أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - (محاورة ساخرة عند (شانيدار















المزيد.....

(محاورة ساخرة عند (شانيدار


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1000 - 2004 / 10 / 28 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


(شانيدار: كهف في قضاء راوندوز/شمال العراق، أ ُكتِشفت فيه بعض هياكل عظمية من العصور الحجرية.)

إجتَرَّ الخروف الأبيض بعض ما قضمه من عشب،
وإجتَرَّ الخروف الأسود كرفيقهِ.،
جلسا عند مدخل كهف شانيدار في حالة إسترخاء..
حملقَ الأسود في الأبيض وراحا في إجترارٍ ومحاورة:

الأسود:ذاكَ العشب ما عادَ طريَاً
الأبيض: بلى... أشعرَُ كأني أجترُّ عظاماَ لا عشباُ
الأسود:ربما هناك بعض أخضرار قي حضن هذا الكهف
الأييض (مستغرباً): هل جُننت؟ خيوط الشمس لا تجرأ أن تدخلَ الكهوف
الأسود(متجاهلاً): دعني أدخل لألقي نظرة
الأبيض:نادني إن وجدتَ شيئاً طرياُ يسدّ الرمق
الأسود(عائداً من داخل الكهف): ها... وجدتُ جماجماً و عظام
الأبيض(مندهشاً): جماجم!..عظام!!..لخرافٍ مثلنا!؟
الأسود(مقهقهاً و مرددِّاً):خراف.. ها.. مثلنا.. غبيٌّ أبيض
الأبيض(صامتاً و مجترّاً):...صوت الإجترار..
الأسود:بماذا تفكر يا نبيه؟
الأبيض: أنا فقط أتسائل مع نفسي لمن يا ترى تلك العظام
الأسود:إنها لأولئك المتدحرجون على تلك الرابية
الأبيض(متلفتاُ):أولئك!!.. ماذا تقول؟.. أنا أرىثلاث نسوة ورجل ومعهم طفل
الأسود(بسخرية):نعم، تلك العظام والجماجم لأولئك المتقدمون بلا أتجاه
الأبيض(مستعرضاً غبائه):هل تقول بأنَّ تلك العظام في الكهف لأولئك اللذين أراهم الآن فوق الرابية؟
الأسود(بذكاء وإستخفاف): نعم.. بلى بلى هذا ما أقول
الأبيض:لا يُعقل يا رفيق...كيف يمشي الآدميّ بلا عظام أو جمجمة!!
الأسود(منزعجاُ):تباً لك أحمق!،هل بياض صوفك مسخك غبياً الى هذا الحد؟
الأبيض(توقف عن الإجترار مرتبكاً):لا تنتهك بياضَ صوفي يا هذا،وأ ُضح لي إن كنت قادراً
الأسود(بامتعاض):يا رفيق أنا قصدت ان تلك العظام لبني الإنسان وليس تحديداً لأولئك القادمون
الأبيض(مفكراً في همهمة مضطربة و مجترّاً المزيد من العشب):...
الأسود(متسائلاً):هل فهمت؟
الأبيض: بلى بلى فهمت .. ولكن هل هي عظام الانسان الحديث؟ولمَ يسكن الانسان في الكهوف؟
الأسود(هبَّ واقفا في غضب): هل أنت أعمى!؟ هلاّ توقفتَ عن الإجترار!! حاول أن تجترَّ ما تراه كل يوم و تفهم
الأبيض(هبَّ واقفا هو الآخر):أو تعني عليَّ أن أجترَّ تلك الغيوم وهي تحتضن القمر،أم ذلك السحرالآخذ للألباب والموشِح لتلك الجبال والوديان؟هل تريدني أن اجترَّ جمال الطبيعة من حولي؟
الأسود(وهو يعود للجلوس بكبرياء): بلى.. لقد أحسنت، الطبيعة ساحرة حقاً من حولنا، اياك أن تجترّّ الجمال فهو حتماً ليس للإجترار،ولو أن الانسان أجترََ بعضاً منه
الأبيض(مستغرباً):أذن أوضح لي المغزى، بالله عليك أوضح ماذا تُريدني أن اجترَّ غير العشب؟
الأسود:يا رفيق أنا أريدكَ أن تفهم أنَّ تلك العظام هي لذلك الانسان الذي أطلقوا عليه..(الأسود أطرقَ مفكراً).. أطلقوا عليه انسان نياندرتال.. نعم ذلك الانسان الذي عاش العصر الحجري،تلك العظام نظيفة
الأييض(متسائلاً باستطراد): نظيفةّّّّ!؟ ولكن...
الأسود( مستوقفا الأبيض عن الأسترسال في التساؤل ومقهقهاً): نعم يا أنصع بياضاً من وجه الزمن، تلك العظام نظيفة حيث لا تشمَّ فيها رائحة البارود ولا ترى أختراقاتٌ للشظايا ، لا احتراق أو رائحة شواء فهي مجرد عظام لأناس عاشت و ماتت فتركت ورائها ما يستنير به العلماء، فهي دلالات لمسيرة الانسان في أتجاه ما سميَّ تطوّر
الأبيض(مستفهماً)" ومن أين لك تلك المعلومات يا رشيق؟
الأسود(ساخراً): أنا أرتدي صوفاً أسود
الأبيض(مطرقاً رأسه حيث لم يفهم):...
ثم رفع رأسه ليسأل من جديد،
الأسود(استوقفه):تعال معي لأريك كيف هي هياكل وعظام الانسان الحديث
راحا الأثنان في إجترارٍ كئيب و جولة.
وعندّ مقبرة جماعية وقفا،
الأبيض:ويلاه ما كلَّ تلك الأكداس من الهياكل!!
الأسود:انها لمن يعيش معنا... أقصد الانسان الحديث
الأبيض(متسائلاً كالعادة): وكيف عرفت أنَّ كل تلك الهياكل له؟
الأسود:تعالَ تفحّص،انظر الى هذه الجمجمة،ألا ترى ذلك الثقب؟ انه عيارُ ناري،وأنظر لهذا القفص الصدريّ، اولا ترى أنه قد تفحّم؟
الأبيض(مندهشاً): نعم نعم أني أرى، ولكني أشمُّ رائحة وقود.. ذلك الشئ الذي يسمونه "بنزين".. هل يشرب الانسان الحديث وقوداً؟
الأسود (مستهزءاً): لا يا عزيزي لقد أ ُجبِِروا على شربهِ
الأبيض(متجاهلاُ):يا أسود أنظر، تلك العظام وكأنّ اصحابها قد ماتوا اليوم! هل أصبحت الديدان بذلك النهم لتأتي على كل اللحم بهذهِ السرعة؟
الأسود(ضاحكاً ومشيراً الى شئ):نعم، أنظر الى تلك الدودة، إنها بعجلات
الأبيض(ناظراُ حيث أشارَ الأسود):تلك!؟ أنا ارى سيارة
الأسود(بكآبة وسخرية):إنها دودة مُفخّخة تأتي على اللحم وتبقي العظمَ مفحمّاً
الأبيض(بذهول): أنظر تلك عظام عليها جلود منصهرة.. وما تلكَ الرائحة؟
الأسود(مقترفاً):أما سمعتَ بعلم الكيمياء؟انه صنفُ من جبروت ذلك العلم
بعد تجوال طويل بين محافل الانسان الحديث جلسا عند هيكل طفلة حاضنة لدميتها
الأبيض: أنظر الى تلكَ الدميّة
الأسود: أنظر الى تلك الطفلة
الأبيض: أشعر باني بحاجة للتقيّأ
الأسود: أشعر بأني بحاجة للنوم
الأبيض:أنا لا أفهم التاريخ، يقال أنه مادي
الأسود(مذهولاً):من أين جئت بذلك التعبير؟؟
ألأبيض:تلك الهياكل جزءاً من تاريخ وهي مادة متوارية تحت التراب
الأسود(مفكراُ):أنتَ ليس بذلك الغباء كما كنت أظن
الأبيض(ساخراً):غبي مَن يظن أنَّ الأخرين أغبياء
الأسود(مغازلاً): هل لا زلت تشعر بحاجة للتقيّأ؟
الأبيض(بحياء):اذكرٌ انتَ ام أ ُنثى؟
الأسود: أنا ذكر ياغبية يا بيضاءٌ ذكية
الأبيض(بأستحياء): راودتني فكرة
الأسود(بفضول):وماهي؟
الأبيض:لماذا لا نعود أدراجنا من حيثُ أتينا؟ولكن قبل ذلك حدثني عما اسمعه منطلِقاُ من تلك الجحور في تلك الروابي، سمعتً مفرادات مثل مُفخّخة وقد ذكرت ذلك انتَ أيضاً، وسمعت مفردة تُشبه (هباب)..لا لا لقد كانت أرهاب على ما أظن
الأسود(بشغف):تقصدين ذلك الكهف المظلم؟
الأبيض:نعم، ولكن حدثني أولاً عما سألتك
الأسود:يُستحسن أن تنسي مفردة الأرهاب فهي إلتباس
الأبيض(بأصرار): لا ، يجب أن أفهم.. ماذا يقصد الآدميّ بالأرهاب
الأسود(بأختزال):اٍسمعي يامَن صوفكِ تيّمَ السواد، أن خلعتُ ذاك الصوف عنكِ سأكون مُناضلاُ، وإن خلعتِ عني صوفي ستكوني أرهابية، والعكس حتماُ صحيحح في قاموس مُن وضعَ القواميس
الأبيض:ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ما قلتَ يبدو لُغزاً، هلاّ أوضحت؟
الأسود:لماذا لا نعود أدراجنا مثلما قلتِ؟ نحنُ خراف لا نؤمن بالأرهاب،دعي الأرهاب لبني الانسان أما نحن فالأرهاب واقعٌ علينا كل يوم، في قاموسهم نحن مجرد تجارة لحوم وتغذية
الأبيض(في دلال):تعالَ أذن..هيا لنرحل فتاريخ الانسان يبدو مُعقّد
الأسود(مبتسماُ):هيا بنا.. ذاك الكهف يبدو آمن
بعد ساعة من التأمل والمغازلة أنطلق الخروف الأسود بصحبة الأبيض، ليتقيّأ الأبيض و ينام الأسود عندّ عظام نياندرتال في كهف شانيدار.



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا الانسان..لكن مَنْ أنا؟
- رحيلٌ بطنين ٍبلاعسل
- المزيد من الهمهمات على موقد الذكرى
- هذا نشيدي للعراق
- -حتى- و -حيث-
- كلاّ.. صداها لِمَ لا
- رواية في مقطوعة شعريّة
- أيامٌ تتمَزّق..وتأمُّل
- نقاط .. وهلال
- أمتطاء المجذافَ والتجذيفُ بالقارب
- هو يـُصبحُ هي بعد الجنون
- الكريمُ (رمضان) قادم والأزِقّةُ في مخاض
- لن ترقص بغداد كالغجريّة
- مُناجاة مُغتَرِب لبلدِ العودة
- طوقني
- بوشاح ٍ أو مِن غيرِ وشاح سأنطلق
- نحو الهدف برجل ٍ عرجاء
- الوطنُ أنسانٌ فيكَ ياأنسانْ
- الترابُ يرى أين تَكمُن العفونة
- الأفق الحائر يغلق باب التمدّن


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - (محاورة ساخرة عند (شانيدار