أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - درس فرانكو...














المزيد.....

درس فرانكو...


محمد المراكشي

الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 22:12
المحور: كتابات ساخرة
    


كان جنرال إسبانيا التاريخي القوي انسانا استثنائيا ، غير عادي.. ببذلته البيضاء الأنيقة التي تجعله ذكر حمام بشانب ، وقفازاته التي تحمي يديه من عرق الآخرين حين يصافحونه ،وحذائه الأبيض الناصع الذي أتساءل إلى الآن بأي معجون تلميع كان يلمعه ! حكم اسبانيا كإله وتوفي في سلام !
ودعته شعوب الإسبان المسكينة وهي مجمعة أنه لم يكن إنسانا عاديا..كان ديكتاتورا !!
لم تكن الفرانكوية دينا لا يموت ،أو نهج حياة و سياسة لا ينتهي ..بل كانت مرحلة و إن طالت فإنها فسحت المجال أمام التاريخ كي يصنع طقوس تحوله إلى المسار العادي..
المدافعون عن الفرانكوية ،يتبجحون بالأمن الذي عاشته إسبانيا حيث لم يكن من الممكن إطلاقا أن ترى جريمة في البلد إلا نادرا..كان بإمكانك أن تنسى حقيبة سفرك في محطة القطار بمدريد ،وحين تتذكرها في اليوم الموالي تجدها في مكانها لم تمسسها يد إنسان.. !حتى عمال النظافة ينظفون محيطها فقط !
حين استيقظ فرانكو في أتون الحرب الأهلية ذات صباح ،قرر ان يكون حاكم إسبانيا باسم الملك ،فاقتاد من أراد من أعتى جنوده في المستعمرات ومنهم كثير من المغاربة ليحتل عرش اسبانيا.. عاث في الأرض قتلا و تدميرا إلى أن جعل الإسبان يعتقدون أنه قدرهم الإلهي العظيم..استعان بكنيسة بدائية لم تصلها بعد ثورات الإصلاح الديني ،وأناس كثر رأوا في الجمهوريين خطرا محذقا يمسهم في دينهم و دنياهم !
فاصبحت اسبانيا بثلاثة شعوب ! شعب في الداخل فرح لفرانكو الملكي و انتصاراته الهائلة التي أعادت الأمن لبلادهم تحت أعقاب البنادق ..و شعب في الخارج فر بجمهوريته و شيوعيته إلى بلاد أخرى في انتظار موت الإله ! وشعب من جنود المستعمرات خاض حربا يهتف فيها لفرانكو ظانا أنه جمهوري حارب الملك !
غريب عالم فرانكو العجيب ، فقد حارب بجيش يعلم عكس ما يريد .. فنصبه حاكما بأمر الملك المرحل المغيب ! وبذاك اصبح الحاكم بأمر الله على طريقة الكاستيان ! صار أكثر ملكية من الملك !
اسبانيا تحمد تاريخها صباح مساء ..فبعد أن كانت لا تعلم أن جنودها في مستعمرات المغرب و غيره يسرقون البيض و الشعير للبدو ، و بعد أن كانت تظن أنها قدر على تلك المستعمرات العنيدة ،و بعد أن ظنت أن فرانكو شخص لا يموت ،فجأة اصبحت في يوم و ليلة دولة تتحول بسرعة البرق من سرقة البيض و الأرانب إلى قوة إقليمية هائلة !
والفضل في ذلك لفرانكو الحكيم !
لم يكن فرانكو أبدا يقول أنه رئيس اسبانيا ، ولم يتبجح يوما بأنه صانع التغيير فيها ،و لم يترك مجالا أبدا للحديث عن ابن الملك ! دعاه في عشاء ربما ،و سلمه الأمانة التي أخذها غصبا عقودا من الزمن ! كان يشعر بنهايته ، ونهاية نسخته من اسبانيا ! وقبلها ترك مستعمراته خلف ظهره ، وترك البدويين في إفني و الريف يتمتعون بأرانبهم و بيضهم !
فرانكو اسباني قح أصيل ،لم يدع لنا مجالا للشك بأن أصله فيه دم عربي يعود لما قبل ليلة سقوط غرناطة ! فهو لم يهيء ولدا أو اخا أو مقربا لحكم إسبانيا بعده ! ولم يكتب كتابا أخضر أو اصفر كي يحفظه تلاميذ المدارس عن ظهر قلب ! ولم يترك مجالا لمن بعده بأن يذكروا خطاياه أكثر من سنوات قليلة !
ربما اعتبر فترة حكمه مرحلة لا بد منها للوصول إلى الديمقراطية ! و ربما اعتقد بشدة أن اسبانيا التي قتل فيها حس الكلمة لا يمكن أن تبقى صامتة إلى الأبد !
نجح فرانكو في شيئين :استطاع أن يعيد بنفسه الأمور إلى نصابها ووضع اسبانيا على عتبة الدخول للديمقراطية ، و استطاع أن يضمن موتا هادئا مرتاحا وقبرا لا يمقت النظر إليه الآخرون !
وفي كلا الأمرين مارس فرانكو ديكتاتوريته حتى في لحظات موته الأخيرة !



#محمد_المراكشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا الليل لا الخيل لا البيداء تعرفك.. !
- هزائم شطرنج..
- الحول.. !! ( إلى رشيد نيني ..)
- البرونزاج في الأول من مايو !
- الحصير هو الحل !
- العرب أول من اخترع الفيسبوك !
- بيكيني الحكومة المثقوب !
- من الهيبيزم إلى ثورة الهيب هوب..
- ايميلات مزعجة !!
- سيكولوجية القرعة* !!
- الجريدة الأكثرمبيعا في المغرب..
- الأرض فيها العطر و النساء..
- القرقوبي في لسان العرب!!
- خيل الحكومة..
- حين يغضب فبراير!
- الشعب يريد..البارصا و ريال مدريد!
- شعوب سكر زيادة!
- الحطيئة رجل مبدإ..
- الويفي مطلب شعبي!!
- البعوضة كائن رأسمالي !


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - درس فرانكو...