أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - برهان غليون - الأزمة السورية والمخرَج السياسي















المزيد.....

الأزمة السورية والمخرَج السياسي


برهان غليون

الحوار المتمدن-العدد: 3347 - 2011 / 4 / 26 - 01:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ما حصل ويحصل في سوريا لا يختلف عما حصل في غيرها من البلاد العربية التي سبقتها، في انتشار حركة احتجاج أودت بنظام الحكم أو هزته في أحسن الأحوال، ووضعت مكانه نظاماً جديداً يستمد شرعيته من الشعب، ويعد بتحقيق القيم الإنسانية ذاتها في الحرية والعدالة والمساواة. وإذا كان هناك جديد في الحالة السورية فهو يتعلق بالسؤال عن السبل التي ستقود هذه الثورة إلى أهدافها، إن كانت سبلاً سلمية نابعة من التفاوض السياسي على أجندة الانتقال وشروطه نحو الديمقراطية، .


أم أنها ستكون عنيفة يرافقها ما نشهده اليوم في دول عربية أخرى، وبشكل خاص في ليبيا التي أدت فيها غطرسة القوة لدى النظام إلى إدخال البلاد في مفازة صعبة بمقدار ما وضعت مصيرها في أيدي القوى الأجنبية وربطته بالحرب الداخلية وتجارة السلاح والنفوذ العالميين.

حتى الإعلان عن رفع حالة الطوارئ وإلغاء محاكم أمن الدولة التي خضعت لها سوريا منذ أكثر من نصف قرن دون انقطاع، كان من الواضح أن السلطة السورية لا تريد أن تلعب اللعبة السياسية، أي أن تأخذ وتعطي، وتقصدت أن تظهر الصرامة وعدم الاكتراث. بل اتخذت موقف التحدي والتصدي للمطالب الشعبية المشروعة، وحاولت تجييش قطاعات الرأي العام المؤيدة لها أو الخائفة من صعوبة التغيير وتكاليفه، ثم انتقلت إلى التصعيد العسكري فأغلقت بعض المدن، وسعت إلى تلقين السكان درساً ربما يعيد ذكريات محنة الثمانينيات في حماة وغيرها من المدن السورية. وللتغطية على رفضها الإصلاح والتجاوب أو التفاعل مع مطالب الشعب الديمقراطية، اخترعت موضوع المؤامرة الخارجية بمشاركة عصابات منفلتة، وفرق ملثمة، ودول أجنبية، وأخيراً، حركات سلفية تقتل على الهوية، ولا تفرق بين متظاهر وضابط جيش!

هذا في الوقت الذي لم تفتقر أي حركة احتجاج عربية أخرى، كما افتقرت الانتفاضة السورية، للتعاطف من قبل الدول العربية، ومن دول أوروبا وأميركا التي لا تزال، حتى اليوم، تعلن أنها لا تريد تغيير النظام في سوريا لكنها تراهن على قواه الإصلاحية. ولم يحصل أن عومل نظام عربي، يتعرض لمعارضة شعبية سلمية قوية، بهذا المستوى من الحرص والحيادية وضبط النفس. فلم يتلق النظام تجاه الاستخدام المفرط للعنف، وإغلاق البلاد أمام الصحافة العربية والأجنبية، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، سوى نصائح من هنا وهناك بتعجيل الإصلاح حرصاً على بقائه وخروجه من المحنة.

لقد تحولت الحرية اليوم إلى حلم كبير محرك للشباب، وهم لن يتخلوا عنه، كما يمكن لأي متصفح للفيسبوك أن يلاحظ ذلك، لأنه أصبح الحلم الوحيد الذي يعطي حياتهم ومستقبلهم معنى، ويعيد في مخيلتهم وطنهم إليهم، أو يمكنهم من استعادة الشعور بالوطن الذي حرموا منه طويلاً، بما يعنيه الوطن من أمن وأمان وتمتع بحقوق المواطنة وغيرها من الحقوق.

فالشباب العربي عموماً، لم يعد يقبل العيش في وطنه كما لو كان غريباً فيه، وليس له حق المشاركة في صنع مصيره ومستقبله. هذا وضع انتهى بعد انتصار الثورات الديمقراطية العربية الأخرى. ومن يقبل بالخنوع والتبعية والاستقالة الأدبية يشعر كما لو كان من دون قيمة ومن دون شرف الوطنية والمواطنية، وغريباً عن عالم الحضارة والمدنية. والقصد، أنه لن تستطيع أي قوة بعد الآن أن تنتزع هذا الحلم من قلب الأجيال الجديدة التي اكتشفت أيضاً وسائل جديدة للحفاظ عليه حياً، وشاهدت نماذج لثورات حققت نتائج فعلية. وهي لا تقبل بأن تعامل ومن باب أولى أن تعامل نفسها كما لو كانت أقل جدارة واستحقاقاً من شباب الشعوب العربية وغير العربية الأخرى.

هل يمكن للقرارات الأخيرة أن تهدئ من روع الشباب وتعيد الثقة للشعب بحكومته فننتقل من سياسات المناورة والمراوغة واختراع المؤامرات والفتن، إلى سياسة الانتقال السلمي، وبالتفاوض مع ممثلي الاحتجاج والمعارضة، لإيصال الشعب السوري وسوريا إلى بر الأمان، قوية بوحدة أرضها واتحاد شعبها، ومتصالحة مع نفسها وتاريخها، ومؤمنة بدورها الإقليمي البناء ورسالتها في التسامح والتناغم بين جميع المذاهب والديانات والثقافات التي تشكل هويتها الحقيقية، وعزيزة بتعلق أفئدة أبنائها بها؟

نعم، يمكن ذلك، لكن بشرط رئيسي واحد، هو أن تعترف السلطة رسمياً بأن مصدر السلطة هو منذ الآن الشعب وليس القيادة القطرية التي تحتكر الحكم حسب الدستور منذ نصف قرن، وتلغي أية إمكانية لتداول السلطة، أو حتى للمشاركة فيها مع غيرها، في الوقت الذي لايكاد المواطن يعرف شيئاً اليوم عن أعضاء هذه القيادة وأفكارهم، ولم يسمع خطاباً أو يقرأ مقالاً لأحد منهم. ويترتب على هذا الاعتراف الذي يعني رفع الوصاية الحزبية عن الدولة والشعب، الإقرار بأن الهدف من عملية التفاوض هو الوصول إلى نظام ديمقراطي منبثق من إرادة الشعب ومسؤول أمامه لا أمام أي قيادة أخرى. وبالتالي ولادة حكومة تتشكل من قبل نواب الشعب وتكون مسؤولة أمامهم وتملك جميع الصلاحيات والسلطات المتعلقة بتنظيم شؤون حياتهم. فهي وحدها التي تضمن حقوق الشعب وأمنه وحرياته أمام تعسف الأجهزة الأمنية والإدارية. وهذا يستدعي بالتأكيد، ومنذ الآن، كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في الشؤون السياسية وإخضاعها للحكومة المنتخبة، وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، ودخول المبعدين، ووقف عمليات الاعتقال والاختطاف وترويع الأفراد المستمرة إلى اليوم.

في هذه الحالة، يستمر الرئيس خلال المرحلة الانتقالية في ممارسة إشرافه على السياسات الدفاعية والخارجية التي تشكل مركز إجماع عند السوريين.

من دون ذلك تبقى مثل هذه القرارات جزءاً من لعبة سياسية هدفها الالتفاف على حركة المعارضة الشعبية، وتعزيز النظام الأمني بقوانين جديدة مطبوخة في مطبخ القيادة القطرية الشهير ذاته، تحل محل القوانين التي أسقطتها الإرادة الشعبية في الواقع قبل أن يسجل النظام على الورق صك موتها.

والسؤال الذي يطرح بعد ذلك ويطرحه جميع أبناء الشعب السوري على أنفسهم هو: ما هي احتمالات أن يتغلب العقل، وأن يقبل النظام بالتعاون مع المعارضة للدخول في مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية؟ هذا الموضوع مفتوح للأيام القادمة، والسلطة السورية هي وحدها التي تستطيع الإجابة عليه. ونأمل أن تكون إجابتها من النوع الذي يتمناه الشعب وتتوق إليه المعارضة.



#برهان_غليون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة مابعد الجمعة العظيمة
- المعجزة السورية
- نداء إلى شعوب الأمة العربية
- قنبلة الفتنة الطائفية أو إجهاض المواطنية
- سورية على طريق ثورة الكرامة والحرية
- عهد المواطنة العربي الجديد
- مقتطفات من كتاب النخبة والشعب، دار بترا دمشق 2010
- الثورة التونسية أو دخول العرب في الحداثة السياسية
- في جذور تفكك عالم العرب وبؤس أحوالهم
- 2011 عام القلاقل والتحولات
- تونس تفتح طريق الحرية
- من أجل إدانة شاملة لحرب التطهير الديني ضد المسيحيين في العرا ...
- الأزمة العربية بين الهوية والتحول
- د. برهان غليون في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أزمة ا ...
- النظام الدولي و-طبقات- الدول
- العرب ومعركة تحجيم إسرائيل
- إسرائيل والاستيطان
- مفاوضات السلام التي تضمر الحرب
- محنة العراق بين الطائفية والضحالة السياسية
- ساعة الحقيقة وإرادة الحرب


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد
- في المنفى، وفي الوطن والعالم، والكتابة / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - برهان غليون - الأزمة السورية والمخرَج السياسي