أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أخي الطيب















المزيد.....

أخي الطيب


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 23:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الآن يا أخي أصبحتَ رجلا طيباً وتتحدث عن لغة السلام وأبطال السلام وملائكة السماء,والآن فقط ظهرت كل مواهبك الإنسانية في فن الطيبة , والآن تحاول أن تريني وجهك الطيب الذي تغسله بالماء والصابون كل صباح, والآن ظهرت كل أخلاقك العالية التي لا يدانيك فيها أحد ولا يباريك فيها أحد ولا يغلبك فيها أحد ,والآن تتحدث معي عن مبادئك الجوهرية والتي لا تبدلها ولا تغيرها مهما اعتراك الزمن ومهما هاجمتك الظروف, والآن تخبرني عن تضحياتك القادمة التي ستضحي فيها من أجل الجميع بعد أن كنت تبيعني بدون أي ثمن وبعد أن كنت تقتلني بدون أي ثمن وأكاد أن أسمعك وأنت تتحدث عن نفسك وعن ما بداخلك من مكنونات جوهرية وعواطف جياشة تجاه أخيك في الإنسانية وفي الدم, وكل هذا بعد أن أصبحتَ ضعيفا ترتجي من أتفه الناس أن يسامحوك أو أن يتعطفوا عليك فها أنت تستعطف الجميع وتتودد لهم بلسان مثل الشهد ومثل العسل وتتحدث عن قصص السماح وروايات السماح والمسامحة وكأنك من حواري المسيح, ولست أدري لماذا كنت تخبئ بمواهبك عني وعن الناس؟ فلماذا لم ترن رحابة صدرك يوم توسلت لك بأن تدعني وشأني ويم قلت لك أنا لا أريد منك شيئا وكل ما أريده منك هو أن تدعني وشأني, ويومها رفضت وتدخلت بكل نفسٍ أتنفسه وبكل شربة ماء أشربها وبلغت بك الدنائة إلى درجة أنك أمسكتني لتضربني ضربا مؤلما يومها فقط ركعتُ أمام قدميك وقلت لك أنا أخوك في الإنسانية تذكرني وانظر في وجهي إن كنت نسيتني وإذا أردت أن تتأكد من صدق كلامي خذ من دمي عينة لمختبر الدم وافحصها عندها أنا متأكد بأنك ستعرف بأنني أخيك في الإنسانية وفي نوع الدم ولكنك أبيت واسترخيت وأعصابك هادئة وبدأت بسلخي وذبحي ولست أدري لماذا لم تكن لتريني في ذلك الوقت كل هذه الطيبة التي عليك الآن وكل تلك الأناقة في اختيار الملابس والثياب والكلمات وكأنك شكسبير العظيم في مسرحية (مكبث)! فلماذا كنت تخبئ كل تلك الإنسانية الرائعة خلف ظهرك والتي ظهرت عليك فجأة؟ ولماذا لم تُظهر لي شجاعتك في قول كلمة الحق قبل اليوم لكي أفرح بك ولكي أقول هذا هو أخي الطيب والشجاع الذي لا يخشى أحد, أين كنت قبل اليوم واضعا إنسانيتك؟ وأين كان عقلك قبل اليوم؟ أنا مستغرب من عقلانيتك الآن, الآن أنت تحاورني بأسلوبٍ أدراماتيكي وكأنك فرنسيس بيكون أو (أمنوائيل كانط) رغم أنك من قبل كنت تحاورني بلغة الجزمة والقنوه, وأنا أريد أن أسألك بعد أن أنهيت حديثك الشيق معي :مع من كنت تمارس كل تلك المشاعر النبيلة قبل أن تُظهرها على أخيك الغلبان والمسكين والمشعتل والطيب؟.

الآن فقط لا غير أصبحتَ يا أخي الطيب تتصرف معي كفارس نبيل رغم أنك منهار قد سقطت على الأرض سهوا, والآن يا أخي فقط أصبحتَ إنسانا آخر وشاعريا يستسلم لسحر الكلمة المؤثرة وكأنك مولود من جديد , الآن جئت لتقول لي بأنك قد تغيرت وبأن طبائعك قد تبدلت وبأنك قد ندمت وبأنك قد صحوت من غفوتك, الآن أنت تقف وكأنك كاسيوس وأنا القيصر العظيم , الآن فقط صرت تتصرف أمامي لتضحكني مثل مهرجٍٍ في بلاط الملك (لير) بعد أن كنت تبذل كل ما بوسعك لتجعلني أبكي, الآن تحاول أن تشعرني بأنك الغزال الجميل وبأن رائحة العطر تفوح من تحت أقدامك وبأن الذين غرروا بك قد كذبوا عليك وسيلقون جزاءهم, الآن فقط لا غير جئت لتقول بأنني أخوك في الإنسانية وبأن الحكمة تقتضي التدبير وبأنني كسبتُ النهاية وكأنك بطلة مسرحية شكسبير (العبرة في النهاية) , والآن أنا مصرٌ بأنني أسمعك لأول مرة في حياتي تلقي درسا على مسامعي عن التسامح وعن الرضا وعن القناعة وعن فكرة نشوء الخير من دم الأخ الطيب وعن التسامح مع الأعداء, الآن فقط أصبحت تلقي على مسمعي دروسا لاتينية أو محاضرات دينية وكأنك قسٌ قادم من الفاتيكان , الآن تتصرف أمامي وكأنك راعي الإنسانية وراعي حقوق الناس المضطهدين, وأنا لست منزعجا منك ولكنني منزعج من شيء واحد وهو أنك قد خبأت عني طوال تلك السنين طيبة قلبك وخبأت عني طوال كل تلك السنين رقة مشاعرك وصدقها , أنا منزعج لأنني لم أكتشف ما بداخلك من إنسانية ومن عظمة ومن كنوز وسلالات عاطفية, الآن فقط تحاول أن تشعرني بأنك الحمل الوديع وبأنك كنت طوال العمر ضحية للفاسدين وللمرتشين وتحاول أن تبرهن لي على عظمتي وبأنني الآن فقط لا غير إنسان عظيم, فأين كنت قبل ذلك بل أين كانت منزلتي عندك حين كنت تصفني بالدجال وبالمرائي وبالكذاب وبالفشار وبأنني لا أستحق مساعدة أحد من الناس, الآن فقط اعترفتَ بأنني كنت الضحية وطوال الوقت صابرا ومتحملا لكل الأذى, الآن فقط أنت إنسان طيب ووديع لأنك أصبحتَ تشعر بأنك ضعيف ومهدد وبأنني بكل ما أملكه من طيبة ومن إنسانية أستطيع أن أعيدك إلى حيث كنت تتربع على قمة المجد والإلوهية, الآن فقط لأنك ضعفت وانكشفت على حقيقتك تحاولُ أن تبرهن لي بأنك طوال العمر كنت طيب القلب معي وبأنك كنت تبكي لبكائي في قرارة نفسك وفقط أنا الذي لم يكن بعد قد اكتشف كل تلك الطيبة التي كنت تكنها لي, الآن فقط لا غير تقول عني بأنني كنت إنسانا رائعا ودائما رائعا رغم أنك كنت تصفني قبل ذلك بالتفاهة وبالجهل الأعمى, أنت الآن مكشوف على حقيقتك وتريد أن تلبس ثوب الطهر والصدق والأمانة والمسكنة والدروشة, الآن أنت تتمسكن وتتقن المسكنة على أصولها حين تنحني أمامي بكل خجل وتواضع, الآن أنا فقط أصبحت صاحب الرأي السديد في نظرك رغم أنني كنت في العام الماضي والعام الذي قبله صاحب كرش كبير ومخزي في نظرك, الآن تحاول أن ترسم صورة جديدة لك في ذهني ومخيلتي لكي تدعني أنسى صورتك القديمة التي عاثت في داخلي فسادا, الآن فقط اعترفت بأنك كنت جاهلا في تعاملك معي, الآن تأتيني وأنت خائفاً تتوسل لي أن أصلي من أجلك, الآن ولأول مرة أراك خائفا تقبل الأيدي وتتوسل بالكلمات الرقيقة, الآن فقط ظهرت كل أخلاقك على وجنتيك, وأنا أريد أن أسألك سؤالا واحداً وهو: أين كانت تلك الأخلاق مخبأة حين كنت أتوسل إليك؟ وأين كانت كل تلك الأخلاق العظيمة حين كنت أدعوك لأن تكون صادقا مع نفسك وأمينا؟ كيف ظهرت كل صفات الرجل الطيب عليك فجأة؟ وكيف ظهرت على وجهك مسحةٌ من نور الرب ؟ وكيف هكذا وبدون سابق إنذار تلقاني في الطريق لتمسك بيدي لكي أصعد السرفيس أو لكي أنزل من السرفيس؟ أين كانت كل تلك الأخلاق الطيبة حين كنت أقع أمامك على الأرض وأنت تقول عني ولي وللناس أجمعين: لا تصدقوه..هذا ممثل بارع, طبعا كل هذا الكلام كنت تقوله عني, كنت تتآمر ضدي, كنت تكذب على لساني, وكنت تقول عني كلاما أستحي من ذكره أو من وصفه, فأنين كانت أخلاقك؟ كيف ظهرت عليك الأخلاق فجأة هكذا ؟ لماذا لم تظهر أخلاقك العالية وصفاتك الطيبة من البداية؟ لماذا كنت تتهجم عليّ بشتى أنواع الدعايات وبشتى وسائل الحرب الحقيرة, كيف لك أن تفسر طيبة قلبك اليوم؟ كيف ستفسر تصرفاتك معي قبل ذلك وكيف ستفسرها الآن؟ لن أغفر لك, ولن أسامحك ولن أدعك مرة ثانية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلي آلام
- الإنسان الآلي
- أنا الأردني الأصل
- روحي
- من سيطمع بالبنت الأردنية؟
- السوالف عن الناس الطفرانه
- هرمنا
- عسكر وحراميه
- اتجاهات
- من يوميات مثقف أردني4
- ماذا أعبد؟
- البنت مش عيب
- كلمة إلى ابنتي وفاء البتول
- وأخيرا جاءت وفاء سلطان
- الأوراق المتسخة
- أنا مجرد رقم
- أعداء الأردن
- ممن يتعلم الأطفال الكذب!
- المرأة تستعمل لسانها للحوار والرجل يستعمل يده للحوار
- الريموت كنترول


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - أخي الطيب