أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شاكر النابلسي - ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟















المزيد.....

ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3342 - 2011 / 4 / 20 - 16:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟

شاكر النابلسي

-1-

من الواضح والمعروف الآن، أن تطبيق بعض آليات الديمقراطية، التي تغاضى عنها عهد مبارك طيلة ثلاثين سنة مضت، أصبحت الآن على رأس المطالب الشعبية المصرية. وهي مطالب ذات قيمة سياسية كبيرة ومهمة، ولكن تطبيق هذه الآليات لن يتم بين يوم وليلة. وليس لهذه التطبيقات (ريموت كنترول) بحيث تتم بين غمضة عين وانتباهتها. وإنما تحتاج هذه التطبيقات إلى تربية النشء تربية ديمقراطية، وإلى الارتفاع بمستوى المعيشة لسكان يتكاثرون باستمرار، وهمهم بالدرجة الأولى زيادة عدد أفراد الأسرة، دون الارتقاء بمستوى المعيشة، وتنشئة أطفالهم في مستوى اجتماعي أفضل.

-2-

وعهد مبارك، لم يستطع أن ينتقل بسرعة تماثل سرعة هذا العصر وثورة الاتصالات والمعلومات فيه، من عهد "الدكتاتورية المطلقة" التي استمرت نحو ثلاثين سنة، والتي مارسها عبد الناصر (1952-1970)، ثم مارسها من بعده السادات (1970-1981) إلى عهد "الديمقراطية المطلقة"، كما تطالب ثورة 25 يناير الآن.

فقد ورِث عهد مبارك الدكتاتورية السياسية من عهدي عبد الناصر والسادات، كما هو معروف. كما ورِث الفساد المالي والإداري عن هذين العهدين كذلك. وهو الفساد المالي والسرقات التي تمّتَ خلال تطبيقات سياسة التأميم في عهد عبد الناصر، وما حاز عليه الضباط، الذين أشرفوا على تنفيذ سياسة التأميم، من مجوهرات، وأموال، وعقارات، وخلافه، نقرأ عنها بالتفصيل في كتاب المؤرخ المصري حسين مؤنس (باشوات وسوبر باشوات)، وكتاب الباحث المصري شفيق مقار (قَتلُ مصرَ : من عبد الناصر إلى السادات). أما عهد السادات (1970-1981) فيؤرِخ لفساد مالي وإداري وانطلاق الجماعات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمون من قمقمها، حيث بدأ نشاطها السياسي من جديد بعد أن تم قمعها، وتعذيبها، في عهد عبد الناصر.

-3-

هل يُنتظر من مصر بعد 25 يناير مباشرة، أن تصبح دولة ديمقراطية لشعب يعي ويعرف، كيف يمكن أن يُطبَّق آليات هذه الديمقراطية.

وهل يمكن لثورة 25 يناير، أن يكون مصيرها كمصير الثورة الفرنسية، فيما لو استمرت عمليات الانتقام، من رموز عهد مبارك على النحو الذي يجري الآن؟

فهناك تماثل واضح بين ثورة 25 يناير، والثورة الفرنسية. وكأن التاريخ يعيد – فعلاً – نفسه وبشكل حرفي دقيق، في بعض الأحيان. وهذا ما نقرأه في رسالة جواهر لال نهرو التي بعث بها من سجنه إلى ابنته انديرا غاندي عام 1932 وهو يتحدث فيها عن سقوط الباستيل، فيقول: "اجتمعت الطبقة الوسطى في ملعب للتنس، وأقسمت ألا تغادر المكان إلا بعد وضع الدستور. ولما حاول الملك لويس إخراجهم من الملعب عام 1789 بالقوة، عصي الجنود أوامره. والأزمة عندما تصل إلى مرحلتها الحقيقية في الثورات، عندما يعصي الجيش الأوامر بإطلاق النار على الشعب. وقام الشعب بعد ذلك باحتلال سجن الباستيل وإطلاق سراح المعتقلين."

ويُجزم نهرو، بأن ثورات الشعوب في التاريخ، لا يقوم بها غير الشباب، كما ثورة 25 يناير المصرية. ويكتب نهرو في عام 1932 رسالة لابنته انديرا، يقول فيها:

"الثورات لا يخوض غمارها عادة إلا الشباب. ومع أهمية هؤلاء الشباب، إلا أن واحداً منهم لم يطبعها بطابعه الخاص، لأنها انبثقت من الطبقات السفلى، ولم تكن واقعة تحت سيطرتهم. وكانت زلزلة بشرية من تلك الزلازل التي يتمخض عنها التاريخ، عندما تتفاعل العوامل الاجتماعية، والاقتصادية، والأحقاب الطويلة من الشقاء والطغيان معاً، على النار الهادئة، حتى تصل إلى درجة الغليان."

-4-

وهذا التماثل التاريخي بين ثورة 25 يناير المصرية والثورة الفرنسية، يُحتِّم على ثورة 25 يناير، أن تتجنب أخطاء الثورة الفرنسية، وأن لا تقع في الأخطاء القاتلة نفسها التي وقعت فيها الثورة الفرنسية 1789، والتي نقرأها في التاريخ.

يقول المؤرخ الألماني رونالد سترومرج في كتابه الموسوعي ("الفكر الأوروبي الحديث"، 1601-1977) عن الثورة الفرنسية: "جاءت تلك التيارات المتطرفة، فشوهت سمعة الثورة الفرنسية، وأضعفت الثقة بها. فهذه الثورة التي استقبلتها أوروبا بالبهجة والتهليل، سرعان ما جاءت التسعينات من القرن الثامن عشر، لتخيب الآمال المعقودة عليها، بسبب اندفاعها، ولا سيما نتيجة لما أشاعته من اضطهاد وإرهاب. فبادئ ذي بدء سحرت الثورة الفرنسية جميع المثقفين بتألقها وتوهج حماسها وطهرها، بمن في ذلك العشرات من رجال الفكر ومنهم إدموند بيرك، الذين أصبحوا فيما بعد من ألد أعدائها، وذلك حين بدأت الثورة تضل طريقها، وتنعطف نحو العنف، والسلب، والمظالم، وتنتهي بحكم الإرهاب والتهام أبنائها."

-5-

فأين الخلل؟

بالنسبة للثورة الفرنسية، كان الخلل يكمن – كما قال السياسي الايرلندي إدموند بيرك في كتابه "تأملات في الثورة الفرنسية" – في التنظير الفكري المجرد، وبالأحلام الثورية الوردية، أكثر من النظر إلى الواقع على الأرض، ومشكلاته العسيرة، وإلى محاولة قادة وعناصر الثورة إلى تدمير النظام السياسي بأكمله، وإحلال نظام جديد محله، بين عشية وضحاها.

وما نخشى منه على ثورة 25 يناير، هو هذا العطش الكبير لدماء رموز عهد مبارك، وهذا الظمأ الشديد لإرواء الغل من عهد مبارك، والحقد على رموزه وعناصره. وهذا ما لاحظه علي سعد الموسى في مقاله (مبارك والثورة: الحصول على محاكمة عادلة) في "الوطن" السعودية (27/4/2011) حيث قال ما يشعر به كثير من المراقبين والمحللين السياسيين، الذين يخشون من أن تقع ثورة 25 يناير، في أخطاء الثورة الفرنسية، والثورات الدموية الأخرى:

" لم أعثر على كاتب واحد تشجَّع، ليقول بكلمة اختلاف في حق مبارك الذي أصبح المادة القضية. على العكس، هناك عشرات الكتَّاب الذين كانوا معه، بداية يناير 2011 ، ثم انقلبوا عليه في نهاية فبراير 2011. وهذا لا يفضح النفاق، فهم أبرياء من التهمة، بل يفضح أهم مبادئ الثورة: الحرية، التي تقول بها الثورة ألف ألف مرة. فمن هو الكاتب الحر الآن، الذي يستطيع أن يقف أمام هذا الطوفان؟ وهنا أخطر أمراض الحرية في الثقافة العربية، حين توغل في لجم كل من يختلف مع قياساتها، فلا يلد منها إلا كبت هذا الاختلاف."

وأضاف الموسى:

"تشدَّقَ البعثُ بمفردة الحرية. والحرية لديه هي فقط مفردات البعث. تشدَّقت الحركة الناصرية بالحرية. وإن لم تكن ناصرياً، فلا حرية لك أن تقول. قالت جُلَّ حركات ]الإسلام السياسي[ أن الدين هو الحرية، ولكن بحسب نسختها من صورة الدين! وفي المؤشرات التي تقرأ أدبيات ثورة 25 يناير، لا توجد مفردة شائعة بأكثر من مفردة " الحرية"، ولكنها الحرية التي تتطابق بالقياسات مع دفع المرحلة، التي تتهم علناً أي صوت مضاد بالعمالة، والخيانة، والانتساب للنظام البائد."


-5-

ما يجب أن نفهمه جيداً، قول إدموند بيرك في كتابه: "أن المجتمع نتاج تاريخي مترامي الأطراف، وبالغ التعقيد. وأنه لا يجوز أبداً أن يتعامل الإنسان معه، تعامله مع الآلة. والتاريخ هو الذي يشكل الجماعة السياسية."

ومن المبكر جداً للتاريخ المصري الجديد، أن يُشكِّلَ الجماعة الديمقراطية السياسية الجديدة.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عسل الدكتاتوريات المُرّ!
- الدكتاتوريون الكاريكاتوريون
- الإعلام المصري قبل وبعد 25 يناير
- في التحليل النفسي لظاهرة شباب الثورة
- ضباع الدكتاتورية والفساد في سوريا والعراق
- متى؟ وكيف؟ ولماذا تندلع الثورات؟
- ما ضرورة الدولة -السلطوية- المستنيرة؟
- التنوير الفكري في الحالة العربية
- الشاويش صالح: الى الخلف دُرْ!
- سوريا -بيضة قبّان- الثورة العربية
- لا هوان لمصر في يوم الامتحان
- لماذا يتعفف الإخوان حتى الآن عن الحكم؟
- نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!
- مقتل الثورة الليبية في البيت الأبيض
- شاكر النابلسي في حوار مفتوح حول: انفجار البراكين العربية
- عن جذور التنوير الفكري والديمقراطية
- عودة الروح للعرب بعد غياب طويل
- ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟
- مصر: ثورة أم انقلاب عسكري؟
- ما تكوين عقل الانتفاضة التونسية؟


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شاكر النابلسي - ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟