أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة زعيتر - الإبتسامة المخنوقة














المزيد.....

الإبتسامة المخنوقة


نجاة زعيتر

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 00:36
المحور: الادب والفن
    


الآن قررت كتابة القصة و تأكيد زعمك بأن اللحظة لا تكتب حتى تعاش.

ها أنت بدأت تبررين لنفسك إقتراف إثم الكتابة رغم هذه الرغمة المشتعلة فيك لممارستها؟

هكذا أنت دائما،تقولين أشياء و تفعلين أخرى،و تبعدين عنك الفرحة كلما حانت.و قد أدرك الليلة غوايتك المشبوهة و رغم كل ما فعلته و ما قلته لم يخرج عن صمته،لم تستطيعي هذه المرة أن تدفعي به إلى النهاية المبتغاة، فقط كي تكتبي القصة. و هل كان كل ما فعلته حقا من أجل كتابة قصة؟

إتسع السؤال بحجم جبنه و إصرارك.

هل كنت تبحثين في ملامحه عن قسوة أبيك أم عن وجه القصة؟أم أنك فقط أردت الإنتقام من وهم المرض الذي يعشش في قلبك و يسعى إلى سد منافذ الهواء عنك؟

ظل صامتا كجدار أبكم،قهقهت في وجهه كما تفعلين عادة حين تدركين سخف اللحظات التي تورطك فيها بلاهة الآخرين.

تذكرت أن اللحظة القادمة قد لا تعيشينها فأسرعت تخنقين قهقهتك فتستحيل إلى إبتسامة مخنوقة بشريط أحمر قان كما يفضلها،و دون خطة منك رحت تصفعين خدك بالسؤال ذاته:

هل أحببته يوما هذا الذي في سن والدك؟

تدركين للتو قبح السؤال و تودين الهروب من شرك الجواب،تخجلين من القول بداخلك،تودين شطب كل تلك المفردات التي سبقتك إلى صدره،و تستحضرين أمنيتك الغالية بأن يكون لك ظلا يلازمك،يرد عنك بما لا تجرئين على التفوه به من مفردات لا تتقنينها،يحاسب و يساوم عنك بائعي الأحذية و الحقائب الجلدية.

تعرفين جيدا أن تلك الطبقة المجعدة التي تغطي صلابة جبينه قابلة للكسرفقط أمام لحظات صدقه.

و أن عربدته لم تكن السبب الوحيد لهروبك،كما أن موت أختك التوأم و خطط تزويجك ليست وحدها السبب في فشلك المتتالي أو ربما المقصود.

أمسكت الجهاز المحكم عن بعد و رحت تضغطينه،لم يستقر رأيك على مشاهدة قناة معينة رغم إبداعها جميعا في شدك إليها ،كما لم تستطع كل إغراءاتها إنتزاع إبتسامة من شفتيها.

ماذا لو كتبتها قصة جنسية؟

أو فكاهية؟و لما لا تجعلينها هادفة و موضوعية،أو شفافة رومانسية كي تكسبي الإحترام و التميز؟

لكن الأولى ستكون الأكثر مقروئية.

يدك على الجهاز المتحكم في الإرسال عن بعد،و السؤال ينهشك:لماذا لم تضيفي له بأنك أحببت هذا الآخر؟

و هذا الشيئ الذي تملكينه ستمنحينه لهذا الآخر.

إبهام يدك اليمنى يشدد قبضته على الجهاز المتحكم عن بعد.

ترى لو تستطيعين فعل الشيئ ذاته بحياتك فعم تبقين من حياتك الماضية و الآتية؟

الليلة تكتبينها ليس هذا قرارك لكنه إحساس حارق يلهب أصابعك الضاغطة على الجهاز المتحكم.

تدركين جيدا بأن ما تقولينه و ما تفعلينه لا يعني دائما ما تريدينه؟و أن ما يجري حولك لا يستند إلى منطق أو عقل،و أن قتل الأطفال كنحر كباش العيد قد لا يجعل الدموع تنبت كالشوك في الحلق،و أن هذه الصرخة الجاثمة في حلقك كربو خبيث قد تكون جنين ألم أو لذة؟

و أن بعض الملامح كالآثام لا يغسلها الصابون المعطر،و هذا الليل المجهض بالرصاص الغامض لن يحرم السكارى بعض أحلامهم الموردة.

و أن كتابة القصة لا تبدأ مع أول سطر في أعلى الورقة.

تتسارع أصابعك على الجهاز المتحكم في الإرسال،تلتقط اللقطات ،تقبض على القبلات المحمومة ثم تحررها.

كل يعطي ما عنده" وحده ذلك الشيئ الثمين يبقى لك ،يلتصق بك ،يؤرقك الخوف من فقدانه و يزيدك رغبة للتخلص منه و التفرغ لكتابتها.

تراجعت فرحتك تبحث لها عن مأوى دافئ،و لكن هل حقا كل ما فعلته كان من أجل كتابتها؟خذلانك لأمك و أبيك

إحتراقك وحدك ،إختيارك المطلق لدور الشاة الضالة عن القطيع،كنت تعرفين أنك ستدفعين الفاتورة مالحة،لكنك إكتفيت بحك هذه السوسة التي تنخر أذنك.

هل كنت ستختارين الرحيل في صباح رأس السنة دون أن تحملي معك أي متاع يخصك،تركت لهم كل شيئ صورك أوراقك ثيابك وحتى أحذيتك التي تحبين.

أصابعك الضاغطة على الجهاز المتحكم في الإرسال تهرب من تأنيبك لها؟

ربما لأنك لم تزيدي العجوز المتسولة حين لاحقتك بجملتها المادحة:خذها من يد الشبعان إذا جاع و لا تأخذها من يد الجوعان إذا شبع.

و هو لا يصدق بأنك حقا خنقت فرحتك من أجل كتابتها؟

عدت إلى الجهاز المتحكم،إستدارت أصابعك على نفسها في حركة لولبية كأنها تبحث عن معانقة تقيدها أو تحررها.في حلقك تصاعدت أبخرة إحتراق صرختك ،إجتمعت ثم تفرقت ثم عادت تجتمع لتتفرق بعد حين متنافرة متباغضة .

يتوق وجهها إلى سحابة مطر تغسل بها صدى توسلاته و غبن عينيه و نزقها.

زادت كثابة صمتكما سمكا ،إستلقت الإبتسامة بينكما ،تمددت ،ألقت عليكما تحية المساء،إرتدت ثياب نوم شفافة و غرقت في إغفاءة طويلة،إقتربت من وسادتها تبغين خنقها ،لكن أصابعه هذه المرة نفضت عنها مسكنتها و راحت تشاركك الضغط على الجهاز المتحكم بتأن و صبر و باليد الأخرى تداعب وجه الإبتسامة المخنوقة.





#نجاة_زعيتر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة الموت
- في إنتظار النبي
- الوردة أنت
- قطعة الموسلين الخضراء
- سؤال الجواب
- رحلة إنسانية
- المفقود


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة زعيتر - الإبتسامة المخنوقة