أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نارت اسماعيل - الطيبات للطيبين في زمن الثورة السورية














المزيد.....

الطيبات للطيبين في زمن الثورة السورية


نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3360 - 2011 / 5 / 9 - 08:59
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


عندما يتزوج أحدهم في سوريا، يهدونه لوحة مزخرفة مكتوب عليها هذه الآية القرآنية (الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات)، أنا أهدوني لوحة مثلها وكانت كبيرة وفاخرة، وكانت من جار ثري، كنت أكره تلك اللوحة ولكني اضطررت لتعليقها في بيتي لبعض الوقت إكرامآ للرجل واستجابة لرغبة زوجتي الطيبة التي كانت كلما جارت نفسي الأمّارة بالسوء قليلآ عليها، تشير لي بطرف عينها إلى اللوحة لتذكرني بالعهد الذي بيننا بأن أكون طيبآ معها إلى آخر العمر، ولكنني تخلصت من اللوحة في أقرب فرصة بدون أن تتراجع طيبتي تجاه زوجتي قيد أنملة.
لا أدري ما الذي جعلني أتذكر تلك اللوحة وتلك الآية في هذه الأيام العصيبة التي نمر بها في سوريا؟ تخيلت لو أن الآية كانت (الطيبون للطيبين والقميؤون للقميئين)، فما يحدث في سوريا هذه الأيام هو نوع من الفرز ما بين القميئين والطيبين.
القميؤون يتهافتون على كل ما هو قميء من كذب وتضليل إعلامي واحتيال ونفاق ومنع لكل وسائل الإعلام العربية والعالمية من تغطية الأحداث حتى يتفردوا هم وحدهم بنقل الأحداث وتفسيرها على قياسهم وكل من لا يصدق روايتهم مهما كانت غبية ومضحكة يصبح خائنآ وعميلآ لأمريكا أوالحريري أوالقرضاوي أوالأمير بندر بن سلطان، بينما الطيبون يبحثون عن كل ما هو وطني وشريف ويعزز الوحدة الوطنية بين فئات الشعب وأطيافه المختلفة، القميؤون يحاولون زرع الفتنة والطيبون يحاولون تجنبها وإبعادها عن البلاد.
القميؤون يلاحقون كل شخص معروف، كاتبآ كان أم ممثلآ أو فنانآ معروفآ ليحرجوه ويجبروه على البوح بكلام قميء حتى لو خالف فيه كل ماضيه وكل أعماله ومواقفه السابقة، والطيبون صاروا يفرحون لكل وسيلة إعلامية عربية أو أجنبية، وكل إعلامي أو فنان أو شخص معروف يبدي دعمه وتأييده لمطالب الشعب السوري بالتحرر وبناء دولة القانون والعدالة والمساواة.
نجد الوحشية والهمجية عند القميئين من قتل للشباب العزّل، وتعذيب الأطفال وقلع أظافرهم، وحديثآ قتل للنساء كما حدث أمس في بانياس لنساء خرجن للمطالبة بمعرفة مصير بعض المعتقلين من ذويهن، وكذلك التعذيب في السجون والدعس على المعتقلين في الشوارع، ونجد الإهانات والبذاءات والعبارات التي لا يستعملها إلا حثالة البشر.
مقابل ذلك نجد الطيبين للطيبين، نجد ذلك التلاحم بين المسلم والمسيحي، بين العربي والكردي، بين السني والعلوي والدرزي، كل الأطياف وكل المذاهب ينادون بالحرية وببناء وطن جديد جميل يحلمون به منذ زمن طويل.
من أمثلة التلاحم الأخرى بين الطيبين ما رأيناه عندما تم فصل عدد من طلاب الجامعة لأنهم شاركوا بالمظاهرات السلمية فتنادى زملاءهم بالاعتصام والتظاهر حتى يعود زملاؤهم المفصولون.
أكثر ما يحز بالنفس هو تحول أناس معروفون وكنا نحبهم من صنف الطيبين إلى صنف القميئين كما حدث للفنان دريد لحام الذي كنا نعتبره رمزآ من رموز سوريا، فعندما كنا أطفالآ كنا ننتظر مسلسلاته الكوميدية الشعبية مثل (حمام الهنا) و(صح النوم) و(مقالب غوار) على أحرّ من الجمر، وكانت مسرحياته الشهيرة التي ألفها المبدع محمد الماغوط مثل (غربة) و( ضيعة تشرين) و( كاسك يا وطن) وكذلك فيلمه الشهير(الحدود)، كانت أعمالآ جريئة ناقدة مبدعة ، كانت متنفسآ لجيلنا في زمن الصمت الرهيب الذي كان يميز زمن حافظ الأسد، الآن خرج علينا دريد لحام بمقابلة تلفزيونية عجيبة ليقول فيها : ليست مهمة الجيش تحرير الجولان بل مهمته المحافظة على السلم الأهلي!!
إذن من سيحرر الجولان يا سيد لحام؟ هل سنحضر مرتزقة من موزمبيق ليحرروا لنا الجولان؟ وهل يحتاج الحفاظ على السلم الأهلي إلى أكثر من مليون جندي ورجل أمن ورجل مخابرات وإلى 17 فرعآ مختلفآ من فروع المخابرات؟ هذا العدد يكفي للمحافظة على السلم الأهلي في قارة آسيا كلها، وهل يحتاج تحقيق السلم الأهلي للتعذيب والقتل وقلع الأظافروالتفنن بوسائل امتهان كرامة الناس؟ عجيب مدى القماءة التي وصل إليها فناننا الذي اعتقدناه من الطيبين!
تخيلوا هذا المشهد الواقعي الذي يحدث في سوريا هذه الأيام، طالبة طب في السنة الرابعة، أفنت نفسها وسهرت الليالي أثناء المرحلة الثانوية وخلال سنوات دراستها الجامعية لكي تحقق حلم حياتها وحلم أهلها بأن تصبح طبيبة، تعود هذه الطالبة إلى البيت باكية منهارة، تسألها أمها عن السبب فتجيب: لقد فصلوني من الجامعة لأنني لم أشارك في المظاهرة المؤيدة للرئيس! هذا مثال على ما يفعله القميؤون في سوريا، يحطمون مستقبل مثل هذه الفتاة المتفوقة ويدمرون حلم حياتها لأن ضميرها منعها أن تصبح قميئة مثلهم.
وصل الفرز بين القميء والطيب إلى كل المستويات، ووصل حتى إلى البيوت وصرت تجد قميئين وطيبين في بيت واحد، وصل الفرز إلى العلاقات الأسرية وإلى العلاقات بين الأصدقاء وزملاء الدراسة والعمل ووصل حتى إلى المخادع الزوجية فصرت تجد زوجآ قميئآ يعيش مع زوجة طيبة والعكس بالعكس، ولكن والحمد لله لم يصل ذلك الفرز إلى بيتي بعد، فمازلنا كلنا طيبين، على ما أعتقد.



#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضواء على خطاب الرئيس السوري
- دكتور أم دكتاتور؟
- فرقة البرلمان السوري للفنون الاستعراضية
- رد على مقال السيد نضال نعيسة
- نريد أن يعود اسم بلدنا سورية
- لن يشفي غليلي إلا سقوط شيوخ الجهل
- زينغا  زينغا
- رأي في الثورات العربية  الحالية
- صارت عندنا صفحات بيضاء
- أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام
- نريد رئيسنا القادم سيدة
- من ذا يطالب حاكمآ بعبده?
- الوطن الذي يسأل أبناءه رأيهم
- نادر قريط ووفاء سلطان، مشروعان متكاملان
- دعوة لتغيير كلمات العزاء
- بين زمنين
- أي الحدود أهم؟ حدود الوطن أم حدود الله؟
- أخبار سارّة من بلدي
- الطائر الحر
- أغاني وذكريات


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نارت اسماعيل - الطيبات للطيبين في زمن الثورة السورية