أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - فرض اللاإنتماءات على الكرد















المزيد.....

فرض اللاإنتماءات على الكرد


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3358 - 2011 / 5 / 7 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تكون الشعب الكردي من خلق لا سلطة للأنا "هم " فيه، بعد أن نثرهم الله على بقعة من البسيطة، طغى عليها أنصافه، فلم يملكوا قوة وإرادة جمعية كافية في تقرير المصير وتحديد نوعية الحياة، وكثيراً ما وقف العتاد أمام نزعة الرغبة لديهم للاختلاط والتعامل مع الشعوب. كما عوملت أساليبهم في العيش وطرق ممارستهم للحرية بعد الخلق من قبل الطغاة بالرجم، أنبثق من حينه اللقاء السرمدي مع الرفض الدائم لأنصاف الآلهة بجميع اشكاله.
بعد محاولات الطغاة في تهميش آمانيهم التي خلقت وتشعبت معهم، برز احساس بنوع من الإجحاف في حقهم بالحياة الحرة، وهو ما أنبت في كيانهم نزعة للصراع ضد ممثلي الإله في البقعة التي أنزلهم الله فيها منذ الأزل.
فكان لقاء شبه أبدي مع الضياع بين السماء والأرض، بين الله وانصافه، رافقتها مسيرة شاقة في ذاك المكان ضد القدر وإلى المجهول في دروب ترسم حتى الآن بشكل عشوائي وتخطأ الهدف فتتجه إلى المتاهات. لذلك لا يستغرب للنابش في التاريخ الكردي المليء بالمآسي شك في البدء والأزل، والحكيم في هذا المجتمع يدرك لماذا خُلِقَ لدى الكرد صراع مع الذات قبل أن يكون صراع مع الآخر الرافض له، وكأنه شبه فرض إلهي.
الحيرة والخلط والعشوائية مابين الضبابية في التفكير ورؤية المستقبل، والإدراك للواقع الذي مر به الشعب الكردي والسوية التي هم فيه، والوعي المليء بالشكوك بما يحيط، خَلقَتْ فيما وراء العقل الباطن، لدى النخبة منهم، هيجاناً من الأسئلة، عن الواقع المفروض اللاإرادي، والتي أدت إلى قيام ثورات وإنتفاضات، معظمها طمرت اوارها وهي في المهد، والقليل منها خبت بخطوات متلكأة في شعاب الوطن الممزق، لهذا من المهم جداً الآن ترك الغايات الذاتية الفردية والحزبية، خاصة في هذه الفترة، والتي تبرز على السطح ومن قبل المثقفين قبل السياسيين.
نلمس عراك بين الكردي والكردي يجري من وراء الكواليس، الجهات متنوعة والمصالح خسيسة، بيانات متنوعة، بعضها متضاربة، فيها الكثير من اللغة الهجومية. على الجميع الإنتباه إلى ما يتطلبه الشارع الكردي والسوري معاً ودراستها جمعياً، وأخذ التجارب من التاريخ الكردي بشكل خاص، الصراعات بجميع أنواعها بين الجهات والشرائح والحركة بمجملها تعد من أول الأسباب عن الواقع الكردي الحالي.
من المتوقع بأن الإملاءات المتنوعة ومنها الأمنية أصبحت تخبوا وتتلكأ الآن في الكثير من المناطق السورية ومن ضمنها المناطق الكردية، ومراحل التقارب والتفاهم بين الحركة الكردية بجميع فصائلها وشرائحها أصبحت أسهل بكثير من الماضي، بين قاب قوسين أو أدنى، وما يؤمل وينتظر هو العزم والرغبة في تقديم الواجب للشعب، نحن في إحدى أدق وأهم الفترات النضالية، ومن المؤسف أن نشاهد واقعين متناقضين اليوم في الشارع الكردي، أحدهما بيانات تبرز عن حدوث لقاءات واعية بين جميع فصائل الحركة السياسية الكردية وبدون استثناء، وآخر فصائل تنادي بالحد من تحركات الآخرين مع إتهامات واضحة، وهو صراع غير حميد للجهتين على الساحة؟!
لا يستطيع الكرد الإنعزال عن النهضة الثورية التي تجتاح دول وشعوب المنطقة، خاصة النهضة الشبابية الثورية التي تجتاح سوريا من أقصاه إلى أقصاه، والتي لا تزال بلا عنوان واضح، فهم منها، وفيها، وعليها يجب أن يمتطوا للإنتقال من معسكرات الإعتقال لدى الطغاة إلى الساحات الشعبية التي تسمع فيها صدى الكلمة، ومن المتوقع في القادم من الزمن أن يتنسم فيه الكردي شذى عبير هادئ من نسيم الحرية والتعبير الصادق عن المكنون، للكرد واجب أن يقدموه ليتمكنوا من الظهور على المسرح بثقة وإباء.
قدم الكرد من الشهداء على مسرح الحرية في سوريا، الوطن المثخن بالجراح، ما يجعل الشعب السوري عامة والكردي خاصة عزيزأً مدى الحياة، في فترة لم يذعن لصدى نداءاتهم معارض من خارج محيطهم، بل ومن المؤسف الكثيرين الذين كانوا يعال عليهم في يوم المحن، ألقوا التهم جزافاً، إلى أن حل بالشباب الثائر في إنتفاضة الكرد، كمجموعة مسيرة من الخارج تتوجه إلى تمزيق الوطن سوريا، الشعار الذي حرضت بها السلطة شرائح من الشعب، وها هي تبثه ثانية وبنمط آخر وعلى مستويات متنوعة وفي جميع أروقة سوريا، تهاجم الجميع، وتتهم الجميع، وتقتل الجميع، وهنا ربما أصبح البعض يشعر كم كانوا مخطئون يومها تجاه الكرد الثائر آنذاك.
وعليه برزت الآن اعترافات غير مباشرة عن خطأ المواقف السلبية نحو إنتفاضة آذار 2004 الكردية من خلال النداءات الموجه إلى مناطقهم، لتقديم ما يقع على عاتقهم من الحراك لإعادة تجربتهم السابقة في كسر روح الخوف الذي كانوا قبل سنوات قادتها، يوم هزوا عرش الطاغية.
لئلا ينبت هذا التقارب الفكري والنضالي بين الكرد والشرائح السورية الأخرى، حاولت السلطة وسخرت بعنف كل قواها وعلى مدى عقود من الزمن في عزل الشعب الكردي عن الكيان السوري، وكانت لها إملاءات غير مباشرة وسرية على أغلب القوى المعارضة العربية، كما إستطاعت أن تحيزها لئلا تأخذ أي موقف إنساني حضاري في وجه عمليات فرض اللاإنتماء الإجتماعي السياسي على الكرد كقومية ثانية في سوريا ولهم قضية، بل والأغلبية لا تزال في غموض حول المفهوم وإلى يومنا هذا.
لذلك ظهرت في فترة ما لدى شرائح من الكرد بعض المواقف اللاإنتمائية إلى الكيان الإجتماعي السوري، وإلى حذر من التجاوب مع بعض المؤسسات الإجتماعية المتنوعة، رغم تركيزهم النظري الدائم على إنتمائهم المكاني والزماني لسوريا الوطن، هذا التناقض الذي فرض على الكرد في الإنتماء واللاإنتماء، أعطى القدرة لتلك السلطة الدكتاتورية على خلق دعاية أعلامية مغرضة بين الشعب السوري وبنداءات علنية وسرية، للحذر والشك حول غايات الشعب الكردي، فتنوعت مواقف الحركات الكردية بجميع أنواعهم، وكثيراً ما وقفوا مترددين ما بين سلطة طاغية تلفظهم بدراسة وتمعن، وقوى معارضة عربية لا تتعرف سوى على كيان كردي بدون إنتماء إلى مكان أو زمان في هذا الوطن.
السلطة السورية، ركزت، وعلى مدى عقود، على فرض اللاإنتماء الكردي إلى الأرض، وحاولت تجريدهم من الإنتماء الإلهي الزمني، ومع التركيز على تجريد الإنسان الكردي من كل إنتماء للوطن، كفرض اللاإنتماء الإجتماعي رغم كلمة الرئيس السابقة عن النسيج السوري، خلقت وفرضت وبعمق دراية، وتحت مراسيم رئاسية عديدة اللاإنتماء الاقتصادي والسياسي وعلى مراحل طويلة، بل وصلت بهم إلى حد التجريد الشبه الكامل للشعب الكردي عن كيان الوطن السياسي.
بنت السلطة مع بعثها جدار الفصل بين السياسي الكردي والعربي " رغم المنافذ القليلة التي وجدتها بعضهم من خلال الحزب الشيوعي والذي بدوره تبرأ وعلى الملأ من الكرد كقضية سياسية " وحُصروا في مناطقهم، التي أصبحت سجون مفتوحة يجبرون على تقبل إملاءات قاهرة لا ترحم، كانت السلطة بطاغيته وقادة البعث دقيقون في الكثير من خططهم، وقوانينهم، ومراسيمهم الرئاسية.
ففي خضم إنطلاق الثورة، ركزت السلطة على تلك المبادئ وبنفس الأساليب عند التعامل مع الكرد، وهو فرض اللاإنتماء السياسي والثوري إلى الشباب الثائر وإلى الشارع السوري، وذلك عن طريق تقديم وجبات رخيصة ومسيئة للوجود الكردي المكاني والزماني، منها إعطاء الجنسية السورية إلى بعض الكرد. وهل إعادة الجنسية للكرد ستعوضهم عن حقوقهم كشعب غير معترف بكيانه بعد!؟ الملايين من الكرد يحصلون على حق المواطنة في جميع دول العالم، وهذه ليست هي التي من أجلها يجابهون أنصاف الألهة في موطنهم.
من المسبب في وجود أحزاب قومية شوفينية في المنطقة؟ أليس غياب التعامل الإنساني والحضاري وثقافة ألغاء الآخر التي تبنتها أحزاب شوفينية كالبعث وقادها طغاة كالأسد أدت إلى هذه الصراعات القومية في المنطقة، وأجبرت القوميات المتعددة في المنطقة كالكردية والأشورية والأرمنية وغيرها، على تأسيس أحزاب قومية تناضل من أجل حقوق لا وجود لها في مفاهيم طغاة منطقتنا؟ وهي نفسها الثقافة التي خلقت اليوم ردات الفعل الثورية لدى الشباب الذي توعى من خلال المنافذ العالمية إلى مفاهيم جديدة، للجميع فيها مكانه ودوره، وهذه هي الثورة التي سوف تقضي في القادم من الأيام على الفصل المقيت بين القوميات والأديان، لا استبعد تشكيل أحزاب تتكلم باسم الوطن، أركانها من جميع الطوائف والقوميات.
حاولت السلطة السورية وبعثها زج الشعب العربي لمجابة الكرد في صراعه مع الطغاة، وهم الآن يقومون بخلق نفس النوعية من المجابهة، ليس بين الكرد والأطياف الأخرى من الشعب، بل بين جميع الشرائح، نابشين عن كل فتنة تفتق بها أفكار رجالات السلطة ومستشاريهم. من الفتن الطائفية إلى القومية، ووصل بهم إلى خلق الفتنة بين الشعب والجيش، بين الجيش والفروع الأمنية. وسوف لن تتلكأ عن الإتيان بأدنى وأشرس النوازع الفردية، حتى ولو كانت على حساب تدمير البنية الإنسانية في الوطن، فقط للحفاظ على السلطة والطغيان. ومهما يكن ففي القادم من الزمن سوف ينزع الشعب السوري " الحرية " من براثن السلطة، ومعها الوطن الذي مزق إجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً، والبناء الآتي سيكون سليماً متماسكاً.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهية الوطن و- الأنا - المقدسة لدى الأسد
- هل سيلغي بشار البعث من الدستور، حفاظاً على السلطة؟
- مقدمات ترحيل بشار
- الصراع ضمن الثورات
- للشنكال عهد مع الأزل


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - فرض اللاإنتماءات على الكرد