أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمه قاسم - علا و الموت من انكسار القلب !














المزيد.....

علا و الموت من انكسار القلب !


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 24 - 02:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كباحثة في علم النفس , أعرف أن انكسار القلب هو ذروة الألم الإنساني حين يصيب الأطفال , لأن عالمهم الطفولي يكون في العادة بعيدا عن الصراعات الكبرى , أي كانت عذه الصراعات ،عن الأسئلة الموجعة والصعبة, عن الفشل في تفسير الأقدار القاسية , بل إنه في تراثنا الإسلامي و الإنساني نقول عن الأطفال حين يموتون إنهم عصافير الجنة , لأنهم لا يعرضون على حساب أو عقاب.
علا الاسكافي , ابنة العشر سنوات واجهت منذ أيام أحد تلك الأسئلة المعقدة , و المصادمات الكبرى التي لم تستطع أن تحلق فوقها بسلام مثلما ترف فراشة ملونة فوق سياج من الشوك ، دون أن تدري أنه سياج قاتل , فقد ذهبت لزيارة والدها المناضل الفلسطيني المحكوم عليه من المحاكم الإسرائيلية بأربع مؤبدات , أربع مؤبدات ستلقي ما وراء العمر صبية , ثم شابة ، تتزوج و يصبح لها أولاد و أحفاد , و لكن والدها بحسب العدالة الإسرائيلية لن يكون قد خرج من السجن .
هذا النوع من الحسابات استهلك عقول الفلاسفة فكيف بعقل علا الإسكافي ابنة العشر سنوات ؟
المهم أن علا ذهبت مع عائلتها إلى سجن بئر السبع لزيارة والدها هناك المحكوم بأربع مؤبدات , و اكتشفت أن طقوس الزيارة ليست كما رسمتها ذاكرتها البريئة , فهي مسموح لها أن تراه من وراء ألواح زجاجية سميكة , تلك اللحظة بالنسبة لها كانت مستحيلة الفهم والاستيعاب , وضعت يدها على الزجاج لكي تسلم عليه , و وضع يده على الزجاج لكي يسلم عليها , لم تلتقي الأيدي , كان الزجاج يحول بينهما , و كانت شفافية الزجاج القاسية لا تسمح إلا بالرؤية , و لكنها رؤية أشبه بمسافةجليدية بين علا و أبيها , و خطر على بالها ما دامت تراه , و لكن الزجاج لا يوصل حرارة الأشواق , أنها تريد أن تحضنه , أن تقبله , أن تحس بنبض قلبه , و أصابعه تتحسس شعرها , فبدأت تنادي :
أريد أن أحضن أبي أريد أن أقبل أبي
كان خيالها البريء الأبيض يوحي لها أن الأمر بسيط , و سهل , و ممكن , و لا يضر أحدا بشيء , لا يدمر القبة الحديدية التي تم تركيبها حديثا على الحدود ، فرددت بصوت مكتوم..........
علا الإسكافي أدخلي و قبلي والدك و احضنيه ولكن لا تمكثي طويلا.
هكذا كانت تظن انه شيء سهل ممكن , غير ضار , لا يحتوي على أي نوع من الإرهاب ، و لكن حراس السجن نقلوا صرخاتها إلى الإدارة و الإدارة الإسرائيلية عقدت اجتماعا طارئا و سريعا و أصدرت قرارا قاطعا كحد السيف و باردا كالموت :
لا , هذا غير مسموح , هذا ممنوع بتاتا , هذا يتعارض مع قوانين إسرائيل , و يخل بأمن إسرائيل , و يتناقض مع فلسفة إسرائيل من وراء اكتظاظ سجونها بالفلسطينيين .
صرخت علا , صرخت ...يا أبي أريد أن أحضنك , يا أبي الغائب و أنت أمامي وراء الزمن أريد أن أقبلك , دعوني ... دعوني .
انتهت الدقائق في لمح البصر انتهت الزيارة , كانت الفرصة في نظرها متاحة و عادلة , ليس من فاصل سوى لوح زجاج , و لكن حراس السجن الإسرائيليين انتزعوها مثل قدر ظالم , كان صراخها مليء بالشعور بالظلم , و حزنها عظيما , و لأن أكثر الموت يأتي من انكسار القلوب , فإن قلبها الغض الذي يشبه ورقة نعناع شفافة ترشح بالندى , أنكسر, قلبها تماما , صار شظايا و أشعة تائهة و دموعا و صمتا أبديا .
ماتت علا
قتلها الإسرائيليون ليس بالرصاص الحي و ليس بالرصاص المطاطي و لا بقذيفة دبابة أو بصاروخ طائرة , و لا حتى بتكسير عظامها بالهروات و أعقاب البنادق , هذه المرة كان موت علا عجيبا , وجديدا ,و معقدا للغاية , و سهلا إلى حد مفزع , إنكسر قلبها الصغير فماتت و السلام .
كباحثة في علم النفس :
تابعت كثيرا من الأبحاث النظرية و الدراسات التطبيقية , أه لو أقول لكم كم هو معذب حزن الأطفال،حتى للذين يتابعونه في الأبحاث و الدراسات , و لكن حالة علا الإسكافي أغرقتني في دموعي , هزتني من الأعماق مثل الريح العاصفة التي تقتلع شجرة من جذورها , يا إلاهي متى ينتهي كل ذلك الظلم في السجون الإسرائيلية التي يوجد فيها الإسرائيليون من كل أنواع القتلة، يحضرون لهم زوجاتهم و أطفالهم , و يلعبون معهم في الساحات و يقضون معهم أوقات إنسانية , فلماذا علا الفلسطينية حين تطلب فقط أن تتلامس يدها مع يد أبيها , تعانقه , تحضنه , ترتفع في وجهها الجدران و القوانين و العنصرية و الحقد ؟ لماذا ينكسر قلب فراشة حلوة حتى الموت ؟ أجمل ما في النهايات التعيسة أن جنازة علا رفع فيها الأطفال النخل الأخضر و أوراق الورد !ورددوا بصوت حزين لكنه غاصب ومرتفع، هيا اذهبي , اذهبي هناك لتكوني عصفورا من عصافير الجنة .
فهل يسعفني علماء النفس ، ماذا يمكن ان يطلقوا اسما ، على هذا النوع من الموت



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطر المعارك وأصعب القرارات
- الخوف قد رحل والربيع على الأبواب
- المرأة الفلسطينية من الحضور إلى قوة التنظيم
- و نحن لنا موعد أيضاً
- المصالحة مناورات مفتوحة و أبواب مغلقة
- الانتخابات المحلية نحو تجربة ناجحة
- مصر على مستوى أقدارها
- الحلم يتوهج والهدف يقترب
- زمنwiki leaks
- القاضي هو الجلاد والوسيط هو المنحاز
- شبابنا في غزة بين الحصار والانقسام
- الحوار المتمدن ... إلى الأمام
- هل للعرب من دور يتناسب مع ثقلهم؟
- نأسف...الخدمة غير متوفرة
- إلى الأمام -سرت-
- الانقسام ورطة لأصحابه وخصومه
- مجتمعنا في غزة و فقدان التسامح الاجتماعي
- مجزرة صبرا وشاتيلا ذاكرة القضية التي لا تنطفئ
- بعيداً عن السياسة،
- أنت والنورس


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمه قاسم - علا و الموت من انكسار القلب !