أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رعد الحافظ - الگيتو العراقي , كما يراه د. علي ثويني















المزيد.....


الگيتو العراقي , كما يراه د. علي ثويني


رعد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3339 - 2011 / 4 / 17 - 20:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قليلٌ هم الرجال في عالمنا العربي ممن (( لا )) تأخذهم العِزّةُ بالإثم , عندما يتطلّب الأمرُ قول الحقيقةِ , أو الإقترابِ منها .
فعندَ الغالبية , أنّ كشف الوقائع والإعتراف بالواقع والنقد الذاتي , يُعّدُ جَلداً للذات .
إتضح ذلك بأجلى صورهِ في مواقف البعثيين ( وبالأخصّ الصدّاميين ) بعد سقوط الطاغية وصنمهِ .
سمعناهم يُمجدون أعمالهِ وكأنّهم قد وافقوا على جرائمهِ طيلة عهدهِ البائد .
حتى أنّ شاعراً كبيراً كان يبدو لنا مُكرهاً على مدح وتمجيد صدّام ,هو الشهير عبد الرزاق عبد الواحد , لم يشأ الإعتراف ( بخطئهِ ) بعد زوال الطاغيّة , بل زادّ الطين بلّه , وإرتكب ( خطيئة ) هذهِ المرّة .
وحاول الدفاع عنهُ , ظنّاً منهُ أنّ العكس سيفضحهُ شاعراً مُتكسباً منافقاً للحُكام , كما مُليء تأريخنا بهم على الدوام .
ولم ينجو من ذلكَ حتى كبيرهم (المتنبي) الذي بالغَ في مدحِ سيفِ الدولة الحمداني , وكافور الأخشيدي !
لكنّ شاعرنا فشلَ في الحالتين , فلا هو تعالى وتسامى وإعترفَ بالحقيقة , ولا هو نجحَ في إقناعنا بمبدئية مواقفهِ .

******
د. علي ثويني , ليس من هؤلاء , على الإطلاق
بل يكاد يكون من القلّة المتصالحة مع نفسها فيقول ويكتب ما يحّس بهِ .
لم أكن أعرفهُ سوى بالإسم , مرّ على ناظري في موقع الحوار .
لكن بعد حادث تفجير ستوكهولم في العام الماضي 2010 وبقرائتي للبيان الذي كتبهُ (( للعربية )) , في هذا الخصوص , كونه عمّ أو والد زوجة الإنتحاري / تيمور العبدلي , أعجبتُ بكلام الرجل وأسعدتني إدانتهِ لذلك الفعل الإرهابي الهمجي , وتبرأ هِ من فعلة صِهرهِ .
حينها سمعنا وقرأنا بيانات ومقالات من بعض المؤدلجين , عن نظرية المؤامرة في تلك الحادثة وأنّ الغرب سهّلَ بل خدعَ ( تيموراً) , ليقوم بفعلتهِ في محاولة تمهيديّة لدخول السويد بثقلها , في الحرب العالمية ضدّ الإرهاب .
لقد أثبتَ السيّد ثويني في ذلك الموقف , أنّهُ إنسان بمعنى الكلمة .
لايرضى بالظلم ولو جاء من قريبٍ لهُ , ولا يُدافع عن قاتل حتى لو غُرّرَ بهِ .
فالظلم والقتلُ ( وبالأخصّ الجماعي ) , لايستحقون الدفاع والتنظير واللعب على الكلمات والرقص على الحبال لتجميل الفعل المُشين .
لقد كتب ما يلي نصاً :
إنّ تيمور جحدَ فضلَ السويد بعقليةِ السلفيين .
واضاف : إنّ هذا البلد , قدّمَ لهم ما لم يقدمه عرب وعجم ومسلمون !

************
هذه المقدمة سردتها لكم , لتعرفوا نبذة عن الرجل , الكاتب والمعمار والباحث والأستاذ الجامعي / د.علي ثويني .
دون أن يعني ذلك تطابق آرائي معهُ في كلّ شيء .
وقد نويتُ تلخيص إحدى مقالاتهِ الأخيرة الرائعة والتي تحمل عنوان
( مفهوم الگيتو في العقلية العراقية ) ,نظراً لأهميتها البالغة كما أرى .
خصوصاً في الوقت الحالي , وقت الثورات وإنكشاف النفوس وظهور الخبايا والمضمور ( والطائفية ) , ممّا لم يكن يُعلن عنهُ عادةً .
وهذا هو رابط المقال
http://www.almitro.com/11/3792.html

وقبل أن أبدأ , أوّد توضيح حقيقة أؤمن بها كثيراً
هي أنّ النقد البنّاء , بصنفيهِ الخارجي والداخلي هو من خيرة الأمور المساعدة في كشف العلّة , ومحاولة إصلاحها .
والجميع يعلم أنّ ماركس هو( سيّد الناقدين ) , إذ بدأ بالإقتصاد وإنتهى بالسماء ومرّ بنقدهِ على جميع ما بينهما .
لذلك ستتعرفون من قراءتي لهذا المقال ,على الناقد / علي ثويني .
الذي أراهُ يطبّق رأي جورجي زيدان { في أنّ الناقد يتحتم عليهِ إبراز كلا الجانبين الإستحسان والنقص ,كي يوصف بالموضوعيّة والحياد} .
وسوف أسمح لنفسي بنشر جزء يسير من رسالتهِ الجوابية الرائعة , عندما طلبتُ منهُ إعادة نشر وتلخيص المقال , حيث قال :
{ ..,لكننّا نحتاجُ ونحنُ نترنّح أو في حالة هذيان , أنْ نُصفَعَ من لدن الواعيّن منّا , ورُبّما أبالغ لو قلتُ , أنّ مقالاتي فيها من الصفعة أكثر من المداراة والمحاباة .
وأكادُ أجزم أننّا محوجين لمواقف حدّية , حينما تنهارُ القيم ويدّبُ العطب في مفاصل الحياة . وهذا ما نلمسه كل يوم من مهازل .
عراقُ البعثِ بالامس , وعراقُ المعممين والأغوات اليوم .
ربّما كنتُ صريحا في طرحِ ما يتحاشاهُ البعض , لكن كلّ ما ذكرته لم يكن مغالطة ولا مُجاملة , بل ما تناقلتهُ الألسن وتحمله النفوس .
دون فذلكةِ النُخَبْ , الذين شطحوا بعيدا عن الوقائع .
لذا أقرُ لكَ بأن ما أكتبه مؤلم ,و قد يجلب الشؤوم والعداء لي من الكثيرين ويُثير ضغائن من جهات عدة، لكني وبدون غرور ، أشعرُ براحة الضمير ما بعدها راحة , وأشعر يا أستاذ رعد أن موهبة التفكير وملكة الكتابة هي هبةُ الله لمن يصطفيهم , فإذا فرّط بها أو لم يسخرها بالإتجاه الصحيح , فسوف يسوء العمل ويستحق اللوم !
لذا فليس لدي ضغينة على طائفة أو فئة بالذات , لكنّ لومي للجميع بقدر المساواة .
وأتمنى أن تزيل النُخب عن كاهلها أدران (( الگيتو)) قبل الرعاع والدهماء .
وتأخذ على عاتقها قراءة التراث والدين وتقديمه مُبسطاً وصريحاً للعامة ,كي لايملئ فراغهم شيطان المعممين، وعوران الدين .
الذين شوّهوا كل شئ , وهم وراء كل مصائبنا , وهم العلّة فيما أصاب العراق من خلل في البنيةِ الإجتماعية التي نُحاول سوّيةً مع جنابك والشرفاء رتقها , إذا سمحَ هامشُ العمرِ والإمكانيات المتاحة بذلك .
الكتابة وإبداء الرأي بالنسبة لي فُسحة الروح وتفريغُ ما بالخاطرِ من همّ , لذا فأنا أكتب من أجل الكتابة , لا أطلب جاه أو شهرة أو مال .
وأعيشُ في بحبوحة هي فوق الكفاف وأقرب للزهد , حاجاتي قليلة وهذا عندي ثراء , مابعدهُ ثراء } .. إنتهت الرسالة
*****
القسم الأوّل من المقال
يبدأ الكاتب بتوضيح أصل ( الغيتو) ومعنى المصطلح في بعض اللغات فيقول :
عام 1516 , تجمّع اليهود في منطقة مغلقة في مدينة البندقية الإيطالية , فأنشئوا لأوّل مرّة ماعُرِف تباعاً في الغرب بال.. گيتو Gatter
وبالإنكليزية هي البوابة أو ال Gate , وفي لغات الشمال Gatan , وهي الجادة أو الحيّ أو العقد أو الحتّة , ( أو الزنگة ) , في المشرق .
الگيتو عبارة عن تجمع سكني صغير يقطنه اليهود داخل المُدن الكبرى , يعيشون فيهِ معزولين عن المجتمع المحيط قدر الإمكان .
ويصل الأمر بأن يكون له باب يقفل بعد الغروب ويفتح في الصباح . { ولا ننسى أحياء الگيتو للسود في أمريكا } .
يضيف د. علي ثويني
حدثَ ذلك متزامنا مع محاكم التفتيش (inquisition) في اسبانيا .
ويذهب المؤرخون إلى أن الگيتو عكس عقلية اليهودي الانعزالية التي تميل إلى الابتعاد عن المجتمعات خوفا من الذوبان فيها .
في الوقت نفسه تنّم عن نزعة للتمايز لُقِنَ عليها اليهودي حسب التعاليم الدينية , كونه يمثل شعب الله المختار .
وأنهم يجب أن لا يختلطوا بغيرهم , (الغوييم أو الأغيار) أيّ باقي أفراد المجتمع الذين يعيشون فيه , فهم أسمى من الدنس وأرقى من الإنس .
ولايمكن نكران , أنّ ظهور الگيتو في أوروبا جاء إنعكاسا طبيعيا لحالة الإضطهاد والفرز التي عانى منها اليهود في محيطهم الأوربي المسيحي فقد لفضتهم أوربا في نهاية القرن التاسع عشر , بحجة إغتيال قيصر روسيا عام 1882 بعدما تورط يهود فيه .
وعمّ بعدها حميّة أرثدوكسية في البلقان , وكاثوليكية في ألمانيا وبولونيا . وكانت الشرارة التي أسسّت دولة إسرائيل .
وهذا لم يحصل لليهود في العالمين العربي والإسلامي إلا مُتأخراً على أثرِ إنشاء إسرائيل في فلسطين .
وبما يخصنّا دُعي (الفرهود) في العراق سئ السمعة , والذي سيّرته أيادٍ شيطانية مكشوفة ومستترة .
ثم يصف د. ثويني طريقة حياتهم وتعاونهم وتلك الحالة الوجدانية في الإيثار والنخوة والنصرة والتكافل وكلّها سمات إنسانية رائعة .
لكن بالمقابل فقد نسج ( أصحاب الگيتو ) خيالات تمجّد مآثرهم وتميّزهم بينما تزدري الآخر .
وعادةً يحصل الإصطدام مع الحقائق خارج بوابة الگيتو , حينما يختلطون مع الآخرين من مجتمعهم , حيثُ الصالح والطالح .
إنّ تواشج تلك المشاعر الإنسانية جعلهم يؤثرون التكتم وصولاً الى التقيّة .
هكذا ربوا أجيالهم وأمسى الأمر طبع وسجيّة تنتقل في الموروثات .
وعاش القوم مع النفاق المشّرع أخلاقيّا , والمبّرر دينيا وعرفيّا .

**************
الجزء الثاني / گيتو .. العراق
يقول د. علي ثويني بهذا الخصوص :
أثارني هذا المفهوم ( الگيتو ) ووجدت به الكثير ممّا ينطبق علينا في العراق من أوجه عدة .
فيتعدى نزاع الطوائف والأعراق المفضوح الى المناطقية regionalism ويتفتت الى المدينيّة والقرويّة و البيوتات .
فثمّةَ مناطقيّة تقسّم العراق , إلى شمالية وجنوبية وغربية .
ولنأخذ منطقة شمال العراق مثلا ، فثمّة عرب وأكراد وتركمان وكلدان وآشوريين وشبك ويزيديه وكاكائيّة .
وثمّة موصليين وتكارته وسوامره وكركوليين وأربيليين وسليمانيين .
وثمّة شيعة وسُنّة , وعشائر جربه وطوقه وعنزه , وحمائل قريبة من بؤرة البداوة إلى الغرب .
وكل تلك التجمعات تدّعي أنها أشرف نسباً وحسباً وأصلاً وفصلاً من الآخرين في كل العراق .
فنجد جُلّ الموصليين مثلا (حتى بعض المتنورين ) , يعتقد أنّ الموصل وأهلها هم أحسن ما بالعراق .
وأنّ دفّة البلاد لا تستقيم إلا بوجودهم سدنة ومُسيرين . وأنّ أيّ موصلي مهما كان وضيعاً هو مُنزّه من النقد ولا يطأ الرذيلة والدنس .
وحتى لو حدث ذلك ، فأن الحميّة على الموصل وسمعتها تقتضي الكتمان أو الذود والدفاع وتبرير الأخطاء .
والأمر عينه ينطبق على كل المناطق التي ذكرناها !
وثمّة عداءٍ مستفحل بين جهات عدّة منها مثلا , بين أهل السليمانية وأربيل مصدرهُ المنافسة حتى على أعلى المستويات (صراع طلباني برزاني) وكذلك بين السوامره والتكارته وبين السوامرة و الدجيلية .
بالرغم من أن ماء دجلة يسقي عروقهم وأعراقهم والعراق يوحد إنتمائهم . وهذا العداء وراء إهمال وتنكيل صدام حسين بسامراءَ وأهلها ,
حيث وجدتها حينما عملت في مشروع ترميم قبة الأمامين العسكريين ، خربة مهملة منذُ ليس أقلّ من أربعة أو خمسة عقود خلت .
وكنت أمزح مع أهلها , كيف سمحَ (عبدالخالق السامرائي) البعثي ، أن يتبرع العراق في بداية السبعينات لبناء مصفى وميناء مدينة ((بربرة)) الصومالية , ولم يشين الأمر عليه أو يثير حميته على "ولايته" سامراء التي تعاني الجَرَبْ ؟
إليس كان أولى بالثلاثمائة مليون دولار أن تكون حصتها ؟ لا حصة سياد بري ؟
وربما يتشدق السوامرة أو الموصليين أو التكارته بحميّة عراقية .
لكنهم حينما يركنوا الى ذواتهم ويطفح فيما داخلهم الى السطح "ولاسيما حينما يتقابلو مع أقرانهم من نفس الإنتماء والعقلية"، فانهم يكيلون الغِلّ على الآخر ويمجدون إنتمائهم , وهذا ما لمستهُ بالصدفة عام 1975 في بيت جنيد التكريتي نائب وزير الزراعة .
كل تلك النزعات كانت وراء إحتكار مولود مخلص للكلية العسكرية لسنوات طوال من أجل شباب تكريت والموصل , ليتخرج منها ضباط سامين حكموا العراق, جُلّهم من أصول تكريتيه .
وربّما كان هذا وراء سياسة مدير البعثات الموصلي في بغداد , والذي تربع على كرسيها ثلاثون عاما , ليحتكر البعثات الدراسية لأصحابه .
لذا نجد ان جل البعثات كانت لأهل الموصل حصرا ،حتى شاع بأنهم اذكى أهل العراق في حينها،ونجد حتى سنوات قليلة خلت أن جُلّ الأساتذة الجامعيين موصليين .
وربّما ذلك الوضع , كان وراء حنق البعض على إنهيار السلطة العراقية البائدة ؟
وتمادى وبرر مفهوم الگيتو الضابط العروبي الموصلي ذو الأصول التركمانية ((عمر العلي )) , حينما أطلق شعار(خط البرغل) .
وأدعى فيه أنّ ثمّة خط جغرافي عرضي وهمي , يمر شمالَ مدينة بغداد و يفصلُ فيها جنوبَ العراق ووسطه عن شماله .
وقد أراد من خلال ذلك "الإكتشاف" استجلاء أسباب الذكاء والفطنة و الإقدام الفطري الذي يتمتع بها القوم الساكنين فوق هذا الخط على عكس من أوقعه حظه العاثر و ولد جنوبه بما يقمصّه من تخلف وغباء وبدائية وجبن وابتذال .
والمبرر "العلمي" بأن أهالي شمالي الخط يتناولون (البرغل) كغذاء رئيسي بينما جنوبهِ , أصناف أخرى كالرز والخبز الذي لا يساعد على تطوير ملكات الفطنة .
وقد دافع الرجل عن نظريته هذه مستميتاً حتى مات في سبعينات القرن العشرين , ومشى وراء جنازته أحمد حسن البكر نفسه .
تحت خط البرغل ثمة قوم من العراقيين يسمونهم (الشراگوة) , ولا يمكن تنزيه هؤلاء من نزعة (الگيتو) .
فلدى الجنوبي حساسيّة من (السُنّي) مثلا أينما يكون , ويعّد نفسه أحسن حالا من أهل الغربية أو الموصلي , الذي لاينافسه في الإنتماء لعشيرة عربية جنوبية كبيرة .
ويتهكم عليهم في جلساته، ويطلق تسمية العامة عليهم وهو (الخاصة)، ويكنيهم غمزا (ابو ذويل) .
وقد تجند رجال الدين الشيعة لبث تلك المفاهيم بوعي وإبليسية مسيّرة، حتى أمسى هذا الأمر المُقزز من مسلمات الأمور .
ولم يخلُ الطرف الآخر من سوء الظن ,( وقد تبناه إبن الرمادي والغربية والموصلي وحتى البغدادي القادم من جهات شتى ) ,
بالمقابل على (الشرگاوي) وصنفوا حي الثورة ورم سرطاني في خاصرة بغداد يشوه هويتها العباسية "السنية" والشرگاوي بالنسبة لهؤلاء (عجمي مقطم) .
لقد وبخني أحد أقربائي حينما رفضتُ التصويت على حزبٍ أو قائمة أو شخص في الإنتخابات الأخيرة , متسائلا:
إنّ فعلتك تلك يا أخي سوف ترجّح كفة السنّي من أهل الرمادي وياخذها منا !
وهذا ما قاله الموصلي أو الدليمي او التكريتي عن الشرگاوي , حينما يختلي بجماعته ويشعر بسعادة البوح وحرية الإبداء .
وأتذكر إحدى الأخوات من أهلنا اليزيدية ، كتبت لي: هل من المعقول أن ياخذوا منا الوزارة التي هي ملكنا ؟
{ بعد تبوأ الجعفري الوزارة وأبدل وزراء علاوي وكان أحدهم يزيدي } وصَرّحت إحدى الأخوات الكرديات , بانّها ستموت دون تسليم سفارة العراق في ستوكهولم إلى غير الأكراد , بعد تبديل السفراء عام 2010 بعد أحمد بامرني الذي سرق 26 ألف جواز سفر عراقي .
وهكذا في عالم ( الگيتو) كل رأي مباح , والإستحواذ مشروع . ومن حصل على وظيفة هي غنيمة له وقومه ومنطقته وعائلته .
خالدة لهم دون تداول في مجتمع فسيفسائي ، وبعيدا عن الكفاءة والتأهيل.

************
الجزء الثالث / التظاهر بالتشارك !
في مجتمع (الگيتو ) الجميع فرح بما لديه , ويعتقد أنّه المحور والمتن والبقيه هوامش ودخلاء .
وهو السمو القيمي والبقية إبتذال , وهو من (القبائل العربية الأصلية) والبقية(فالصو) ..الخ .
وبالنتيجة ينطبق عليهم جميعا مثل ( الأقرع يعيّر أبو حبة ) .
وهذا هو جوهر الصراع الذي تقوم عليه ظاهرة المحاصصات في كنف الدولة العراقية اليوم .
وهذا ما سارت عليه الدولة العراقية منذ تأسيسها، فتطعيم الحكومات بوجه ينتمي الى (گيتو) آخر، يسبغ عليها سمة العدل .
فقد عين صدام حسين مثلا بعض الشيعة في سلطاته مثل حمزة الزبيدي وسعدون حمادي ومحمد سعيد الصحاف .
وعيّن طارق عزيز (المسيحي) أو طه محيي الدين معروف ( الكردي ) نائب للرئيس ليمثل الأكراد في صلب السلطة.
لقد كان صدام يُرجّح ولاء او مهادنة هؤلاء له ,وليس بسبب إنحدارهم من أرومات أو أديان أو مذاهب .
وكان هؤلاء البعثيين اكثر قسوة على "جماعتهم" من الآخرين ، حيث نكل طارق عزيز بالكنيسة المسيحية ، و أجرم حمزة الزبيدي ضد ثوار آذار 1991 في الفرات الأوسط .
ومازلنا نجد من يتشدق على سلطة البعث ، ويدّعي أنها لم تفرق بين الطوائف والأقوام .
واليوم يُمارَسْ الأمر عينه لذرّ الرماد في العيون , كون الوزير الفلاني (سنّي) في سلطة (شيعية) , ليس لكونه يمثل (السنة) كما يراد بل يمثل نفسه ومقربية وطموحه الشخصي للإغتنام باسم المذهب، كما هو حال الدكتور أحمدعبدالغفور السامرائي، الذي أريدَ له ان يمثل أهل سامراء ، لكنه أستأثر بالأمر لنفسه , وأمسى الوقف السني بؤرة للفساد والإثراء الفاحش الذي يقوم به لصالحه الشخصي، ولم يتورع أن يبيع محيط الحرم العسكري للحكومة العراقية في صفقة على حساب فقراء الناس ، ليتربح منها شخصياً !

***********
الجزء الأخير / الكلّ يبكي على گيتوه !

ويتعدى الأمر ليصل , حتى لطبقات الوعي التي تدعي المفهومية .
حيث نتلمس من بين سطور دعواتهم آثار روح (الگيتو) فيما يدبجوه .
لقد لفت نظري أحدهم بعدما حرّض في الصحف الكويتية على ثورة العراقيين ضد فساد الدولة , وتهكم من (شلتاغ قلب الأسد) , و دعى لثورات عربية ضد حكامها الطغاة .
لكنه توقف عند محطة البحرين، فقد أنعكست الآية لديه، و صنفها ثورة (غوغاء) طائفية "شيعية"، مدها وسندها إيران " المجوسية" ، حتى كشف عن عقبهِ ، بعدما غلب الطبع على الإفتعال و التطبع .
وقرئنا أكاديمي وعالم مرموق آخر يدخل في سجال لامبرر منه مع كاتب مثقف ليبرالي إدعى الاصل المملوكي الگرجي لجل سياسيّ العهد الملكي ، مدحضا ذلك ومُبررا أصولهم من مدينته الأم .
وشكى لي أستاذي الدكتور عصام غيدان , من صديق مثقف واستاذ جامعي ومعمار, لكنه يشطح على عين غرة , و دون وعي وبشكل مستهجن طارقاً روحاً طائفية وعنصرية , تشذّ عن السويّ ولا تنسجم مع تأهيله العلمي .
فهي عقلية الگيتو عينها , التي تنبط من اللاوعي , وتظهر كفقاعة مستهجنة على رقراق الوعي .
يُمكن أن تكون روح (الگيتو) إحدى صفات العقلية العراقية التي يجب عدم التغاضي عنها ، فكل منا"ولا أستثني أحد" يتفرد مع شيطانه،ويستأنس خيالاته، ويفضفض حينما يجالس أقرانه، فيشرح لهم ما يشرح صدره، ويخرج ما يغلّ خاطره، ويحسبها رسالة أخلاقية، على مبدا (اللي في قلبي في قلبي) المنسوبة الى اليهود حصرا وظلما، ونمارسها جميعا رعاع ونخب.
فالشرگاوي مستعد ان ينكل بالسنّي الموصلي والتكريتي لتراكم الغلّ من مظلومية سابقة .
ويبرر موقفه بأن هؤلاء حكموه بقسوه من خلال الدولة والجيش حينما كان الضابط موصلي والجندي والعريف شرگاوي، وكان هو وأقرانه وعشيرته وقودا للحروب البعثية العبثية بأسم الوحدة العراقية الواهية .
ومازال الموصلي يعد نفسه هو الأحسن والمنزه والمنضبط والمتحضر وصاحب المفهومية والذكاء الفطري والإقدام ، وسليل السلطات العثمانية وما قبلها وهو عربي "قح" ،والأهم أنه خدم الدولة وذاد من خلال العسكرية عن العراق وله الحق في أن تكون الدولة له وليس لغيره.
والدليمي الذي يزعم ان التكارته سرقوا منه السلطة حينما انقلب البعثيون على سلطة الأخوين عبدالسلام وعبدالرحمن عارف الدليميين(أصلهم من الفلوجة) في تموز 1968،ولا بد من عودة سدة الحكم إليهم بأي وسيلة، فهي حق يجب أن يعود لأصحابه .
ولا بد للامريكان أن يذعنوا للأمر !
وبأنهم من يجب أن يحكم الشراگوة وليس العكس ,ويحزّ في نفوسهم أن يسمعوا أسم(شرگاوي) وزير سيادي في دولة العراق" العربية" , وسلموا لحيتهم بيد القاعدة على مبدأ (عدو عدوي صديقي) .
والأكراد "بعيدا عن كونهم فئة من شعبنا ومن عموم أهلنا"، بل نقصد في ذلك سياسييهم القوميين، فقد أنتهزو فرصة وجود الأمريكان حامين لمحميتهم ومعينة على مقاصدهم ،وسكوت السلطة المركزية ، وتسامح النخب بصدق أو مصلحة، و عذر القوميين الأكراد الظلم الذي تعرضوا له على يد السلطات العراقية المتوالية ، وتحاشو ذكر ظلمهم للآخرين حتى اليوم ونسيان جرائمهم،وتبرير شعاراتهم بعدم الإنتماء للعراق أو دموية معالجة الخلافات مع سلطة المركز، أو تعاونهم الميكافيلي مع الأنكليز والروس والأمريكان وشاه إيران وإسرائيل وعبدالناصر وأمراء الكويت في إبتزاز الدولة العراقية من خاصرتها.
وهكذا الحال، سنجد الكل يتباكى على (گيتوه)، وهذا ما ينسجم مع الروح العراقية الشاكية الباكية المتظلمة ،بما يجعل (حقوق الگيتو) متعة وسلوى ووسيلة وغاية وطموح،وتبرر حالة الإستحواذ والفساد والإفساد المستشرية اليوم في مفاصل الدولة العراقية .
وهذا هو جوهر التحاصص السائد حيث أن الغرض من تمثيل(الگيتوات) في الدولة هو ذر الرماد بالعيون بحجة القسطاس وجبر الخواطر .
لكنّه عادَ وبالاً و تداعى أن يكون سبب في عذابات العراق أمة ووطن . ولابد بالنتيجة من الإعتراف بكل تلك الوقائع وليس دغمها أو التستر عليها وتحاشي طرقها .
ولابدّ من المصارحة قبل المصالحة ليكون الحوار موحدا ومشتركا ومشرعا لمشروع عقد إجتماعي واقعي .
ونجزم أن الآليات تكمن في مضاد حيوي يضخ من خلال التربية والتوعية والتثقيف والنشر يعاكس ويدحض إنتماءات(الگيتو) .
ولا يمكن التفائل بسحرية العلاج , لكنّه خطوة بالإتجاه الصحيح في طريق الألف ميل . / إنتهى المقال

تحياتي لكم
رعد الحافظ
17 إبريل 2011



#رعد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاريزما الثورية أم الإنترنت , اليوم ؟
- ثمان أعوام على سقوط الصنم العراقي
- حُلم بالسلام , يتجدد في ربيع الثورات
- نظرة واقعية للغرب
- إيكمان , جرّاح متقاعد تفوّق في إنسانيتهِ
- نصف الشعب فقط يؤيّد الثورة
- التهوين والتهويل عند العرب
- سيصمت المؤدلجون .. ويولون الدُبُر
- مبروك مقدماً للشعب الليبي
- تسونامي اليابان / كارثة إنسانية
- ماذا تنتظرون يا عرب ؟
- الثورات ضدّ الحُكّام .. لا تكفي !
- قانون دولي ضدّ الرؤساء
- مجنون ليبيا يزداد إنسعاراً
- سيف الإسلام القذافي / المجنون على سرّ أبيه
- أوّل فائدة تُذكر لصلاة الجُمعة
- وقفة هادئة مع الحالة العراقيّة البائسة
- مبروك لكِ حبيبتي مصر
- حوار مع د. عبد الخالق حسين حول مقالهِ / تحديّات تواجه الإنتف ...
- الإنترنت بيتكلم حريّة


المزيد.....




- تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه ...
- قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر ...
- -تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ ...
- البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا ...
- اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر ...
- -النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة ...
- بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
- الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رعد الحافظ - الگيتو العراقي , كما يراه د. علي ثويني