أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق السويراوي - قصة قصيرة : تَشْيِيْع














المزيد.....

قصة قصيرة : تَشْيِيْع


عبد الرزاق السويراوي

الحوار المتمدن-العدد: 3344 - 2011 / 4 / 22 - 13:18
المحور: الادب والفن
    


حشد كبير من النمل , كان يتوزّع على صفين غير منتظمين تماما , فبديا كخيطين أسودين , وما بين هذين الصفين , شكّلتْ مجموعة أخرى من النمل , ما يشبه الدائرة المغلقة, وقد توسطتها نملة واحدة, وكانت على ما يبدو , قريبة جدا من حافة الموت.....( تشييع الجنازة كان مهيبا حقا , وقد توزع أربعة رجال على الجهات الأربع للتابوت , الذي غُطي سطحه العلوي , بشرشف جديد بألوان متعددة , وبين الحين والآخر, كان يخرج من بين المشيعين , أحد الرجال , ويتوجّه نحو حَمَلة الجنازة , فيستبدل أحدهم لينسل الأخير بدوره , فيحشر جسده وسط حشد المشيعين الذين شاركتهم ايضا , في التشييع , الكثير من النسوة المتلفعات بالسواد, وقد كان البعض منهن يبكين بشكل اقرب الى العويل , بحيث كان نحيب بعضهن , يُسمع بوضوح , على الرغم من الضجة التي كانت تنبعث من أفواه الرجال المشيعين , الذين ما زالوا يردّدون خلف الملبّي : لا إله إلاّ الله لا إله إلاّ الله . كان الرجل الملبّي طويلا وضخم الجثة , وبوجه قروي أسمر ومغبر,وكان الحماس واضحا في ثنايا صوته الجهوري , بحيث ان من يلحظه , يلمس التناغم والتناسب جليا بين ضخامة جسده وخشونة صوته الجهوري , الذي يتناهى الآن حتما , الى أسماع من هم داخل البيوت القريبة,التي يمر بموازاتها موكب التشييع , فضلا عن منْ تجمعوا أمام بيوتهم أو الذين يتابعون المشهد من خلال النظر عبر النوافذ ...) .. حركة أرجل النملة أخذت تتباطأ شيئا فشيئا في هذه اللحظات ,وربما سكنت بالمرة , وكان حشد النمل على الجانبين , وإنْ لم يكن منتظما , لكنه ولكثرته , كان يوحي بأهتمامهم الزائد بمن أحتشدوا لإجله, حتى أن أعدادا أخرى ما زالت تتوافد للإنضمام الى الحشد ...( حشد المشيعين رغم حرارة الجو اللاهبة , فأنه قطع مسافة طويلة بعض الشيء من الشارع العام ,وهم يهتفون بأعلى أصواتهم : لا إله إلاّ الله , وكان هتافهم وهم يردّدون وراء الملّبي , يُشْعرُ بأنه يخرج من قلوبهم قبل ألسنتهم , وقد أرتسم الحزن على معظم وجوههم ليختلط بالعرق وبالغبار الذي تثيره أقدامهم , الأمر الذي يدلّل على منزلة المتوفى ....) ..إنتظم صفّا النمل بشكلٍ أكثر إنسجاما وإتساقا من السابق ,بينما تحركتْ المجموعة التي كانت تشكل دائرة حول النملة بشكل اسرع ممّا كان عليه , ومن خلال هذا التسارع , يبدو ان النملة قد ماتتْ ..وفعلا فقد انفرط عقد الدائرة التي كانت تحيط بها ودخلتْ مجموعة منها فرفعتْها عن الأرض بعد أن سَحبْنَها قليلا الى الوراء, وها هي المجموعة التي كانت قبل قليل , تشكل دائرة , تسير في المقدمة , ومن ورائها سار الصفّان , وكان إتجاه سير الحشد بإتجاه معاكس لسير موكب المشيعين , ولكن في نفس الشارع الذي مالَ الآن صدرُ الموكب نحوه , وقد يكون سبب الأنعطاف نحو هذا الشارع , ربما لتجنّب زحام السوق الذي أصبحوا على مقربة منه , و يزدحم عادة في مثل هذا الوقت من النهار .
الرجل الملبّي , بجسده الضخم , وصوته الجهوري , ما زال يصدح بـ لا إله إلآّ الله , وما زال الحشد ايضا يردّد خلفه, وكان عدد المشيّعين قد إزداد , وخصوصاً حينما اقتربوا من الجهة المقابلة للسوق . المسافة ما بين الموكبين بدأتْ تتقلّص تدريجيا بينهما, واذا ما استمرّ مسير الموكبين دون توقف , فسيلتقيان حتما بعد قليل , غير أنّ ما بين هذه المسافة , كان ثمة رجل لم يلتفتْ الى موكب النمل ولكنه كان يرقب بأهتمام بالغ موكب المشيعين من الرجال والنساء ,الذين يتعالى من افواههم : لا اله الا الله , فهو ما زال على وقفته , وقد تسمّرتْ نظراته باتجاه موكب المشيعين الذي أوشك على الوصول اليه , بينما موكب النمل , هو الآخر أوشك على الوصول اليه , ولكن الرجل لم ينتظر أكثر, إذْ سار بخطوات مرتبكة , نحو حشد الرجال والنساء , وها هو يتوسط الحشد تماما ليضيع بين الأجساد التي اختلط العرق المتصبب منها بالغبار المتصاعد , وبعد مرورثوان , ثوانٍ فقط , ارتفع دويّ إنفجار هائل وسط الحشد ..



#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : تداعيات مؤجلة
- قصة قصيرة : تََساوِقٌ
- قصة قصيرة : تَساوقٌ
- قصة قصيرة :تناغم
- قصة قصيرة :إنثيالات
- الهروبُ منْكِ إليكِ
- الحكّام العرب : والعقد النفسية
- ياقوتة في تاجِكِ
- العراق وديمقراطية البوسترات
- على صهْوةِ فيْنوس
- توسّل
- هواجس للتوحّدِ
- درع الجزيرة في البحرين : هل هو تحركٌ مذهبي أمْ ماذا ؟؟
- عشقكِ رئة الكون
- هموم عراقية
- سلاطينُ القمامة
- ضبابية الموقف الأمريكي تجاه الأوضاع المصرية
- شيطان الكرسي
- مجزرة عنيفة أمام أنظار حسني مبارك
- إقتتال عنيف بين أبناء مصر : فما أنت صانع أيها الرئيس مبارك ؟ ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق السويراوي - قصة قصيرة : تَشْيِيْع