أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شامل عبد العزيز - مسيحي ومِنَ الإخوان المسلمين ؟















المزيد.....


مسيحي ومِنَ الإخوان المسلمين ؟


شامل عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3353 - 2011 / 5 / 2 - 22:28
المحور: الادب والفن
    


الدكتاتور هو أتعس الناس حين لا يجد معارك يخوضها – و لا أعداء يتغذى بعداواتهم – وبالتشنيع عليهم – إنه وحش غذاؤه الأعراض والكرامات – يقهرها ويلعقها .. ( عبد الله القصيمي ) .
أرسل الأستاذ نادر قريط مشكوراً رسالة مشتركة بيني وبين كل من السادة :
الدكتور نارت إسماعيل – الأستاذ الحكيم البابلي – الأستاذ رعد الحافظ .
قال الأستاذ نادر قريط مع مرفق الرواية :
لقد أرسلتُ لكم الرواية بمناسبة احداث سوريا وهي برأيي المتواضع وثيقة أثمن من الكتب الآخرى , لقد ضحكتُ أحياناً بهستيرية وبكيتُ بمرارة .
الوضع يختلف عن العراق ومصر وليبيا ( لأنني سألته عن تشابه الأحداث في بلدي العراق وكذلك مصر ) , قال : في العراق ربما كان نظاماً أشد قسوة وأقل طائفية لكنه أكثر صدقاً , في سوريا كان العنف ممزوجاً بنذالة وتوحش ( ذي عصبيات آخرى ) .
الحقيقة أن الضحايا كانوا أكثر مدنية من الحاكم , الحاكم كان قبلياً متوحشاً .
الرسالة عبارة عن رواية بعنوان ( القوقعة )- يوميات متلصص - من تأليف : مصطفى خليفة .
تحكي قصة شاب مسيحي سوري مُتهم بإنتمائه للإخوان المسلمين .
الرواية تتحدث عن ما جرى في ثمانينات القرن الماضي في سوريا عندما كان حافظ الأسد هو القائد الأوحد والحاكم الذي لا نظير له في الدفاع عن العروبة والقومية والجولان ؟
كانت امنية الأستاذ نادر قريط أن يقرأ الرواية أولئك الذين لم يكتشفوا ذواتهم لحد الآن .
تتشابه الأنظمة القمعية والشمولية في كل مكان بشيء واحد ألاّ وهو :
لا قيمة للإنسان في تلك الأنظمة .
هل كان يخطر في بال ستالين أن يقوم الشعب في جورجيا بإنزال تمثاله من عليائه وتحطيمه وسحقه بالأحذية ؟
هل كان يخطر في بال صدام حسين تلك الحفرة البائسة بعد أن كان يجلس على عرش أغنى بلد في المنطقة ولمدة 35 سنة ؟
هل كان يخطر في بال جمال مبارك وريث عرش مصر أن يقوم النائب العام بحبسه على ذمة التحقيق وأن يسأل زوجته خديجة الجمل عن الكسب غير المشروع ومعه شقيقه علاء وزوجته هايدي ؟
هل – هل – هل ,,, هناك العشرات ؟
حسب رأي الأستاذ نادر قريط لو تحولت رواية القوقعة إلى فيلم سينمائي لحصد العديد من الجوائز وانا معه في هذا بشرط أن تكون هوليوود هي صاحبة المبادرة لأن العربان لا يعرفون معنى الفن وغالبية أعمالهم بائسة .
ثم قال الأستاذ نادر :
سوريا بأطيافها من ( الإخوانية حتى الشيوعية ) هي أكثر إنسانية ومدنية من توحش الحاكم ولو كان علمانياً أو إدعى ذلك .
من خلال رواية القوقعة أقول :
لو ان النظام في سوريا لم يرتكب جريمة سوى ما جرى في رواية القوقعة فإنه يستحق الرحيل .

الجزء الأول من الرواية :
جلست وسوزان في كافيتيريا مطار أورلي بباريس ننتظر إقلاع الطائرة التي ستقلني إلى بلدي بعد غياب دام ست سنوات .
حتى ربع الساعة الأخير هذا , لم تيأس سوزان من محاولة إقناعي بالبقاء في فرنسا , اخذت تكرر على مسامعي نفس الحجج التي سمعتها منذ شهور عندما أعلمتها بقراري النهائي بالعودة إلى الوطن والعمل هناك .
أنا أبن عائلة عربية تدين بالمسيحية والمذهب الكاثوليكي , نصف العائلة يعيش في باريس , لذلك كانت الأبواب مفتوحة أمامي للدراسة في هذا البلد , دراستي كانت سهلة ومُيسرة وخاصة إنني كنت أجيد الفرنسية حتى قبل قدومي إلى باريس , درستُ الإخراج السينمائي وتفوقتُ في دراستي وها أنا اعود بعد تخرجي إلى بلدي ومدينتي .
سوزان أيضاً أبنة عائلة عربية , ولكن كل عائلتها كانت قد هاجرت وتعيش في فرنسا .
أصبحنا صديقين حميمين في السنتين الأخيرتين من دراستي وكان يمكن أن نتزوج بمباركة العائلتين لولا إصراري على العودة إلى الوطن وإصرارها على البقاء في فرنسا .
قلتُ لها حسماً لأخر نقاش في الموضوع ونحنُ في المطار :
سوزان ,, أنا احب بلدي ,, مدينتي ,, أحب شوارعها , وزواياها , هذه ليست رومانسية فارغة , هذا أولاً أما ثانياً فهو انني أريد أن اكون مخرجاً متميزاً ,, في رأسي الكثير من المشاريع والخطط , إن طموحي كبير ,,في فرنسا سوف أبقى غريباً ,, اعمل كأي لاجيء عندهم يتفضلون عليّ ببعض الفتات ,, لا ,, لا اريد , في بلدي أنا صاحب حق وليس لأحد ميزة التفضل عليّ ,, بقليل من الجهد أستطيع أن أثبت وجودي هذا إذا نحّينا جانباً حاجة الوطن ليّ ولأمثالي ,, لذلك قراري بالعودة نهائي وكل محاولة لإقناعي عكس ذلك عبث .
ران صمت استمر بضع دقائق ,, سمعنا النداء ,, آن أوان صعود الطائرة ,, وقفنا ,, شربنا ما تبقى في كؤوسنا من بيرة دفعة واحدة .
نظرتُ إليها متأثراً , لمحتُ مشروع دمعة في عينيها ,, ألقت بنفسها على صدري ,, قبلتها سريعاً ( لا اطيق هكذا موقف ) .
قلتُ : أتمنى لكِ السعادة ,,, وانا كذلك أرجو أن تنتبه ,, حافظ على نفسك .
( إن التلصص الذي مارسته لم يكن تلصصاً جنسياً – وإن لم يخل الأمر من ذلك ) .
هذه اليوميات كتبت معظمها في السجن الصحراوي ,, وكلمة ( كتبت ) في الجملة السابقة ليست دقيقة ,, ففي السجن الصحراوي لا يوجد أقلام ولا أوراق للكتابة ,, في هذا السجن الضخم الذي يحتوي على سبع ساحات إضافة إلى الساحة صفر ,, وعلى سبعة وثلاثين مهجعاً ,, وعلى العديد من المهاجع الجديدة غير المرقمة والغرف والزنازين الفرنسية ( السيلول ) في الساحة الخامسة , والذي ضم بين جدرانه في لحظة من اللحظات أكثر من عشرة الآف سجين , في هذا السجن الذي كان يحتوي على أعلى نسبة لحملة الشهادات الجامعية في هذا البلد لم يرّ السجناء ( وبعضهم قضى اكثر من عشرين عاماً ) أيّة ورقة أو قلم .
الكتابة الذهنية أسلوب طوّره الإسلاميون ( أحدهم كان يحفظ في ذهنه أكثر من عشرة الآف أسم , هم السجناء الذين دخلوا السجن الصحراوي مع أسماء عائلاتهم – مدنهم – أو قراهم , تاريخ اعتقالهم , احكامهم , مصيرهم .
عندما قررت كتابة هذه اليوميات كنت قد استطعت بالتدريب تحويل الذهن إلى شريط تسجيل ,, سجلت عليه كل ما رأيت وبعض ما سمعت ,, والآن أفرغ بعض ما أحتواه هذا الشريط .
هل انا نفس ما كنته قبل ثلاثة عشر عاماً ؟
نعم ,, و ,, لا ,, نعم صغيرة ,, ولا كبيرة .
نعم لأنني أفرغ وأكتب كتابة حقيقية بعضاً من هذه اليوميات .
ولا ,, لأنني لا أستطيع أن أكتب وأقول كل شيء ,, هذا يحتاج إلى عملية بوح ,, وللبوح شروط ,, الظرف الموضوعي والطرف الآخر .

20 نيسان ( لا وجود للسنة ) :
وقفت على سلم الطائرة قليلاً أتملى أبنية المطار ,, انظر إلى الأضواء البعيدة ,, أضواء مدينتي ,, إنها لحظة رائعة .
نزلت ,, اخذت حقيبتي وجواز السفر في يدي ,, إحساس بالإرتياح ,, إحساس من يعود إلى بيته وزواياه المألوفة بعد طول غياب .
طلب مني الموظف الانتظار ,, قرأ جواز السفر ,, رجع إلى أوراق عنده ,, بعدها طلب مني الانتظار ,, فأنتظرت .
أثنان من رجال الأمن أستلما جواز السفر وبلطف مبالغ فيه طلبا مني مرافقتهما ...
أنا وحقيبتي ( التي لم أراها بعد ذلك ) ورحلة في سيارة الأمن على طريق المطار الطويل ,, أرقب الأضواء على جانبي الطريق ,, ارقب أضواء مدينتي تقترب ,, ألتفت إلى رجل الأمن الجالس إلى جواري أساله : ( خير إن شاء الله ) ؟؟ لماذا هذه الإجراءات ؟ يصالب سبابته على شفتيه ,, لا ينطق بأي حرف ,, يطلب مني السكوت ,, فأسكت .
رحلة من المطار إلى ذلك المبنى الكئيب وسط العاصمة ,, رحلة في المكان ..
ومنذ تلك اللحظة وإلى ثلاثة عشر عاماً قادمة ,, رحلة في الزمان ...
عرفت فيما بعد أن أحدهم وكان طالباً معنا في باريس قد كتب تقريراً رفعه إلى الجهة الأمنية التي يرتبط بها ,, يقول هذا التقرير : إنني قد تفوهت بعبارات معادية للنظام القائم ,, وإنني تلفظت بعبارات جارحة بحق رئيس الدولة ,, وهذا الفعل يعتبر من اكبر الجرائم ,, يعادل فعل الخيانة الوطنية إن لم يكن أقسى ,, وهذا ما جرى قبل ثلاث سنوات على عودتي من باريس ,, ذلك التقرير قادني إلى هذا المبنى الذي يتوسط العاصمة قريباً من بيتنا ,, هذا المبنى الذي اعرفه جيداً فلطالما مررت من امامه كنت حينها مُثاراً بالغموض الذي يلفه وبالحراسة الشديدة حوله .
رجلا الأمن يخفراني ,, اشتدت قبضاتهما على ساعديّ عندما ولجنا الباب إلى الممر الطويل ,, في آخر الممر شاب ,, صاح عندما رآنا : اهلين موسى ,, شو ؟ أخضر ولا أحمر ؟
( كلّو ,,,,,, من بعض ) ؟
من الممر إلى ممر آخر ,, درج داخلي ,, ممر علوي ,, غرفة إلى اليمين ,, قرع الباب ,, صوت من الداخل ,, ادخل ,, فتح مرافقي الباب بهدوء ,, ثم خبط الأرض بقدميه بقوة : احترامي سيدي ,, هذا مطلوب جبناه من المطار سيدي ...
أنسلت إلى انفي رائحة مميزة لا يوجد مثيلها إلاّ في مكاتب ضباط الأمن ,, هي خليط روائح ,, العطور المختلفة ,, السجائر الفاخرة ,, رائحة العرق الإنساني ,, رائحة الأرجل ,, كل ذلك ممزوج برائحة التعذيب ,, العذاب الإنساني – رائحة القسوة .
ما أن تصل الرائحة إلى انف الإنسان حتى يشعر بالرهبة والخوف ,, وقد شعرت بهما رغم اعتقادي أن التباساً ما وراء كل هذا .
التفت إلينا شخص عملاق ,, أبيض الشعر ذو وجه أحمر لمحت عند قدميه شاباً مقرفصاً معصوب العينين ,, قال العملاق : خذه لعند أبو رمزت ,, جذبني المرافقان ,, هذه المرة بعنف ظاهر ,, ممرات وادراج ,, كم يبدو البناء صغيراً من الخارج ,, بينما هو بكل هذا الاتساع من الداخل .
خلال سيرنا تصلني أصوات صراخ إنساني واستغاثات ,, كلما تقدمنا أكثر تزداد هذه الأصوات ارتفاعاً ووضوحاً ,, نزلنا ,, على ما اعتقد إلى القبو ,, فتح أحد مرافقي الباب ,, رأيت مصدر الصراخ والاستغاثة ,, فاجأتني صرخة ألم عالية إثر ضربة كابل على قدمي الشخص الممدد أرضاً والمحشور في دولاب سيارة خارجي ,, رجلاه مرتفعتان في الهواء ...
أحسست أن شيئي بين فخذي قد أرتجف ,,, بينما كنت مذهولاً من رؤية الكابل الأسود يرتفع ثم يهوي على قدمي الشاب المحشور في دولاب السيارة الأسود ثم يرتفع ناثراً معه نقاط الدم ونتف اللحم الآدمي , جمّدني صوت زاعق ,, التفت إلى مصدره ,, في زاوية الغرفة رجل محتقن الوجه ,, محمرّه والزبد يرغي على زاويتي فمه ( طمّش عيونه ,,, ولا حمار ) .
قفز أحد مرافقيّ قفزتين واحدة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء وإذ بشيء يوضع على عينيّ ويُربط بمطاط خلف رأسي ولم أعد أرى شيئاً .
وقفوه على الحائط ,, دفعة على ظهري ,, صفعة على رقبتي ,, يداي إلى الخلف ,, أسير مرغماً ,, يرتطم رأسي بالجدار ,, أقف ,, أرفع يديك لفوق ,, ولك كلب أرفعُهما ,, إرفع رجلك اليمين ووقف على رجلك اليسار ,, يا أبن ,,,,,,
أرفع رجلي ,, أقف ,, في الخلف يستمر ما كان يجري ,, أسمع صوت الكابل ,, صوت أرتطام بالقدمين ,, صوت الشاب المتألم ,, صوت لهاث الجلاد ,, اكاد أسمع صوت نتف اللحم التي رأيتها تتطاير قبل قليل ,,, أصوات ,, اصوات .
عند الأعمى الصوت هو السيد .
الكرسي المريح في مطار اورلي – سوزان – مرطبات – بيرة – المقعد الوثير في الطائرة – المضيفة التي تفيض رقة وجمالاً – العصير – الشاي .
تتعب رجلي اليسرى التي تحمل كامل جسدي – لو بدلت اليمنى باليسرى هل سينتبه الرجل ذو الوجه المحتقن ,, وإذا أنتبه ماذا سيفعل ؟
تتخدر اليسرى – لم اعد استطيع الاحتمال – أغامر – أبدل – لم يحصل شيء – لم ينتبه احد – أشعر بالانتصار ,, بعد سنين طويلة من السجن مستقبلاً سأكتشف انه في الصراع الأبدي بين السجين والسجان ,, كل انتصارات السجين ستكون من هذا العيار .
الزمن ثقيل – ثقيل – حالة من اللاتصديق تنتابني ما الذي يجري ولم انا هنا ؟
الآف الاسئلة – احاول ان استند بيدي إلى الحائط – ألمسه برؤوس أصابعي – فجأة يصيح الشاب المحشور في دولاب السيارة الخارجي الأسود :
بس ياسيدي – بس – مشان الله – ما عاد فيني أتحمل – راح أحكي كل شيء ....
بهدوء وبلهجة المنتصر يقول الرجل ذو الوجه المحتقن :
بس إبراهيم – كافي – اتركه – طالعه من الدولاب وخذه لعند الرائد ...
أسمعه يتكلم بالهاتف مع الرائد فكرت جاء الآن دوري ,, فعلاً سمعت صوت سماعة الهاتف تعود إلى مكانها ,, صاح المحتقن :
ولك أيوب – أيوب ,, نعم سيدي – تعال شوف هذا الزبون ,,
أحس بأيوب خلفي – دخله عالدولاب – يالله بسرعة ,, شعرت بأن أكثر من خمسة رجال قد جذبوني وأوقعوني أرضاً ,,, إلى الآن وبعد اربعة عشر عاماً مضت على تلك اللحظة لم استطع ان أفهم أو اتصور كيف أن أيوب قد حشرني في ذلك الدولاب الخارجي للسيارة ,, بحيث أصبحت رجلاي مشرعتين في الهواء ,, لا أستطيع الفكاك مهما حاولت ,, و لا كيف انتزع حذائي وجواربي ,,, سيدي كابل ولاّ خيزرانة ,, خيزرانة – خيزرانة ,, يظهر الأستاذ نعنوع ؟
سيخ من النار لسع باطن قدمي – صرخت قبل أنتهاء الصرخة كانت الخيزرانة قد لسعت مرة أخرى ,, الضرب متواصل – الصراخ متواصل – رغم ذلك سمعت صوت الرجل المحتقن ,,
أيوب – بس أستوى ناديلي ؟
لا اعرف لماذا يضربوني ,, لا اعرف ماذا يريدون مني ,, تجرأت وصرخت : لك يا اخي شو بتريد مني ؟
كول ,,, ولا ,,,
هذا كان رد أيوب الذي لم أر وجهه أبداً وبدات اعد الضربات وأنا أصرخ ألماً ...
بعد ذلك بزمن طويل أخبرني المتمرسون : إن عدّ الضربات أول علامات الضعف ,, وإن هذا يدل على ان المجاهد أو المناضل سينهار امام المحقق ,, وقتها قلت في نفسي ولكنني لست مناضلاً ولا مجاهداً ,, واخبروني أن من الأفضل في هذه الحالات أن يكون لديك قدرة كبيرة على التركيز النفسي بحيث تركز على مسألة محببة لك وتحاول أن تنسى قدميك ,, عند الرقم أربعين أخطات العد وبدات افقد إحساسي بجسدي ,, صراخي خفتت حدته ,, حالة من عدم التوازن والدوار – الغمام – رغم الطماشة ,, بدأ يطفو امام عيني ,, هل بدأت أفقد وعيي ؟ غمام – دوار – مطار اورلي – العصير – البيرة – الطائرة والمضيفة اللطيفة .
إحساس مبهم بأن كل شيء قد توقف ,, استعدت استيعاب الموقف – نعم حتى الضرب توقف – خدر – خدر ,, دقائق قد تكون طويلة ,, قد تكون قصيرة ,, لست ادري ,, صحوت ,, صوت الرجل ذو الوجه المحتقن ثانية ,, شو يا أيوب ,, صحي ولاّ لأ ,, صحي سيدي – صحي بس ,, شخ تحتو .
العمى بعيونه – الظاهر أنو الأستاذ كتير خروق ,, أحسست بلكزة في خاصرتي وصوت المحقق : ولك شو ؟ مانك رجّال ؟ العمى بعيونك مابتستحي تشخ تحتك ؟ شو أسمك ولا ؟
قلت له أسمي ,, ولا كلب – شوف – لسه مابلشنا معك – صار فيك هيك – لسه هذا كله مزح – ومابلشنا الجد- الفضل من البداية تريح حالك وتريحنا – بدك تحكي – يعني بدك تحكي – هون عندنا الكل بيحكوا – وبدك تحكي كل شيء – من طق طق ل السلام عليكم ,, هاه ,, مستعد تحكي ؟
ياسيدي بحكي شو ما بتريد – بس قولولي شو بدي احكي ,, طيب هات لنشوف – شو أسماء أسرتك ولا ؟ بدأت اعد له أسماء اهلي بدءاً من والدي ووالدتي لكنه قاطعني صارخاً ومهتاجاً :
ولا جحش – عم تجدبها علي – أنا بدي أسماء اهلك ,,,,, عليك وعلى اهلك , قل لي أسماء أسرتك بالتنظيم ,, ولا كرّ ,, أي تنظيم ياسيدي ؟ أي تنظيم ؟
يا أيوب يبدو هالتيس عم يغشم حاله – بدو يعذبنا ويعذب حاله ؟
يا سيدي وحياة الرب ,, وحياة الرب ما بعرف عن شو عم تسألني ؟ أي تنظيم يللي عم تحكي عنه ؟ صوت خطوات شعرت أنه أقترب مني انفاسه لفحت وجهي وبهدوء شديد قال :
تنظيم ...... امثالك ,, تنظيم الإخوان المسلمين ,,, شو ما بتعرف تنظيمك ؟ لا حظت أن رائحة فمه كريهة جداً , لم أدر ؟ هل عليّ ان أفرح لأن الالتباس بدأ واضحاً جلياً أم ألعن حظي العاثر الذي أوقعني في هذا الالتباس ؟ أم ألعن الصدف التي قدرت أن أصل مباشرة إلى أبو رمزت ؟ لو انهم فتشوني وأخذوا أغراضي كما يفعلون مع الجميع لتبين لأحد ما من اكون وما هي جريمتي ولكن أن ادخل فرع المخابرات في اللحظة التي كان ياتي فيها إلى الفرع يومياً مئات المعتقلين من الإخوان المسلمين وأن أُحشّر بينهم وأن يعمل الضباط والعناصر على مدار الأربع وعشرين ساعة يومياً وأن تكون الفوضى داخل الفرع عارمة لهذه الدرجة فمن المستحيل عندها استطيع إزالة وتوضيح هذا الالتباس وفوق كل هذا أسمي الذي لا يوحي بأنني لست مسلماً ,, ولكن رغم ذلك صرخت ,, بس يا سيدي أنا مسيحي , مسيحي .
شو ولا عم تقول ؟ مسيحي ؟ العمى بعيونك ولا ليش ما حكيت ؟ ليش جايبينك لكان ؟
اكيد , اكيد عامل شغلة كبيرة ؟ مسيحي ؟ أنتو ماسألتوني يا سيدي ومو بس مسيحي ؟ أنا رجل ملحد , انا ما بآىمن بالله .
إلى الآن لم اجد تفسيراً لفذلكتي هذه فما الغاية من إعلان إلحادي امام هذا المحقق ؟
لا أعرف ؟ وملحد كمان سألها بصوت عليه مسحة من تفكير ,, نعم سيدي ,, نعم ,, والله العظيم وشوف هذا جواز سفري ,, سكت الرجل المحتقن لحظات بدت ليّ طويلة جداً ,, سمعت صوت أقدامه تبتعد وبصوت واضح قال :
قال ملحد ,, قال ؟ أي بس نحن دولة إسلامية ,, أيوب ,, كمل شغلك .
وعادت خيزرانة أيوب تواصل عملها ,, منذ اللحظات الأولى لاحتكاكي بهؤلاء استخدمت كلمة اخي عند الإجابة على سؤال ما ؟ لكن أيوب صفعني قائلاً : ولا كلب أنا اخوك ؟ اخوك بالخان .
تداركت الأمر وخاطبته ب يا أستاذ وصفعة اخرى ,, أستاذ ,, أستاذ ببيت اهلك ,, بين فخاذ امك ؟
منذ تلك اللحظات علموني أن أقول يا سيدي ,, هذه الكلمة لا تستخدم هنا كما بين رجلين مهذبين ,, هذه الكلمة تُنطق هنا وهي تحمل كل معاني الذلّ والعبودية .
*******************************************************************************
هذا يوم واحد فقط وهناك 4847 يوماً ,, هذه 24 ساعة وهناك 116328 ساعة .
لماذا ؟ لأنه أمضى 13 سنة و3 أشهر و13 يوم , وكان هذا هو اليوم الأول , فما هو رأيكم ؟
هل تُريدون أن تسمعوا المزيد أم أنّ ذلك شيء يدعو للقرف وللاشمئزاز ؟
السؤال المهم ؟ لماذا وعلى ماذا ومن أجل ماذا ؟
هل هذه هي المباديء العظيمة , هل هذه هي الأفكار التي جاءت من أجل إخراجنا من الظلمات إلى النور ؟ من اجل الإنسان – الحرية – العدالة الاجتماعية – الاشتراكية – المساواة – القضاء على الامبريالية – تحرير الأراضي المغتصبة والقضاء على إسرائيل ؟
جميع الأحزاب في الشرق أهانت الإنسان وسحقته وأمتهنت كرامته , يقولون صهيونية وامبريالية ,, عجبي ,, لا كرامة للإنسان إلاّ في الغرب وفي إسرائيل ,,
أحزاب مضى على وجودها أكثر من سبعين عاماً ,, ماذا قدّمت وماذا انجزت ؟
هل تدرون ما هي المصيبة , الكارثة ؟ لا زال هناك من يؤمن بهذه الأحزاب الفاشية التي لا تعرف أيّ معنى من معاني الإنسانية ليس هذا فحسب بل يتفاخرون ويكتبون ويحتفلون وهناك من يعتبر بعضهم ( قامة ) في كتاباته وأفكاره ولو التفت إلى نفسه ونظر إليها جيداً سوف يكتشف حقيقة نفسه , هل هناك كلام ,, لا أدري ؟
شخص ما ,, من قرية ما ,, من طائفة ما ,, من مذهب ما ,, مريض ,, معقد ,, يشعر بالمهانة والمذلة ,, ينتمي لحزب ما ثم يصل إلى اعلى المراتب ,, كيف يكون ؟
ما هي المؤهلات والصفات التي يجب أن تتوفر في منْ يكون حزبياً , ومن أعلى طراز ؟
هل لديكم إجابة ؟
/ ألقاكم على خير / .



#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعداء الحرية !!
- تعقيباً على مقالتي ( أمريكا وديمقراطية التظاهرات ) ؟
- أمريكا وديمقراطية التظاهرات ؟
- هل هي فوضى خلاّقة ؟
- يسوع وعيسى والقرآن ؟
- رياح التغيير إلى أين ؟
- لا .. للدولة الدينية .
- 77 % مقابل 22 % , لماذا ؟
- المادة الثانية بين الواقع والتطبيق .
- الاشتراكية الدكتاتورية أم الاشتراكية الديمقراطية 4 - 4 .
- الاشتراكية الدكتاتورية أم الاشتراكية الديمقراطية 3 - 4 .
- الاشتراكية الدكتاتورية أم الاشتراكية الديمقراطية 2 - 4
- الاشتراكية الدكتاتورية أم الاشتراكية الديمقراطية 1 - 4 .
- ماركس وداوكنز والدين !!
- يوم الغضب العراقي .
- قناة الجزيرة وإسرائيل !!
- لكل زمان دولة ورجال !!
- مصر , التغيير , والسياسة الأمريكية !!
- لماذا لا يكون الحاكم مسيحياً ؟
- هذا هو حالنا .. فلا تلوموا إلاّ أنفسكم !!


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شامل عبد العزيز - مسيحي ومِنَ الإخوان المسلمين ؟