|
الحدود
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3347 - 2011 / 4 / 26 - 11:02
المحور:
كتابات ساخرة
حتى عندما إزداد عدد نفوس ، عائلة جدنا المرحوم " آدم " ، فأن بعض المفاهيم التي تُسّبب اليوم الصراعات والحروب ، لم تكن مُتشكلة بعد . ومن أبرز هذه المفاهيم : [ الحدود ] . فلقد كانتْ المصادر الضرورية للحياة ، مثل الطعام والماء والسكن ، متوفرة .. فالغابات شاسعة والصيد وفير والكهوف متواجدة . وعدا عن المشكلة العائلية الصغيرة ، التي حدثتْ بين الأخَوين قابيل وهابيل وتنافسهما على أختهما الجميلة ، والتي إنتهتْ بقتل الأخ لأخيهِ .. فانه لم تكن هنالك في ذلك الزمن الغابر " حدود " دينية أو أخلاقية أو قانونية أو جغرافية . ولكن الإزدياد التدريجي لنفوس البشر خلال مئات الآلاف من السنين ، جعلَ الحاجة الى [ الحدود ] ، مُلِحة .. فتكونتْ العوائل ثم القُرى ، فالمُدن .. وظهرَتْ الأعراف والتقاليد ثم القوانين .. وكان لا بُد من حدوث خلافات وصراعات ، على " المصادر " و" الثروة " و " النفوذ " .. ففي حين تذكر الأساطير ، ان عهد آدم ، سَجَلَ أول قاتلٍ وأول قتيل في التأريخ ، وهما الأخوين قابيل وهابيل ... فأن العصور التالية .. شهدتْ أعداداً كبيرة من ضحايا الحروب والمعارك . ان تعقد الحياة وزيادة مُتطلبات البشر وتنوعها خلال العصور .. أدى الى ضرورة إبتداع الحدود ، بمُختلف أنواعها ، وبالتالي الشرائع والقوانين ، ل " تنظيم " العلاقات والواجبات والحقوق . وأدناه بعض الملاحظات على " الحدود " بصورةٍ عامة : - ان الحدود الجغرافية ، وضعها الأقوياء والمنتصرون والأذكياء .. عبر التأريخ . فربما اليوم ، من الصعوبة بمكان ان تقوم دولة قوية مثل الولايات المتحدة الامريكية ، بالإستيلاء على دولةٍ اُخرى ، بصورةٍ سافرة .. وببساطة لِمُجرد ان تلك الدولة ضعيفة او للسيطرة على خيراتها علناً ، مثلما كان يحدث قبل مئات السنين .. لأن " القوانين " المُتفَق عليها اليوم .. تحمي حدود الدول من الانتهاك .. فيقوم الاقوياء ، مثل الولايات المتحدة ، بإيجاد ذرائع وحجج من أجل خرق الحدود !. إضافةً الى ان " العدالة " مفقودة في كثيرٍ من الحدود التي رُسمتْ للدول في العصر الحديث .. فدولة مثل اليابان ، نفوسها كبير ومساحتها صغيرة جداً وطبيعتها قاسية ، ودولة مثل ليبيا بالعكس تماماً ، مساحتها شاسعة ونفوسها قليل وبعيدة عن الزلازل والهزات والتسونامي !. - أعتقد ان بعض مظاهر " الأخلاق " واحدة ، في تشيلي واليابان واستراليا وكندا وموزمبيق والسويد واليمن ...الخ . فمثلاً ، الصدق والأمانة والنزاهة والإخلاص ... متواجدة في نصوص كل الأديان والشرائع المعروفة .. وفي القوانين الوضعية وفي الأعراف الاجتماعية أيضاً ... لكن الإختلاف الحاصل ، هو في جوهر مفاهيم اخرى ، مثل الشرف والعِفة والكرامة والعزة ... الخ . ففي حين ان هنالك شعوب وحضارات كبيرة ، اليوم .. لا تعير أدنى إهتمام ب " عذرية " الفتاة ، ولا تعتبر فقدانها للعذرية قبل الزواج ، جريمة أو حتى مُشكلة .. فان شعوباً اُخرى تتفنن في رسم " حدود " الشرف حول عذرية الفتاة ! . وبالتالي ، فأن النظرة الى المرأة ، مُختلفة تماماً بين هذين النموذجين .... هنالك دُول تجاوزتْ الكثير من " الحدود " المتوارثة عن الدين ، في قوانينها الوضعية .. فان لائحة حقوق الانسان إذا طُبِقتْ بدرجةٍ معقولة ، فأنها تتعارض لا محالةَ مع الكثير من النصوص الشرعية .. لهذا ليس مُستغرباً ان يميل الحكام المستبدون في منطقتنا ، الى " الشريعة " أكثر من القوانين المدنية !. - المشكلة ان " الحدود " ، الى يومنا هذا .. يضعها عادةً ، المتنفذون والحُكام والأقوياء .. وعلى الأغلب ، يراعون مصالحهم ومصالح طبقاتهم ، وإدامة سلطاتهم .. فالأحزاب الاسلامية الحاكمة في بغداد والوسط والجنوب .. ما أن ترى ملامح بسيطة لِمَيل الناس الى الفَرَح ، وإستعادة الحياة الطبيعية بما فيها من غناءٍ وموسيقى وسفرات ومرح وحفلات .. حتى تُبادر الى تطبيق " الحدود " الشرعية بحقهم ، وتمنعهم من كُل حقوقهم في الحريات الشخصية والمدنية ! . الحكومات عندنا ، تُقّرِر ان المُعارضة قد تجاوزت " الحدود " المسموحة لها .. وانه ينبغي لجمها وإيقافها ! . ولكن الحق يُقال .. فأنه ليست كُل المظاهر خاضعة للتحديد ... فمثلاً جَشع التُجار ، وفساد المسؤولين ، وسرقات ونهب القادة ... ليس له حدود !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لَمْ أرى بِعيني . لكني سمعتُ بأذني !
-
الأمطار الغزيرة .. فضحَتْنا
-
أثيل النُجيفي واللعب الخطر
-
حكومتنا .. و - المَلا سيسو - !
-
ماذا ينقص - ديمقراطيتنا - ؟
-
مبروك .. عيد رأس السنة الإيزيدية
-
حكومتنا .. والحَرُ والبَرد
-
رؤساءنا لا يلعبون ولا يُغَنون !
-
صناعة الحرب
-
ثورات المنطقة .. بعض الدروس
-
أعمدة الفساد الأربعة
-
وعود الحكومة العراقية
-
علاوي والهاشمي ..مثل الساعة السويسرية !
-
ألمالكي وبَرْهَم .. تَرَكا القراءة !
-
العراقيون في سوريا .. في خطر
-
قنابل موقوتة بأمرة مُقتدى
-
9/4 يوم تحرلال العراق
-
السفرات المَدرسية
-
الإرهابيين العَرب في العراق
-
دولة قَطَرْ العُظمى
المزيد.....
-
“اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش
...
-
كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
-
التهافت على الضلال
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
-
الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في
...
-
جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا
...
-
مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين
...
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
-
شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ
...
-
عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|