أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - أحمد الناجي - نثار من ذكريات طريق الشعب لإشراقة العدد الألف من الحوار المتمدن















المزيد.....

نثار من ذكريات طريق الشعب لإشراقة العدد الألف من الحوار المتمدن


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 1000 - 2004 / 10 / 28 - 09:53
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


باعدني السفر عن الانترنت مؤخراً، وتعذر عليّ ممارسة واحداً من طقوسي المحببة لفترة من الزمن، إلا وهو التصفح اليومي لموقع الحوار المتمدن، وكنت حينها أواسي نفسي وأداريها بإمكانية متابعة ما صدر من أعداد للجريدة طيلة فترة غيابي فيما بعد، عبر توفر ميزة الرجوع الى الأرشيف الذي يتيحها الموقع بيسر وسهولة متناهية، وهي واحدة من سمات عديدة مميزة تدل على حسن تصميمه وإتقانه، وبقدر ما كنت مهموماً بحالي المتكدر بسبب الابتعاد القسري عن نافذتي الأثيرة التي تغدق يومياً بشعاع ضيائها على كل المجالات السياسية والثقافية والفكرية، في أرجاء المعمورة، لتنير الدياجير التي يرتع فيها زيف الكلمات، وتكشف عن عهر المرامي المغلفة بالشعارات الجوفاء، وترمم الخرائب، نتاج فكر التغريب والتصحر والتسطيح، كنت أشفق في الوقت نفسه على شقلاوة تلك الحاضرة الجميلة المترامية على سفوح جبال بلادي الشامخة، وهي تعيش زهو تهشم الصنم، ونعيم استتباب الأمن والأمان، ونشوة المشاريع والأعمار، ولكنها مع كل ذلك ظلت عصية لم يأسرها بعد التواصل مع القرية الكونية عبر الانترنت بنك معلومات الكون والحضارة.
بعد عودتي من السفر، واكبت على تعويض ما فاتني بلهفة، ورحت أتصفح يومياً العدد الجديد من صحيفة الحوار المتمدن، وعدداً أو أكثر من الأعداد السابقة، وتوالت الأيام، وأنا أغرف ما تيسر لي من هذا المعين الثر، وفي خضم خليط المشاعر الذي يعتريني عند قراءة مقال تراه وتحس بوقعه، وكأنه لم ولن يتقادم، أو ذاك الذي بقى متفاعلاً مع الحدث رغم مرور الأيام بسبب تحليلاته السديدة، وأرائه الثاقبة، أو الأخر الذي أفل تأثيره بسبب المستجدات، في هذا الخضم المتجدد، سرحت بي الذاكرة الى الماضي، لاقتنص بعضاً من الانطباعات لصور جاد بها الواقع، تلك التي ارتسمت يوماً ما في خلايا الدماغ، وبقيت عالقة لأكثر من ثلاثين سنة، صور ولقطات محببة الى النفس، تفرض اليوم حضورها عليّ بسبب التناغم مع شجون لهفتي على تناول وقراءة محتويات الجريدة، وتعويض الكم الثقافي الكبير، لأجد أمامي تساؤلاً ماثلاً يستطلع مشاعر الممايزة بين قراءة الجريدة الخارجة للتو من ماكنة طباعتها، أو تلك التي مضى على إصدارها زمن ليس بالقصير، سواء كانت الحوار المتمدن الالكترونية اليوم، أو تلك القريبة للنفس طريق الشعب السرية بالأمس.
في نهاية العقد الستيني، كان الغذاء الروحي لا يكتمل إلا بأداء طقوس استقبال وفادة طريق الشعب السرية، ولا تغدو الوجبة كاملة إلا حين تمتزج مع محاذير الإخفاء، وتطلعات القيام بمهام التوزيع على أكمل وجه، الى أكبر عدد من الحالمين بالغد المشرق، ناهيك عن التزود بما تمده من النسغ المترع بالأمل، الصاعد من رحم الأرض، المقترن بجهود وهمم المناضلين الشجعان في ورشة الفكر والإبداع، فقد جرت العادة أن تصلني جريدة طريق الشعب السرية كواحد من أصدقاء الحزب الشيوعي حينها بعد مرور فترة طويلة نسبياً على إصدارها، وحسب تصوري أن ذلك يعود الى قلة الأعداد المرسلة الى محلية الحزب في الحلة، وربما بسبب الحذر المطلوب كي لا تكون عرضة للمخاطر أثناء النقل، فيجري توزيع ما ورد منها على اللجان العديدة، وبالتالي فأن مرور العدد الواحد منها على أعداد غفيرة من الشيوعيين والأصدقاء، يؤخر وصولها الينا نحن الصغار، ومن جراء التداول الواسع، والسرية المطلوبة، تصلنا مهترئةً من أماكن طوياتها، فلم تنفع معها كل محاولات الترميم التي سعت بها بعض الأكف الكريمة، ولا كل ما حملته في حافاتها الغير المكتوبة، من شريط ورقي لاصق، ذلك النوع الذي لا يتيح مساحة واسعة للصق، لأن الشريط اللاصق الشفاف لم يكن معروفاً، ورغم كل ذلك فقد كان للحظات قدوم وريقة الشجرة الوارفة وقعٌ يكاد يعلن قبل قراءة محتوياتها، عما تحمل إياها من أمال تمنحك دفقات استمرارية الحياة وديمومتها، قبل أن تتوحد معها في الخلوة، متواصلاً مع الفضاءات المفتوحة، حيث المبادئ، والمواقف، والآراء والتوجيهات، والنشاطات، وهموم ومعاناة شرائح المجتمع العراقي بكل مكوناته، وتهجس بتنامي الحلم الإنساني الواعد بين الأضلع، جوار القلب، ليغدو الغد الأفضل قريباً بكل ملامحه في الوعي، وفي الأخيلة.
لم يكن لتلك الانطباعات أن ترتسم أو تترسخ في الذهن، من دون حادث يعكس الفوارق، ويفصح عن حالة التباين التي تأجج مشاعر التحسس والتمايز بين قراءة الجريدة بعد مضي وقت على إصدارها، أو الأخرى الخارجة للتو من المطبعة، تلك التي تستدرك بياض ورقها الآسر، ذلك الحدث مر خاطفاً، ولكن انعكاساته صارت في هذا الوقت، وبعد مدة من دثاره، كلمات على الورق مأسورة لمزاج مرج البوح الشاسع.
ففي أحدى سفراتي، وهي في الغالب قليلة، الى بيت عمي في العاصمة بغداد، وحينما أوشكت زيارتي على الانتهاء، ولم يتبقَ عليها سوى توديع العم عند عودته من غرفة المحامين، ولكن بعد مجيئه بفترة قصيرة حيث كنت أتحين الفرصة لإتمام مراسيم الوداع، قدم لي العم أبو نصير، كتاباً من الحجم الكبير يتناول شؤون الطبخ والأكلات، وهمس في أذني بضرورة الإطلاع عما في داخله قبل السفر، وعلى اثر تلك الهمسة الأبوية، تنحيت جانباً وفتحت الكتاب الذي كنت أراه على الدوام قريباً مني، ولم أكترث قط لرؤياه، ولم يثر اهتمامي طيلة فترة مكوثي، ولكنه كان سببا لانبهاري حقاً حينما وجدت بداخله مفاجأة مذهلة، وهجة الضوء المتألقة، طريق الشعب السرية تفترش يديّ، صادرة للتو، لم تطوَ قط، وبياض ورقها لم ألفه من قبل، وبعد أن قرأت ما في الجريدة على عجل، دون أن تفارق محياي البسمة، ولا حتى مشاعر الانبهار والفرح في دواخلي، سارعت بالإفصاح عما يدور في خلدي، وبالفعل كانت إيماءة الرأس وحدها تكفي لفهم الموافقة على أخذها معي، ففي تلك اللحظة لم يعد الموقف يحتمل سماع وصايا الحذر بعدما نلت تلك الهدية التي لم تكن في الحسبان، تحاملت على نفسي، حين قمت بطيها، متوجساً من تمرير أناملي على أماكن طياتها، خيفة أن تغتاظ هذه المزيونة من ثقل يدي، وما أن استقرت في مكمنها فوق القلب، حتى امتدت أفكاري تجول في شوارع وأزقة مدينتي، وأنا بعد لازلت في منتصف الطريق اليها، أتخيل ما سيصدر من ردات فعل عندما يتناولها أصدقائي، ممن كنت أواصلهم قراءتها في ذلك الحين، بموعد صدورها من دون التأخير المعهود، أو بتلك الهيئة الغير مألوفة من دون الشريط الورقي اللاصق.
تلك الوريقة العملاقة، وذلك الشكل الخلاب، وما تلاها من أعداد لجريدة طريق الشعب، بمختلف مراحلها السرية، أو العلنية في الفترتين، أيام جبهة الغدر، أو بعد سقوط الديكتاتور، وكل هواجس الانتظار والصحبة والألفة، ومتاعب الأيام، وخافق القلب المحزوم بالأمل المنشود، وعراقية الهموم والهواجس، صارت تمتثل أمام أنظاري هذه الأوقات، حين ينفرد موقع الحوار المتمدن على شاشة الكمبيوتر كل يوم بشكله القشيب، يبث هالات الورود التي كان يوما ما من بذار طريق الشعب، وشتال حقلها المزهر، ولازالت تنهل من ذاك المورد، وذاك الخصب الولاد لحزب الكادح فهد، لتفوح من هذه الواحة الالكترونية، نسائم يهفهف لها القلب، وتطيب لها الروح، ويستلذ لها العقل، لاسيما حين تتعاظم مشاغل هذا المكور ذي التلافيف، بما تحمله من جدل خلاق، وسط جو متفتح، يرعى ثقافة الاختلاف، ويؤمن حرية الرأي والتعبير، بعيداً عن نزعة الإقصاء.
هنيئاً بإصدار العدد الألف من الحوار المتمدن، وتهنئة صادقة بهذه المناسبة لكل أقلام الفكر التقدمي الإنساني التي يفيض نتاجهم الثر على صفحات الحوار المتمدن، وتهنئة من القلب للأخ رزكار عقراوي، وكافة القائمين عليه، وأشد على أياديهم جميعا، هامساً لهم عن أمنية تجول في خاطري منذ أمد، أهجسها قريبةً في المدى المنظر، حينما تعود الطيور المهاجرة الى أعشاشها، بأن يغدو الحوار المتمدن، موسوعة الفكر والثقافة الالكترونية، يوما ما صحيفة يومية تتناقلها الأكف في ربوع أرض الفراتين.
ستبقى الأماني الكثر مشرعة، والنواظر متحفزة ترقب رؤية ما يستحيل منها الى واقع، في مستقبل العراق الجديد، ولكن لابد للسماء أن تمطر بعد هذا المخاض العسير، ولابد لنا أن نتطلع الى يوم صدور العدد الألف من جريدة طريق الشعب.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحالفات.. خيار ستراتيجي أم مناورة تكتيكية
- من أجل انتخابات شاملة في موعدها المقرر
- الانتخابات المقبلة.. تطلعات مشروعة.. وأفاق رحبة
- مناشدة لإطلاق سراح الكاتب السوري جهاد نصره
- مهمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والدور الإعلامي ال ...
- ما بين حجب الحوار المتمدن وحكاية جحا
- حرائق النفط نزوات لشذاذ الأفاق
- مرحى لضجيج الانفعالات والجدال والنقاش داخل أروقة المؤتمر الو ...
- تأملات لجذوة نصر الرئيس الفنزويلي أوغو تشافيز
- العراق والانتخابات الأمريكية القادمة
- سلاماً لشهداء العراق الأبرار
- انتخابات مندوبي المؤتمر الوطني.. ديمقراطية العجالة
- البيان التأسيسي للمركز الوطني لتطوير الحوار الديمقراطي في با ...
- ملتقى العمل الديمقراطي المشترك في بابل يحتفي بذكرى ثورة 14 ت ...
- المُسّْتَبِِدُ
- أقلام تنبض بالوفاء... أحمد الناصري وجمعة الحلفي في ذكرى صديق ...
- الإرهاب ينتهك قدسية نضال العراقيين في إنهاء الاحتلال
- الوطنية على المحك في فهم ما بين سطور خطابين
- ننشد العدالة.. ولن نفزع مهما كثر عدد المدافعين عن جلادنا
- مقاربات بين احتلالين... ما أشبه اليوم بالبارحة


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - أحمد الناجي - نثار من ذكريات طريق الشعب لإشراقة العدد الألف من الحوار المتمدن