أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - مفارقات غولدستون: لماذا تراجع وأين الحقيقة؟















المزيد.....

مفارقات غولدستون: لماذا تراجع وأين الحقيقة؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3341 - 2011 / 4 / 19 - 22:04
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مفاعلى نحو مفاجئ كتب القاضي ريتشارد غولدستون مقالة في صحيفة الواشنـطن بوست عن تقرير كانت البعثة الأممية لتقصّي الحقائق بشأن الحرب على غزة قد أصدرته في العام 2009، وهو التقرير الذي عُرف باسم تقرير غولدستون.
وكان شمعون بيريس الرئيس الحالي لدولة إسرائيل قد وصف التقرير بالقول إنه «فعلٌ مخزٍ» وهو ما يذكّر بوصف غولدا مائير القرار 3379 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1975: بأنه «مثير للاشمئزاز» وذلك لدمغه الصهيونية بالعنصرية، واعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري.
وإذا كانت «إسرائيل» قد أعلنت يوم أصبح هيرتسوغ رئيس دولتها العام 1985، وهو الذي كان حين صدور القرار ممثلاً عنها في الأمم المتحدة، أنه سوف لا يمرّ العام 1990 (نهاية رئاسته) الاّ ويكون القرار 3379 قد أعدم، وهــو ما عمل من أجله وسعى إليه بتعبئة «حملة دولية» لصالح إلغاء القرار، الذي تم إلغاؤه بالفعــل في 16 كانون الأول (ديسمبر) العام 1991، لا سيما بعد اختلال ميزان القوى الدولي بتفكك الكتلة الاشتراكية وانحلال الاتحاد السوفياتي، وإعادة علاقات «إسرائيل» مع ثلاثـين دولة أفريــقية كانت قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها بعد عدوانها العام 1967 على البلــدان العــربية وبعد حرب العام 1973، فضلاً عن تصدّع الصف العربي باحتلال العراق للكويت العـام 1990، الأمر الذي سهّل إلغاء القرار في سابقة دولية خطيرة لم تشهدها الدبلوماسية الأممية في تاريخها المعاصر.
أسوق هذه المقدمة على الرغم من علمي أن «إسرائيل» لا تكترث كثيراً بقرارات الأمم المتحدة أو هيئات حقوق الإنسان، حيث كانت قد قابلت تقرير غولدستون بخصوص انتهاكاتها للقانون الدولي الانساني وارتكابها جرائم تقترب من جرائم الحرب، بازدراء شديد، فلماذا تثير كل هذا الاهتمام اليوم بتغيير غولدستون لبعض أقواله، بل اعتبرت ذلك انتصاراً لها يستحق الاحتفاء به؟
لعل السبب الأول يكمن في نجاح خطتها في التضليل وفي استيعاب الضربة التي تم توجيهها لها، بشن هجوم مضاد، وبترتيب وتكليف مع مكاتب محاماة دولية ولجان اختصاص، لا سيما عندما استجابت لإجراء تحقيقات طبقاً للفقرة 78 من تقرير الخبراء، ولعل الهدف من ذلك هو الظهور بمظهر الواثق من سياساته والذي يستجيب للمجتمع الدولي ومطالباته بشأن إجراء تحقيقات بخصوص الانتهاكات.
وقد حاول غولدستون في مقالته المذكورة المساهمة في هذا التضليل بالزوغان عن حقائق تؤدي الى إدانة «إسرائيل» عندما أخفى خلاصة التقرير الذي أعدته اللجنة الدولية للخبراء المستقلين برئاسة القاضي ماري ماك دافيس والذي صدر قبل 18 آذار (مارس) 2011 وهو التقرير الختامي للجنة الخاصة التي كلفتها الأمم المتحدة لمتابعة تطبيق التوصيات الواردة في تقرير غولدستون.
وقد جاء في تقرير هذه اللجنة الذي حجبه غولدستون (الفقرة 79): تعيد اللجنة التأكيد على الخلاصة التي أتت في تقريرها السابق بأن لا يوجد مؤشر على أن «إسرائيل» قد فتحت تحقيقات في تصرّفات هؤلاء الذين صمموا وخططوا وأمروا وأشرفوا على عملية الرصاص المسكوب.
ولعل هذا دليل جديد يقتفي أثر الاستنتاجات التي تقدّمت بها اللجنة التي رأسها غولدستون وقدّمت تقريرها في أيلول (سبتمبر) العام 2009 والتي وجهت اتهامات الى «إسرائيل» بخصوص ارتكاب جرائم ترتقي الى جرائم حرب، وهو ما يرتّب مسؤوليات قانونية قد تمتد الى احتمال المطالبة مجدداً بمحاكمة مجرمي الحرب، كما أن مصدر قلق إسرائيل ينجم أيضاً من احتمال تقدم المدعي العام أكامبو وتحت ضغط الرأي العام لاستدعاء بعض المسؤولين الاسرائيليين، العسكريين والمدنيين للتحقيق معهم بشأن الارتكابات الخطيرة تلك، وهذه الخطوة يمكن أن يتّخذها مجلس الأمن، على الرغم من الصعوبات الكبيرة والعقبات الجسيمة التي تعــترض طريقها بسبب انحياز الولايات المتحدة الكامل الى جانب «إسرائيل» وحجبها أي قرار بهذا الخصوص، ولا سيما عبر إمكانية استخدام حق النقض (الفيتو).
لقد أوهم غولدستون بعد تراجعه الرأي العام بأن «إسرائيل» قامت بتحقيقات، لكنه لم يذكر أنها شكلية كما يعرف، ومع بعض الجنود الذين نفذوا الأوامر وليس مع القادة الــذين أصـدروا هذه الأوامر، وهو أمر تغافله عن عمد، في حين أن اللجنة الدولية للخبراء أشارت الى عدم الشفافية الإسرائيلية في التحقيقات، وأن الأحكام كانت مخفضة جداً ومعظمها أتت مع وقف التنفيذ.
والسبب الثاني هو مغالطة غولدستون لنفسه حين اعتبر حادثة قتل عائلة «السموني» التي راح ضحيتها 29 شخصاً (من عائلة واحدة) وجرح 19 آخرين، أنها قصف عن طريق الخطأ لمنزل بسبب صورة التقطت بواسطة طائرة دون طيار من أحد القادة الاسرائيليين.
ولعل استنتاج غولدستون مثير للغرابة والحيرة، فكيف توصّل الى ذلك، ثم ما هي المعطيات التي جعلته يبني استنتاجاته على معلومات «اسرائيلية» وهي غير محايدة؟ ولعل تقرير الخبراء كان أكثر مهنية حين أشار الى «أن لا معلومات لديه حول القضية التي ما زالت التحقيقات فيها جارية»، وهو الأمر الذي يدعونا الى القول إن محاولة «تبرير» مقتل عائلة السموني تشويه للحقائق وتزوير للوقائع، وهو يتعارض مع أقوال متضاربة لبعض من تم التحقيق معهم من الجنود الاسرائيليين، وهو ما تطرق اليه تقرير منظمة مراقبة حقوق الانسان تحت عنوان «عين الخطأ» في إشارة الى مقتل المدنيين الفلسطينيين، خصوصاً في ظل الآلة العسكرية التكنولوجية الاسرائيلية المتقدمة.
ولعل في إفادة الشهود وفي العديد من التقارير ما يفضح تراجع غولدستون، الذي كان لتقريره العام 2009 صدقية كبيرة وكان وقعه مؤثراً على حركة حقوق الإنسان، لا سيما وهو شخصية مرموقة، حيث عمل في المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا وترأس الادعاء العام في المحاكم الجنائية الدولية في يوغسلافيا ورواندا، ولهذا فإن مقالته الصحفية تضع أكثر من علامة استفهام لا حوله فحسب، بل حول صدقية أحكامه السابقة، ناهيكم عن أنها تثير شكوكاً حول الثقة بالمحاكم الدولية.
ينفي غولدستون في مقالته ما كان أكّده تقريره عن القتل العمد من جانب «إسرائيل» للسكان المدنيين، وهو ما أكدته تقارير اللجنة الدولية للخبراء، وهو الأمر الذي كانت «إسرائيل» تبرره إمّا بالدفاع عن النفس أو الاحتماء بالمدنيين أو عن طريق الخطأ، خصوصاً وهي تضعها في إطار «سياسات الردع» التي هي عقيدة عسكرية إسرائيلية حيث تستعمل سياسة الأرض المحروقة، أي استخدام القوة المفرطة بما لا يتناسب مع الاستخدام من الجانب الآخر، بما يؤدي الى إلحاق أضرار بالغة بالأرواح والممتلكات، حيث تعتبر «إسرائيل» أن كل هدف فلسطيني إنما هو هدف حربي، والمفاجأة إن يأتي غولدستون بعد كل ما حصل ليقول لنا «عدم وجود نيّة متعمّدة» لدى «إسرائيل» في محاولة لتبرئتها.
ولعل تقرير مقرر حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية ريتشارد فولك وكذلك التقارير الخاصة بقصف مقرات الأمم المتحدة والأنروا، كلها أجمعت على الفعل العمد من قبل «إسرائيل» وعدم احترام قواعد القانون الدولي الإنساني.
ليس من مهمة هذه المقالة تفنيد المزاعم الإسرائيلية بشأن الحرب المفتوحة على غزة بعد حصار شامل قارب اليوم نحو أربع سنوات، لكن الأمر الذي نود لفت النظر اليه هو أن الضغط على غولدستون لتغيير موقفه وبعض أقواله، إنما هو بداية لحملة صهيونية قانونية ودبلوماسية وإعلامية عالمية، تذكّر بالحملة التي شنّت على القرار 3379 وعلى كورت فالدهايم الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة في حينها، ولعل إسرائيل تستهدف من ذلك مسألتين أساسيتين:
الأولى ـ الظهور بمظهر الضحية، المهددة لا بإطلاق صواريخ بدائية الصنع ضدها وكرد فعل على حربها المدمّرة ضد غزة، بل الافتراء عليها أيضاً واتهامها بانتهاك القانون الدولي الإنساني.
الثانية - الظهور بمظهر أخلاقي، لا سيما مباشرتها بإجراء تحقيقات بهدف مساءلة جنودها حول ارتكابات مزعومة أو محدودة، لكنها لا ترتقي الى انتهاك قواعد القانون الدولي الانساني، لا سيما اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وملحقاتها لعام 1977، على الرغم من تحفظات «إسرائيل» عليها.
ولعل سبب هيجان «إسرائيل» هو الموقف الذي اتّخذه مجلس حقوق الانسان الدولي في جنيف 19/ آذار (مارس) 2011 القاضي بالمصادقة على مشروع قرار يقضي بإصدار تعليمات الى المحكمة الجنائية باستخدام تقرير غولدستون من أجل محاكمة جنود وسياسيين «إسرائيليين» شاركوا بعملية الرصاص المسكوب.
وحسب تقديري فإن «إسرائيل» لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء «تقرير غولدستون» الذي نام العرب ليستيقظوا على انتصار سهل لم يفعلوا شيئاً من أجله، لكنهم لم يبذلوا جهداً للحفاظ عليه، بل اختلفوا حول طريقة تبديده سواءً بتأجيل التصويت عليه أو إهماله لاحقاً، ولعل خطوة غولدستون لتغيير بعض آرائه هي أول الغيث، كما أنها لن تترك تقرير دايفس من دون سعي حثيث لإلغائه أيضاً وإبطال مفعوله فأين العرب والفلسطينيون من غولدستون وما بعده؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روفائيل بطي.. إرهاص حداثي مبكّر!
- دستور مصر ووصفة السنهوري
- السياسة بوصفها علماً
- الشباب والتنمية!
- العراق من الاحتلال العسكري الى الاحتلال التعاهدي
- النيل وحرب المياه
- العرب وإسرائيل: أي جدل قانوني؟
- حرية التعبير و-حرية- التشهير
- جدلية الضعف والقوة
- - النموذج- العراقي وعدوى التغيير!
- سبع رسائل لاستهداف المسيحيين
- الموجة الثالثة للتغيير
- الانتفاضة العراقية: استعصاءٌ أم استثناء؟
- تناقضات المجتمع المدني ومفارقاته
- رسالة من منصور الكيخيا إلى المثقفين العرب
- -اشكالية الهوية والمواطنة في العراق-
- مستقبل الحوار العربي- الصيني!
- لغز اختفاء موسى الصدر ومنصور الكيخيا!
- تونس- مصر: أسئلة ما بعد الانتفاضة!
- ثقافة السلام


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - مفارقات غولدستون: لماذا تراجع وأين الحقيقة؟