أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خضر - صورة جانبية لرجل اسمه حسني مُبارك..!!














المزيد.....

صورة جانبية لرجل اسمه حسني مُبارك..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3341 - 2011 / 4 / 19 - 18:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كنتُ مقيماً في القاهرة عندما اختار الرئيس أنور السادات، لمنصب نائب رئيس الجمهورية، ضابطاً اسمه حسني مُبارك. لم يكن الاسم يعني شيئاً في نظر المصريين. صحيح أن السادات جاء بالنائب من بين "أبطال أكتوبر"، لكن القائد السابق لسلاح الجو لم يكن، بالضرورة، أبرز الضباط المصريين في تلك الأيام. والصحيح، أيضاً، أن المصريين مدينون بما أنجزوه في تلك الحرب لرئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي، أكثر من أي رجل آخر.
وبقدر ما كانت الوظيفة الجديدة مفاجئة للطبقة السياسية في مصر، وللمصريين بشكل عام، كانت مفاجئة للنائب نفسه، الذي لم يحلم في يوم من الأيام بالوصول إلى منصب كهذا، وكانت أقصى أمانيه، بعد الحرب (كما قال في أكثر من مناسبة) وظيفة سفير لمصر في عاصمة أوروبية كبيرة.
ومع هذا وذاك، كانت الوظيفة دليلاً على حسن الطالع. للحظ أفانين وألاعيب كثيرة، من بينها حسابات السادات نفسه. فقد أراد نائباً بلا طموح، أو حتى دراية بالحياة السياسية في مصر. وإذا كنتَ بلا طموح، أو جاهلاً بالسياسة، ربما تكون مرشحاً طبيعياً للفوز في لعبة الحظ.
في تلك الأيام نشرت مجلة "آخر ساعة" المصرية مقابلة مطوّلة مع مبارك. كان من بين الأسئلة الكثيرة، المطروحة على النائب، سؤال حول خبرته في العمل السياسي. فأجاب بأنه تعلّم السياسة في جامعة الرئيس السادات. وفي جواب كهذا مديح للسادات، بطبيعة الحال، واحتماء باسمه لتفادي الكلام عن خبرات في السياسة يصعب التدليل عليها.
كان ذلك في العام 1975. واليوم، إذا أعدنا النظر بأثر رجعي في جواب يبلغ من العمر ستة وثلاثين عاما، نكتشف أن حسني مُبارك لم يتعلّم الكثير في جامعة أنور السادات.
عاش السادات تقلبات الحياة والسياسة في العهد الملكي. انخرط في جماعات ومؤامرات كثيرة قبل سقوط الملكية، وكان مساعداً مطيعاً بلا طموح في العهد الناصري. وعندما تولى رئاسة الجمهورية، بعد وفاة عبد الناصر، كان موضوعاً للتندّر من جانب كثيرين اعتقدوا أن الدائرة الضيقة المحيطة بعبد الناصر من أصحاب القرار، اختاروا السادات ليكون واجهة شكلية تمكنهم من حكم مصر.
ومع ذلك بطش السادات بالدائرة الضيقة، أخرج الأخوان المسلمين من السجون، وتحالف معهم ضد اليساريين، وفض التحالف مع الاتحاد السوفياتي، وخاض حرب أكتوبر، وتحالف مع الأميركيين، وعقد صلحاً مع الإسرائيليين بعد زيارة تعتبر من الأحداث الدرامية المشهودة في القرن العشرين.
هذه الأشياء كلها تدل على شخصية مغامر ومُبادر وصاحب طريقة غير تقليدية في عالم السياسة (بقطع النظر عن موقفنا منها)، ولم يكن في سيرة صاحبها قبل وصوله إلى موقع الرجل الأوّل ما يمكن أحداً من انتظارها أو التنبؤ بها.
وهذه الأشياء كلها غابت عن السيرة السياسية لمبارك، بعدما أوصله اغتيال السادات إلى موقع الرجل الأوّل في مصر. هل غابت لأن الجامعة أغلقت أبوابها قبل الأوان، أم لأن التلميذ لم يكن نجيباً؟
الأرجح أن مُبارك لم يكن تلميذاً عصامياً، وأن الدرس الذي تعلمه من ضربات الحظ المتلاحقة، لم يسعفه في حكم مصر. لم يكن صاحب مبادرات، ومغامرات، أو رؤيا (بصرف النظر عن مضمونها) وهي السمات التي وسمت السيرة السياسية لأستاذه في الجامعة.
ورث مغامرات، ومبادرات، وشطحات السادات، وحافظ عليها، بلا زيادة أو نقصان، على الرغم من حقيقة أن ما يصلح في وقت ما، لا يصلح بالضرورة في كل ولكل الأوقات.
وإذا تكلمنا بطريقة مجازية ربما جاز القول إن مُبارك الرئيس عاش في الواقع سفيراً في دولة وهمية ومتوّهمة اسمها مصر، عاصمتها شرم الشيخ، ومواطنوها رجال الحاشية والبلاط والمال والأعمال، بينما مصر الحقيقية في مكان آخر. أسلم قياده للسعوديين. وأخلص لتحالفه مع الأميركيين والإسرائيليين، وعندما كبر الأنجال أوكل إليهم إدارة السفارة والإشراف على شؤون الموظفين. ومع ذلك من غير الممكن، ولا المنطقي، أن نجعل منه مثالاً حياً للشر، ولا أن ننظر إلى سنواته الطويلة في الحكم بالأبيض والأسود.
لم يكن حقودا على طريقة حافظ الأسد، فلم ينكّل بمعارضيه كما فعل حاكم سوريا. ولم يكن بدوياً قرر احتراف الفلسفة وجمهرة العالم على طريقة معمّر القذافي. ولم يكن قروياً فظاً وغليظ القلب مهووساً بالمجد والمقامرة على طريقة صدّام حسين. ولم يكن رجل مباحث حوّل دولة إلى مركز للشرطة على طريقة بن علي. ولم يكن شيخاً لعشيرة صنع لها البريطانيون والأميركيون دولة لحماية النفط على طريقة حكّام الخليج.
كان ضابطاً بلا طموح، ولا كاريزما، أو مؤهلات خاصة، انتشله الحظ من حلم بسفارة في عاصمة أوروبية، إلى واقع القصر الجمهوري في دولة كبرى اسمها مصر فشل، أو حتى لم يبذل جهداً، في إدراك قيمتها التاريخية، ومكانتها الإقليمية، وأهميتها الثقافية والسياسية، فأصبحت في عهده دولة صغرى.
وعندما عبس الحظ، أو قلب له ظهر المجن، كما نقول بالعربية (والعربية كجراب الحاوي مليئة بالمفاجآت) لم يكن مستعداً ولا قادراً على قراءة المكتوب من عنوانه، فانتهى مقبوضاً عليه بقرار من النائب العام في مصر، ودخل التاريخ المصري (أو خرج منه) باعتباره أوّل رئيس تُسقطه ثورة شعبية في العالم العربي، ويصدر قرار من النائب العام بالتحقيق معه، وحبسه على ذمة القضية.
الجنرال الذي تدرّب على قيادة القاذفات والطائرات المقاتلة، وقاد سلاح الطيران المصري ضد إسرائيل في حرب أكتوبر، بكل ما يعنيه ذلك من تكنولوجيا ومهارات، كانت موقعة الجمل آخر معاركه، عندما اقتحم معاونوه على ظهور الجمال ميدان التحرير في قلب القاهرة. وما بين القاذفة المقاتلة من ناحية، وسفينة الصحراء من ناحية أخرى، خيط شد طرفه الأوّل أنور السادات، ومشى مبارك بالطرف الثاني حتى أوصله إلى ميدان التحرير. ما بين خط البداية والنهاية نقرأ تاريخنا الشخصي والعام، ونرسم صورة جانبية لرجل اسمه محمد حسني مبارك.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جول مير خميس: وقائع موت مُعلن..!!
- المخطوفان فلسطين والإسلام رهائن الثورة المضادة..!!
- دعوة للانخراط في المؤامرة ومبايعة للمتآمرين..!!
- كم من الكيلومترات يمشي نداء الحرية في اليوم..!!
- ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!
- ما الذي سيبقى من العقيد..!!
- الله، ومعمّر، وليبيا وبس..!!
- مصر قامت والقيامة الآن..!!
- عَمَارْ يا مصر..!!
- الشعب يريد إسقاط الرئيس..!!
- تحيا تونس..!!
- لا أحد يحب العرب هناك..!!
- إذا نجت مصر نجونا..!!
- مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!!
- نعم، الجواب: نعم..!!
- الفشل في استثمار الفوز..!!
- قبل تأشيرة الدخول إلى دبي وبعدها..!!
- الثقافة والسياسة والسلطة..!!
- فكر الحداثة في فلسطين..!!
- من المفيد الكلام عن أشياء أخرى..!!


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خضر - صورة جانبية لرجل اسمه حسني مُبارك..!!