أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد صبيح - الديمقراطية المشروطة تطلعات ومفاهيم التيارالاسلامي















المزيد.....

الديمقراطية المشروطة تطلعات ومفاهيم التيارالاسلامي


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 226 - 2002 / 8 / 21 - 04:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحت الركود الظاهري للوضع العراقي الراهن ،هناك نوع من الحراك الخفي يُستشف من خلال تفعيل بعض الفعاليات السياسية والتيارات الفكرية لاطروحاتها، وتقديم مراهناتها على افق الوضع المقبل من دون ان تغامر في التجاوز العلني للسقف العملي المتفق عليه ضمنيا في ساحة المعارضة حول وفاق وطني عام، ومشروع الحكومة الائتلافية الانتقالية بعد التغيير المرتقب، الى ان يحين الاوان الذي يستطيع فيه الشعب العراقي ان يقول قولته في الجهة والقوى السياسية التي سوف تقود البلاد.
 التيار الاسلامي، وهو من اهم المتحفزين لاخذ موقع في الصدارة، يراهن بشكل اساس، وبما يشبه اليقين، وحسب جسه الخاص لنبض الشارع السياسي، على نتائج افتراضية تبوئه مواقع الاغلبية. الامر الذي يدفعه لتاسيس نوع من المنطلقات السياسية على ارضية فكرية (عقائدية)، مقدما بذلك تاويلاته الخاصة للديمقراطية ولمفهوم الاكثرية وعلاقته بالاقلية بطريقة تكرس نظريا لمشروعه السياسي المقبل في الدولة الاسلامية المرتكز على نظرية ولاية الفقيه، المفصل الجوهري والمركزي في المعتقد المذهبي لهذا التيار.
عماد هذا الاستقراء السياسي للتيار الاسلامي هو استدلالات وقتية، لانجزم بموضوعيتها، دللت عليها مؤشرات ترتبط بواقع ان غالبية الشعب العراقي هم من المسلمين ومن الطائفة الشيعية التي ينتمي اليها هذا التيار ويدعي تمثيلها. بالتالي فان هذا الواقع الديني،الطائفي،  الثقافي يبرر بالنسبة لهذا التيار احلال مشروعه اللاعقلاني في اقامة دولته الدينية –الاسلامية.
يناقش هذا التيار الموقف بالصورة التالية : الشعب العراقي شعب مسلم في غالبيته  ومؤمن بالله< وهذا ادعاء يفترض تجانسا ايدلوجيا ونفسيا وعقليا لاينسجم ومعطيات الواقع المركب والمتعدد> وعليه لايجوز لتيار آخر لايحظى بدعم الاكثرية ان يعلن افكاره وطروحاته المتعارضة مع توجه وقناعة تلك الاكثرية.  بعبارة اخرى ،ان النقاش، ان جاز اعتباره نقاشا، يتمحور حول حق اليساريين< شيوعيين وماركسيين> والتيار العلماني والمادي في ان يعبروا عن رايهم وقناعاتهم المتضمنة لموقفهم الصريح من الدين، ومن علاقته، اي الدين، بالدولة وبالمجتمع.
  يفترض الاسلاميون ان لاحق لهذه التيارات بذلك، مع اقرارهم العلني بمبدأ التعددية السياسية،< والتعددية السياسية هي امتداد للتعددية الفكرية والايدلوجية>.
 فكيف يتسق هذا المنطق مع ذاته؟
. اليس هذا تناقضا؟
  من ناحية اقرار التعددية ومن ناحية اخرى فرض املاءات،هل هي تعددية مشروطة اذن؟..
 مع ان هذا التيار ليس هو الحكم في الساحة ، لكن مناقشة مفاهيمه لاجل بلورة رؤى مشتركة حول الديمقراطية والتعددية مسالة مهمة..
 على الصعيد العملي، وقبل اي تمخضات خاصة للاوضاع، ذهب الاسلاميون اكثر في ازدواج المواقف لحد طلب فيه< السيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى> من قيادة الحزب الشيوعي العراقي، في لقاء جمعهم به، تقديم بيانا رسميا يعبر فيه الحزب الشيوعي عن موقفه الجديد من الدين، بعدما اكدوا شفاهيا له بانهم نفضوا ايديهم عن قناعاتهم القديمة بهذا الشان.(1)
لو فعلها الحزب الشيوعي العراقي وقدم هذا البيان فستكون تلك نكتة القرن البايخة.!
 من يعرف، ربما هي مطامح مشتركة لاقامة حزب شيوعي اسلامي!
ان يغير بعض الشيوعيين من منطلقاتهم الفكرية الجوهرية لاسباب تكتيكية لحساب حصص في الحكم او للمساومة السياسية فهذا شانهم ولايعنينا هنا . لكن ان يطمح التيار الاسلامي لفرض قناعات وتوجهات على قوى سياسية فهذا امر خطير ، وسابقة ملفتة للنظر.
اسباب عديدة براينا تدفع لهذا التطلع من اهمها  الموقف البراغماتي والفهم المشوه والضيق لمفهوم الديمقراطية عند هذا التيار، اذ تبدو الديمقراطية في نظره  وكانها نوع من  دكتاتورية الاكثرية، ووسيلة للسيطرة السياسية ومعبر تقتضيه الظروف للوصول الى مشروعه في دولة اسلامية.
عُرف عن الديمقراطية في صورها النظرية وفي الاشكال التاريخية لظهورها وتطورها في نموذج الديمقراطيات الغربية، وهو نموذج ذو سمات عالمية، انها تعني، وضمن مضامين نوعية عديدة، المساواة في الحقوق، وحرية التعبير والنشاط السياسي والفكري دون قيود، وتمنح للافراد والجماعات الحق في ممارسة قناعاتهم في حدود وحماية القانون. وبهذا الصدد فان المادة< 19> من الاعلان العالمي لحقوق الانسان تنص على التالي:
< لكل شخص الحق في حرية الراي والتعبير.  ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الاراء دون اي تدخل، واستقاء الانباء والافكار واذاعتها باية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية>.
 وحتما فان من اولى بداهات الممارسة السياسية الديمقراطية هي الاحترام والتقيد الكامل بجوهر الاعلان العالمي هذا. ونظرة استقصائية بسيطة للتجارب العالمية في ميدان الممارسات الديمقراطية، رغم مايعلق بها من مثالب، تؤكد المدى الايجابي والبناء الذي يحققه المجتمع عند الالتزام بتلك المبادئ والاهتداء بها.
والتجارب التاريخية والمنطلقات النظرية لاتمنع او تعيق او تقنن نشاط وفعالية الذين لايحققون الاكثرية، ولاتفرض القيود على افكارهم وحريتهم بالتعبير. حتى الاحزاب اليمينية والمنظمات العنصرية< في الديمقراطيات الغربية> تمارس نشاطها وحضورها العلني والرسمي وتروج لافكارها وطروحاتها وشعاراتها، رغم  رفض ونفور المجتمع منها ، طالما انها في حدود القانون .
هذا الارتباك والتناقض في فهم الديمقراطية لدى الاسلاميين، بصورة تسحبها الى مواقع العقلية الشمولية، التي هي نتاج السياق الفكري والايدلوجي لهذا التيار، يعود بصورة جوهرية الى طبيعة تصوره لمفهوم الدولة. فالدولةن عنده،  يجب ان تكون اسلامية، وتحققها في ارض الواقع هو فعل انقلابي وليس ناتجا عن نمو عضوي في المجتمع . و نلاحظ ان مشروع  الدولة الاسلامية هذا، يتعارض في جوهره بصورة مبدأية وثابتة مع الطابع العلماني للدولة المعاصرة كاساس موضوعي قادر على لم واحتواء كل تيارات المجتمع السياسية والفكرية،ولتمهيد الارضية  الماديةالملائمة للتعددية وللديمقراطية الفعلية. من هنا نلاحظ ان لدى الاسلاميين ميل  للاستقلالية والتباعد عن اطر الدولة والمجتمع من خلال خلق تفارق جغرافي واقتصادي< المدن المقدسة، ونظام المرجعية>، وادوار تكرس بها هذا الميل للاستقلال كوسيلة ضغط على المجتمع لكي لايتجاوز مفهوم وطابع الدولة الديني، والتحول الى الطابع العلماني الكامل والصريح. فللتيار الاسلامي مؤسساته وقوته وتاثيراته خارج سياق النظام العام، ومن غير الانسجام العضوي مع عناصر المجتمع العديدة.
 بالتعارض مع كل التيارات السياسية والفكرية الاخرى، ليس للتيار الاسلامي القدر الكافي من المرونة لاستيعاب العلمانية كمحتوى للدولة . وانعدام المرونة هذا صادر من جذره الفكري ومن جوهر مبادئه العقائدية والسياسية، الامر الذي سيخلق عقدة صعبة الحل، اذا لم يُعد هذا التيار النظر في  مفهومه لطابع الدولة،  فيتسبب بدخول التجربة الديمقراطية <المحتملة> في العراق في مازق وربما انسداد.
الطابع العلماني للدولة والمجتمع هو اساس موضوعي ومنطقي لمجتمع متعدد بكل شيء، وهو صيغة عصرية وعلمية لوعاء عقلاني يتيح التكافؤ في الفرص، الامر الذي يشكل السمة الجوهرية لمجتمع متمدن وعصري، اي مجتمع قادر على ان يستثمر طاقاته ويوجهها باتجاه خدمة الانسان وتنمية قدراته وتحقيق امنه ورفاهه. ومشروع العلمانية في الفصل بين الدولة والدين لايعني ان الدولة ستتحول الى محاربة الدين، فللدولة مهمتها المركزية في حماية المجتمع  من خلال القانون الذي يحمي الجميع ومنهم الدين. ويجب التاكيد هنا ان نقد الدين لايعني ولايصب بالضرورة في اطار محاربة الدين. كذلك ينبغي ملاحظة ان التيارات السياسية والفكرية الاسلامية وطروحاتها وانشطتها هي ليست الدين ولاتملك قدسيته، فهي فعل بشري يندرج في نسيج حركة المجتمع بتفاصيلها، ونقد هذا التيار ومنطلقاته هي من صلب عملية النقد الذي يمارس داخل المجتمع ويوجه له ويتوجه اليه. وفي هذا المستوى ليس هناك من هو فوق النقد طالما انه كيان بشري واجتماعي وعقلي قابل للمعاينة والفحص وبالتالي التعديل. ولايستقيم مع المنطق كذلك  حصر امر نقد وتقويم منطلقات ونشاط هذا التيار في يده هو نفسه وفي اطره الخاصة. لان في عملية البناء الاجتماعي لاسيما اذا قام على مبدأ التكافؤ في الفرص، للجميع حق التقويم والتفكير، وليس هناك شان ما حكرا لفئة او جماعة.
لايمكن لاي كان ان يتجاهل او يتجاوز البعد الايماني المترسخ في الوجدان الجمعي للعراقيين، وبالتالي لايستطيع احد ان يفرض طروحات سياسية وحقوقية وفكرية تتخطى هذا البعد، اذ ان العناصر الثقافية والوجدانية ليست بالامورالعابرة، وبنفس الوقت فان البعد الايماني والهوية الدينية ليسا هما كل الكيان الاجتماعي. فالايمان وكل العناصر الاخرى المشكلة لمركب الهوية للمجتمع وللفرد فيه، تحضى بحضور واثر فاعل في تشكيل العقل والهوية لهذا المجتمع، لكنه حضور نسبي وذو حساسية لتطورات الحياة .
 واذ لايمكن الاستعارة والتاثر الاعمى في التجارب الاخرى في العالم المحيط بنا، علينا، ودون المبالغة لحد الهوس في ايلاء الاعتبار للخصوصية  لحد الغاء كل ماهو مشترك في التجربة الانسانية، ان نشكل مفهومنا الخاص لنظمنا وادواتنا المنهجية المنسجمة مع خصائصنا البنيوية والتاريخية باعتبارنا جزء له رابطة موضوعية بالكل الانساني  بغير فراق مع التاريخ ولاقفز بهلواني على معطيات الواقع الذاتي. بمعنى آخر لكوننا ورثة  لتراثنا الثقافي والوجداني بكل عناصره، ولكوننا بشر احياء نعيش زماننا وننفعل بمعطياته <لاسيما وان زمننا زمن عولمة وتداخل حضاري شامل> ونريد ان نلج التاريخ لنؤسس كياننا الحضاري الواقعي، علينا ان نبلور وننحت مفاهيمنا ومناهج رؤانا لاليات البناء الديمقراطي المغموس باديم العقل المتنور الذي يحترم انسانية الانسان وعقله القادر على انارة طريقه.
هذه اهداف كبيرة ونبيلة، والاهداف النبيلة طريقها شاق وتتطلب تضحيات كبيرة يقدمها كل من يسعى  لتلك الاهداف.. 
 فاين وكيف سيكون مكان ودور التيار الاسلامي في تحقيق تلك الاهداف؟!.

هامش
(1) اكد ذلك السيد عمار الحكيم في الندوة التي عقدها في غرفة البرلمان العراقي للحوار في يوم 12-8-02 ، وكرر ذلك اكثر من مرة. الندوة مسجلة في موقع البرلمان العراقي.

15-8-2002



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد التكفير؟ راي في تنويه الشيخ الآصفي
- الازمة العراقية مطالب خيالية في افق مغلق
- اقصاء الآخر والانفراد السياسي - (نقد) التيار الاسلامي للمارك ...
- المعارضة الوطنية العراقيةهل تخطو باتجاه الوحدة؟
- التوجه العقلاني اساس لمواجهة التحديات القادمة
- العسكر قادمون اخفوا رؤوسكم!
- الحل الاميركي للازمة العراقية القبول الخفي والرفض المكشوف
- واقع لغة الحوار السياسي
- عراق المستقبل وملوك الطوائف
- الحوار والديمقراطية
- المثقفون العراقيون.. المنفى والوطن


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد صبيح - الديمقراطية المشروطة تطلعات ومفاهيم التيارالاسلامي