أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - أعطونا مزيدا من الوقت















المزيد.....

أعطونا مزيدا من الوقت


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3358 - 2011 / 5 / 7 - 22:30
المحور: كتابات ساخرة
    


في كل المؤتمرات السياسية والفكرية والثقافية التي أحضرها تنتهي كل تلك المؤتمرات بعدم فعل أي شيء نظرا لأن الوقت ضيق ويكون الموضوع بحاجة إلى وقت أطول وأكثر من ثلاثة أيام ولا أدري بالضبط لماذا أنا أعيش في دولة دائما فيها الوقت ضيق؟ حتى في كافة البرامج التلفزيونية دائما ما يتم التسكير وإغلاق أي برنامج وإنهائه نظرا لضيق الوقت,والمذيعة أو المذيع يقول: بما أن وقت البرنامج ضيق نستودعكم ألله, وأتمنى أن أشاهد موضوعا لا يكون فيه الوقت ضيق, فوزير الثقافة الأسبق قال لي مرة ردا على سؤال سألته له: ما حدى أعطاني وقت كافي وفرصة حتى أشتغل, وأنت أكثر واحد عارف يا أستاذ جهاد كونك صديقي بأنني لم آخذ فرصة حقيقية للعمل لقد كنت طوال الوقت مشغولا, فقلت له( فعلا الحق مش عليك الحق على الوقت ...الله يكون في عونك...لازم الشيوخ في المساجد يدعو ألله بأن يعطينا وقتاً كافيا وبأن يعطي رئيس الحكومة وقتاً كافيا, ويجب أن يدعو الامام في نهاية صلاة كل جمعة: أللهم أعطي الوزراء الأردنيين وقتاً كافيا..وأللهم أعطي المؤتمرات وقتاً كافيا..., حملك كبير, فعلا أنك كنت مشغول وأنا أكثر من عشرين مرة زرتك في الوزارة ولم أتمكن من مقابلتك كونك كنت مشغولا جدا ولم يكُ لديك كثيرٌ من الوقت), ولا أدري بالضبط أين هي الأزمة؟ هل هي في مخ الوزير, أم هي في الوزارة, أم هي على إحدى الإشارات الضوئية, فمن الممكن أن تكون الأزمة على الإشارة الضوئية قد أعاقت وزير الثقافة لذلك لم يفعل شيئا في الوزارة للمثقفين كونه كان يصل متأخراً جدا, وأنا من هنا أقترح على الحكومة الأردنية مثلا أن تضع على سيارات الوزراء ورؤساء الحكومات جهازا يفتح الإشارة الضوئية وبالتالي تصبح سيارات رئاسة الحكومة وسيارات الوزراء مثل سيارات الإسعاف, وفي هذه الحالة قد نتخلص من أجوبة رؤساء الحكومات بأنهم كانوا مشغولين جدا لأنهم كانوا يصلون إلى الوزارة متأخرين ,لستُ أدري أين هي الأزمة؟ هل هي أزمة مواصلات؟ أم أزمة اتصالات؟ يعني ابشو بكون وزير الثقافة يفكر؟ هل مثلا يفكر ببناء مفاعل نووي؟ أم بالصعود إلى سطح القمر أو كوكب (سيريوس)؟ هل الأزمة في المخ والقلب واللسان؟ أم هي على باب الحمام وبالضبط أمام المغسلة؟ هنالك أزمة خانقة ولا أدري مصدرها ومن المتسبب الرئيسي فيها !.

ووقفتُ اليوم أمام المرآة لأحلق وجهي واستمر وقوفي أكثر من نصف ساعة وبيدي شفرة الحلاقة وتسببت بأزمة صارت خلفي في المنزل أمام المرآة والمغسلة بشكل خانق ,علما أنني لم أفعل أي شيء, وأقول بيني وبين نفسي أنا مشغول جدا هذا اليوم, والكل يقول لي: انهي الحلاقة, وأنا أقول حاضر, وأمي تقول لي )خلص بدي أفرشي أسناني) فأردُ عليها : حاضر بس أخلّص حلاقة,واستمر وقوفي زهاء ما يزيد على النصف ساعة ووجهي مُلطخ بمعجون الحلاقة وفي النهاية لم أحلق وجهي ولم أفعل أي شيء مهم واستغربت أمي حين رأت الشعرَ ما زال على وجهي بدون أن تمسه ماكينة الحلاقة وقالت وهي مندهشة: مالك؟..ليش ما حلقت؟ فقلت لها: أي هو انتوا أعطيتوني فرصة حتى أحلق وجهي أو وقت كافي؟ أنا بحاجة لأحد لكي يعطيني وقتاً كافيا.. أنا أريد فرصة حقيقية, أنتم شكلتم لي أزمة وخصوصاً أنت وأنت تقولين: يلله خلّص بسرعة, فقالت: شو بدك أكثر من نصف ساعه؟ ما انت وقفت أمام المرآة نصف ساعه وحتى يمكن أنك وقفت أكثر من ساعه, انت بدك أكثر من ساعه؟. فغسلتُ وجهي مرة أخرى وتركتُ المرآة دون أن أحلقه ودخلتُ الحمام لأستحم كعادتي كل صباح, وبقيت واقفا في حوض الاستحمام زهاء الساعة ونصف دون أن أسمح لأي قطرة ماء بأن تسيل على ظهري من الحنفية, والكل يقول لي: اطلع من الحمام..أمطول؟ فأقول لهم: يا جماعة إشويه إشويه..أي أعطوني فرصة حقيقية, أنا أريد وقتاً كافياً , وخرجت من الحمام كما دخلته,فقالت لي أمي: شو مالك شكلك مش متحمم, فنكرت ذلك وقلت: لا اتحممت, فقالت: ملابسك ما زالت عليك والملابس الجديدة مُعلقة لم ترتديها, وشعر راسك مش مبلول ولا أيديك مبلولات! فقلت لها: ما حدى أعطاني فرصة ما حدى أعطاني وقتاً كافيا للاستحمام, من أول ما فتت الحمام وأنت تنادوني,فقالت: شو بدك أكثر من نصف ساعه؟ فقلت طبعا بدي وقت, أي وزير الثقافة صاحبي قعد في الوزارة سنتين كاملتين وكتابي أمامه لم يجد وقتا كافيا لتوقيعه, فأيهما أصعب؟ حمامي؟ أم كتابي الذي لم يوقعه الوزير؟ وكانت حجته بأنه لم يأخذ وقتاً كافيا لتوقيع الكتاب, تخيلي يا ماما, سنتين وكتابي أمامه لم يوقع عليه, كان مشغولا جدا وكان بحاجة إلى مزيد من الوقت, الوقت في حياتنا كعرب شيء غير مهم وليس له قيمة, المشروع اللي بتنفذه شركة أردنية في عشر سنوات تقوم به شركة فرنسية في عامين, ومشروع جر مياه الديسه منذ عشر سنوات ولم ينفذ نظرا لأن المقاول لم يكن لديه وقتاً كافيا, وفي التحقيق مع مجموعة مقاولين بعد أن تبين أنهم اختلسوا الملايين, ردوا على لجان التحقيق بأنهم لم يحصلوا على الوقت الكافي.

ولأول مرة أشعر بأن دخول الحمام مثل الخروج منه وبذلك أنا اليوم قلبت المثل القائل(دخول الحمام مش مثل الخروج منه) وكذلك من الممكن أن نعيد تشكيل هذا المثل لنقول: دخول الوزارة مثل الخروج منها, شو يعني بتفكروا إني لو صرت وزير رايح أعمل شيء للمثقفين؟ مثلي مثل غيري راح أقول ما حدى أعطاني(أنطاني) فرصه, وبعد ذلك وقفتُ أمام الغاز لأصنع لنفسي فنجانا من القهوة وبقيت الملعقة بيدي أكثر من نصف ساعة دون أن أحركها داخل بكرج القهوة لأني أصلاً لم أضع في بكرج القهوة لا ماء ولا سُكّرْ ولا قهوة وبرغم كل ذلك أشعر بأنني اليوم مشغول جدا, وكانت زوجتي تقول لي : خلّص قهوتك بسرعه بدي أغلي مي(ماء) عشان ...وتركت الغاز دون أن أفعل أي شيء فقالت لي كما قالت لي أمي وأنا أمام المغسلة: شو مالك ليش ما غليت قهوتك؟ فقلت لها: ما هو انت ما أعطيتينيش أي فرصه, وأنا هنا مثل المنتخب الأردني حين يفسر سبب هزيمته أمام المنتخب الآخر بعدم إعطائه فرصة حقيقية, فكان دائما يقول: لو أعطانا الحكم وقت إضافي آخر كان غلبناهم, وبسبب كثرة أشغالي احترت ماذا أفعل وفي نهاية النهار ومع مجيء الليل تبين لي أنني لم أفعل أي شيء لأنني لم آخذ فرصتي الحقيقية, فالجميع تآمروا عليّ وأنا أمام المغسلة وأمام الغاز وفي الحمام, فأنا مثل الحكومة التي ترسم سياسات الإصلاح وفي النهاية لا تفعل شيئا, فلستُ وحدي المشغول, فرئيس الحكومة أيضا مشغول مثلي جدا, ولو ذهب إليه أحدكم ليطلب شيئا لا تسمح له السكرتيرة بدخول مكتبه نظرا لأنه مشغول جدا مثلي أنا علما أنه لا يفعل شيئا, وفي النهاية تنحل الحكومة ويذهب رئيس الحكومة دون أن يفعل لنا شيئا وحين يسأله أحد الصحفيين : ماذا فعلت وأنت رئيس للحكومة؟ سيرد عليه بكل بجاحة: ما حدى أعطاني فرصة حتى أشتغل لكم.

وفي الساعات الأولى من النهار كانت أمي تشكو من قلبها وكانت تتعرق فقالت لي: طالما أنك اليوم بدون عمل مثل كل يوم تعال خذني على الدكتور,فأخذتها إلى المستشفى وكان المستشفى مثلي أنا يشبهني في كل التفاصيل, كانت العيادات مشغولة جدا والناس تقف في الطوارئ وأمام العيادات دون أن يفعلوا أي شيء أو دون أن يأت لهم أحد ليفعل لهم شيئا ودون أن يدخل أحدهم عيادة الطبيب علما أن عيادة الطبيب من الداخل فارغة جدا ولا يوجد بها أي مستلقٍ على سريره, والمرضى يزدحمون بكثرة أمام باب الصيدلية مشكلين أزمة خانقة وجاء رجل ببزة عسكرية وطلب من الرجال الوقوف على شباك الرجال وطلب من النساء الوقوف على شباك النساء وفي النهاية قالت لنا الصيدلانية: هذا الدواء مش موجود وذاك غير موجود ولا يوجد له بديل, وقالت عن بعض الأدوية أنها لا تصرف إلا ببطاقة خاصة وفي النهاية انصرفنا جميعنا دون أن نحصل على شيء, كانت الناس تتدافع وتتزاحم بكثرة وكانوا جميعهم مثل دخولي الحمام وخروجي منه, أي أنهم لم يفعلوا شيئا ولم يفعل لهم أي أحد أي شيء, فلماذا الأزمة؟ وعلى ماذا نزدحم دون أن نفعل أي شيء؟ واجتمع أناس غيرنا على شباك الصيدلية بعد أن تركناه والأزمة مستمرة ولا أحد يشتري ولا أحد يبيع.

وفي الشارع زحمة كثيرة وأناس يمشون وأناس يجلسون ولكن لا أحد منهم يفعل شيئا, وفي الطريق مركبات تمر بسرعة ومركبات تمشي ببطء وكلهم يتزاحمون على الإشارة الضوئية وكلهم يريدون التجاوز عن بعضهم البعض وجميعهم لا يفعلون شيئا مهما ما عدى شتم بعضهم ( يا حمار) هذا ما قاله سائق تكسي لسائق باص, ورد عليه الآخر(يلعن أبو اللي أعطاك الرخصة, أنا مش عارف على إيش مستعجل؟) فقلت له: يمكن إنه مشغول مثلي..أرجوك أعطيه فرصه, فرد قائلا: يا أستاذ مين مانعه هذي الطريق مفتوحه بس لويش هو واقف وساد الطريق؟!, لم نفعل أي شيء إلا بالمساهمة في خنق الطريق, وفي السوبر ماركت أناس مزدحمون على البضائع ويتدافعون بقوة ولكن لا أحد منهم يشتري شيئا, الأزمة فقط أزمة بدون فائدة وبدون أن يكسب أحد أي شيء, وفي سوق الفواكه الناس مزدحمون جدا ولكنهم لا يشترون شيئا فهذا رجل مثلي قد وقف أمام البرتقال أكثر من ربع ساعة دون أن يشتري شيئا, وكنتُ أنا أقفُ خلفه منتظرا منه أن يفسح لي مجالا للعبور من المحل إلى الشارع, وبعد أن مللتُ منه قلت له: يا أخي أعطيني الطريق إما أن تشتري وإما أن تفسح مجالا لغيرك, فقال لي: يا أبو نظارات ما هو انت مش معطيني فرصه أو وقت كافي, فقلت بيني وبين نفسي: أي هو انت كمان ما حدى معطيك فرصه ووقت كافي!؟, أزمة خانقة في كل مكان ,في البيت والشارع وفي المدينة وفي القرية, أزمة بدون تحقيق فائدة, ولكن لنتساءل جميعنا عن مكان الأزمة الحقيقي, فأين تقع أزمتنا, هل هي في المستشفى؟ أم هي في الطريق؟, أم هي على أبواب الدكاكين؟ أم هي في سوق الخِضار والفواكه؟ أين هي الأزمة الحقيقية, إننا إذا عرفنا أين هي الأزمة الحقيقية فهذا معناه أننا وضعنا يدنا على الجرح وعلى أصل المشكلة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذين تعلموا بي
- واحد أقوى من مليون
- مؤمن جدا فاسد جدا
- شيء في رأسي
- الشخصية النرجسية
- يا مسلم هذا يهودي يختبأ خلفي
- الجو بارد
- المرأة فاتحة وخاتمة أي موضوع
- سر الكلمات
- تعلّم الشيوعية في خمسة أيام بدون معلم
- ملوك مزيفون
- ذبحوا الشعب
- وأنا سكران
- إما حكمي وإما حكم الآلهة
- الملوك والمدراء والرؤساء العرب
- طريق المواطن الأردني
- الحاكم والشعب والإله
- فوائد الصُحف الأردنية
- الثرثار1
- الثقافة تضطهدنا


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - أعطونا مزيدا من الوقت