أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - قراءة عاجلة في أدب السجون















المزيد.....

قراءة عاجلة في أدب السجون


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3343 - 2011 / 4 / 21 - 22:24
المحور: الادب والفن
    


قراءة عاجلة في أدب السجون
شاكر فريد حسن
أدب السجون هو الأدب الانساني النضالي الذي ولد في عتمة وظلام الأقبية والزنازين وخلف القضبان الحديدية ، وخرج من رحم الوجع اليومي والمعاناة النفسية والقهر الذاتي ، والمعبّر عن مرارة التعذيب وآلام التنكيل وهموم الأسير وتوقه لنور الحرية وخيوط الشمس.
ففي جحيم السجن ودياجير الظلام الدامس، يمتشق السجين قلمه ليحاكي واقعه وحياته الجديدة ويغمسه في الوجدان ليصور تجربة الأسر والمعاناة اليومية، ويسطر ملاحم الصمود والتحدي والبطولة، في نصوص لا أصدق ولا أعذب ولا أجمل منها.
ويتميز الأدب الاعتقالي بصدق التجربة وغناها، وبالعفوية والرمزية الشفافة والصور الايحائية ، وسلاسة اللغة وطلاوة التعابير.
ومن الملاحظ ان سلطات القمع الاحتلالي الاسرائيلي عمدت ، وانطلاقاً من سياسة الحصار والترهيب والتفريغ الثقافي ، الى اعتقال الناشطين الثقافيين ورجالات الفكر والادب وأصحاب الكلمة الحرة والقلم الملتزم في المناطق الفلسطينية الخاضعة تحت هذا الاحتلال ، وزجت بهم في غياهب المعتقلات والزنازين الاحتلالية ، وقلما نجد كاتباً او مثقفاً فلسطينياً لم يذق طعم السجن وأمر الاقامة الجبرية ، وفي احيان الابعاد عن الوطن، كالاديب والروائي والناشط الثقافي المعروف محمود شقير . وكل ذلك بهدف كسر أقلامهم، وخنق الثقافة الفلسطينية المقاومة ،وقمع الصوت الفلسطيني التقدمي والثوري، وسلب الهوية وتزييف الارادة الوطنية.
عرف الادب العربي على مر العصور والحقب التاريخية المختلفة أدب الأسر وتجربة الاعتقال، فمثلاً أبو فراس الحمداني الشاعر والفارس، الذي لا يهاب الموت، غمد في السجن وكتب أروع قصائده ((الروميات) في الأسر. لنسمعه يقول في قصيدته الشهيرة "اراك عصي الدمع"التي غنتها سيدة الغناء العربي الراحلة "ام كلثوم":
اراك عصي الدمع شيمتك الصبر
اما للهوى فهي عليك ولا أمر
نعم انا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له سر
اذا الليل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر
في حين نجد المعتمد بن عباد ، ملك اشبيلية والشاعر المجيد الذي كان يعشق الادب ، قد صور عذابه وألمه وتجربته في السجن، بلغة شاعرية مؤثرة، وصور فنية غنية، ودلالات عميقة المعنى، واسلوب شفاف وواضح .ومن أشعاره التي اثارت غرائزنا ومشاعرنا، ولامست احاسيسنا وشغاف قلوبنا، ما كتبه وهو في سجن( اغمات) التونسي .. حيث قال:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً
فجاءك العيد في اغمات مأسوراً
ترى بناتك في الاطمار جائعة
يغزلن للناس ما يملك قطميراً
برزن نحوك للتسليم خاشعة
ابصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في التراب والاقدام حافية
كأنها لم تطأ مسكاً وكافوراً
أما في الحالة العربية المعاصرة فثمة الكثير مما كتبه المبدعون العرب، الذي امضوا الأيام الخوالي والليالي المتعبة في السجون ، وخاضوا التجربة القاسية في سجون وزنازين الانظمة العربية القمعية الاستبدادية ، التي بدأت بالتساقط والانهيار الواحدة تلو الاخرى. ومن أبرز الذين مروا بتجربة الاعتقال، الروائي والمثقف المصري صنع اللـه ابراهيم ، الذي ينتمي لجيل الستينات ، ونزيل السجون المصرية ، الذي كتب عن هذه التجربة المرّة في روايته "تلك الرائحة".وفي السجن تعلم المعنى الحقيقي للعدالة والتقدم وحب الوطن ، وأنه يعتبر السنوات التي قضاها خلف القضبان هي التي صنعت منه روائياً متميزاً . وقد قال مرة في لقاء صحفي اجري معه :"اني غير نادم على الفترة التي قضيتها في السجن ، وأرى اني مدين لها بالكثير ، فهي التي اتاحت لي فرصة مراقبة البشر والتعرف على سلوكهم وعلى عوالم ثرية وشخصيات مهمة ووفية ، لم اكن لأتعرف عليها وأنا خارج السجن". وأضاف قائلاً :"لو عاد الزمن الى الوراء وخيرت سأختار خوض تجربة السجن مرّة ثانية دون تردد رغم الفترة التي قضيتها ".
ومن الاعمال الأدبية التي صورت التجربة الاعتقالية كتاب المناضلة والناقدة والكاتبة المصرية التقدمية فريدة النقاش "السجن ، الوطن" الذي تحكي فيه عن فترة الأسر الممزوجة والمضمخة بالالم والقهر الانساني والتطلع الى الآتي. وكذلك رواية "شرق المتوسط " لعبد الرحمن منيف ، ورواية "تلك العتمة الباهرة " للطاهر بن جلون ، ورواية "القلعة الخامسة " لفاضل الغزاوي، وسيرة شريف حتاتة "العين الزجاجية" وغيرها الكثير .
وفي ادبنا الفلسطيني المقيم في هذا الجزء النابض من الوطن الفلسطيني (داخل حدود 48) فقد كان للدور الثقافي الذي لعبه شعراء وادباء المقاومة في تنمية وتأصيل الوعي الثوري المقاتل وتعميق الشعور القومي، المناهض للسياسة القهرية والاضطهادية السلطوية، وصيانة الهوية الفلسطينة، سبباً في اعتقال هؤلاء الشعراء والمبدعين المناضلين والمكافحين في خمسينات وستينات القرن الماضي ، والذين كانوا ينتمون للحزب الشيوعي ،ويؤمنون بفكره الايديولوجي الطبقي ،وينشرون ابداعاتهم في صحفه ومجلاته وأدبياته :"الاتحاد"و"الجديد" و"الغد". فها هو شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش يكتب من داخل زنزانته قصيدة "آخر الليل" التي يقول فيها:
وطني
يعلمني حديد سلاسلي
عنف النور
ورقة المتفائل
ما كنت اعرف تحت جلودنا
ميلاد عاصفة
وعرس جداول
سدوا علي النور في زنزانة
فتوهجت في القلب
شمس جداول
بينما الشاعر سميح القاسم فيكتب قصيدته "رسالة المعتقل"، التي تنطوي على تحد واضح للسجان، وتفاؤل ثوري عميق بدنو النهار :
أومن يا أماه
أومن ان روعة الحياة
تولد في معتقلي
أومن ان زائري الأخير .. لن يكون
خفاش ليل .. مدلجاً بلا عيون
لا بد أن يزورني النهار
أما الشاعر والمناضل الراحل توفيق زياد فقد كتب اجمل قصائده وهو في السجن ومنها قصيدة "سمر في السجن " التي يقول فيها:
يا شعبي
يا عود الند
يا أغلى من روحي عندي
انا باقون على العهد
لم نرض عذاب الزنزانة
وقيود الظلم وقضبانه
ونقاس الجوع وحرمانه
أما شيخ الأقصى رائد صلاح ،الذي عرف عذاب وقهر السجون ،فقد فاضت قريحته في المعتقل ،حيث كتب قصائد ديوانه "زغاريد السجون" وهو تحت وطأة التعذيب ، ويتحدث فيها عن حياة الأسر وينقل مشاعره الجياشة، وعما يدور بخلده وقلبه من شوق وحنين لاهب للقاء الاهل والأحبة.
وفي الأدب الفسطيني الذي ترعرع ونما تحت الاحتلال الاسرائيلي، هناك عدد كبير من الكتابات الشعرية والنثرية والصور القلمية ، التي تروي تجربة الأسر والاعتقال السياسي التي تقشعر لها الأبدان. ومن الذين كتبوا وصوروا هذه التجربة الاعتقالية : عدنان الصباح ، فايز ابو شمالة، سامي الكيلاني، خليل توما، اسعد الأسعد، عبد الناصر صالح، المتوكل طه، محمد عليان، محمد ابو لبن، عطا القيمري، محمود غرباوي، فاضل يونس، هشام عبد الرازق، عائشة عودة، زكية شموط، خديجة ابو عرقوب، سعاد غنيم ، ناهدة نزال ، وسوى ذلك من الأسماء.
في الاجمال، ان أدب السجون هو تجربة ابداعية وانسانية حية صادقة ورائدة ، لها تميزها وخصوصيتها ومكانتها في أدبنا العربي والفلسطيني . وهذا الأدب يعكس بكل صدق وعفوية ألم القهروعمق المعاناة وأثار التعذيب وصنوف القهر والاذلال التي يتعرض لها المعتقل في الزنزانة وخلف القضبان ، وتصميمه على مواجهة السجان والانتصار عليه.



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى ميلاد فلاديمير ايليتش لينين
- عن نيسان الفلسطيني ويوم الأسير
- -جزاء سنمار-
- مع دراسة الباحث الاكاديمي الدكتور صلاح محاجنة :(مطلق عبد الخ ...
- لذكرى الروائي الفلسطيني عزت الغزاوي
- على هامش مبادرة الجنرالات العسكريين والنخب الاسرائيلية
- قانون النكبة ..!
- غادر الشعراء .. أم انتهى زمن الشعر..!
- تحية للبيادر السياسي في عددها الألف
- الاصلاح تحيي ذكرى القائد والمناضل توفيق طوبي
- التصعيد العسكري الاسرائيلي ضد قطاع غزة ،اهدافه وأبعاده
- جوليانو مير خميس أقوى من الموت والاغتيال
- محمد زفزاف شاعر الرواية المغربية
- عاش يوم الارض الخالد
- عن اليوم الوطني للثقافة الفلسطينية
- شباب 15آذار والمصالحة الوطنية الفلسطينية
- حول الكتابة النسوية
- الأرض في أدبنا الفلسطيني
- عيد الأم
- محمد البطراوي يموت واقفاً كالأشجار


المزيد.....




- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - قراءة عاجلة في أدب السجون