أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - عندما يُحْظَر التظاهر بموجب -إلغاء الطوارئ-!














المزيد.....

عندما يُحْظَر التظاهر بموجب -إلغاء الطوارئ-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3339 - 2011 / 4 / 17 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لستُ من المشتغلين بعلم الغيب، ولا من المنجِّمين؛ لكنَّني متأكِّد تماماً أنَّ الرئيس السوري بشار الأسد لن يأتي بأيِّ إصلاح (سياسي وديمقراطي..) يُمْكِنه أنْ يُضْعِف، أو ينهي، حاجة الشعب إلى الاستمرار في حراكه وثورته حتى ينال ويُدْرِك حرِّيته (السياسية) كما يعيها هو (شكلا ومحتوى) حاضِراً ومستقبلاً؛ وإذا كان لي أنْ أُسْدي نصيحة إلى كل نظام حكم عربي أعْجَزَته بنيته عن تعلُّم "فن الطيران" فإنِّي أنصحه أنْ يتعلَّم "فنَّ السقوط".

حتى الآن، لم يُخاطِب الرئيس شعبه، ففي خطابه الأوَّل (بعد ثورة الشعب عليه) خاطب "مجلس الشعب"، الذي يمثِّل "شعب" نظام الحكم، أي الذي يمثِّل فئة ضئيلة من الشعب السوري؛ وفي "الثاني"، خاطب الحكومة الجديدة، أي حكومة "جلالة الرئيس" التي لا تملك من أمرها شيئاً، فـ "الحكومة الفعلية الحقيقية" في سورية تَقَع في خارج "الحكومة الرسمية"، وتعمل في استقلال تام عنها.

خطابه الجديد (الثاني) كان، ولجهة صلته بـ "الإصلاح (السياسي والديمقراطي..)"، "خطاب نيَّات ووعود"، مدارها "إصلاح" تَرْجَح فيه كثيراً كفَّة "التجريد" على كفَّة "التعيين"، فـ "المحتوى" و"الجدول الزمني" يفتقران إلى "التعيين"، الذي هو "السياسة" في عالمها الواقعي الحقيقي.

ما سنراه "واقِعاً" من "وعود الإصلاح (الرئاسي)" لن يكون إلاَّ دون الوعود نفسها، التي هي دون المطالب والحاجات الأولية للشعب، التي هي دون "الطموح (السياسي والديمقراطي)" للشعب.

إنْ هي إلاَّ مسافة زمنية تُحْسَب بالأيام ونرى العلاقة بين الشعب ونظام الحكم وقد "تحرَّرت" من "قانون الطوارئ" المعمول به في سورية منذ استيلاء حزب البعث على السلطة، أي منذ سنة 1963.

ولكم أنْ تقارنوا (بعد إلغاء العمل بقانون الطوارئ في سورية) بين الحالة السياسية والديمقراطية للشعب في مصر، التي لم تُرْفَع فيها بعد "حالة الطوارئ"، وبين الحالة نفسها للشعب في سورية، التي رُفِعَت فيها تلك الحالة؛ وأحسب أنَّكم ستتوصَّلون بعد، وبفضل، المقارنة إلى استنتاج مؤدَّاه أنْ لا حياة ديمقراطية من دون إنهاء "حالة الطوارئ" التي يمكن إنهاؤها من دون إنهاء الدكتاتورية؛ ولسوف يَعْرِف الشعب السوري من القمع والإرهاب والدكتاتورية والاستبداد بعد إلغاء العمل بـ "قانون الطوارئ" أكثر ممَّا عَرَف من قبل (أي من قبل إلغائه) فإنَّ "روح" هذا القانون لن تغادِر جسده إلاَّ لتحِلَّ في جسد "القوانين الجديدة" والتي سيُلْبَس بعضها لبوس "محاربة الإرهاب".

لقد سَمِع الحاكم "المُحْسِن الكريم" صراخاً في الشارع في جوار قصره، فسأل عن السبب، فأخبروه أنَّ هذا الصراخ الذي يزعجه يَصْدُر عن أُناس من رعيته يتضوَّرون جوعاً، منذ زمن طويل؛ فسأل "وما العلاج أو الحل؟"، فأخبروه أنْ لا علاج ولا حل إلاَّ بإلغائه القانون الذي بموجبه حَظَر على هؤلاء الجياع تناول الطعام، فسأل "وهل يتوقَّفون عن الصراخ إذا ما أَلْغَيْتُ لهم هذا القانون؟"، فأجابوه قائلين "يجب أنْ يتوقَّفوا"، فما كان منه إلاَّ أنْ قرَّر "يُلْغى هذا القانون؛ لكن لن يُسْمَح بعد ذلك للناس بالصراخ إذا ما شعروا بالجوع، واشتد شعورهم به"!

وعلى هذا النحو قرَّر الرئيس بشار الأسد رَفْع "حالة الطوارئ"؛ لكنَّ الأهم من هذا القرار نَقِف عليه في القول الإضافي والتوضيحي للرئيس بشار والذي جاء فيه "مع صدور حزمة القوانين الجديدة (التي تتضمَّن رَفْع "حالة الطوارئ") تنتفي الحُجَّة (أي ينتفي الدَّاعي) لتنظيم مظاهرات في سورية؛ ويتعيَّن على الأجهزة المعنية بهذا الشأن، وفي مقدَّمها وزارة الداخلية، أنْ تُطبِّق هذه القوانين (الجديدة) بحزم تام، فلا تَساهُل بعد ذلك مع أيِّ عمل من أعمال التخريب".

وهذا الكلام إنَّما يعني أنَّ المظاهرات الشعبية (من أجل الديمقراطية والحرِّية) التي كانت محظورة بموجب "قانون الطوارئ"، والتي كان إلغاء هذا القانون مَطْلباً (من مطالب عدة) لها، يجب أنْ تتوقَّف (وألاَّ تستمر) بعدما لبَّى لها الحكم هذا المطلب، وكأنَّ المتكلِّم يريد أنْ يقول للشعب إنَّ التظاهر كان محظوراً بسبب العمل بـ "قانون الطوارئ"، وإنَّه (أي التظاهر) سيُحْظَر من الآن وصاعداً بفضل إلغاء العمل بهذا القانون.. "لقد تظاهرتم من أجل رَفْع حالة الطوارئ، فَرُفِعت، فانتفت، من ثمَّ، الحاجة إلى مزيدٍ من التظاهر، أو إلى الاستمرار فيه"!

وهذا الحظر الجديد للتظاهر، أو هذا الحظر للتظاهر الجديد، سنراه على هيئة قانون جديد لـ "تنظيم التظاهر"؛ فالدستور، على ما قال الرئيس، يسمح بالتظاهر؛ لكنَّ سورية ليس لديها حتى الآن قانون "يُنظِّم التظاهر".

الدستور السوري (الذي جعلته حالة الطوارئ كظلٍّ بلا جسم في ما يخص الحقوق التي كفلها للمواطن والشعب) يسمح بالتظاهر؛ لكن هل من تظاهر قانوني في غياب قانون يُنظِّم التظاهر؟!

إنَّ قانونية أي عمل أو نشاط تنتفي بانتفاء القانون المنظِّم له؛ فهل نستنتج من ذلك أنَّ كل ما عرفته سورية من مظاهرات ومسيرات شعبية مليونية، أو شبه مليونية، مؤيِّدة للرئيس ونظام الحكم كانت "غير قانونية"؟!

سورية التي حُكِمَت بـ "قانون الطوارئ" منذ نحو خمسين سنة عَرَفَت من تلك المظاهرات والمسيرات ما يؤكِّد أنَّ لدى نظام الحكم فيها "خبرة واسعة جدَّاً في تنظيم التظاهر"، فَلِمَ تشتدُّ لديه الحاجة الآن إلى قانون "يُنظِّم التظاهر"؟!

الرئيس بشار، و"عملاً ببرنامجه الإصلاحي الخاص به، والذي لا أثر فيه لضغوط الشارع"، قرَّر إلغاء "حالة الطوارئ"؛ وكم كنتُ أتمنى أنْ يُضمِّن خطابه الأخير ما يَصْلُح إجابة عن سؤال "لمصلحة من، وضدَّ من، كانت حالة الطوارئ، واستمرت نحو نصف قرن من الزمان؟".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فِلْمٌ- أصْدَق من -خطاب-!
- لماذا هذه الحملة الظالمة على شاهين؟!
- الأردن وسورية!
- السيِّدة المسالمة.. بأيِّ ذنبٍ أُقيلت؟!
- دكتور بشارة.. يا للأسف!
- -الإصلاح- في سورية بين الوهم والحقيقة!
- الأهمية الثورية ل -الاعتصام-!
- -الدِّين- و-الثورة- في ميزان -الوسطية-
- تقرير -فيلكا إسرائيل-.. كيف يجب أنْ يُفْهَم؟
- التِّيه العربي إذ شرع ينتهي!
- سؤالٌ صالح جعلناه فاسداً!
- الطريقة العربية في الحُكْم!
- خطاب السقوط!
- .. إلاَّ سورية!
- كيف تكون -قذَّافياً- مستتراً
- مواقف -ثورية- لمصلحة القذافي!
- العبور الثوري من -الواقع الافتراضي- إلى -الواقع الحقيقي-!
- مخاطر ما يحدث في البحرين
- إشكالية التدخُّل العسكري الدولي
- إنسان جديد خلقته الثورة!


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - عندما يُحْظَر التظاهر بموجب -إلغاء الطوارئ-!