأكدوا على أن الموصل مصر إقليم الجزيرة ..بلد جليل ..حسن البناء.. طيب الهواء كثير الملوك والمشايخ لا يخلو من إسناد وفقيه مذكور ..هكذا قال عنها شمس الدين أبو عبد الله البناء المقدسي البشاري 390 هجرية -1000 ميلادية ).أما أبو القاسم محمد علي الموصلي البغدادي المعروف ب "ابن حوقل" (367 هجرية -977 ميلادية ) ، فقد وصف الموصل بأنها من أكابر البلدان.. عظيمة الشأن بها لكل جنس من الأسواق الاثنان والأربعة والثلاثة مما يكون في السوق المائة حانوت وزائد . وفيها من الفنادق والمحال والحمامات والرحاب والساحات والعمارات ما دعت إليها سكان البلاد النائية فقطنوها وجذبتهم إليها برخص أسعارها .وعني الموصليون بمدينتهم فشيدوا الأبنية الفخمة وزينوها بزخارف جميلة وغرسوا في دورهم وقصورهم الرياحين والأزهار والأشجار المثمرة .ينساب الماء في جداول إلى برك وأحواض يخرج منها نافورات وبين أشجارها الحيوانات الجميلة وعلى أشجارها الطيور المغردة ووصف السري الرفاه المتوفى سنة 360 هجرية -971 ميلادية مدينته بقصائد جميلة صورت لنا ماكانت عليه الموصل من جمال التنسيق..ودقة الفن .هذه هي الموصل كما أدركتها أنا على الأقل ومجايليي من أبناء مابعد الحرب العالمية الثانية . واستطيع أن أقول أنها كانت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي أجمل وأرقى مما هي عليه الآن بالرغم من مرور أكثر من 50 سنة على تلك الفترة ....إذا لننهض بالموصل ولتتضافر جهودنا من اجل هذا الهدف النبيل .
والموصل مركز محافظة نينوى، مدينة قديمة.. لها تاريخ عريق.وقد ارتبط تاريخها بتاريخ مدينة نينوى، عاصمة الإمبراطورية الأشورية، مدينة يونس صاحب الحوت عليه السلام. ولايتسع هنا المجال للغور في تاريخ الموصل القديم أو الإسلامي وحتى الحديث، فذلك معروف ،ولكن الأمر الذي نود هنا أن نؤكده بان الموصل كمحافظة، وكمدينة، اكتسبت عبر العصور التاريخية "شخصية حضارية". وقد ارتفع شأنها منذ أن تمكن العرب المسلمون من فتحها سنة 16 هجرية/ 637 ميلادية وذلك في عهد خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد انتصارهم على الفرس الساسانيين في معركة القادسية المشهورة.
وعظم شأن الموصل منذ ذلك الوقت، وغدت قاعدة بارزة من قواعد العرب والمسلمين فجاهدت وأمدت الجيوش العربية بعدد كبير من قادة الفتح وجنوده .ومنها انطلقت الجيوش لحمل الرسالة الإسلامية لفتح أذربيجان والجزيرة .كما اتخذت مرات عديدة مقرا للإدارة وعاصمة لإقليم الجزيرة ومركزا عسكريا للدفاع عن حدود الدولة الإسلامية الشمالية الشرقية.
ومن الطبيعي، والموصل تتميز بهذا الموقع الجغرافي والاستراتيجي المهم على طريق التجارة وقوافلها . فضلاً عن اعتدال مناخها ،وخصوبة تربتها ،وكثرة قراها ومزارعها أن يكون لها الدور الكبير في كل عصور التاريخ اللاحقة.. وقد زارها الرحالة العرب والأجانب وأشادوا بها وبأهلها . فهذا ابن بطوطة الرحالة المغربي المعروف يصف الموصليين (( بان لهم مكارم الأخلاق ،ولين كلام، وفضيلة وحب للغريب،وإقبال عليه.(( أما ياقوت الحموي فقال عنهم : ((أنهم أصحاب مروءة واعتدال)).
عندما جاء العرب فاتحين للموصل وجدوا إخوانهم ومنهم النصارى ،في استقبالهم حتى أن أحياء الموصل ومحلاتها لاتزال تحمل أسماء القبائل التي وفدت إلى الموصل ايامئذ ومنها خزرج ،والأوس، والمشاهدة،وثقيف والخواتنة ،والعكيدات.
وقد حظيت الموصل باهتمام المؤرخين ،ولدينا كتب ومصنفات كثيرة تتناول تاريخ الموصل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي سواء في عهد حكومة الراشدين أو الأمويين أو العباسيين أو الحمدانيين أو العقليين أو الاتابكيين أو العثمانيين.
وحين ضعفت الحكومة المركزية ببغداد، أقدم أهل الموصل على تنظيم أنفسهم، وإقامة كيانهم السياسي الخاص بهم . وقد تكرر ذلك مرات عديدة لعل آخرها انفرادهم بحكم أنفسهم بأنفسهم خلال عهد الجليليين وقد استمر ذلك بين سنتي 1726و 1834. وقد تصدت الموصل للغزاة وأسهمت في مقاومة الصليبيين الذين هددوا العالمين العربي والإسلامي منذ القرن الحادي عشر الميلادي (الخامس الهجري) حتى القرن الثالث عشر الميلادي (السابع الهجري).
من منا لايتذكر عماد الدين زنكي،ونور الدين زنكي، والجامع النوري الكبير ومنارته الحدباء شاهد على ذلك العصر الذي تحملت الموصل عبره مسؤولية الجهاد ضد التجزئة .. وضد الغزاة الصليبيين القادمين من الغرب والذين هددوا المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين ومدينة القدس.. مدينة الإسراء والمعراج .. مدينة السلام.. والموصل هي موطن الحضارات، وحضارة الأشوريين معروفة وإضافتهم للحضارة الإنسانية تقف اليوم لتعلن بان الموصل - نينوى قدمت للإنسانية الكثير ابتداء من الزراعة وانتهاء بالعلوم والرياضيات مروراًَ بالعجلة والمعمار.
لقد قاومت الموصل الغزاة المغول 1260م .كما قاومت أيام حصار نادر شاه 1743 م والذي يعد من أبرز الأحداث التي وقعت في العالم الإسلامي خلال القرن الثامن عشر الميلادي.. وقصة دفاع الموصل ، ومقاومة الغزاة الفرس بقيادة الحاج حسين باشا الجليلي (1703-1757) قصة متداولة .وقد فشل نادر شاه في اقتحام المدينة .. ويقول المؤرخون أن حصار الموصل استغرق أربعين يوما بدا يوم 14 أيلول 1743 وانتهى يوم 23 تشرين الأول 1743 . ولم يشهد العالم حصار أية مدينة بمثل تلك القوة (ربع مليون مقاتل) إلا إذا استثنينا حصار نابليون لمدينة موسكو بـ (400) ألف مقاتل.
الموصل اذن تمتلك تاريخا ثرا .. ومقاومتها للغزاة الانكليز في الحرب العالمية الأولى ومابعدها لاتزال شاخصة، وحركتها الوطنية ورجالها الأفذاذ، ودفاعها عن الأرض والعرض يضرب به المثل.لقد كان للموصليين دور مشهود في إقامة الدولة العراقية الحديثة وديمومتها .كما لهم دورهم في تأسيس الجيش العراقي 1920 وقد أسهموا في كل الأحداث التي شهدها العراق وشهدتها البلاد العربية ومنها فلسطين والجزائر وسوريا والخليج العربي بعد الحرب العالمية الأولى .
لم يقبل الموصليون المذلة، ولم يخفضوا رؤوسهم إلا لله عز وجل.. وهم معروفون بأنهم فرديون لكنهم متحضرون .. وعلى وعي كبير بما يحيط بهم من أحداث .. لايصبرون على ضيم.. ولكنهم نظاميون يؤمنون بقيمة النظام ،ولايعطون ولائهم بسرعة ،ولا يميلون للفوضى، ويعتزون بمدينتهم وبالعراق وبتاريخهم ،وتراثهم، وبرجالاتهم الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم من اجل رفعة الوطن والدين والأمة.. وقد امتزجت عقيدتهم الإسلامية بوعيهم القوى بعروبتهم.. ومن هنا فان شخصية الموصل شخصية ذات ثلاث أبعاد،، (بعد وطني) و (بعد عربي) و(بعد إسلامي).. وليس من السهولة لأحد أن يغير في تراتبية هذه الأبعاد.. وهم عراقيون .. اعتزوا بعراقيتهم وظهر ذلك في أكثر من مناسبة.. وقد شهدت ساحتهم السياسية والاجتماعية هذه الحقيقة واضحة في كل المناسبات والأحداث.
دعوة مخلصة ونداء صادق للجميع من ابناء الموصل وابناء العراق .. ان يتذكروا بان الموصل رأس العراق، والحفاظ على الموصل والعناية بها وبتطويرها ، وإدراك قيمتها الإستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية مسالة ينبغي أن تكون في مقدمة الاولويات التي تؤخذ بالاعتبار، ونسيج الموصل- نينوى، الاجتماعي المتسم بالتنوع دليل قوة ،ودليل خير، ودليل عافية .ونحن على يقين أن الجميع يعلمون هذه الحقيقة بل ويتصرفون بموجبها .. حفظ الله العراق وأعان أهله، وحفظ الموصل الحدباء أم الربيعين ..أم العلا المحروسة بأذن الله .
*نص المحاضرة الافتتاحية التي ألقاها الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف في الندوة السابعة لكلية العلوم الإسلامية –جامعة الموصل حول دور علماء الموصل في نشر العلوم الشرعية 9 مايس 2011 .



#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة الصالحة
- مراقبة ظاهرة التصحر وتأثيراتها البيئية في ندوة مركز التحسس ا ...
- سالم حسين الطائي ..الإعلامي الموصلي المتميز
- العشوائية
- العلم .. والثقافة
- خيري أمين العمري 1926 – 2003 والتأريخ للعراق المعاصر
- القاص عبد الحميد التحافي 1933- 2009 ..وقفة تذكر
- الدكتور أحمد قاسم الجمعة مؤرخا
- حاجتنا الى(( فضائية التقدم)) ضرورة انسانية !!
- كلية الدراسات التاريخية في جامعة البصرة تعقد مؤتمرها الإقليم ...
- لنستذكر الدكتور ماجد عبد الرضا
- مجلة الثقافة ..مجلة المجموعة الثقافية في الموصل 1958
- وحدة العراق واستقراره في عالم متغير
- فؤاد قزانجي المفهرس المكتبي العراقي
- احمد سامي الجلبي وكتابه : -صفحات مطوية من تاريخ الصحافة المو ...
- 35 عاما على تأسيس كلية التربية بجامعة الموصل
- الجنوب اليمني وتطوراته السياسية في كتاب جديد
- الدكتور غازي القصيبي.. الصوت الجرئ في المجتمع المحافظ
- الدكتور سلمان خيري محمد طعمة الزعبي مؤرخا
- لمناسبة الاحتفال باليوبيل الفضي ومرور 25 سنة على تأسيسه :نبذ ...


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم خليل العلاف - شخصية الموصل ودورها الحضاري