أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ماركسيون بلا ماركس















المزيد.....

ماركسيون بلا ماركس


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3360 - 2011 / 5 / 9 - 17:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



ليس ثمة أدنى شك في أن الطبقة الوسطى، ومنذ انهيار النظام الرأسمالي في سبعينيات القرن الماضي، شكلت وما زالت تشكل العدو الرئيسي للبروليتاريا، حيث كان الرأسماليون سابقاً، قبل انهيار النظام الرأسالي، يسرقون أقل من خُمس أو سدس إنتاج البروليتاريا على شكل فائض القيمة، لكن الطبقة الوسطى اليوم تسرق أكثر من نصف إنتاج البروليتاريا من خلال تعطيل نفاذ قانون القيمة الرأسمالية فيما يتعلق بإنتاج الخدمات بادعاء أنه إنتاج معرفي وقيمة المعرفة لا تقارن بقيمة الجهد العضلي ــ ولكأن هؤلاء المعرفيين كانوا قد دفعوا أثمان المعارف التي تحصلوا عليها، أو لكأن معارفهم تستهلك نهائيا فلا تعود موجودة مع نهاية كل يوم عمل وكلفة إعادة إنتاجها عالية جداً !!! وبناء عليه تستولي الطبقة الوسطى صاحبة الإنتاج المعرفي، وكلها من الخدمات، على أكثر من 75% من إنتاج البروليتاريا المادي دون مقابل، أو مقابل أقل من 10% من القيمة الفعلية وليس الإسمية للخدمات وهو ما ينعكس فقط في زيادة الإنتاج المادي. من هنا أصبح حجم الطبقة الوسطى مؤخراً يساوي أكثر من ثلاثة أمثال حجم طبقة البروليتاريا حتى في البلدان الصناعية الكلاسيكية، وقد أخذت هذه الطبقة الطفيلية تعيش بكامل استهلاكها الواسع على حساب البروليتاريا والعاملين في الزراعة. الحقيقة الهامة جداً والتي لا يجوز تجاوزها هي أن النظام الرأسمالي لا ينتعش ويتطور إلاّ إذا رافقه إنتعاش وتطور طبقة البروليتاريا. ولذلك قال ماركس عبارته الشهيرة، " الرأسماليون هم حفارو قبورهم ". والعكس صحيح أيضاً فذبول طبقة البروليتاريا وفقدان أكثر من 60% من حجمها في الدول الرأسمالية الكلاسيكية في خمسينيات القرن الماضي لهو دليل قاطع على انهيار النظام الرأسمالي وفقدان نفس النسبة من حجمه السابق. بعض قصيري النظر يجادلون في أن انكماش طبقة البروليتاريا الحالي نجم عن تطور أدوات الإنتاج وليس عن انهيار النظام الرأسالي، هؤلاء الجهلاء بعلم الإقتصاد لا يعرفون أن البنية الطبيعية للنظام الرأسمالي تقوم كلية على الإتجار بقوى العمل البشري وليس بأدوات الإنتاج، ففائض القيمة، وهو الهدف الأول والأخير للنظام الرأسمالي، يتم تحصيله من العمال وليس من أدوات الإنتاج. وهنا تستذكر إحدى النتائج التي توصل إليها ماركس وهي أن التطور الدائم لأدوات الإنتاج يعمل على ميل معدل الربح إلى الإنخفاض وعلى تقصير عمر النظام الرأسمالي بالتالي.

التناقض الهجين الفاعل اليوم بين البورجوازية الوضيعة (الطبقة الوسطى) من جهة والبروليتاريا من جهة أخري، ويستنزف الأخيرة إلى ما دون الرمق الأخير، تتمثل هجانته في أنه لا ينبثق من داخل عملية الإنتاج كما كان الحال بين الطبقة المستغِلّة سواء كانت السادة في العبودية أم الإقطاعيين في النظام الإقطاعي، أم الرأسماليين في النظام الرأسمالي، وبين الطبقة المستغَلّة سواء كانت العبيد أم الأقنان أم البروليتاريا على الترتيب. التناقض الهجين اليوم ينبثق من عملية التبادل وليس من عملية الإنتاج. وما يضيف إلى هجانته هو أنه يجري خارج السوق وليس داخلة حيث أن الإنتاج المعرفي أو الخدمات هو إنتاج كسيح ليس له القدرة وحيداً لأن يصل إلى السوق وبذلك يفتقد الصنمية التي تحكم ميكانزم التبادل في السوق. خارج السوق يتعطل نفاذ قانون القيمة الرأسمالية، وتتم مبادلة الخدمات كمنتوج معرفي متميّز عن السلعة، ويساعد في ذلك أن المبادلة تتم بالنقد وقد ضعفت قيمته السوقية. لن يكون الماركسيون والشيوعيون أمناء لماركس ولينين ما لم يدركوا مسبقاً أن النظام الرأسمالي كان قد انهار في سبعينيات القرن الماضي، انهار دون أن ينتقل العالم إلى ثورة اشتراكية، كما كان قد إرتأى كل من ماركس ولينين، بسبب سد طارئ بالغ الصعوبة اعترض مجرى الثورة أقامته الطبقة الوسطى بغياب وعي بروليتاري حصيف بعد رحيل ستالين. كان من الطبيعي بالطبع أن يرافق انهيار النظام الرأسمالي العالمي تراجع التناقض الرأسمالي الرئيس (قوى إنتاج/علاقات إنتاج) أو (عمال/رأسماليون) إلى تناقض ثانوي ليحل محله تناقض هجين وطارئ متطفل على مسار التاريخ وهو (قوى إنتاج/علاقات تبادل) أو (عمال/بورجوازية وضيعة). إنه هجين وطارئ رغم أن ماركس وإنجلز كانا قد تحدثا عنه في البيان الشيوعي قبل أكثر من 160 عاماً، لكنه لم يخطر ببالهما أن تتم مبادلة الخدمات على أنها إنتاج معرفي تختلف نوعياً وفي معايير قيمتها عن الإنتاج المادي، أو أن تقوم يوماً دولة للطبقة الوسطى تعنى بإنتاج الخدمات وتسويقها على حساب البروليتاريا. لم يخطر ببالهما أن سكة التاريخ ستنحرف يوماً مثل هذا الإنحراف الخطير الذي يتهدد مصير البشرية جمعاء بكارثة كونية ــ ناقش ماركس كل دقيقة من دقائق النظام الرأسمالي في مؤلفه الشهير " رأس المال " (Das Capital) دون أن يرد إلى فكره أن للخدمة قيمة "معرفية" تختلف نوعاً عن قيمة السلعة، كما عليه الحال خارج النظام الرأسالي، طالما أن الإثنتين، الخدمة والسلعة، هما في النهاية تجسيد للجهد البشري الذي معدل كلفة إعادة إنتاجه في المجتمع المعني معروف وهو المعيار الوحيد للقيمة الرأسمالية.

الماركسيون الذين خرجوا من إطار الماركسية قبل وبعد انهيار الإتحاد السوفياتي ينكرون قطعياً أن التناقض الرئيس قد غدا، حال تعميم الإقتصاد الإستهلاكي (Consumerism) منذ سبعينيات القرن الماضي بصورة خاصة، بين الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة، من جهة وبين طبقة البروليتاريا من جهة أخرى. ينكرون ذلك للإدعاء بأن التناقض الرأسمالي ما زال هو التناقض الرئيس، وهو الإدعاء الكاذب الذي من شأنه أن يغطي على خروج هؤلاء " الماركسيين " الفعلي من الإطار الماركسي . يدّعون بهذا لكن أحداً منهم لا يعمل على تطوير وتفعيل هذا التناقض كما يتركّز العمل الشيوعي الكلاسيكي، الأمر الذي يدل دلالة قطعية على نفاقهم وعلى خروجهم من إطار الماركسية المحدد. الرائد المثل وعراب هؤلاء الخارجين على الماركسية كان وسيبقى نيكيتا خروشتشوف الذي كان يتوعد الرأسماليين بأنه سيدفنهم قريباً ويرفع صوته عالياً من أجل أن يخدع البروليتاريا السوفياتية على أنه لم يعد هناك من تناقض مع البورجوازية الوضيعة السوفياتية ويعلن رسمياً إلغاء الصراع الطبقي في العام 1959 ويقيم ما سماه " دولة الشعب كله " . يصرخ عالياً متوعداً الرأسماليين بالفناء القريب لكنه يجهد عملياً للتصالح معهم تحت عناوين " التعايش السلمي " و " إطفاء بؤر التوتر " و " الإنتقال السلمي للإشتراكية " و " الإلتقاء في منتصف الطريق "، وكل هذه الشعارات التي يخجل بها حتى مرتد من مثل كارل كاوتسكي ولا تليق إلا بخائن من مثل إدوارد بيرنشتاين. ينكر الماركسيون بلا ماركس اليوم أن التناقض اللاعب الرئيس على المسرح الدولي هو التناقض بين البورجوازية الوضيعة (الطبقة الوسطى) والبروليتاريا ــ ينكرون هذا لأنهم هم أنفسهم من البورجوازية الوضيعة، فهم يصنفون أنفسهم على أنهم سياسيون ويعملون في السياسة وهم لذلك يرفضون إلغاء تقسيم العمل الذي يلغي فيما يلغي حرفتهم السياسية ــ ويؤكدون أن التناقض الرئيس ما زال هو التناقض الرأسمالي لأنه المبرر الوحيد لاحتفاظهم بحزب يحمل زوراً صفة الماركسي والشيوعي. ينتحلون الصفتين دون أن يكون لهم نصيب من العمل الشيوعي. لم يعد يرد في منشوراتهم أي من مفردات الماركسية والشيوعية، لا ماركس ولا لينين، لا الثورة ولا البروليتاريا، لا الإشتراكية ولا الشيوعية. استبدلوا كل المفردات البروليتارية الشيوعية بأخرى بورجوازية جوفاء وخالية من كل المعاني. ليت أحدهم يفسر أهدافهم الرئيسية الكبرى التي يلهجون بها صباح مساء وهي "الحرية" و "الديموقراطية" و "العدالة الإجتماعية"، وهي المفردات التي لا تنتمي من قريب أو بعيد إلى الأدب الماركسي، وهي أيضاً ليست ذات معنى حتى في الأدب البورجوازي ــ الحرية هنا لا تعني تحرير العمل، بل يتخيل بعضهم، مثل بقايا الأحزاب الشيوعية العربية، أن ثمة مشروعاً أميركياً صهيونياً يتهدد حرية واستقلال بلادهم التي لم يمسها المشروع بعد، وهو مشروع مصطنع موهوم لا يعمل إلا مبرراً لمقاومة لا تقاوم تفكك هذه الأحزاب. يمارس قادة هذه الأحزاب الكذب المفضوح، فالاستعمار كان من لزوميات دورة الإنتاج الرأسمالي من أجل استغلال المستعمرات من خلال تصدير فائض الإنتاج ورؤوس الأموال إليها. لكن أميركا التي كانت قلعة الإمبريالية فيما بعد الحرب العالمية الثانية لديها اليوم عجز في الإنتاج وفقر في رؤوس الأموال وتستوردهما من الصين "الشيوعية" كما غدا معلوماً لدى العامة، حتى تكاد أن تكون مستعمرة صينية. وأي ديموقراطية ينتصر لها هؤلاء الماركسيون بلا ماركس !؟ إنها الديموقراطية البورجوازية بالطبع التي كما يعلمون هم أنفسهم أن الديموقراطية البورجوازية لا تسلّم مقاليد الدولة إلا للذين يملكون، أما الذين لا يملكون، مثل البروليتاريا، فلن ينالهم من الدولة غير القمع والاستغلال، وهذا من الأحرف الأولى لألفباء الماركسية. الديموقراطية البورجوازية هي أقوى سلاح تستخدمه البورجوازية في صراعها ضد البروليتاريا. أما حكاية العدالة الإجتماعية فهي لا تثير الإستغراب فقط بل الضحك والسخرية أيضاً. نسأل هؤلاء الماركسيين بلا ماركس عن طبيعة تلك السلطة التي ستقيم العدالة الإجتماعية في المجتمع! أين هي تلك السلطة التي ستقيم العدل بين المستغِلّين والمستغَلين!؟ كل السلطات التي عرفتها البشرية حتى اليوم هي سلطات دنيوية، فإما أن تكون سلطة بورجوازية تحدد العادلة منها أن تكون نسبة استغلال العمال بحدود 10% بدلاً من 15% وإما أن تكون بروليتارية وتلغي أسباب العدالة والاستغلال معاً ودفعة واحدة. السلطات الدنيوية هي سلطات طبقية ولا يمكن أن تكون عادلة فالعدل ليس من طبيعة بنيتها. السلطة العادلة، "الحقانية" كما يستوجب وصفها، لم تتواجد إطلاقاً في عوالم الطبقات ولذلك لا يستطيع الماركسيون بلا ماركس استحضارها إلا من عوالم الآلهة، وليس في علمنا بعد أن الماركسيين بلا ماركس قد وجدوا خطوطاً للإتصال بالآلهة !!

لكن لماذا يصر هؤلاء على أن يستمروا ماركسيين بلا ماركس.!؟ يستمرون ماركسيين في الظاهر من أجل البقاء داخل بيت العمل الشيوعي كي يتمكنوا من تخريبه من داخله، فالعدو داخل البيت أكثر فتكاً وأمضى فعلاً من العدو خارجه. فهتلر الفاشستي الطاغي ومعه أقوى جيش في العالم تعداده أربعة ملايين مسلح بأسلحة هي الأكثرتطوراً آنذاك لم يستطع أن يهزم الإتحاد السوفياتي يقوده الحزب الشيوعي وعلى رأسه ستالين، وبالمقابل استطاع الغبي نيكيتا خروشتشوف يقود جيشاً من الفاسدين، من البورجوازية الوضيعة، أن ينتهي إلى تفكيك الإتحاد السوفياتي وانهياره بعد أن كان قد أصبح في الخمسينيات أقوى دولة في العالم. جميع هؤلاء " الماركسيين " هم من البورجوازية الوضيعة التي بطبيعتها الطبقية تعادي الإشتراكية وترفض الماركسية. إنها تقاتل ظفراً وناباً دفاعاً عن تقسيم العمل في وجه دولة دكتاتورية البروليتاريا التي وظيفتها الأولى والرئيسية هي القضاء على تقسيم العمل نهائياً وإلى الأبد. بعد رحيل القائد البروليتاري البولشفي جوزيف ستالين، ذي الحضور القاطع المانع بوصف تشيرتشل، انتقل القرار الوطني من هيئة أركان الحزب، المكتب السياسي، إلى هيئة أركان البورجوازية الوضيعة، الجنرالات في قيادة الجيش. هكذا تكلم خروشتشوف بعد أن استغنوا عن خدماته في العام 1964. الشيوعيون ذوو الأصول البورجوازية الوضيعة كانوا قد هللوا بحبور غامر لارتداد خروشتشوف على مشروع لينين الإشتراكي دون أية أسباب أخرى تدعوهم لذلك غير العداء للعبور الإشتراكي. ردة البورجوازية الوضيعة السوفياتية بقيادة خروشتشوف استظلت برايتين كاذبتين، راية الديموقراطية وراية إلغاء عبادة الفرد. لم تكن الثورة الإشتراكية في أزمة تستدعي غبيّاً مثل خروشتشوف ليتطفل عليها وينتقد قصورها المزعوم بعد أن كانت قد حققت نجاحات تاريخية كبرى مع دخولها النصف الثاني من القرن العشرين ــ سحقت ألمانيا النازية وأقامت سلطات اشتراكية في دول شرق أوروبا وأعادت إعمار الإتحاد السوفياتي خلال فترة قياسية، أطلقت ثورة عالمية للتحرر الوطني وتفكيك النظام الرأسمالي العالمي مثلما تم في السبعينيات، وقامت دولة عظمى اشتراكية في الصين بالإضافة إلى كوريا في الشمال وفيتنام في الجنوب وتقدمت الثورة في الإتحاد السوفياتي فكان برنامج الحزب في العام 1952 يقضي برفع مستوى حياة الشعب بقفزة كبيرة ومحو طبقة الفلاحين. لو لم يلغ قادة الجيش هذا البرنامج بعد أن استولوا على قرار الحزب في سبتمبر ايلول 1953. ما كان يقلق البورجوازية الوضيعة السوفياتية بقياد خروشتشوف وجنرالات الجيش ليس هو قصور الثورة الإشتراكية بسبب الدكتاتورية الفردية بل هو نجاحات الثورة على مختلف الصعد في العالم كله. والسؤال الفيصل هنا هو . . هل كان طلائعيو البورجوازية الوضيعة، جنرالات الجيش وبعض أعضاء المكتب السياسي للحزب وعلى رأسهم نيكيتا خروشتشوف، هل كانوا سينجحون في ثورتهم المضادة لو كانوا ماركسيين وفقاً لماركس أو لو كانوا من خارج ماركس والماركسية !؟

ما كان بمقدور حرس البورجوازية الوضيعة السوفياتية أن يدفعوا بأقوى دولة في العالم، الإتحاد السوفياتي حصن السلم والإشتراكية، إلى الإنهيار التام وإيصال شعوبه إلى الدرك الأسفل، إلى مهانة ومذلة لم تبلغها أيام القيصرية الكولونيالية، لو لم يعملوا من داخل بيت الماركسية بل إن رئيسهم خروشتشوف احتل بالخداع والتآمر مركز الأمين العام للحزب الشيوعي، مركز لينين وستالين، وكان هيئة أركانه الجنرالات قادة الجيش، وليس قيادة الحزب كما اعترف أخيراً في مذكراته. فيما بعد رحيل ستالين تبيّن أن معظم أعضاء المكتب السياسي للحزب كانوا ماركسيين بلا ماركس. ويبدو أن ستالين كان يعرف ذلك، ولذلك تكلم ضدهم في المؤتمر العام التاسع عشر للحزب في أكتوبر 52 وأشار إليهم جميعاً ليؤكد للهيئة العامة للحزب .. " ليس هؤلاء من سيوصلونكم إلى الشيوعية " وطالب أعضاء الحزب بأن يخلقوا قيادة أخرى غير تلك القيادة. ورغم كل الإيحاءات بل التصريحات فقد أعادت الهيئة العامة انتخاب نفس القيادة وذات الأسماء. الوظيفة الأولى والأخيرة المفترضة لهؤلاء الأعضاء هي استكمال المشروع اللينيني في الثورة الإشتراكية العالمية وفقاً للقراءة اللينينية لماركس، وهي الوظيفة التي كرس ستالين كل حياته بكل تفصيلاتها لإنجازها. غير أن أول عمل قام به هؤلاء الماركسيون بلا ماركس في سبتمبر 53 كان إلغاء الخطة الخمسية التي قررها الحزب في مؤتمره العام قبل عشرة أشهر فقط، وهذا ليس مخالفة فظة لقواعد العمل في الحزب فقط بل هو جناية بحق الثورة الإشتراكية. وعليه فقد تم عزل مالنكوف ليحل محله في القيادة رجل العسكر وألعوبتهم خروشتشوف. هذا الغبي كما وصفه السفير البريطاني لتشيرتشل في العام 54، هذا الماركسي بلا ماركس قفز عن ستالين بعد أن أدانه بجرائم مناقبية ليهاجم اللينينية، قدس أقداس ستالين. سخر من دكتاتورية البروليتاريا وهزئ من الصراع الطبقي، واستغبى واستهجن الثورة فقال بالإنتقال السلمي وبدون الثورة من الرأسمالية إلى الإشتراكية، وقدم الفلاحين على العمال وقال بالإشتراكية الزراعية من طراز بول بوت والخمير الحمر في كمبوديا، وفك الوحدة العضوية بين الثورة الإشتراكية وحركة التحرر الوطني، وقال بتقادم اللينينية حيث لم يعرف لينين الشركات المتعددة الجنسيات، وقال أخيراً وليس آخراً أن اللينينية لم توفر لنا الخبز ــ هذا المرتد الذي ملأ العالم زعيقاً حول غياب الديوقراطية أثناء قيادة ستالين عام 56 قام بانقلاب عسكري على الحزب في العام التالي، في حزيران 57. وهكذا فنحن لا نتجنى على خروشتشوف وزبانيته عندما نصفهم كماركسيين بلا ماركس وعندما نؤكد أن انهيار الإتحاد السوفياتي هو دلالة قاطعة على صحة الماركسية بل إنها أقوى من دلالة بنائه.

بقايا أحزاب الأممية الثالثة وهي التي كانت قد انقلبت وراء عرابها خروشتشوف على المشروع اللينيني ودفعت به إلى الإنهيار ما زالت تصر بعناد مشبوه على أن تعمل من داخل دائرة العمل الشيوعي. الحزب الشيوعي الفلسطيني والحزب الشيوعي (المكتب السياسي) السوري كانا أمينين مع النفس فتنازلا عن صفة الشيوعي وإتخذا إسماً مختلفاً هو " حزب الشعب "، وبذلك أعلن هذان الحزبان خروجهما من دائرة العمل الشيوعي فلم يعودا يسببان أي إزعاج للعمل الشيوعي، خلافاً للأعداء من داخل البيت، يصرون على أنهم شيوعيون لكن بلا شيوعية وأنهم ماركسيون لكن بلا ماركس. نسأل هولاء الأعداء من داخل البيت .. الثورة الإشتراكية التي تنبأ بها ماركس وإنجلز ولينين هي الثورة من داخل المركز العالمي للرأسمالية، فأين هو هذا المركز اليوم ؟ ونسأل أيضاً .. أحزابكم قامت أصلاً من أجل إنجاز مشروع لينين في الثورة الإشتراكية العالمية، لكن مشروع لينين لم يعد له وجود فبأي سبب تصرون على البقاء وعدم التفكك ؟
يا أيها الشيوعيون بلا شيوعية والماركسيون بلا ماركس نطالبكم جميعاً ولراحة الجميع أن تعلنوا رسمياً خروجكم من دائرة العمل الشيوعي، وبإمكانكم بعدئذٍ التلهي بدعاوى اليسار واليسارروية وقد غدت موضة عصر إنحطاط الصراع الطبقي والهبوط الفكري المرافق.

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الأول من أيار !؟
- المتلفعون باليسار واليسارويّة
- العقبة الكبرى أمام استئناف العمل الشيوعي
- الحرية ليست إلاّ شرطاً ظرفياً يستوجبه فقر أدوات الإنتاج
- فؤاد النمري في حوار مفتوح حول: القراءة اللينينية لماركس المت ...
- ماذا في مصر وفي تونس
- حزب العمال الشيوعي يعادي الشيوعية
- الكارثة الكونية الوشيكة (انهيار نظام النقد العالمي)
- الدكتور علي الأسدي يغطي على المرتدين والمحرفين السوفييت
- نهاية التجربة الإشتراكية لدى علي الأسدي
- كيف تخلَّقَ عالم اليوم
- - المسألة الستالينية - !!
- العدو الرئيسي للعمل الشيوعي اليوم
- الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية
- ثورة أكتوبر لم تفشل
- - حفّار التاريخ - يسأل أسئلة صعبة
- صيحة الديموقراطية الكاذبة
- البورجوازية طبقتان متايزتان (في البورجوازية العربية)
- الليبراليون لا يعرفون معنى الليبرالية (الحرية)
- تنويراً لأنصاف الماركسيين


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - ماركسيون بلا ماركس