أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي جرادات - الحراك العربي: تخصيب للمجتمع السياسي والمدني














المزيد.....

الحراك العربي: تخصيب للمجتمع السياسي والمدني


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 3348 - 2011 / 4 / 27 - 11:34
المحور: المجتمع المدني
    


الحركة الاجتماعية أعقد أشكال الحركة، والحركة السياسية هي الأعقد في الحركة الاجتماعية، ما لا يجيز حشر الحراك السياسي للشعوب، وبضمنه الحراك الشعبي العربي الجاري، في معادلة الأبيض والأسود من المحاكمات الحسابية. لذا، فإن من الخطأ حصر نجاح الحراك الشعبي العربي في مقياس إسقاط هذا النظام العربي أو ذاك فقط. فرغم أهمية هذا المقياس كمقياس أول للتقييم، فإن المسألة هنا أكثر تعقيداً، وتبسيطها ضار، لأن الأهم من إسقاط النظام القائم، إنما يكمن أكثر في طبيعة النظام القادم ومحتواه. فقد سبق وأطيح بنظم عربية، رفع من جاء بعدها، (بالانقلاب أو بالوراثة أو بالتوريث)، لواء التصحيح، كشعار لازم للعبور إلى السلطة، إنما دون ترجمات حقيقية لهذا الشعار، الذي حتى، وإن تحقق شيء منه خلال السنوات الأولى للتغيير، لنكون أمام قاعدة "أبلسة" الزائل و"تقديس" القادم من الحكام دون وضع الأول كبرنامج وأداء في ميزان الإنجازات والإخفاقات، ودون تقييم لبرنامج الثاني وأدائه اللاحقين، ليبقى التغيير هنا تغييراً للشخوص وليس تغييراً للبرامج والسياسات والأداء، وطنياً وديمقراطيا وقومياً.
لقد أفضت هذه الطريقة الحسابية التجريدية في محاكمة التغيير في السلطات السياسية العربية إلى تكريس نظم سياسية أبوية عائلية استبدادية شمولية، تجاوزها العصر والتاريخ، وأفرز تربعها على السلطة لعقود، دون مساءلة شعبية أو قانونية ودستورية فعلية، "تجريفاً" للمجتمع السياسي والمدني في الوطن العربي، على ما بين أقطاره من تمايز نسبي.
لكن هذا "التجريف" لم يطمس التناقض في الحياة السياسية العربية، بل زاده احتداماً، فالنظم السياسية العربية، ظلت دون شرعية سياسية أو جماهيرية، ليس فقط نتيجة فشل برامجها وسياساتها وأدائها، بل أيضاً بسبب طريقة وصولها للسلطة عبر الانقلاب أو الوراثة أو التوريث.
وقد تجلت عمليات "التجريف" و"التصحر" في المجتمع السياسي والمدني العربي فيما تعرضت له القوى السياسية الشعبية المناهضة للنظم العربية الحاكمة من أشكال قمع، (الاعتقال، الملاحقة، كبت الحريات، الدفع نحو الهجرة والمنفى الخ...)، ما أدى إلى تشتيتها وإضعافها. وبالنتيجة إلى غياب التنظيم السياسي المناهض، القادر على التفاعل المباشر مع الجماهير. فيما جرى السماح لأحزاب معارضة محدودة الحركة، تكاد تكون معدومة التأثير، ولا تشكل أكثر من ديكور للنظام الحاكم، الذي استوعبها وحوَّلها إلى ملاحق للتغطية على شموليته، التي أفضت أيضا إلى استيعاب مؤسسات المجتمع المدني، (نقابات وتنظيمات جماهيرية واتحادات شعبية وسلطات حكم محلي الخ...)، بعد إفراغها من مضمونها، وحرفها عن دورها المنوط بها، وتحويلها إلى ركيزة من ركائز النظام، وأداة من أدواته.
لم يحُلْ ما ساد المجتمع السياسي والمدني العربي من "تصحر" و"تجريف" دون انفجار مرجل الغضب الشعبي العربي، بل فرض طريقة غير "كلاسيكية" لانفجاره، طريقة جاءت بها طبيعة العصر السريعة والعصية على التحكم، بعد أن خلقت ثورة الاتصالات الالكترونية الحديثة، وسيلة جديدة وغير مألوفة، لإطلاق شرارات الحراك الشعبي العربي، حيث انفتح الباب واسعاً أمام الوصول إلى المعلومات بوسائل يصعُب على جهاز الدولة البوليسي التحكم بها، وجعلت العلاقة بوسائل الاتصال الجماهيري أرحب فضاء، وممكنة خارج المؤسسات الإعلامية والمعلوماتية للنظم الحاكمة.
بفعل ذلك، ونيابة عن وسائل "التنظيم السياسي القائد"، انبرت حركات شبابية، امتلكت منجزات عصرها، وقدحت الشرارات الأولى للحراك السياسي العربي، الذي تحول إلى انتفاضات شعبية، بعد انخراط الجماهير الشعبية فيه، فضلاً عن التحاق الأحزاب السياسية المعارضة بالركب، كقوى أثرت بشكل غير مباشر أو مباشر أحيانا في مجرى هذه الانتفاضات الشعبية. فالتكنولوجيا الحديثة وفرت، وكانت، وسيلة للتحريض والاتصال، فيما ساهم إعلام قوى المعارضة في توفير مادة هذا التحريض، أي الأفكار، وإن كان دون تماس مباشر أحيانا مع الجمهور، مما خلق للأفكار هيبة جديدة في أسلوبها، ما يعني أن التكنولوجيا كانت وسيلة مساعدة في نقل الأفكار وعرضها، لكنها لم تغن أبدا عن التنظيم السياسي كصانع لهذه الأفكار، التي لم تنتقل هيبتها إلى التنظيم السياسي، بل إلى حركات شبابية تمثلت هذه الأفكار، وحولتها بإبداع إلى "قوة فعل مادية" فعلت فعلها الكبير، وخلقت إمكانيات واسعة لإعادة تخصيب المجتمع السياسي والمدني العربي وتجديده، كمجتمع عانى لعقود عمليات "تجريف" و"تصحر" منقطعة النظير، وتجاوزت كل تصور.
ولعل هذا من الإنجازات غير المنظورة للحراك الشعبي العربي، سواء عبر ما سيخلقه هذا الحراك الشعبي من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني جديدة، أو عبر ما جرى استنهاضه وإحياؤه من صيغ قائمة مُستوعَبة. ولعل هذا واحد من الأسباب التي تدعو إلى ضرورة محاكمة الحراك الشعبي العربي محاكمة شاملة واقعية نسبية، بعيداً عن المحاكمات التجريدية الحسابية المجتزئة المستعجلة الميكانيكية والاطلاقية في التقييم والأحكام والقياس.، ذلك انطلاقا من أن الحراك الشعبي العربي الجاري:
أولاً: ليس حدثاً عاديا، بل هو حدث تاريخي، أطلق صيرورة تغيير، تنطوي على المنظور وغير المنظور، وعلى المباشر وغير المباشر، وعلى الصريح والمُضمر، وعلى التكتيكي والإستراتيجي، وعلى السياسي والاجتماعي، وعلى الوطني والقومي الخ... من الانجازات.
ثانياً: إن هذه الصيرورة تحمل في جوفها صراعاً محتدماً بين قديم يتهاوى، وإن لم ينتهِ كلياً بعد، وجديد يتوالد، وإن لم يكتمل كلياً بعد. وبالتالي، فإن من السذاجة بمكان توقع نهاية سريعة لهذه الصيرورة، ناهيك عن ما بين قُطر عربي وآخر من تمايز نسبي، فضلاً عن تشابك هذه الصيرورة مع تدخلات خارجية معادية، يقف في مقدمتها التدخلات الغربية بقيادة أمريكية، التي تستعمل شعارت الديمقراطية وحقوق الإنسان والشرعية الدولية، كمبادئ تُرفع إلى مرتبة المقدسات، إن هي خدمت المصالح الغربية، وتُداس، إن هي تعارضت مع تلك المصالح. هكذا كان، وما زال، ديدن القوى الاستعمارية الغربية في القرنين الأخيرين.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاكمة مبارك سابقة عربية تاريخية
- الأسرى الفلسطينيون في يومهم: ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- نعم، وسوريا بحاجة للديموقراطية والحريات
- الأرض في يومها الفلسطيني
- خصوصية فلسطين في الوطن العربي
- ديمومة الحالة الانتقالية
- السياسة الإسرائيلية بين الواقع والوهم
- التكفيريون الجدد والمحافظون الجدد
- عودٌ على بدء
- جبهة الجولان إلى أين؟!!!
- -إذا عُرِفَ السبب بَطَلَ العجب-
- مَن يتحمل مسؤولية -ظلمة- غزة؟!!!
- إلى متى؟!!!
- واغتربت تضحيات الحرية الفلسطينية
- عطس ثلاثين عاما
- عطش ثلاثين عاماً
- بين -التطبيع- و-التتبيع-
- تسوية...تصفية أم تسلية؟!!!
- 55 عاما على ثورة 23 يوليو
- أول الغيث قطرة بريطانية


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي جرادات - الحراك العربي: تخصيب للمجتمع السياسي والمدني