أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إدريس ولد القابلة - المغرب - الجزائر المفاوضات السرية الأولى















المزيد.....

المغرب - الجزائر المفاوضات السرية الأولى


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 3343 - 2011 / 4 / 21 - 08:41
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    



بدأت الاتصالات السرية بين الرباط والجزائر العاصمة بخصوص الصحراء في 20 ديسمبر 1977 في سويسرا، ومثل الجانب المغربي الأميرة لالة عائشة شقيقة الملك، وأحمد رضا كديرة، مستشار وأقرب المقربين للملك الراحل الحسن الثاني والكولونيل أحمد الدليمي،وقتئذ، في حين مثّل الجزائر الدكتور أحمد طالب الابراهيمي و آخرون.

وقد استمرت تلك اللقاءات السرية في الديار سويسرا من ديسمبر 1977 حتى مايو 1978، وشملت خمسة لقاءات لم تثمر أي تقدم. ومع الجمود الذي اعترى هذه اللقاءات، تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر الى مرحلة تسيّدها الخوف والقلق البيّن من احتمال وقوع انفجار عسكري البلدين الجارين.

في تلك اللحظة تدخل الملك الراحل الحسن الثاني وأمر بإرسال طائرة مغربية خاصة إلى العاصمة السويسرية، جنيف، لنقل الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، بصورة سرية تامة، وكان مشهد وقائع هذه النازلة شبيه بمشهد سينمائي مخابراتي هوليودي. أقلعت الطائرة من جينيف متجهة إلى المغرب. في اليوم الأول من مايو 1978، حطت الطائرة الخاصة بمدرج مطار مدينة فاس وعلى متنها أحمد ظالب الإبراهيمي الذي أقتيد إلى القصر الملكي ليلتقي الملك الراحل الحسن بمفرده.
ومن المعلوم أن أحمد طالب الإبراهيمي ظل يُعتبر من قادة الثورة الجزائرية و الوجوه السياسية الرائدة الجزائرية، وأحد أقرب المقربين للرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين . وكانت سلطات الاستعمار الفرنسي قد اعتقلته أكثر من مرّة، كما سجنه الرئيس الجزائري بن بلة وأنقذه الرئيس الهواري بومدين في حركة التصحيح الانقلابية التي قادها سنة 1965 .
وقد سبق لأحمد طالب الإبراهيمي أن شغل منصب وزير التربية و التعليم ثم وزير الإعلام والثقافة، ثم مستشارا سياسيا ورفيقا للرئيس الهواري بومدين.
ويسجل أحمد طالب الإبراهيمي في مذكراته محضر اللقاء السري التاريخي الذي جمعه بالملك الراحل الحسن الثاني مع التركيز بشكل خاص على استراتيجية المغرب التي عرضها العاهل المغربي الراحل بأسلوب ملكي فريد يمزج بين غلظة التعبير الذي استوجبته أهمية وحيوية القضية بالنسبة للعرش والشعب، وكدا الإصرار على التمسك بالقناعات الملكية والالتزام بصواب المواقف المغربية وعدالة قضيته.
ولم يفت أحمد طالب الإبراهيمي، في مذكراته، رسم بروفايل وشخصية الرئيس الجزائري وقتئذ، الهواري بومدين. إذ قدمه صاحب الشكل المتجهم والعابس والغامض، المفرط في أحكامه، والبسيط في حياته، والمغرم بمشروع التحديث الذي آمن به، والزاهد في أسلوبه والمصر على تصوراته، والصارم في قناعاته.

يِؤكد أحمد طالب الإبراهيمي في مذكراته أن الملك الراحل الحسن الثاني أطلعه بكل وضوح، دون لف ولا دوران، على وجهة نظر الملك.
يقول أحمد طالب الإبراهيمي :
"توجه إليّ الملك الحسن قائلا: " سأكون معكم صلفا وأخبركم بأنه مهما كانت نتيجة هذه القضية، فان أمامي في الميدان الاقتصادي ثلاث سنوات صعبة يتعين علي أن أتحملها، أما على الصعيد العسكري، فإذا تركت الخسائر البشرية جانبا، فإن الوضع الحالي يتميز بفوائد كثيرة، جيشي يزيد تجربة، وهو يعرف الميدان أحسن فأحسن، هي فرصة لكي يجرب السلاح المتطور في أفضل الظروف، وأضيف بأن لي امتيازاً آخر عليكم وهو خوض الحرب والإعلان عنها، بينما أنتم تقولون أنكم لا تخوضون الحرب لكن إذا ما استدام الوضع ستكون لكم مشاكل مع جيشكم ومع شعبكم (...) قلت في البداية إني سأتكلم كلاما صلفا، غير أنه في السياسة ينبغي الجمع بين الوقاحة والأخلاق، اليوم ينبغي أن نخرج من المأزق، أنا أحن إلى سنوات التعاون العشر مع الجزائر، والإنسان لا يحن إلاّ لما أحبه، هناك أمران لا يمكن أن تطلباهما مني:
الأول، هو التراجع عن مغربية الصحراء، والثاني خيانة التزاماتي حيال ولد داده، ليس بالعبء اليسير، وأنا أتحمله إما بسببكم أو من أجلكم...".
أمام الحرج الذي وقع فيه جراء وضوح ما عبّر عنه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، إلا الهروب إلى الأمام والخوض في متاهة الأطروحة الانفصالية التي كانت "موضة" الفترة التاريخية وقتئذ بفعل الظرفية التي كان يعيشها العالم آنذاك. إذ خاض المسؤول الجزائري في الحديث عن مبدأ تقرير المصير لــ "الشعب الصحراوي" والى روح تضحية "الشعب الصحراوي" ... كما أشار أحمد طالب الإبراهيمي إلى كون أن الجزائر في مقدورها أن تزود "الانفصاليين" بالسلاح... فيرد الملك الراحل الحسن الثاني، بدهائه السياسي المعتبر المشهود له عالميا، متسائلا: " وعندما ينقرض الصحراويون، هل ينبغي الاستعانة بالتشاديين والماليين وغيرهم الذين يعانون من سوء التغذية ..."

حاول أحمد طالب الإبراهيمي إقتراح امكانية قيام كونفدرالية مغربية تضم الصحراويين، لكن جلالة الملك الراحل الحسن الثاني كان صارما في قائلا: "الجزائر قطعة جبنة مكتملة والمغرب نفس الشيء، يعني لا يُقبل دخيل في صلبه..."
هكذا انتهى ذلك اللقاء غير المسبوق في مفرداته التي أذهلت المسؤول الجزائري.

وقد علقت المحادثات السرية بعد مرض ووفاة الرئيس الهواري بومدين، الذي أصيب بسرطان المثانة، وبقيت قضية الصحراء بدون حل تستنزف طاقات شعوب المغرب العربي، ومات بومدين في 27 ديسمبر 1978، وكانت آخر رسالة بعثها بومدين الى الملك الحسن، يجدد فيها التزام الجزائر بموقفها بخصوص هذه القضية وتبين بجلاء غياب نية أي شكل من أشكال التراجع عنه أبدا. كما تأكد أن هذه القضية مصيرية بالنسبة للمغرب ، ملكا وشعبا، وقد حرص جلالة الملك الراحل الحسن في حديثه مع أحمد طالب الإبراهيمي ، على أن يدرك الطرف الجزائري غياب التردد في اللجوء إلى أي سبيل لترجمة عدالة هذه القضية على أرض الواقع مهما كان الثمن والتضحيات التي تتطلبها.

ومنذ هذه اللحظة تبين أنه لا جدوى في التفاوض المباشر مع الجزائر بخصوص قضية الصحراء، والمهم هو العمل على ا قناع الرأي العام العالمي والمنتظم الدولي بمشروعية وعدالة المطلب المغربي. وفي هذا المضمار أعتبر الكثيرون منذئذ، أن التفاوض مع الجزائر حول ملف الصحراء غير مطروح، بل المطلوب ضرورة الضغط عليها للحد من عدائها للمغرب، وهذا لن يتأتى بفعل الزمن بقدر ما يجب انتزاع القناعة الدولية و تحسيس الرأي العام العالمي بعدالة المطلب المغربي مما يزيد من عزلتها و يفرض عليها مراجعة مواقفها مراجعة جذرية. بل هناك من تحفظ بوضوح بخصوص المفاوضات حتى مع جبهة البوليساريو. وفي هذا النطاق يمكن التذكير بموقف سبق أن أعلنه عمر العضمي، أحد قادة البوليساريو البارزين السابقين الذين التحقوا بالمغرب مبكرا منذ الإعلان عن شعار "الوطن غفور رحيم"، فقد أعلن عن رفضه لمقترح الحكم الذاتي بدعوى غياب نخبة سياسية صحراوية مستقلة، وكل نخبة من صحراويي المخيمات ستظل تابعة، بشكل أو بآخر للجزائر.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظرفية الراهنة تستوجب تحصين أقاليمنا الجنوبية سياسيا، إقتصا ...
- الآن بعد أن انطلق ورش الإصلاحات السياسية لا مناص من نخبة جدي ...
- العائدون إلى أرض الوطن صفقة رابحة أم خاسرة؟
- عقد وسنة من تدبير ملف الصحراء1999 2010
- لماذا الاستمرار في مفاوضات عقيمة بلا جدوى؟
- المفاوضات مع جبهة البوليساريو لن تكون ذات جدوى
- التعامل مع الرموز الوطنية ( العلم و النشيد الوطنيين، الصورة ...
- آفة لا تزال تنخر الإدارات والمجتمع وتثقل كاهل دافعي الضرائب
- الحقيقة التي تُرعب جنرالات الجزائر
- الأطراف الجوهرية في نزاع الصحراء، وجدليةُ مسيرتي التغيير الس ...
- عيون بوتفليقة على المغرب
- المواطنة الملتزمة بالصحراء المغربية
- لا ل -مواطنة الابتزاز- و -وطنية الارتزاق-
- الدبلوماسي الأمريكي الذي يتقن لغة الضاد
- رئيس جمعية -الصحراء المغربية- يدعو إلى إطاحة النظام الجزائري
- رفع اليد عن ملف الصحراء والحوار مع الانفصاليين
- الأعيان يغتنون والشباب يتمردون، فما العمل؟
- المغرب :شؤون عسكرية
- هل حياة فرحات مهني -القبايلي- في خطر؟
- العقار والسكن بالأقاليم الجنوبية بالمغرب


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إدريس ولد القابلة - المغرب - الجزائر المفاوضات السرية الأولى