أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - شعوب سكر زيادة!














المزيد.....

شعوب سكر زيادة!


محمد المراكشي

الحوار المتمدن-العدد: 3339 - 2011 / 4 / 17 - 00:54
المحور: كتابات ساخرة
    


لا يوجد شعب احلى في دعابته و طرافته ودوام ابتسامته مثل الشعوب العربية.. لها من تاريخ الدعابة و الضحك ما يستمر إلى قرون آتية بالحكي أو العيش.
يتساءل الغرباء دوما عن هذا السر الكامن لدى شعوبنا و الذي لا تطاله عصا القمع أو تكسر عزيمته في حب البقاء في النفوس..إذ لا تخلو دار أو خيمة او جحر حتى من وسائل الضحك التي تسكننا و لا نستطيع التخلي عنها حتى لو ارتدينا رداء التجهم عنوة !!
وتحمل النكت و القصص الغريبة التي نحكيها أو نعيشها يوميا مدى اتساع أفقنا في صنع الابتسامة رغم واقع حياتنا الذي لا يشجع على ذلك... وحتى لو أفادت بعض الاحصاءات أو البرامج التلفزيونية اننا بدأنا نميل نحو التجهم و القلق ، فإننا نغلفه دائما بالفرح الممزوج بالأسى ،وذاك ربما هو سبب تغلبنا على هذا القهر الجاثم على نفوسنا منذ أزمنة و عصور !!
و الله ما في أحلى من شعوبنا ، فنحن حين نريد أن نضحك في الغالب نسخر من ايامنا الحلوة هذه ،حين نرى أنفسنا مشرعين أفواهنا بالقهقهات حتى يتبين الضرس المسوس من السليم ، غير آبهين بمن يعد أسناننا غير المتناسقة ،أوتقطعات قهقهاتنا المختلفة من شخص لآخر..نسخر يوميا من كل شيء ،بدءا بوجوهنا في المرايا و مرورا ببائع البقالة الذي يخلط لك السكر و الخبز ومسحوق الغسيل في كيس بلاستيكي واحد..ولا تنتهي عند التهكم المتخفي على رئيسك في العمل أو النساء اللواتي نعتقد أنهن مفرطات في الأناقة...
كل شيء له سبب ، وهذه الحلاوة في الدم لها أسباب قد لا يفقهها إلا محلل نفسي..لكن لا بأس، قد نفهم نحن قليلا...
حين تستفيق في الصباح ،تضحك وحدك ، خلسة على حلم جميل اعتقدت أنه حقيقة فصدمك صوت المنبه معلنا نهاية الحلم ..تغضب ثانية واحدة من ذلك ثم تضحك نهارا جهارا على بلادتك في تصديق الحلم إلى درجة تمني لوكان حقيقة..فقد حلمت لتوك بالفلوس تنهمر عليك من السماء نائما على الحرير وبمحاذاتك حسناء فاتنة ! ومع ذلك فأنت لم تنسلخ بعد من فقرك الحقيقي لأنك حلمت أيضا انك تحمل كيسا بلاستيكيا أخذته من مطبخك المتواضع تجمع فيه ما تيسر لك من الأوراق النقدية الزرقاء و الخضراء ! وتطلب من الحسناء التي بجانبك أن لا ترفع صوتها كي لا تسمعها زوجتك النائمة اصلا إلى جانبك في الحقيقة !! هذه اللخبطة المضحكة هي خيطك الرفيع الرابط بين سريرك الناعم في الحلم و حصيرك المشوك في الواقع...
حين تنتهي من سرد خزعبلات حلمك على نفسك ، تنتقل للواقع بعد تناول رغيف و كآس شاي تقسم في دواخلك يمينا غليظة أنها لن تنفعك في يوم عملك المضني الطويل..فتقاوم جوعك في عملك وتتظاهر بشخصية قوية لها مبادئ و أفكار تشكو من الانيميا في حقيقتك !!
تسخر مع زملائك من رئيسك الذي تشبه صلعته الفوضوية جزر وقواق متناثرة ، وربطة عنق بألوان فاقعة مختصمة مع قميص أزرق وسروال بني !! لكنك تضحك في دواخلك من قميصك الذي أخذته سلفا وجبرا من دولاب اخيك !وسروالك الذي اشتريته من طالب ابتاعه بثمن بيضة ورغيف !
في الشارع و المقهى نضحك على الآخرين المارين في رحلة البحث عن زوج او صيد ثمين،و السؤال الفلسفي يحوم وحيدا حائرا في دواخلهم عن مكان العش الأمين..
لكن الجميل أن كل هذا الواقع الأليم يدعوك لفعل ثوري حين تتناول مع شلتك صورا كاريكاتورية عن حاكميك و حكومتك ، فتعد لهم كل الخسائر و مكامن الضحك المريبة و القاتلة بالقهقهات الأليمة إلى أن ينقطع حبل الصوت حين تشعر بأذن كبيرة موضوعة على مائدتك ممتدة من أقصى مقعد في الجانب الآخر ..حينها تتحول مباشرة في حديثك للمسكين جحا أو غيره من شخصيات العصر الحجري !!
أحلى شعوب الأرض تسخر من نفسها قبل أن تتناول قهوتها المحلاة فوق العادة ،وصديقي الحلو يقول دائما أن احلى شيء في بلادنا هو السكر ، تركته حكوماتنا للتداول بين الناس عنوة ودون حيف.. نتناوله بشراهة مرضية !
فالسكر يا عزيزي هو نقطة النور الوحيدة التي لم تطفئها حكوماتنا المرة ، به نمرر إلى أجسادنا حلاوة الحياة العلقم التي أنزلت علينا تنزيلا.. يذوب بسرعة في الماء و اشباهه في انتظار أن يذوب يوما السكر الذي ركبته فينا ذات الحكومات كي نصبح شعوبا حلوة مسكرة..
شعوبا سكر زيادة...



#محمد_المراكشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحطيئة رجل مبدإ..
- الويفي مطلب شعبي!!
- البعوضة كائن رأسمالي !
- تصديرثورة و استيراد دستور !
- عقدة المعلم!
- الديكتاتور و المرآة..
- شعب يحب الألوان..
- العصيان الزمني بالمغرب!!
- بلاد لا تستحق الأنوثة
- ثورة أساتذة في الأفق لمن يريد أن يفهم..
- كيف تصبح شاعرا دون معلم !
- تساؤلات تقييم الحركة الاحتجاجية بسيدي إفني.( * )
- يا زمان الوصل بالنحل و العسل!
- -فلنذهب إلى الجحيم....- أو - بداية هجاء-
- أحمد بوكماخ..وبعده لا أحد.. !!
- شكرا لساعي البريد!!!
- عام الفين!!
- قط الصين العظيم!!
- رمضان و الأقنعة
- المغرب المنسي ومغرب الخيال العلمي


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد المراكشي - شعوب سكر زيادة!