أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - الغبش














المزيد.....

الغبش


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3340 - 2011 / 4 / 18 - 20:35
المحور: الادب والفن
    


يعالج شاكر المياح في روايته ( الغبش/ دار الينابيع ـ سوريا 2010 ) حدثاً لافتاً، يلتقطه من تاريخ العراق الحديث، يتمثل بهجرة الفلاحين، تحت وطأة الفقر واضطهاد الإقطاع، في حوالي منتصف القرن العشرين، من قراهم في الجنوب إلى بغداد. وشخصياً كنت أتمنى أن أقرأ مثل هذا العمل منذ زمن بعيد، لاسيما أن الأعمال التي تناولت هذا الحدث بوساطة التخييل الروائي نادرة جداً. وعموماً فإن ظواهر وتقلبات تاريخنا الحديث لم تُستثمر فنياً، سواء في الدراما أو السينما أو الرواية، كما يجب، على الرغم من أهميتها وجوانبها الغنية المركّبة، والمثيرة.
تبدأ الرواية من واقعة صراع ثلاثة أخوة على المشيخة والنفوذ وملكية الأراضي الخصبة، في محيط قضاء الحي، في الكوت، مستهل الأربعينيات. حيث في دوامة ذلك الصراع الضاري يكون الفلاحون الفقراء هم الضحية؛ تُحرق مزارعهم وبيوتهم ويُشرّدون أو يُعذّبون ويُقتلون. فيضطر كثر منهم إلى ترك قراهم وحقولهم والرحيل بجيوب خاوية نحو المجهول. وفي الغالب تكون العاصمة، التي لم يرها معظمهم، وجهتهم. يحلمون بالأمان واللقمة الكافية والعدالة الإنسانية. وهناك تتباين أقدارهم وحظوظهم، لكنهم جميعاً يدخلون في فصل جديد من الألم والمعاناة والضياع، قد يطول أمده أو يقصر.
يلاحق الروائي مصائر عدد من الشخصيات، مركِّزاً على حكاية سدخان الذي يصل بغداد، ويشتغل عاملاً في عيادة طبيبة ( الدكتورة فوزية ) التي ستحثه على التعليم وإبدال زيه القروي ببدلة مدنية، وتغيير اسمه إلى عدنان. ثم تُسكنه وعائلته في بيتها، قبل أن تخطبه من زوجته، وتحمل منه، لتموت في أثناء وضعها لوليدها. وأعترف بأني وجدت صعوبة كبيرة في الاقتناع بهذا السلوك من دكتورة بغدادية، في أربعينيات القرن الماضي، مع عامل عيادتها القروي وأسرته. وحتى موتها لم يعط الرواية الزخم التراجيدي المنتظر. فهو حدث خارجي لا يمت بصلة كبيرة لمصائر مهاجري الجنوب.
يعثر أغلب الذين يتحدث عنهم الروائي على فرص جيدة وسهلة نسبياً للعمل والسكن في بغداد، ويكون هناك من يرعاهم، حتى يُخيل للقارئ أن لا مشكلة هناك. قبل أن يشرع في الصفحات العشرين الأخيرة من روايته ( 310 صفحات ) بالتحدث، بأسلوب التقرير الصحافي، وفي بضع صفحات، عن منطقة الشاكرية. وهي منطقة صرائف عشوائية كانت تتكدس فيها آلاف العائلات الآتية من مدن الجنوب وقراه، في شروط معيشة أقل ما يُقال عنها أنها صعبة وجائرة ولا إنسانية. وأعتقد أن الروائي كان سيجد امتدادات رحبة لسرده، ويمنحه درجة أكبر من المصداقية، لو أنه جعل من هذا المكان المسرح الرئيس لحركة شخصياته وكفاحهم المضني من أجل حياة كريمة.
كتب المياح روايته بلغة مباشرة واضحة ساعدته في عكس ظروف شخصياته وبيئاتهم وحالاتهم النفسية والفكرية والاجتماعية. لكن الانتقالات بين المشاهد كانت فجائية، من غير فواصل، تخل أحياناً بإيقاع السرد ونسقه وتشوش القارئ. وأعتقد أن الروائي، كان بحاجة إلى معرفة وافية بأوضاع العراق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتلك المرحلة من أجل أن يتجنب بعض الهفوات مثل أسعار السلع في حينه، فليس من المعقول أن يكون سعر الخروف الواحد في العام 1940 عشرين ديناراً!. كذلك ما يتعلق بطبيعة الثقافة الجنسية السائدة بين القرويين، حيث صوّر الروائي مشاهدها وكأنها تقع في فيلم بورنو فرنسي.
كذلك يعرف القارئ العراقي أن أحداث هذه الرواية كانت تجري على خلفية تحولات سياسية واجتماعية كبرى شهدتها بغداد تحديداً؛ من انقلابات وانتفاضات شعبية ومظاهرات وأنشطة لحركات سياسية لم يشر إليها الروائي، باستثناء ما حصل لليهود وهجرتهم إلى فلسطين، بعد قيام إسرائيل واندلاع حرب العام 1948. وأعتقد أن إشارات عابرة إلى تلكم الأحداث كانت ستعزز الخلفية التاريخية الواقعية للسرد وتُشبعه.
أعترف بأني استمتعت بقراءة هذه الرواية على الرغم من بعض مؤاخذاتي عليها، وهذه تبقى انطباعات قارئ، وليس رأي ناقد محترف.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة ظل
- ثورة الشباب العربي: حول أدوار المثقفين
- الثقافة التحتية ومثقفو الهوامش
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 9 وجهتا نظر عربيتان
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 8 غودولييه.. جوناثان ري.. وآ ...
- ثورة الشباب العربي: الدخول في عصر ما بعد الحداثة
- موسم سقوط الثقافة السياسية الفاشية عربياً
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 7 كاسترياديس.. جون مولينو
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 6 ألتوسير.. ريجيس دوبريه
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 5 سارتر والماركسية
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 4 مدرسة فرانكفورت ونقد أسس ا ...
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 3 غرامشي.. لوكاش
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية 2 من كاوتسكي ولينين إلى الست ...
- ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية: 1 مدخل
- مأزق النقد
- بين الرواية والفلم
- امرأتان وثلاثة رجال ( قصة قصيرة )
- في مديح القصة القصيرة
- كتب قديمة مستعملة
- الغموض في القصص


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - الغبش