أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - مأساة الثقة العمياء














المزيد.....

مأساة الثقة العمياء


واثق غازي عبدالنبي

الحوار المتمدن-العدد: 3363 - 2011 / 5 / 12 - 08:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعل حوادث طائرات البوينغ كثيرة، ولكننا نود أن نقص لكم واحدة منها، لأننا نعتقد أن فيها عبرة لنا. فقبل إجراء التحقيق في أسباب سقوط إحدى طائرات البوينغ كان يُعتقد أن عطل محركي الطائرة معاً هو السبب، ولكن الاطلاع على التسجيلات الصوتية لحوار الطيار مع مساعده أثبت خلاف ذلك. فما حصل هو أن أحد وليس كلا المحركين قد تعطل. فقد شاهد الركاب عبر نوافذ الطائرة حزاماً من اللهب ينبعث من المحرك الأيسر لها. ولكن ما حدث هو أن الطيار ومساعده اعتقدا خطئاً أن المحرك الأيمن هو الذي تعرض للعطل وسبب ارتجاج الطائرة بشكل عنيف، لذلك قاما بإيقافه عن العمل، أي أنهما أوقفا المحرك السليم وابقيا على المحرك العاطل. وبسبب ظروف تقنية خاصة بكمية الوقود الواصل إلى المحركات، توقف الارتجاف حال إيقاف المحرك السليم، وهذا ما عزز فكرة كونه هو المسئول عن ارتجاف الطائرة. ولكن بعد دقائق قليلة توقف المحرك الأيسر عن العمل بصورة نهائية، وسقطت الطائرة متسببة بمقتل (47) راكباً من مجموع (126) راكباً.

عندما سُئل الناجين عن سبب عدم تنبيه الطيار ومساعده للخطأ الذي وقعا فيه، خصوصاً وأنهما اخبرا الركاب عبر الميكرفون بإيقاف المحرك الأيمن، وكان الركاب عبر النوافذ يرون النار تنبعث من المحرك الأيسر، قال الركاب: (إننا كنا نعتقد أن الطيار ومساعده يعرفان ما يفعلان وأنهما اقدر على حل المشكلة منا، لم نكن نعتقد أنهما يمكن أن يخطئا مثل هذا الخطأ الكارثي). هذه الثقة العمياء التي منحها الركاب للطيار ومساعده كانت السبب في كارثة السقوط ووفاة عدد من الركاب. إنها مأساة الثقة العمياء، فلو توجه واحد فقط من الركاب لتنبيه الطيار ومساعده لخطئهما لربما كان الأمر قد اختلف تماماً.

إذن، ما هي العبرة التي نتعلمها من هذا الحادث؟ أنها ببساطة لا تثق ثقة عمياء بمن تعتقد أنهم أكثر معرفة منك، فلربما يخطئون أو يسيئون حل المشكلة. وهذه العبرة ضرورية جداً لنا، خصوصاً نحن العرب، الذين تعودنا أن نثق بشخصيات قد لا تكون مستحقة لهذه الثقة. إننا كثيراً ما نعتمد على الآخرين في حل مشاكلنا، وهذا ما يزيد من تعقيد مشاكلنا، ويعظم كوارثنا. إننا عادة نؤمن بمن لا يستحقون الإيمان، ونقدس من لا يستحقون التقديس، ونثق بمن لا يستحقون الثقة. إن عبارات من مثل (ضعها برأس العالم وأخرج منها سالم) والتي يرددها العراقيون كثيراً، قد تكون هي السبب في الكثير من مشاكلهم وهمومهم، كما أن العبارات المماثلة التي يرددها أبناء الشعوب العربية الأخرى قد تكون هي أيضاً المسئولة عن العديد من مشاكلهم وهمومهم.

لعل من ابرز الذين نثق بهم بصورة مبالغة، على الرغم من عدم استحقاق الكثير منهم لهذه الثقة، هم رجال الدين ورجال السياسة. فرجال الدين يدّعون احتكار الحقيقة ورجال السياسة يدّعون احتكار الحكمة. والمشكلة أن من بيننا من يصدق هذه الادعاءات. إن اعتقادنا بأحقية رجال الدين، وحكمة رجال السياسة هو المسئول عن الكثير من أزماتنا وكوارثنا، لذلك إذا أردنا أن يصبح حالنا أفضل علينا أن ننزع الثقة العمياء عن رجال الدين والسياسة، وعلينا أن نشك في صحة ما يقولون، ونتدخل في وضع الحلول، حتى لا يستمر تساقط طائرات الحياة بنا، واستمرار الخسائر في الأرواح والأموال.

بعد انتهاء التحقيق في سقوط الطائرة واثبات الخطأ الذي وقع فيه الطيار ومساعده، أصدرت جميع شركات الطيران توجيهاً إلى طياريها يلزمهم بالسماح للركاب أن يبدوا آراءهم ومقترحاتهم في حالة حدوث مشكلة أثناء رحلة الطيران. فهل نتوقع مثل هذا التوجيه الذي يلزم رجال الدين والسياسة بأن يأخذوا رأي الشعوب في الفتاوى أو القرارات السياسية التي يصدرونها أثناء فترات الأزمات التي كثيراً ما تنتاب مجتمعاتنا؟ هذا ما لا نتوقع حدوثه.



#واثق_غازي_عبدالنبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم جيش الله المسيحي
- جرائم عقيدة المخلص
- توليستوي والمسيحية
- حزام الكتاب المقدس .. ثلاث حكايات عن أحتكار الحقيقة في أمريك ...
- نقد فكرة المقدس
- عقائدنا من صنع المحيطين بنا
- العقيدة الدينية ومنهج الشك
- في معنى الدين والتدين
- مجرمون ولكن لا يشعرون
- أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. لا تنمية ولا استقرار بدو ...


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...
- الراهب المسيحي كعدي يكشف عن سر محبة المسيحيين لآل البيت(ع) ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - مأساة الثقة العمياء