أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - سوريا1970-1982 : بناء السلطة الشمولية وتداعياته















المزيد.....

سوريا1970-1982 : بناء السلطة الشمولية وتداعياته


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3349 - 2011 / 4 / 28 - 02:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تلاقى نظام حركة16تشرين الثاني1970في سوريا مع القوى الدولية النافذة ( واشنطن + موسكو ) تجاه قرار مجلس الأمن الدولي (رقم242 ) ,و تقارب مع قاهرة السادات ومع الملك فيصل في الرياض , بينما أعطى التجار و الفئات الوسطى و كل من كان ناقماً على النظام السابق وعداً بوضع جديد .
ساهم ذلك كله في استقرار الأمور للنظام الجديد، فيما لم تقف و لاقوة سياسية سورية ( الشيوعيون و لو بعد تردد قصير استغرق يومان ساهمت موسكو في حسمه – الناصريون – الإخوان المسلمون .....إلخ ) موقفاً معارضاً للوضع الناتج عن (16 /ت2/ 70 ) , وخاصة بعد أن وعد ت السلطة الجديدة بالاعتراف بالقوى السياسية القائمة , و هو ما لم يكن قائماً مع النظام السابق , و بالدخول معها في حوار من أجل مشاركتها في السلطة .
أثبتت تجربة " الجبهة الوطنية التقدمية " , التي قامت في 7 آذار 1972 , أنها وسيلة و إطار لتفريغ الأحزاب السياسية و شل فعاليتها و إبعادها عن المجتمع لصالح ربطها بعجلة السلطة من دون أن تكتسب أي نفوذ أو تأثير , و عملياً أدت هذه التجربة إلى شق الأحزاب الأربعة , غير البعث , إلى فصيلين و أحياناً أكثر , و إلى إنهائها في وضع أصبحت فيه ديكوراً ملحقاً بالسلطة .
أعطى ذلك ملمحاً أولياً عن اتجاه السلطة إلى إفراغ المجتمع من السياسة , و إلى حصر الأخيرة بالسلطة : تعزز هذا مع حرب تشرين 1973, و مع تدفق أموال النفط و المساعدات العربية ، و قدرة اقتصادية ،استغلتها السلطة لتشكيل مسافة عن المجتمع و استقلالية عنه , حيث توضحت منذ منتصف السبعينات اتجاهات صريحة و عملية عند النظام لتضخيم دور الأجهزة الأمنية التي امتدت إلى النقابات و الجامعات و الإدارات الحكومية و حتى إلى حزب البعث بعكس ما كان عليه الحال في الفترة السابقة لعام 1970عندما كانت الأجهزة الأمنية محجَمة عن داخل البعث .
كان القصد من ذلك مد أذرع السلطة لكي تشمل كافة مفاصل المجتمع , لإفراغه من السياسة و لأجل إجباره على الصمت عنها : ليس صدفة أن يترافق و يتزامن , مع ذلك , بداية تمجيد الحاكم الفرد عبر الحديث عن " قائد المسيرة "، و هو شيء غير مسبوق في سوريا حيث كانت النزعة الفردية قوية في المجتمع، و كانت الحياة الحزبية يتشربها السوريون بقوة من دون أن يستطيع أي من قادة الأحزاب طمس حزبه أو قياداته ,و حتى إذا حاول ذلك بعضهم , مثل خالد بكداش , فإنه قد ووجه بمقاومات متدرجة ( 1949 + 1957 ) إلى أن وصل الأمر إلى انتفاض الحزب الشيوعي بغالبيته عليه في أعوام 1969- 1972 .

كان انتصار السلطة في أحداث 1979-1982 منذراً باكتمال شمولية السلطة ومدِها لأذرعها إلى كافة مناحي الحياة الاجتماعية , حيث أثبت المجتمع السوري أن فقدانه للسياسة وممارستها لم يتم إلا عبر الإرغام والعنف ، فيما حصل ذلك ببلدان أخرى عبر أساليب أقل عنفاً , كما جرى في مصر عبد الناصر و جزائر بومدين .
إذا عزلنا العوامل الاقليمية التي دفعت قوى ,مثل عراق صدام حسين , إلى دعم المعارضة الإخوانية المسلحة وربما أيضاً قوى يسارية معارضة كما بينَت وثائق أصدرتها منظمة باريس في (الحزب الشيوعي-المكتب السياسي )في أيار 2004- فقد
أثبتت أحداث 1979- 1982 مدى حيوية المخزون السياسي للمجتمع , و أن كل ما جرى , منذ 8 آذار 1963 , لم يؤد إلى ا ضعاف هذه الحيوية , هذا إذا لم تكن قوة المعارضة التي ظهرت في أواخر السبعينات نوعاً من ردة الفعل على سياسات النظام و نوعاً من الاصطفاف الاجتماعي المضاد، حيث كانت متركزة ضمن الفئات الوسطى المدينية ,و بالذات في حلب و حماة و حمص و اللاذقية و بلدات محافظة ادلب و جزئياً دمشق , إضافة إلى المثقفين و شريحة كبيرة من الطلبة الجامعيين و أغلب أعضاء النقابات المهنية ( أطباء – محامين – مهندسين ) .
من هنا كان مسار تلك الأحداث ,الذي أتى لصالح السلطة, طريقاً إلى اكتمال عملية مد أذرع السلطة نحو كل زوايا المجتمع , الذي أصبح منزوع السياسة و صامتاً عنها , ليشمل ذلك كل ميادين الحياة الاجتماعية من ثقافة و إعلام و نقابات و قضاء و إدارة و مدارس و جامعات , الشيء الذي بانت معالمه في عقدي الثمانينات و التسعينيات , مما أتاح للسلطة في ظرف الأزمة الاقتصادية , التي بدأت بالظهور في عام 1986 , أن تمًررها بسلام من دون عواقب كان يمكن أن يجبرها عليها مجتمع ناشط سياسياً, فيما أتاح صمت المجتمع السوري السياسي أن تأخذ الأخيرة حريتها في الانخراط مع قوات تحالف 1991 من دون ردود فعل اجتماعية تذكر , و كذلك أن تمر موجة سقوط أنظمة (الحزب الواحد) , في أواخر الثمانينات , من دون أن تهب نسمات ديمقراطية من ذلك على سورية , فيما كان الوضع مختلفاً في بلدان عربية أخرى مثل الجزائر و الأردن و المغرب ،فيمااستطاعت السلطة السورية،التي انبنت منذ8آذار1963على عوامل (الحرب الباردة) واصطفافاتها أومابينهما (الحالة الأخيرة منذ16تشرين ثاني1970)،أن تجد مقعداً متيناً لها في عالم مابعد الحرب الباردة عبر بوابتي(حرب خليج1991)و(مؤتمر مدريد) حتى اصطدامها مع واشنطن في عام2003بسبب العراق المغزو والمحتل.
هنا، يمكن تفسيرعجز القوى السياسية السورية المعارضة في مرحلة (مابعد يوم السبت 10 حزيران 2000),والتي لم تستطع تجاوز حالة كونها "بقايا أحزاب" ومثقفين معزولين عن المجتمع يتعاملون مع السياسة بذهنية المثقف وليس بتلك الخاصة بالسياسي ، باستمرار صمت المجتمع السوري عن السياسة ، ماجعلهم جميعاً في وضعية السمك خارج الماء ،وبالتالي فقدانهم للفعالية السياسية ،وهو ماأتاح للسلطة في العهد الجديد حالة مريحة لكي تعيد تشكيل نفسها من جديد على كثير من ملامح العهد السابق(مع تطعيم بنية النظام بفئة رجال الأعمال وهو مالم يكن موجوداً في العهد السابق،وتخفيف للقمع) مادامت ليست هناك حالة ضغط اجتماعي،أووزن للمعارضة،من أجل الدفع باتجاه الاصلاح،فيماأتاح انخراط السلطة السورية في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية في العراق المغزو والمحتل،بالتزامن مع مراهنة الكثير من القوى المعارضة السورية على "العامل الأميركي للتغيير"في أعوام2004-2007بعد أن كانوا هم أنفسهم بين عامي2000-2003يراهنون على "الصراع "بين ماأسموه ب"التيار الاصلاحي"و"التيار المحافظ"في العهد الجديد،المجال لكي توسع السلطة من امتدادها الاجتماعي وتأخذ شعبية في أوساط حتى كانت متضررة منها أومعارضة لها،في وقت احترقت فيه الكثير من رموز المعارضة السورية بفعل عملية المراهنة على واشنطن"كعامل للتغيير السوري"وأيضاً انقسمت المعارضة السورية إلى خندقين متضادين بفعل تلك المراهنة.
في شهر آذار2011انطلقت مؤشرات في الشارع السوري على كسر فئات اجتماعية واسعة لحالة صمت عن السياسة استغرقت تسعة وعشرون عاماً،ولكن عبر حركة عفوية، هي خارج القوى السياسية المعارضة،وخارج حيز السلطة ،من الواضح أنها ستكون خنادقها بين الأولى والثالثة،ستدفع فيها السلطة ضريبة سحق القوى المعارضة في أوائل عقد الثمانينيات(ثم ضريبة عدم الاصلاح في مرحلة العهد الجديد) لكي تواجه الآن وتدير أزمة مع حركة مجهولة الملامح في الشارع السوري،هي أقرب إلى قوى الطبيعة غير المحددة الاتجاه والمسار:إلى أين سيؤدي كل هذا؟....



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا الستينيات : مرحلة العبور إلى السلطة الشمولية
- صعود المسألة الاجتماعية إلى سطح السياسة العربية(تونس نموذجاً ...
- مستتبعات فكرية لزلزال الشارع العربي
- الولايات المتحدة واستخدامها للمبادىء في السياسة الخارجية
- صعود قوة المجتمعات أمام السلطات الحاكمة
- في حصرية دوافع السياسات الداخلية وراء الثورة المصرية
- واشنطن واهتزاز الحليفين شاه ايران وحسني مبارك
- الترجمات المحلية لتبدل التوازن الاقليمي
- هل نحن أمام بداية النهاية لاستهداف مصر ودورها؟!-
- علامات موجة ديموقراطية عربية متفاوتة المظاهر
- الجغرافية المتقلصة للسودان
- حركة شعبية بلاأحزاب أطاحت بالحكم التونسي
- المصريون والسودان
- السودان:تصدع البيت المشترك للعرب والأفارقة
- البيئة الخارجية للنزعة الانفصالية
- دمشق وبيروت
- مابعد لشبونة: بداية احتواء روسيا في المنظومة الغربية
- مأزق نموذج الديموقراطية المصرية المحدودة
- الهند والولايات المتحدة في مرحلة مابعد الحرب الباردة
- التوتر اللبناني وعملية التسوية للصراع العربي الاسرائيلي


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - سوريا1970-1982 : بناء السلطة الشمولية وتداعياته