أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي متعب جاسم - العروض العربي والمواجهة الصعبة















المزيد.....

العروض العربي والمواجهة الصعبة


علي متعب جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 19:26
المحور: الادب والفن
    


أتساءل أولا لماذا تبقى علوم اللغة العربية تعاني من الكساد المعرفي في ظل تحديات العلوم الأخرى ؟ ولماذا تقتصر الدراسات المتعلقة بها على جانب كبير من التحدي المحفوف بالمخاطرة ؟ بمخاطرة التنظير ومخاطرة تهميش التنظير !.

جانب كبير من هذه التساؤلات يمكن الإجابة عنها بطرح إشكالية المشروع الثقافي العربي الذي عانى ما عانى بسبب الانهيارات المتوالية للأمة العربية على مدى قرون والتي أثمرت بالتالي جنيا مسخا مشوها في كثير من الأحوال ينتمي عرفا إلى الثقافة العربية في حين يبقى جوهره غربيا ـ نحن نؤمن أن المعرفة بناء متواصل لاينتمي إلى حضارة دون أخرى وإنما هو تراتبي ويكمل بعضه بعضا ـ إلا إن جهة الإشكال تحضر وبقوة في بنيتنا الثقافية التي تحولت من جهة الإبداع إلى واجهة الاجترار منذ قرون عديدة وما زادها , تخلف النظم الاجتماعية والسياسية التي تفرض وجودها في العالم العربي ما لايحتاج إلى تبيين ولسنا أصلا بصدد التنظير له في هذا المقال .
وإنما جهتنا تسجيل ملاحظاتنا حول العروض العربي وطرائق تدريسه والصعوبات التي تواجه متعلمه ومعلمه ولنبدأ أولا

أهمية العروض .

يوضع العروض بوصفه احد العلوم العربية التي يتلقاها طلبة أقسام اللغة العربية في كليات التربية والآداب العراقية لمدة سنة واحدة والواقع أن لمادة العروض أهمية قد لاتقل عن أهمية النحو او البلاغة أو تاريخ الادب أو غيرها من لعلوم وذلك لان العوض يدخل في منهجة كل علوم اللغة ويتعداها وإذا تساءلنا كيف ذلك نجيب بالاتي :

1 ـ إذا كان العروض هو الدراسة الصوتية الإيقاعية لنظام البيت الشعر ي فانه بالنهاية سيتدخل في الصياغات اللغوية للبيت الشعري من حيث المعجم " اختيار المفردة " المتناسقة والمتسقة إيقاعيا والخاضعة لشروط الفصاحة المعجمية ولو وقفنا عند بيت المتنبي

شرف ينطح النجوم بروقيه وعز يقلقل الاجبالا


نلاحظ كلمة "أجبال" بوزنها الصرفي لم تكن اختيارا عشوائيا وإنما جاءت بهذه الصيغة مواكبة لبنية الإيقاع فلو جاء الشاعر بغيرها "جبال مثلا"لما استقام الوزن "بحر الخفيف" وهناك الكثير من الأمثلة المؤكدة لذلك .
2- كما أن الانحراف بالقاعدة النحوية عن أساس ما وضعت له , لايبعد عن قواعد النظم الإيقاعية فلو جئنا إلى بيت المتنبي :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
نلاحظ التقديم لشبه الجملة في الشطر الأول على جملة "تأتي العزائم"وتأخير الفاعل عن فعله في الشطر الثاني مستفيدا من هذا البناء من اجل استكمال النظم الإيقاعي والقافية كما هو ملاحظ . 3 – من ثم إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الصرف هو دراسة بنية الكلمة الواحدة فان ثمة ترابط سيحدث بينه وبين العروض ناتج من صيغ التوافق بين الأبنية الصرفية والأبنية العروضية أي بين الميزان الصرفي للكلمة والميزان العروضي .
4- فيما يخص دراسة الأدب وتاريخه يتدخل العروض من زاوية نمط الأوزان الشائعة عند شاعر دون آخر أو في عصر غير عصر فضلا عن مسالة السقط الذي يحدث في الأبيات والذي لايمكن لباحث معرفته من دون الإلمام والدراية بالعروض .
5 – وفيما يخص البلاغة والعروض فان هناك جملة مرتكزات تجمع بين الاثنين أولها أن توافق الألفاظ وانتظام مخارجها من أساسيات البلاغة وهي بالوقت نفسه من اهتمامات العروض فيما يسمى بالموسيقى التعبيرية أو الإيقاع الداخلي ويتدخل في ذلك أيضا التوازنات اللفظية والكثير من مفردات علم البديع كالتجنيس والتجانس اللفظي و الترصيع وغيرها . ويمكن أن نظيف إلى ذلك البعد الإيقاعي المتشكل عن بنية الصورة الشعرية وهي بالأساس ذات بعد بلاغي معروف .
6ـ وإذا اتجهنا إلى العلاقة بين العروض والنقد فيكفي أن نشير إلى أن النقد العروضي "الإيقاعي " جزءا من العملية النقدية برمتها وإذا شئنا القول أن النقد الحديث لايتخلى مطلقا عن الإبعاد الإيقاعية للنصوص لما تشكله من إضافات غنية للتجربة الشعرية ولما تمكنه من كشوفات معرفية داخل النصوص الشعرية .
وإذا تبينا أهمية العروض واستعرضناها بشكل موجز ألا يحق لنا الآن أن نتساءل لماذا يحجم تدريس العروض إلى الدرجة التي نجدها في أقسام اللغة العربية في كلياتنا ؟ ولماذا لانجد الاهتمام الكافي من لدن أساتذتنا وطلابنا فيه ؟ لماذا يبرع الطلاب في المواد الحفظية ويتكاسلون في غيرها؟ هل للعروض إذن صعوبات ؟
سنحاول فيما يأتي تحديدها ووضع الحلول لها .

صعوبات العروض .

1- تكمن أولى صعوبات العروض وفقا لرؤيتنا من أن الطالب –لاسيما في كليات التربية – يأتي في المرحلة الأولى خاليا تماما من أية معلومات حوله فهو يتعرف على الأوزان والإيقاع لأول مرة ما يسبب له ردة فعل تجاهها وبخاصة ان علم العروض يتميز بدقته المتناهية , ناهيك عن الاختلاط الذي يحدث عنده بين الأوزان العروضية والأوزان الصرفية .
2- وإذا أخذنا بنظر الاعتبار ان المرحلة الأولى للطالب تضيع منها ما لايقل عن شهرين من الدراسة "بسبب التأخير السنوي لتوزيع الطلبة على الجامعات والكليات والأقسام ثم الشعب "ومن ثم التقليص في ساعات دراسته من ثلاث إلى اثنتين أسبوعيا وفي سنة واحدة فقط كل هذه الأسباب تخفف من الجرعات العلمية للعروض التي يتلقاها الطالب والتي سيزول أثرها بمجرد انتهاؤه السنة الدراسية .
3- كما ان اعتماد دراسة العروض على المقطع الصوتي يفترض وجود طلبة يتقنون شكل الكلمة ومعرفة مواضع سكون الحرف وحركته وهذا ما لايتوافر في جميع طلبتنا وهو يشكل العبء الأكبر عليهم أثناء كتابة البيت كتابة عروضية .
4- ومن الصعوبات أيضا عدم توجيه الطالب في مرحلته الأولى من الدراسة الجامعية إلى تغيير نمط قراءاته . فطالب الإعدادية يميل إلى الحفظ ويدرس ضمن كتب منهجية مقرر في حين أن طالب الجامعة يوجه إلى القراء ة الممنهجة التي يستحوذ الفكر فيها على مدى أوسع فهناك إذن تحول مفترض . إن القراءة الحفظية تحيل الطالب إلى مجرد مجتر لايمكن أن يبدع ولا يمكن أن يتحول من مجال النظرية إلى الإبداع في التطبيق وهو ما يحتاج إليه العروضي .
5- والسبب المهم في تصورنا الابتعاد عن قراءة الشعر بوصفه فنا مميزا والاكتفاء بما يقدمه المنهج من نصوص تكون في الأغلب ذات بعد تعليمي . إن قراءة الشعر والاعتياد على تلفظه من اهمم الأسباب التي تجعل تعلم العروض وإتقانه عملية في غاية السهولة لأنها على اقل تقدير تسهم في إيجاد الإذن الموسيقية أي الإذن المتعودة على إيقاعات الشعر وموسيقاه .
6- هناك أسباب تتعلق بالعملية التعليمي ذاتها "طريقة تدريس العروض " فما زال الكثير من أساتذة العروض يتعاملون معه كما يتعامل أستاذ النحو أو الأدب إذ يغفلون كثرة التطبيقات أو يقللون الاهتمام به لضيق الوقت في حين أن العروض يقتضي مشاركة كل الطلاب يوميا في التقطيع العروضي . ناهيك عن أن العروض لايحتاج إلى أسلوب المحاضرة الاعتيادية "الإملائية " لان قراءة المحاضرات العروضية أو كتب العروض لاتزيد الطالب إلا تعقيدا وعدم فه .
7- وما يتعلق بصعوبات العروض أن الكثير من الأساتذة يتعاملون معه بمعطياته التي وصلتنا في كتب العروض القديمة من حيث شرح الدوائر العروضية وتقديم البحور على أساسها وتقطيع الأبيات "الشواهد القديمة نفسها " ولا يراعون القدرة الفهمية للطالب ولا النماذج الشعرية التي لاكتها الإسماع من فترة طويلة فضلا عن أن الكثير من الشواهد قليل المتعة الفنية . ما يسبب نفرا عند المتعلم .
8- وهناك صعوبات متعلقة بعلم العروض نفسه , يبدو من أهمها كثرة المصطلحات وتداخل بعضها وبخاصة ما يتعلق بمصطلحات الزحافات والعلل . فالعلل أوا لزحافات تتغير تسمياتها تبعا لدخولها على الأوتاد أو الأسباب من مثل التذييل والتسبيغ فكلاهما زيادة ساكن على التفعيلة إلا إن الأول يدخل على وتد مجموع "علن" في حين يدخل الثاني على سبب ثقيل "تن" ولذ ا تغير المصطلح . وقس على ذلك الكثير .
9- وما يتعلق أيضا بالعروض عملية استخراج البحور بعضها من بعض "الدوائر العروضية " والواقع ليس هذا بحد ذاته وإنما ووفقا لهذه العملية سيضطر الطالب إلى دراسة البحور الشعرية كلها مبتدئا بأصعبها "الطويل في حين من الممكن اختيار أسهل البحور ثم البحور التي تشترك معه في تفعيلاتها وهكذا .



الاقتراحات والتوصيات

كم من الوقت والجهد يلزمنا لتجاوز صعوبات العروض ؟
وما الوسائل التي تلزمنا إلى ذلك ؟ وكيف نبذأ العمل ؟
في تقديرنا نبأ بترسيخ قناعة عند الطلاب بأهمية العروض في الدراسات اللغوية والأدبية على حد سواء بل والقديمة والحديثة .ومن ثم نسعى جاهدين لتطبيق التي :
1- تربية الذائقة الأدبية عند الطلاب وتنميتها .
2- إعطاء الأهمية لدرس العروض بجعله ثلاث ساعات وعلى مرحلتين أسوة ببعض الجامعات العربية ومنها المصرية .
3- اختيار الأمثلة الشعرية المتنوعة ذات الأبعاد الفنية .
4- اعتماد البداية بالبحور السهلة مثل الهزج ثم المتقارب فالطويل فالرجز والمتدارك فالبسيط وهكذا وهو ما يسهل تراتبية إيراد التفعيلات .
5- اختصار المصطلحات العروضية ومحاولة توحيد المتقارب منها .



#علي_متعب_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات الذات وقناع المديح
- فضاءات السيرة
- السرد وتحولات البنية


المزيد.....




- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي متعب جاسم - العروض العربي والمواجهة الصعبة