منير الحمارنة الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الوضع الراهن في الأردن وبعض تداعيات الوضع العربي.


منير الحمارنة
الحوار المتمدن - العدد: 3346 - 2011 / 4 / 24 - 13:15
المحور: مقابلات و حوارات     

أجرت الحوار: منال نصرالله

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا –48 - سيكون الاستاذ د. منير الحمارنة الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني حول:  الوضع الراهن في الأردن وبعض تداعيات الوضع العربي.


1- قامت دول الغرب بتجميد الأرصدة والأصول المالية لبعض الحكام العرب بعد الثورة عليهم، وباعتبارك خبيراً في الاقتصاد هل يمكن ارجاع هذه الأموال الى اصحابها الحقيقيين، أي الشعوب المنهوبة، وما هي
 آليات تحقيق ذلك؟ وكيف ترى آفاق الانتفاضات والثورات في العالم العربي؟

 نعم يمكن استعادة الأموال والارصدة والاصول المجمدة لبعض الحكام العرب في الدول الغربية. وهذا يحتاج اولا وقبل كل شيء الى اتخاذ قرارات واصدار احكام قضائية تدين هؤلاء الحكام بتهمة الفساد والاستحواذ على المال العام.
وثانياً الاستفادة من اتفاقية محاربة أو مقاومة الفساد المبرمة في نطاق الأمم المتحدة. ويوجد عدة اسبقيات بهذا الخصوص.
من الواضح أن العالم العربي بعد أحداث تونس ومصر لن يعود الى ما كان عليه قبل هذه الأحداث وحققت الشعوب العربية حتى الآن قفزة هامة ولو بشكل متفاوت في مجال الحريات العامة والحقوق الديمقراطية، واستعادة الكرامة وتعزيز حقوق المواطنة. الحراك من أجل التغيير ما زال مستمراً وهو يشكل حصاراً جدياً للحكام العرب الذين كانوا وما زالوا يتجاوزن على حقوق الشعوب في الديمقراطية وحقوق المواطنة المتساوية.
وحصاراً جدياً للفساد والمفسدين. الانتفاضات والثورات وضعت المنطقة العربية على اعتاب مرحلة جديدة من سماتها الرئيسية المتوقعة تعزيز الاستقلال السياسي والسير في طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية المستقلة مع تعزيز القدرات الذاتية وتحسين مبدأ اعادة توزيع الثروات .
 

2 – كيف ترون الخارطة الطبقية في الأردن اليوم والمعادلات التي توازن بين القبلية والحداثة والمجتمع المدني، وكذلك ترسيخ مفهوم المواطنة في المجتمع الاردني؟

 يتكون التحالف الطبقي الحاكم في البلاد من البرجوازية البيروقراطية والبرجوازية الكامبرادورية والطفيلية وكبار الملاك. وتستحوذ هذه الفئات على ما يقرب من 80 بالمئة من الدخل الوطني والثروة. في حين تعاني بقية الطبقات والشرائح الاجتماعية من ظروف معيشية قاسية وهي تشمل العمال وصغار المزارعين والكسبة والبرجوازية الصغيرة. وفي حين يبلغ معدل البطالة حسب الاحصاءات الرسمية حوالي 13 بالمئة، فإن تقديرات الباحثين تؤكد أن النسبة تزيد عن ذلك كثيراً مع معدل فقر مرتفع وانخفاض حاد جداً في الرواتب والأجور لغالبية العاملين في القطاعين العام والخاص على السواء. ويقدر أن ما يقرب من 75 بالمئة من العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص تتراوح رواتبهم وأجورهم حوال 300 دينار شهرياً أو دون ذلك. وهذا يعني أن دخلهم أقرب ما يكون الى خط الفقر. ويؤدي انخفاض المداخيل والأجور لغالبية العاملين بأجر الى تراجع عدد ونسبة الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني وزيادة نسبة الشرائح الاجتماعية التي تقع قرب خط الفقر أو دونه، وخاصة مع الارتفاع المستمر في معدل التضخم والاسعار، دون أن يقابل ذلك زيادات مناسبة في الأجور.
تشجيع القبلية في الأردن جاء في اطار التراجع السياسي في البلاد ونسف المنجزات السياسية والديمقراطية التي تحققت في هبة نيسان المجيدة عام 1989. فمع تغيير قانون الانتخابات العامة ، واللجوء الى قانون الصوت الواحد أخذت تقوى النزعة العائلية والعشائرية والاصطفافات الأخرى التي تتناقض مع طبيعة التطور العلمي والاقتصادي. وتعززت سياسة تهبيط سقف الحريات العامة مع توقيع اتفاقية وادي عربة، الأمر الذي عظم الاعتماد على التوجهات القبلية وخاصة في تكوين البرلمانات ، حيث كانت تمارس مختلف اشكال تزوير الانتخابات النيابية وغير النيابية. وفسح في المجال لان يلعب المال دوراً كبيراً في الانتخابات النيابية الأمر الذي أدى في النهاية أن يبتعد البرلمان كثيراً عن واجباته الدستورية وأصبح ملحقاً بالسلطة التنفيذية. وأدت هذه التطورات السلبية المتلاحقة الى اضعاف مؤسسات المجتمع المدني والضغط عليها بما في ذلك الأحزاب السياسية وساهمت بقوة في تعميق حالات الفساد في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي ضرب منظومة القيم الاجتماعية وعمقت الاستهانة بمبدأ المواطنة.
ان استعادة مكانة المواطنة الحقيقة في المجتمع مرتبط بتحقيق أوسع للحريات العامة واحترام المبادئ الدستورية التي جرى التجاوز عليها ومقاومة الفساد.
إذ لا يمكن تعزيز دور المجتمع المدني ومفهوم الديمقراطية الا من خلال دولة القانون واحترام الحريات العامة، والتي هي من أبرز الشعارات التي تناضل من أجلها القوى الوطنية الأردنية من خلال الحراك الاجتماعي الواسع حالياً.


3- تعاني المراة في الاردن من تمييز جنسي وظلم لا يمكن تسويغهما بأي شكل من الاشكال، فما هو دور وامكانات اليسار والقوى التقدمية الأردنية المساهمة في حركة تحرير المرأة ومساواتها في الاردن؟

 لقد احتل تحرير المرأة ومساواتها موقعاً متقدماً على الدوام في برنامج الحزب الشيوعي الأردني، حيث نرى أن تحرير المرأة هو عملية تحرير للمجتمع بأسره. وساهم حزبنا مع قوى يسارية ووطنية أخرى في الدفاع عن حق المرأة في المساواة وضد التمييز الذي تعاني منه ولا شك أن المرأة في الاردن حقققت مكتسبات هامة ومتعدة، ولكن يبقى الكثير حتى الآن الذي لا بد من تحقيقه والنضال من أجله. وتحظى الحركة النسائية في الأردن بدعم كبير ليس من قوى اليسار فقط، بل ومن أوساط اجتماعية أخرى خاصة وان دورها أخذ يكبر ويتسع في الحياة العامة .


4- هناك قوى يسارية مختلفة في الأردن، هل هناك توجه لتشكيل تحالف يساري واسع وحتى توحيدها في حزب يساري موحد لمواجهة تحديات المرحلة؟

 يبذل الحزب الشيوعي الاردني جهوداً كبيرة لتكوين اوسع تحالف يساري، وحتى وطني لمواجهة تحديات المرحلة وهي كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية. وقمنا بعدة محاولات لتحقيق بعد اشكال التنسيق مع قوى يسارية. صحيح اننا لن ننجح حتى الآن في تكوين تحالف يساري عريض متماسك، ولكننا وبالتعاون مع قوى يسارية حققنا تحالفات ولو على نطاق محدود وفي بعض المجالات، والتي أعطت نتائج هامة قابلة للتطور والتوسع سواء في الانتخابات النيابية أو على صعيد العمل المشترك في النقابات المهنية والعمالية
ونحن نعتقد أنه لا بديل عن أوسع تحالف وطني لمواجهة مختلف التحديات الماثلة أمامنا. كما ونؤكد أن هناك ظروفاً موضوعية تتعزز كثيراً في هذه الأيام تسمح في السير في هذا الطريق الا ان بعض العوامل الذاتية وبعض تراكمات الماضي ما زالت تشكل عوائق أمام السير الناجح في هذا الطريق.


5- يعيش اليوم الاردن وضعاً قلقاً من الناحية الاقتصادية والسياسية وسقف الحريات هابط والاحتجاجات الجماهيرية متصاعدة ضد الغلاء والوضع المتردي للجماهيربشكل عام، ما هو برنامج الحزب الشيوعي الاردني للخروج من هذا المأزق ؟

نعم يعيش الاردن اليوم وضعاً قلقاً جداً حيث يعاني من أزمة مركبة سياسية واقتصادية واجتماعية.
ويستمر الحراك الاحتجاجي الشعبي مطالباً باصلاح شامل سياسي واقتصادي. ويجتذب هذه الحراك قوى اجتماعية واسعة لا سيما من أوساط الشباب التي ترى في ما يجري في البلاد العربية قدوة تدفعها للمساهمة بنشاط وفعالية في النضال من أجل تحقيق هذه الاصلاحات وبأسرع وقت ممكن.
فالأزمة التي يعاني منها الاردن حالياً هي ثمرة للسياسات المتبعة في البلاد على امتداد العقود السابقة، سياسة خنق وتقليص الحريات العامة والرضوخ لاملاءات المؤسسات المالية الدولية وقوى العولمة الرأسمالية الشرسة في المجال الاقتصادي. الأمر الذي فاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي بدرجة كبيرة فالبلاد تعاني من عجز كبير ومتراكم في الموازنة العامة ومن مستوى غير مسبوق في المديونية العامة وعجز في الميزان التجاري جنباً الى جنب مع ارتفاع معدل البطالة والفقر.
ويدرك حزبنا اننا نمر في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية والتي ابرز اهدافها النضال من أجل حل ديمقراطي للمشكلات السياسية والنضال لايجاد حل وطني للقضية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولذلك يؤكد برنامج حزبنا أن المدخل الهام لانجاز مهام هذه المرحلة هو اشاعة الديمقراطية وتحقيق الحريات العامة ومأسسة المجتمع واباحة الحريات الديمقراطية، حرية التنظيم والتعبير واحترام التعددية السياسية والفكرية والاجتماعية والغاء جميع القوانين المحدة للحريات.
وأما الحل الوطني للقضية الاقتصادية الاجتماعية يتطلب حلولاً للقضايا التي نعاني منها من خلال اعادة النظر في السياسة الاقتصادية الاجتماعية والتخلص من الرضوخ لاملاءات الدوائر الامبريالية وقوى العولمة الرأسمالية والابتعاد عن سياسة التبعية الاقتصادية من خلال كسر طوق التبعية وايجاد حلول وطنية لمختلف المشاكل والسير في طريق الاستقلال الاقتصادي واقامة علاقات متكافئة مع العالم الخارجي، وعلاقات تكاملية مع الدول العربية الشقيقة والخلاص من سياسة اقتصاد السوق والتصدي بقوة للقوى والفئات الاجتماعية التي تشكل قاعدة التحالف الحاكم وتعمل على ابقاء علاقات التبعية وتحميل الجماهير الشعبية تبعات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
وينص برنامج حزبنا على ان تحقيق مهام المرحلة التي يمكن ان تمتد لفترة ليست قصيرة يحتاج الى نضال دؤوب ومستمر وبناء تحالف طبقي واسع يضم القوى السياسية والاجتماعية ذات المصلحة في انجاز مهام المرحلة أو تحقيق التطور التدريجي في عمليات الانجاز والنضال من اجل تحويل التبدلات الكمية الى تحولات كيفية لمصلحة أوسع الجماهير الشعبية ومستقبلها السياسي والاقتصادي.
ويمكن القول ان بناء اشكال متعددة من التحالفات على طريق تحقيق مهام المرحلة، تحقق نجاحات ملحوظة.