أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند يعقوب - جماليات القبيح والجريمة وعالميتهما















المزيد.....

جماليات القبيح والجريمة وعالميتهما


مهند يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


" للأشياء القبيحة خصوصية فنية
قد لا نجدها في الاشياء الجميلة
وعين الفنان لا تخطئ ذلك ".
فينسنت فان غوخ

يكتسب كل من القبيح والجريمة في الأدب والفن التشكيلي والسينما ، جماليتهما من الموهبة ، والذكاء ، والحساسية الفنية المفرطة لدى المبدع ، لتنجيز الشكل او الفعل الجمالي نفسه وتحريكه في تلك المواضيع . كما وان نقل القبيح والجريمة فنياً ، أكسب هذه المواضيع بعداً مختلفاً ونقلها من خامات مباشرة مستبعدة ومطرودة ذوقاً ، الى صور وأفكار وفلسفات تأخذ " خصوصيتها الفنية " من جماليات الصناعة وعمق الافكار، في تأويل وفهم القبيح والجريمة معاً .

ان الميل لكشف جماليات القبيح ليس ميلاً اعتباطياً او صناعة طارئة ، انه جزء من العالم والوجود ، بل جزء من الطبيعة الانسانية التي لم تستكمل بعد العلوم والمعارف الحديثة كعلم النفس والاجتماع والانثربولوجيا كشف خريطتها بالكامل ، وكيف تتشكل لديها النوازع والافعال التي نطلق عليها فيما بعد خيراً او شراً ، وهو ايضاً اي القبيح جزء مساو في ذات الطبيعة الام وداخلاً في قوانينها " اشتقاق الطيب من الخبيث والاعتماد عليه والعكس " والشر عندما يرتفع الى مستوى مكافئ للخير تنعدم لدينا الخيارات بينهما في الترجيح وهذا يعود الى القيم الجمالية ذاتها .

تُعد شخصية " الضفدع " Ben whishaw بطل فيلم " العطر " 2006 للروائي الالماني " باتريك زوسكيند " وكذلك شخصية الدكتور "هنيبال لكتر " Anthony hopkins في فيلم " صمت الحملان " 1991 من أبرز النماذج التي تمثل طغيان المبررات المنطقية والجمالية في فعلهم الاجرامي على أية مبررات أخرى داخل تلك الاعمال ، لوجود قصديّة مباشرة وواعية في صناعة الجريمة على النحو الفني ، وان كانت تلك الأعمال السينمائية تُصنف ضمن أعمال " المرض في السينما " لكنها اشتغلت على أفكار فلسفية وأخلاقية هي متوفرة من الأساس في طبيعة وجودنا كبشر، نقلاً عن أساطير وأديان وثنية وأعمال فنية ومنحوتات ، كما تضمن فيلم " التنين الاحمر" 2002 تحديداً كواحد من سلسلة افلام الدكتورهانيبال لكترأعمالاً فنية ونصوصاً شعرية عديدة للشاعر والرسام الأنجليزي " وليم بليك " وخاصة لوحته الشهيرة " الشبق " او " التنين " التي أخذت مكانة رمزية قوية في هذا الفيلم للتدليل على معنى التحول الجنسي عند " فرانسيس دولارهايد " Ralp fiennes ، وكذلك تضمنت أعمال دانتي في الجحيم ، ويهوذا في الأناجيل ، وعلم التشريح كممارسة ، وبعض نماذج من الحشرات والعصافير كطائر " أبو الحناء " وما يشتمل عليه سلوك هذا الطائر من ممارسات غرائبية تتسم احياناً بالعنف والتخريب ، وجميعها كانت اشارات وتضمينات تدفع باتجاه دعم وابراز الخصوصية الجمالية في الجريمة ، التي تفرض الميل اليها وفقاً لطبيعة العمل وعناصره الأبداعية شكلاً ونقداً وتحليلاً وشواهداً .

ان جماليات الفعل او الشيء تكمن في الاضافة التي يسحبنا الى تحقيقها الفعل او الشيء نفسه ، لان حقيقته تقول بهذه القابلية على الانزياح ، وهذه القابلية تستدعي وجود " عين فنان " محترف لتعيد اكتشاف هذا الفعل وهذا الشيء وفقا لمصيره في الحضور والتشكل على يد الفنان .وأي كانت التصنيفات التي يمكن ان نضع فيها الأعمال والشخصيات التي أظهرت جماليات القبيح والجريمة ، سواء كانت في سياق عد هذه النماذج البشرية تعاني من أمراض وأزمات نفسية حادة ، او في سياق اعتبار هذه الاعمال انعكاساً لطبائع البشرعموماً. يبقى الاشتغال وشكل الصناعة يمدنا بهذا المعنى والجمال من خلال عناصر العمل نفسه ، ومن خلال الموضوع المفكَر فيه ، والموهبة الخالصة في تقديمه كعمل فريد . وهذا كله كافياً لان نجعل من بطل " العطر " شخصية مثالية في تربية الذائقة الانسانية الى ما هو أرفع من المألوف والعادي ، في سياق فهم وتطوير معنى الجمال وحضوره ، وهو نفسه الذي يجعلنا نعتقد باهمية نصوص وليم بليك ، وكذلك نصوص الماركيز دو ساد ، وايضاً نصوص الشاعر والقاص العراقي حسن بلاسم ، الذي يُعد حالة مميزة من بين الشعراء العراقيين في طبيعة الموضوعات التي يختارها لنصوصه الشعرية والقصصية الصادمة والوحشية وخاصة مجموعته " طفل الشيعة المسمّوم " .

لقد جاءت الاشارة لهذه النماذج بوصفها أعمالاً اختارت ان تتناول موضوع القبيح والجريمة ضمن سياق جمالي وفلسفي خالص ، وغير معنية في نقل الجريمة كفعل انساني مدان ومرفوض أخلاقياً وقانونياً . وما يجعلنا نهتم بموضوع من هذا النوع ، هو أثره في احداث التطور في النظرة على الجمال مفهوماً وفلسفة وتجريب ، وكذلك محاولة متواضعة منا لتنسيب صفة الشمول والعالمية الى تلك الاعمال . حيث يأخذ أي عمل كان وفي أي حقل ابداعي صفة العالمية او الكونية نسبة الى سعة انتشاره ، وكذلك حسب ما يندرج عليه موضوع العمل وعناصره الابداعية التي تشكله كحقل ابداعي وعالمي من الأساس . وموضوعات من قبيل الموت او الحب او الحرب ، اندرجت بما يشبه المجاز للتعبير عن كونية العمل او عالميته . والعالمية ليست محددة فقط بالموضوع بما يحمل من صفات جمالية عامة وأهمية انسانية شاملة ، فالليومي ، والذاتي ، والبسيط ، والقبيح ، أهميتهم في اعطاء العمل صفة العالمية ايضاً ، والذي يجعل من هذه العناصر والموضوعات تأخذ هذه السعة والشمول ، هو قدرتها على ان تتحول من حالة ذاتية وجزئية الى فكرة عالمية يتحكم في اعطائها هذه الصفة والمكانة ، شكل الصناعة عموماً والابداع والذكاء والحرفية العالية في تلك الصناعة. وفي هذا السياق لا نستطيع التدليل - اضافة لما تقدم من نماذج - على تحول الجزئي او البسيط او القبيح الى صفة العالمية في السينما مثلاً ، بأكثر من لقطة " طفل الفضلات " في فيلم " المليونير المتشرد " 2008 وهي لقطة تحّول فيها الطفل Ayush mahesh khedekar الذي يسعى لمقابلة النجم الهندي " آميتاب " الى طفل مصنوع من الريش ، وهو يحاول التخلص من مأزق حبسه بالخلاء ، للحاق بالنجم لكي يوقع له على الصورة. كان مشهد انغماسه في الداخل ويده ترتفع بالصورة الى الأعلى ، مشهداً لا جدال وشك في عالميته وحرفيتة الفنية العالية وأثره الجمالي الشعري الواضح .

لقد تحولت الفضلات الى موضوع جمالي مثير للاهتمام والاعجاب بفضل الموهبة والقدرة على صناعة اللقطة بحساسية فنية نادرة ، والفضلات هنا لم تقل أهمية عن أهمية موضوع الموت وفلسفته في فيلم " الرحيل " الياباني 2008 الحائز على الاوسكار كأفضل فيلم بلغة أجنبية . لهذا فالبحث عن صفة العالمية ومن ثم اسناد هذه الصفة الى الأعمال الابداعية حسب موضوعاتها لا تحكمه شمولية هذه المواضيع او محليتها ، بقدر ما تحكمه عين الفنان نفسه ، وموهبته الفذة في جعل هذه الموضوعات ذات انتشار وتلقي عالميين.



#مهند_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند يعقوب - جماليات القبيح والجريمة وعالميتهما