أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - صراع مع الهزيمة / قصة قصيرة














المزيد.....

صراع مع الهزيمة / قصة قصيرة


بسام مال الله حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3343 - 2011 / 4 / 21 - 15:16
المحور: الادب والفن
    


صراع مع الهزيمة
تسلل الحزن إلى قلبي بعد أن حجب الظلام عني رؤية عناوين الكتب المركونة على الرفوف المتعبة من غبار وضوضاء الشوارع وهموم الكتاب .رفوف مكتبة الريحاب* الملاذ الأمن الذي كنت ألجأ إليه أنا وعدد من الأصدقاء بحثا ً عن الانتماء والحرية بين سطور كتبها المغبرة خلال لحظات هاربة من الزمن.
غادرت المكتبة ذلك المساء تاركاً ورائي صاحبها بحيرته وصمته ودخان سيكارته التي أمست صديقا ً لا يفارقه يرسم أحلاما ًوأوهاماً في الأفق الممتد ما بين الواقع والخيال .
دخلت الشارع بحذر شديد حيث أني أدركت الزحام و خوفا ً من أن لا يدركني اتخذت جنبه لأصبح احد إفراده المسرعين ,نجحت في اجتياز الكتل المتراكمة على جانبي الطريق وفي الشارع الممتد مابين العتمة والضياع أن أصل إلى الجهة الأخرى حيث تقف أجساد عابسة وأخرى ضاحكة في انتظار الباص.
_لن يأتي........قال الذي يقف بجانبي بعبوس.
_وافقه الأخر بضحكة ,وأكملا المشوار مشياً
كان الجو بارد والليل قد فرض عتمته بالكامل على الأشياء من حولي, والمطر قد بدأ يرسم زخارفه على اليابسة ويصنع دوائر مختلفة في برك الماء , عندها بدأت أحث الخطى مسرعا ً لتجنب غضب الغيوم الداكنة والزاحفة من بعيد لتلتهم كل شيء من حولها.
كنت قد قطعت مسافة غير بعيدة عندما بدأ المطر يشتد أكثر فأكثر ما جعلني أحيد عن دربي وتكملة المشوار عبر الأزقة الضيقة اختصارا للوقت وهربا ًمن المطر المتساقط بغضب الإله المجنونة .
ما أن وضعت جسدي داخل الزقاق حتى أصبحت داخل دوامه من الظلام الدامس وملفوف بعتمة الداكنة وذكريات أهله العتيقة , كانت الرائحة تعرف أهل الزقاق لكل من يدخله, فأخذة نفساً عميق وبدأت خطواتي بحذر إلى أن وضعت قدمي بأول حفرة مملئوه بالماء ,لاكتشف بعدها بأني دخلت زقاق ملغوم بالحفر والحجارة المرمية هنا وهناك و مزاريب السياب في كلا جانبيه تنشج الألم فوقي وتصب نبيذ الإله الغاضبة فوق رأسي.
بدأت أتحسس حزن الزقاق وصمته الصاخب والذي مليء المكان ألما من خلال جدرانه العتيقة والتي اتخذتها كدليل لي لكي لا أسقط في العتمة , وفي لحظة من اللحظات الهاربة من الزمن رأيت ضوءان يلمعان في العتمة والصمت .
اقتربت شيئا فشيء إلى أن استطعت أن أميز جزء من ملامح ضيفي الذي يقابلني في الجهة الأخرى والذي يسد علي الطريق, وعلى ما يبدوا أنا كنت الضيف, بقيت ملتصق بالجدار أراقب ردة فعله والتي بدت لي غير مفرحة , فالإصرار على المواجهة كان بادي على كل جزء من جسده المبتل.
بعث الحيوان صوتا قويا مع أخر خطوة من قدمي وضعتها في الزقاق فأصبحت مدركا إني قد دخلت مملكته فألقيت نظرة خاطفة إلى الوراء مفكراً في الرجوع حيث أتيت لكني لم استطع أن أشاهد نقطة دخولي فعرفت إني توغلت كثيرا و لا جدوى من الرجوع.
في تلك اللحظات تسلل كلام (باسم) صاحب المكتبة إلى ذاكرتي كلص محترف و وبدأت أحس الألم الذي كان يعصر قلبه .فقد قال لي ذلك اليوم:
_إن المحزن في الأمر يا صاحبي,عندما يتحول الصراع إلى عنوان للهزيمة.
يومها دموع باسم نزلت بسخاء, ولأول مرة أطلق لها العنان ,محررا إياها من سجن الكبت والقهر لتبيح كل إسرار السنين العصية والمؤلمة .
_الهزيمة...... أجبته باندهاش واستطردت قائلا:
_لم يكن للهزيمة في قاموسك معنى .
ضحك من وراء دخان سيكارته ضحكة يملؤها الألم وقال:
_كانت الهزيمة عنوان دائم لقواميسنا ونحن بأوهامنا كنا نحولها إلى نصر مبين , أي نصر يولد في رحم الظلام ,قال كلماته الأخيرة ونفخ الدخان في كل مكان ليملئ الجو غموضا ً وضبابية.
أرجعتني رائحة زفير ذلك الكائن وصوته الأجش من مكتبة الريحاب إلى ,الواقع إلى الصراع
الذي فرض نفسه علي,لا أدري ربما أنا الذي أقحمت نفسي فيه , فو ضعة الكتب جانبا ولأول مرة منذ أن غادرت المكتبة وبدأت أفكر بجدية بالصراع, باحثا في جيوبي عن ما قد ينفع تلك اللحظة المريبة , لم أجد سوى قلمي الجاف فبدأت أتلمس نهايته المدببة وتمنيت أن يكون سكينا ً, أو إي شيء يصلح للقتال ,كانت قفزة واحدة من خصمي كافية بأن تجعلني في مكان وقلمي في مكان أخر وأخرى جعلتني مدد على الأرض وأفكاري تسبح في السماء عاليا ً.
بدأت وأنا ملقى على ظهري محاولا بجهد منع فك الحيوان المفترس من قطع قطعة من جسدي استجماع قواي والتفكير جديا ً بالصراع , فرميته من فوقي جانبا ً وبدأت أدور معه على الأربع وسط دوامة من الظلام الحالك والمطر يغسل الزقاق والمزاريب تعزف بحزن وكآبه .
كنا ندور بين الحفر وفوق الصخور وعينا كل منا على الأخر , وانأ أطلق الحسرة تلو الآخرة على أظافري التي قطعتها في الصباح .رمى بجسده وأسنانه القوية علي ,لكن هذه المرة نجحت في تجنب هجمته لأبادره هذه المرة بالهجوم فرميت بجسدي على ظهره وأمسكت به بأحكام وبدأنا بالتدحرج على الأرض والزقاق يتدحرج معنا في دوامة لا تنتهي, أصبح جسدي المبتل بمياه الإمطار والحفر والممزوج بالدماء نصف عاري , كان شعره يملئ فمي ودمه يغطي وجهي ولهاثي يملئ المكان رعبا ً وضجيج,عندما استغليت فرصة لأرمي نفسي عليه وفي يدي إحدى حجارة الزقاق لأجعلها تستقر في رأسه الممتلئ حقد وأتلوها باخرة إلى إن خارت قواي لأسقط معه أرضا .
بعد زمن لا أعرفه فقت من غيبوبتي لأرى خصمي ملقى على الأرض بدون حراك وأنا أمامه الهث على الأربع تحت المطر , رفعت رأسي إلى السماء فرأيت غيوما ً سوداء داكنة تدور في الأفق , فجلت بنظري إلى طرفي الزقاق فلاح أمام عيني أضواء لعيون مملوءة بالانتقام.
*(مكتبة الريحاب إحدى مكتبات شارع ألنجفي في الموصل , كان يديرها باسم وأضطر لبيعها, لتقفل حالها حال الكثير من الأشياء القيمة التي اندثرت في بلادي).



#بسام_مال_الله_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غربة /قصة قصيرة
- الحداد البدي /قصة قصيرة
- حواء ذلك الكائن....!


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - صراع مع الهزيمة / قصة قصيرة