أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - آن لك أن تتقيأ.. في دول اللاجئين














المزيد.....

آن لك أن تتقيأ.. في دول اللاجئين


شريف صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3358 - 2011 / 5 / 7 - 21:36
المحور: المجتمع المدني
    



رضعنا أبجدية اللغة العربية ورضعنا معها مأساة فلسطين.. مفتاح البيت الذي هجره أصحابه إلى الأبد، مسرى القدس، منافي اللاجئين والموت في سبيل القضية.
اثنان وعشرون دولة تقارب في العدد حروف الأبجدية، بينها حرف واحد جريح اسمه "فلسطين".. أما بقية الحروف فهي آمنة مطمئنة ـ أو هكذا ظننا ـ رؤساؤها كالملوك وملوكها كالرؤساء، فمن يجلس على المقعد الأول يبقى راسخاً إلى أن يأتيه أحد الأجلين: الموت، أو القتل!
فقط لو تعالجنا من هذا الجرح، لو أعدنا المفتاح وأصحابه إلى البيت، سنصبح جميعاً إمبراطورية عظمى ذات أبجدية واحدة.. رغم ارتيابي المعتق في عروبة الصومال وجيبوتي وجزر القمر! لكن ما المانع أن نجعل من ليس منا.. عربياً.. كي يضاعف مآسينا؟!
الأبجدية أحياناً مثل تعويذة شريرة لا تنفث إلا أحط الكلام وأسوأ القيم.. والمأساة الواحدة نذير شؤم لألف مأساة قادمة.. لا يتطلب الأمر سوى لحظة مواجهة مع رعب الجغرافيا كي نرى بأعيننا منافينا الموعودة منتشرة خارج حدود الوطن، وأبجدية اللغة.
الله في عليائه يرانا الآن: عراقيين لاجئين في السويد وهولندا ولندن.. فلسطينيين لاجئين في العراق.. وفي سورية.. سوريين لاجئين في لبنان.. لبنانيين لاجئين في نيجريا والمكسيك والخليج.. تونسيين لاجئين في إيطاليا وفرنسا.. سودانيين لاجئين في مصر.. مصريين لاجئين ـ أو شبه لاجئين ـ في السعودية والكويت وقطر والبحرين.. وبحرينيين حتماً لاجئين الآن في بلد ما!
وهكذا نلعب لعبة "غماية" مع القدر، اثنان وعشرون مأساة لا نعرض منها بلا ملل سوى مأساة واحدة.. اثنان وعشرون بيتاً مسروقاً بلا مفاتيح لكننا نتباهي على الشاشات بمفتاح واحد.. اثنان وعشرون رصيف ومطار وباخرة وقارب هروب وطائرة وقطار وسيارة وجمل، تواصل في ظروف لا إنسانية تلجيئ لاجئين مجهولين.
دول اللاجئين هي في الوقت نفسه دول اللاقانون، فالوضع كله استثنائي، الرضا استثنائي، احترام آدمية البني آدم استثنائي، فهم ما يجري استثنائي، الحصول على المأوى والمأكل استثنائي، حرية الحركة استثنائي، والتعامل على قاعدة المواطنة استثنائي.
في دول اللاجئين تتشابه خريطة الوطن وخريطة المعتقل، فرد الأمن بالبلطجي، الزعيم بالمجنون، أستاذ القانون باللص، المثقف بالقواد والبقر بالبشر.
وإذا عنَّ لآدمي من خارج تلك الأبجدية الملعونة، أن يزورها لن يعرف صاحب البيت ممن استولى عليه، ولا المواطن من اللاجئ، ولا مبادئ السياسة من آليات الدعارة. على الأرجح سيصاب بالغثيان فيظل يبصق ويبصق.. على أبواب مدن ملعونة بالدم والنار ودخان الكراهية واستباحة المعنى.
لعل أحداً لن يصدقني أنني كلما رأيت شيئاً يتحرك أو يتكلم باسم تلك الأبجدية على إحدى الشاشات لا أُصاب فقط بمتلازمة البصق.. بل بحالة قيئ عنيف.. أضع يدي على فمي مقاوماً، خجلاً من مشاعر الخزي والألم والمرارة بينما صوت في داخلي يؤزني أزاً: آن لك أن تتقيأ.. تقيأ.. تقيأ! أنت في دولة لاجئين ولن ينتبه أحد أنك تتقيأ أو حتى تنزف دماً تحت أحذية جندي خرج مدججاً للدفاع عن آخر ما تبقى لدولة اللاجئين من شرف وكبرياء!



#شريف_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول اللحى الخمس
- نادراً ما يموت كاتب عربي حر.. هذا هو فاروق عبد القادر!
- فتاة أوباما
- أسامة أنور عكاشة.. مؤسس الرواية التلفزيونية
- الكاتب العربيد والقارئ القديس
- مصطفى صفوان: السلطة المحتكرة لا تحب الحق إلا باعتباره من اخت ...
- ذكريات قد لا يعرفها نصر حامد أبو زيد
- -مثلث العشق- مجموعة قصصية جديدة للكاتب شريف صالح عن دار العي ...


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - آن لك أن تتقيأ.. في دول اللاجئين