أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - الإزاحات العكسية في أنماط الحياة العراقية















المزيد.....

الإزاحات العكسية في أنماط الحياة العراقية


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3351 - 2011 / 4 / 30 - 11:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ثمة أحداث من الصعب ان تكرر نفسها لأنها تلقي بنتائجها الجسام على واقع الأفراد والمجتمعات وتؤثر فيهما سلبا ام إيجابا ، ولعل واقعنا العراقي من ابرز النماذج التي تكرست فيها نتائج تلك الأحداث على هذا الصعيد اذ تمثلت فيه عدة وقائع وسمته بسماتها وأمعنت في تأثيرها على أوضاع البلد ونفسية مواطنيه.
ليس موضوعنا هذا بحثا تاريخيا او اجتماعيا بل هو بضع ملاحظات تلمسها الإنسان العراقي بتجربته منذ بضعة عقود امتازت بإزاحة قيم وحلول قيم أخرى محلها ترتب عليها تغير أنماط السلوك لدى فئات واسعة من المجتمع العراقي راكمت تصرفات وأفعالاً، الكثير منها لا يتوافق مع الشخصية المحلية في جذورها الأولية بل ويناقضها في كثير من الأحيان وبرغم ذلك فرضت نفسها عليها.
بدءا أقول، ما أثار فيّ شجون هذا الأمر هو ما استجد من حال مجتمعات عربية صقلتها الثورات المتواصلة هذه الأيام، تلك الثورات التي يمكن أن يقال عنها ـ وهو ما يتحقق فعلا على صعيد الواقع ـ انها (غسلت روح تلك الشعوب) ونقتها من أدرانها ومن الشوائب التي علقت بها طيلة عقود من حكم الفرد الواحد والتسلط الذي أمات في تلكم الشعوب روحها الحية وغيب فيها المشتركات الجمعية، لذا رأينا كيف تحول الشعب اليمني من شعب كان يقال عنه انه مخدر ومدمن على (القات)، الى رجال ونساء و حتى أطفال يفيضون حيوية وتتورد خدودهم ووجوههم بألق المصير المشترك، الذين باتوا يشعرون به بقوة، فطفق المواطن اليمني الثائر الذي يتحدث بمطلق الحرية لوسائل الإعلام ينطلق واثقا بنفسه فرحا وفخرا، وذابت الجموع الملتحمة بأجسادها في بوتقة مشتركة انصهر في اتونها الجميع أطفالا ونساء و رجالا وعجائز.
لقد تسنى لمصر ان تشهد ولم تزل مثل هذا الشعور المشترك الرائع الى الحد الذي دفع بأحد المصريين في أحد اللقاءات التي أجرتها الفضائيات في الشارع الى القول: لأول مرة في حياتي اصعد في (الأوتوبيس) واجد ان جميع الركاب يضحكون. كما ان الاستطلاعات أفادت باختفاء او انحسار مظاهر التحرش الجنسي الذي كان سائدا في الشارع المصري قبل الثورة وتكون بدلا منه الاحترام المتبادل في الشارع بين الفتاة والشاب المصريين مع استثناءات قليلة لا تعبر عن الإحساس الجمعي الجديد الذي استشعر فيه الجميع بكرامتهم التي استعادوها من نظام كتم أنفاسهم لعشرات السنين.
وما ينطبق على مصر واليمن يصح أيضا على تونس و ليبيا وسوريا وجميع البلدان التي يعبر فيها الشعب عن رأيه وتلاحمه بصورة مشتركة من اجل أهداف محددة أي أن الثورة المنطلقة من روح الشعب حتى إذا لم تكن حققت أهدافها بعد، كما في مثال ليبيا واليمن وسوريا فانها تفلح في رسم معالم الشخصية الشعبية بإيصال الناس الى حالة من الهم والتسامي المشترك فيعيشون حالة من الابتهاج الإنساني تهون فيها التضحيات.
وبالتعريج على الوضع العراقي نقول، ان تلك الثورات تميزت بنموها وانطلاقتها الطبيعية في حين شذ الوضع العراقي عن القاعدة وجرى التغيير بوساطة قوة أجنبية أعقبتها أعمال نهب لم يستطع احد السيطرة عليها فنتج عن ذلك وضع شاذ اذ لم تكتمل الفرحة المتولدة عن إسقاط النظام المباد ولم تأخذ مدياتها الإنسانية المتناسبة مع ذلك الحدث الجلل. وفي الحقيقة فان الأيام الأولى من التغيير شهدت بعض ملامح الانسجام الإنساني والروح التعاونية غير انها سرعان ما خبت لتخلي الساحة لبذور النكوص والتراجع لتحل محلها أشكال غريبة من التصرفات لا تليق حتى ببلدان متخلفة نظمت حياتها على وفق أدنى مستويات الحياة العصرية. فشهدنا الفوضى في الشوارع والتجاوز على الأملاك العامة التي أعقب عمليات النهب الذي طال المتاحف و المؤسسات والدوائر ثم تلا ذلك سيادة روح الأنا ومحاولة الاستئثار بكل شيء فتكرس الفساد الذي تواصل طيلة السنوات الثماني ولم يزل يفعل فعله بقوة وانبثقت اعمال القتل والتصفية على الهوية وفي بعض الاحيان لأسباب تافهة تتعلق بمظاهر (الغيرة) و (الحسد) ولم يستثنَ من أعمال القتل والتنكيل حتى الاطفال الرضع وكبار السن وجرى في كثير من الاحيان تصفية عائلات بأكملها واستعملت في تلك الجرائم شتى الاسلحة كما انتشرت ظاهرة الخطف لكسب المال ولم تخلُ الساحة من التنسيق بين موظفين وعصابات الخطف مثلما حصل في الحلة قبل مدة حين جرى القبض على ممرضة في أحد المستشفيات كانت تتعاون مع عصابات الخطف لسرقة الاطفال المولودين وتسليمهم اليها لقاء عمولات خاصة.
وعلى صعيد السياسة والمسؤولين، تكرست تلك السلبيات الآن بمزيد من الحرمان من ابسط متطلبات الحياة ولم يحصد المواطن من المسؤولين سوى مزيد من الوعود من دون ان يلمس تحققها على ارض الواقع ويمكن القول ان مظاهر كذب منظم رسخت نفسها في خطابات كثير من السياسيين واصبح المواطن مع كل تصريح لمسؤول يرى العكس بالتحديد فالكلام المكرر عن زيادة محطات الطاقة الكهربائية وإضافة (ميغاواطات) اخرى الى الكهرباء (الوطنية) يعقبه زيادة في شحة في الكهرباء وانخفاض ساعات التزود بها ولم نزل نتذكر وعود وزير الكهرباء السابق كريم وحيد بتوفير الكهرباء في صيف العام الماضي وكيف ان ذلك الصيف شهد على العكس قلة في الطاقة ما ادى الى استقالة الوزير اثر (انتفاضة الكهرباء) في البصرة ومحافظات اخرى.
أردنا ان نقول، ان أنماطا أخرى من السلوك أخذت تطفح في تصرفات كثير من العراقيين ولاسيما من المسؤولين هي بعكس الروح العراقية التي كانت سائدة في اقل تقدير في ستينات وسبعينات القرن الماضي التي كان يجري فيها تداول امور الناس على مستوى مقبول من الصدق وكانت الوشائج الانسانية واضحة العيان لدى عامة الناس وكانت مظاهر الكره والحقد وروح الانتقام منبوذة من المجتمع وتعد ممارسات شاذة كما ان مظاهر التدين الحقيقي التي كانت سائدة لدى كثير من المؤمنين انزاحت لتحل محلها مظاهر تدين يحاول بدوره الاستئثار بالمال العام وبكل شيء فاختلط الدين بالسياسة وانحسرت مظاهر التدين الذي يدعو الى العدالة والإنصاف وترك كثير من المتدينين احاديث الرحمة ونصرة الفقير وغيرها من الامور الانسانية فهل نحن الآن بإزاء تحقق مقولة المفكر علي الوردي في كتابه مهزلة العقل البشري (نحن قد نرى انسانا تقيا قد بح صوته في الدعوة الى العدل والاصلاح، فنحسبه عادلا في صميم طبيعته، وهذا خطأ. انه يدعو الى العدل لأنه مظلوم، ولو كان ظالما لصار يدعو الى الصوم والصلاة)، صحيح ان الدعوة الى الصوم والصلاة وغيرها من الأمور الدينية هي من صلب اهتمامات المؤمنين ولكن يجب ان لا يختلط ذلك بالسياسة التي يسيء تدخل الدين فيها الى أتباع الديانات.
هل كان المجتمع العراقي بحاجة الى ثورة ليتخلص من أدرانه التي لحقت به طيلة عقود من الحروب وخراب البلد والانفس؟.. اعتقد ان ذلك ما كان يجب ان يجري.. غير ان الامور كانت اكبر من التمنيات وبالنتيجة فلقد حصد المواطن ثمن تغيير امتاز بكثير من السلبيات.
ولكن هل أغلقت الأبواب أمام الإصلاح وتحقيق آمال الناس المنشودة؟!



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملفات الفساد .. هل تطيح بالحكومة؟
- خريف (الجنرالات) .. ربيع الشعوب
- ملفات السجناء والموقوفين واجبة الحسم
- منظومة الفساد تطيح بمستقبل العراقيين
- بوصلة القوانين المعطلة .. الى أين تتجه؟
- -اكسباير- الدكتاتوريات العربية
- التعطيل غير المبرر لجلسات مجلس النواب
- المسؤولية حين تمسي جُرماً
- انهيار الجماهيرية العظمى
- انتقائية الحكومة في التعامل مع القوى السياسية
- حدود إظهار القوة في مواجهة الاحتجاجات
- تقويم احتجاجات (يوم الغضب) العراقي
- الطبقة السياسية تضع العراق في دائرة الخطر
- تعديل الدستور وقانون الانتخابات في سلم أولويات الشعب
- الحراك الشعبي العراقي.. الأسباب والتوقعات
- الى شعب بطل
- قرار رقم (29) .. تكريس للنهب المنظم
- شرطة الديوانية والضرب تحت الحزام
- لماذا يسكت العراقيون؟
- العالم الافتراضي يزلزل عروش الطغاة


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - الإزاحات العكسية في أنماط الحياة العراقية