أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوى - الكبارى مع السلطة الحاكمة الجديدة














المزيد.....

الكبارى مع السلطة الحاكمة الجديدة


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3354 - 2011 / 5 / 3 - 09:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يدهشنى دائما قدرة بعض الكاتبات والكتاب فى الصحف الحكومية أو المعارضة، على الوصول إلى أصحاب السلطات الحاكمة القديمة أو الجديدة، يستهل الواحد منهم مقاله قائلا: «أشكر السيد الوزير أو رئيس الوزراء د. عصام شرف (أو رئيس المجلس العسكرى أو أحد لواءاته) على تكرمه بالرد على مقالى، وسرعة استجابته للإفراج عن فلان المسجون دون جريمة، أو إنصاف فلانة التى فُصلت من وظيفتها دون خطأ من جانبها، أو علاج الأديب الفلانى على نفقة الدولة، لأنه لا يملك ثمن العلاج، كثيرا ما أقرأ لهؤلاء الكتاب الصحفيين، ومنهم من كان يكتب الشىء نفسه للمسؤولين الساقطين أو غيرهم من أصحاب السلطات السابقة واللاحقة، يدهشنى أن أغلبهم لايزال فى موقعه، يكتب بأسلوبه القديم، بعضهم من شباب الثورة الجدد، الذين يكتبون عن مشاكل مختلفة بالأسلوب ذاته، يفخر الكاتب منهم القديم أو الجديد بأن رئيس الجيش أو رئيس الوزراء طلبه شخصياً أو تليفونياً، وسأل عن المشكلة أو المظلوم الوارد فى مقاله، ثم أصدر الأمر فوراً بإنصافه أو حل المشكلة، ما يدهشنى أكثر أننى رغم كونى كاتبة (مرموقة) منذ أكثر من نصف قرن، وحتى اليوم أكتب مقالاً أسبوعياً فى جريدة تصدر فى القاهرة، وأعرض الكثير من المظالم التى يعيشها أغلب الفقراء والنساء والأطفال البنات والأولاد، إلا أننى لم أتلق أبداً رداً من أى وزير أو مسؤول سابق أو لاحق.

كان صديقى الأديب الراحل يوسف إدريس ينصحنى دائما بعمل كبارى مع السلطة الحاكمة وإلا فلن أنال أبداً لقب الكاتبة الكبيرة أو جائزة الدولة، ولن يلتفت أحد من المسؤولين الكبار أو الصغار إلى كتاباتى، وسألته: «وهل أنت تعمل كبارى مع السلطة؟» قال: «نعم، كنت أقابل السادات كثيراً، وأقابل مبارك أحياناً، ولى علاقة بأغلب الوزراء والمسؤولين» قلت له: «يا يوسف، أنت أديب مبدع ولست فى حاجة إلى السلطة»، قال: «لا يوجد مبدع فى مصر يمكن أن يستمر فى إبداعه دون حماية من السلطة الحاكمة، عندنا يا نوال مافيا الأدب والثقافة يمكن أن تنهشك نهشاً أو على الأقل تطردك من الساحة الأدبية إن لم تكن هناك حماية من رئيس الدولة أو مسؤول كبير آخر، لقد اختلفت مع مبارك مرة واحدة وكاد يخلعنى من ظهر الأرض، فأرسلت إليه شكوى قلت فيها: (إنى أشكو منك إليك)» قلت: «أذكر يا يوسف أننى قرأت مقالك فى جريدة (الأهرام) ودهشت كيف تخاطب مبارك كأنه الله تشكو منه إليه؟»، ضحك يوسف مقهقها، وقال لى: «الواقع المؤلم يحتم علينا أن نعمل كبارى مع السلطة وإلا تم تدميرنا دنيا وآخرة، لم أستطع فى كل حياتى عمل كوبرى واحد مع السلطة، وإن تقرب أهل السلطة منى مرة واحدة فهم يقررون عدم تكرارها أبدا، ليس لعدم احترامى لهم بل لعدم احترامهم لمن هو خارجهم، دائما أكون خارج السلطة الحاكمة، كالماء والزيت لا سبيل للخلط.

حضرت مرة واحدة اللقاء، كان يعقده مبارك مع الأدباء والمفكرين خلال معرض الكتاب الدولى السنوى، الصفوف الأمامية مخصصة للموظفين الكبار، الوزراء والإعلاميين، والمقربين من الرئاسة ووزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة، مقاعدهم كبيرة بالقطيفة الحمراء، النصف الخلفى للقاعة تشغله كراسى صغيرة من القش (خرزان) مثل كراسى البوابين وعمال الخدمة، هؤلاء من الشعب يجب احترامهم، أرفض التمييز بين الناس على أساس الجنس أو الطبقة أو المنصب، الاجتماع يعقد للقاء رئيس الدولة مع الأدباء والأديبات، رفضت الجلوس فى المؤخرة على كرسى خرزان قش، سرت على قدمين ثابتتين إلى الصف الأول، على المقعد الكبير القطيفة الأحمر جلست بكل كرامتى الأدبية، وكأنما خرقت نظام الكون، أخذ رجال الرئاسة على رأسهم رئيس الديوان (زكريا عزمى) يدورون حول أنفسهم حائرين مذعورين، لم أعرف لماذا هم خائفون، قلت لهم: «أنا الوحيدة المسؤولة عن تصرفاتى»، قال أحدهم: «إحنا مسؤولين أمام فخامة الرئيس عن تصرفات الآخرين»، تذكرت مقولة: «الناس من خوف الذل فى ذل».

عن يسارى كان يجلس فى كرسى قطيفة كبير رئيس اتحاد الكتاب (ثروت أباظة) سمعنى أناقش كبير الياوران أو رئيس الديوان، أرفض بإباء وشمم أن أنتقل إلى الكراسى القش فى المؤخرة، قال لى ثروت أباظة: «كل الأدباء الكبار قاعدين على الكراسى القش وراضيين؟»، قلت له: «المفروض أن يجلس الأدباء فى المقدمة مثلك يا ثروت يا أباظة لأن الاجتماع مخصص لهم»، كان لطفى الخولى جالساً إلى يسار ثروت أباظة، قال لى: «الكراسى مش مهمة يا دكتورة»، قلت له: «اذهب يا لطفى واجلس على الكرسى القش فى المؤخرة»، تكهرب الجو فى القاعة، تأخر ظهور مبارك انتظارا لحل الأزمة، قال أحدهم: «إنه أمر السيد الرئيس»، قلت: «يعنى أمر الله؟ لا يمكن أن أترك مكانى حتى يأتى رئيسكم وأعترض أمامه على الوضع ثم أنسحب من الاجتماع»،

قال الموظف بالرئاسة: «كل المقاعد مشغولة لا يوجد كرسى واحد فاضى»، كان يجلس فى الصف الثانى خلفى مباشرة الدكتور مفيد شهاب فى مقعد قطيفة فخم، قال للموظف بغضب: «هات كرسى بسرعة للدكتورة نوال، لا يمكن تتنازل عن حقها أنا عارفها»، فجأة ظهر الكرسى فورا، كيف جاءوا بالقطيفة الأحمر لأجلس عليه فى الصفوف الأولى؟ كان الاجتماع قد تأخر، مبارك غاضب عليهم بسبب التأخير، لم يكن من حل للأزمة إلا أن يضربوا الأرض ليخرج من بطنها المقعد القطيفة الأحمر، تم أيضا استدعاء الدكتورة أمينة الجندى من بيتها لتحضر الاجتماع فورا، كانت هى وزيرة الشؤون أو أمينة المرأة فى الحزب الحاكم تلبى الأمر فورا، هل عجزوا عن استدعاء السيدة الأولى سوزان مبارك بهذا الشكل المتهور؟ ولماذا الإصرار على امرأة أخرى تجلس فى الصفوف الأولى؟ هل كانت الحكومة تسقط أو وزير الإعلام يسقط لو ظهرت صورتى متربعة على العرش وحدى كأنما السيدة الأولى؟

هذا حدث من أحداث متعددة أدت إلى هدم الكبارى بينى وبين السلطات جميعا، وإلا فلماذا لا يرن تليفونى بصوت رئيس الوزراء أو رئيس المجلس الأعلى العسكرى ويقول لى: «قرأت مقالك وأصدرت أمرا فوراً لإصلاح الوضع!».



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم ير واحد منهم له عين واحدة
- رجولة جديدة أرقى وذكورة قديمة أدنى
- هل تأخرت الثورة سبعين عاماً؟
- هل ينتصر النقاء الثورى على أخطبوط الفساد؟
- هل يمكنهم إجهاض الثورات الشعبية؟
- أخلاقيات الثورة الجديدة والقيم المزدوجة القديمة
- مليونية الشباب والشابات يوم المرأة العالمى
- نساء الثورة الشعبية ونساء النخبة الحاكمة
- الثورة المصرية مستمرة حتى تحقق أهدافها كلها (٢)
- الثورة المصرية تضع قيما وعقدا اجتماعيا جديدا
- نساء تونس ونجاح الثورة الشعبية
- الإبداع المتمرد لا يموت
- استعادة العقل المصرى هى الأمان الوحيد
- النساء وكتابة الأدب
- نساء ورجال القرن الواحد والعشرين
- هل ينمو فكر جديد؟.. حوارات نوال ومنى
- أعظم نساء ورجال القرن؟
- خروف العيد: حوارات نوال ومنى (٢)
- خروف العيد: حوارات نوال ومنى (١)
- تمجيد المرأة والعقل الأجنبى.. وتحقير أنفسنا وزوجاتنا


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوى - الكبارى مع السلطة الحاكمة الجديدة