أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الدكتاتوريون الكاريكاتوريون















المزيد.....

الدكتاتوريون الكاريكاتوريون


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نتيجة لعظم المصائب، وتعدد النوائب، وحجم النوازل، التي ابتلي بها الشعب العربي، أصبح الشعب العربي من أكثر الشعوب سخريةً من حكامه، وخاصة أولئك الحكام من ذوي الشخصيات الكاريكاتورية، التي تكون مجالاً للسخرية والهُزء معاً، رغم أن أبا هلال العسكري، يفرق بين السخرية Satire والهُزء Mockingفي كتابه (الفروقات اللغوية) ويقول: "السخرية بمعنى أن تفعل فعلاً يبعث على السخرية. أما الهُزء فيجري مجرى العبث. وأن الإنسان يستهزأ من الآخر دون أن يسبق منه فعلٌ يُستهزأ به من أجله."
وظيفة الكاريكاتير
ومن هنا كان فن الكاريكاتير فن الهُزء والسخرية معاً. لأن وظيفة الكاريكاتير ليس نقل ما تم في الواقع والسخرية منه فقط، ولكن تضخيم وتهويل وتكبير ما تم في الوقع مع شيء من الكذب والهُزء به. فأجمل الحقائق في الفن ما شابها، تُعتبر كذباً، كما يقول سارتر. أما الساخر، فيسخر من واقعة حدثت تماماً في الواقع.
ولعل أكثر أنواع السخرية إضحاكاً وانتشاراً وتأثيراً، هي السخرية السياسية، كما يقول شارلز شوتز في كتابه المهم ( السخرية السياسية من عهد أرستوفان إلى عهد سام إيرفن، 1977). ففي النكتة السياسية العربية، لا نكتة تُضحك قدر النكتة السياسية الجنسية والقبيحة أيضاً. وهو ما انتبه إليه العرب الأقدمون، عندما اعتبروا أن "عفة اللسان وقبح اللسان" من الأقوال الرائجة في تبرير الكلام القبيح والمليح كما يقول خالد القشطيني في كتابه (السخرية السياسية العربية، 1988).

لا عيب في النكتة!
والشيء المدهش في النكتة السياسية العربية، أن أي لفظ فاحش فيها، مقبولٌ، ومرحبٌ به، ومضحكٌ في نفس الوقت. في حين أن الألفاظ ذاتها فيما لو استُعملت في مجال آخر غير النكتة السياسية أو الاجتماعية، لاعتبرت عيباً، وفعلاً قبيحاً. وهو ما يؤيد قول الجاحظ في كتابه (مفاخرة الجواري والغلمان): "إنما وضعت هذه الألفاظ ليستعملها أهل اللغة. ولو كان الرأي ألا يُلفظ بها، ما كان لأول كونها معنى، ولكان في التحريم والصون للغة العرب، أن تُرفع هذه الأسماء والألفاظ منها."

تحليل مخ الساخرين
يؤكد محمد حامد، أن السخرية سلوك اجتماعي منتشر في مجتمعات العالم دون استثناء، كما أنه يُعد أحد القدرات الخاصة التي تُميّز بعض الأشخاص عن غيرهم، حيث لا يستطيع جميع البشر ممارسة سلوك السخرية أو إدراكه بنفس القدر من الإتقان والإقناع. فالسخرية، تتطلب درجة عالية من المعرفة بثقافة المجتمع، وأحواله، وطريقة التفكير السائدة.
وكشفت دراسة "كاترين رانكين" الأخصائية الأمريكية في علم النفس العصبي، والأستاذة المساعدة في مركز الذاكرة والشيخوخة بجامعة كاليفورنيا، إلى معرفة الجزء المسئول عن السلوك الساخر في المخ، وخلصت إلى أن ممارسة هذا السلوك يتطلب قدرات خاصة. أما براولي بوف، أخصائي علم الأعصاب السلوكي في مستشفى مايو في روشستر فقال: "أن كثيراً من عمليات الإدراك الاجتماعي التي نتعلمها في طفولتنا، والقدرة على تقييم الأشخاص من حيث أنهم ساخرين تصاب بالفقدان، عندما يصاب الفص الأمامي للمخ." ويعاني العلماء من عدم وجود أدوات لقياس هذا الفقد لتلك المهارة. ويقول انجان شاتيرجي، الأستاذ في مركز علم الأعصاب الإدراكي بجامعة بنسلفانيا، بأن "النصف الأيسر من المخ مهمته إدراك اللغة والكلمات والجمل، ولكن إدراك الفكاهة والسخرية والنكات من مهام الفص الأيمن من المخ."
وطرحت كاترين رانكين، تساؤلاً مثيراً ومهماً، بقولها هل نجوم الكوميديا الذين يمارسون السخرية في أعمالهم الفنية لديهم فص أيمن كبير في المخ؟
وأجابت: "أنه من المؤكد أن نجم الكوميديا، يتمتع بقدرات عقلية خاصة، ولديه مخ طبيعي. ولكني أراهن، بأن فصَّ مخه الأيمن أكبر من الأشخاص العاديين، الذين يفتقدون للقدرات الساخرة.

أكثر الحكام مثاراً للسخرية
كان – وما زال - القذافي أكثر الحكام العرب - على مدار أربعين عاماً - مثاراً للسخرية. فهو شخصية كاريكاتورية بامتياز. فالكاريكاتير فن أحوال لا أقوال. والقذافي في أحواله وأقواله على السواء شخصية كاريكاتورية سهلة بامتياز، بمعنى أن رسام الكاريكاتير، يجد سهولة كبيرة في تركيب رسوم كاريكاتيرية كثيرة لهذه الشخصية المضحكة، وخاصة في أحواله وأقواله الأخيرة، أثناء الثورة الشعبية الليبية التي اندلعت في 17/2/2011 عليه ، وعلى أفراد عائلته المشاركين له في الحكم، ونظام حكمه.
كيف يسخر الليبيون من القذافي؟
تجتاح الآن شرق ليبيا، الذي روَّعه الحكم القمعي للعقيد القذافي طوال أربعة عقود، رسوم ساخرة ونكات عنه، لمساعدة الناس على التخلُّص من سطوته الشخصية، والخوف الشديد من جهازه الأمني.
ففي بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية، يصوِّر رسم ساخر على جدران بناء حكومي الزعيم الليبي على انه "سوبر لص" مرتدياً زي سوبرمان الشهير، وعلى صدره علامة الدولار، بدلاً من حرف S)) المميز لشخصية سوبرمان. ويصوِّر رسم آخر القذافي داخل سلَّة قمامة مكتوب عليها "التاريخ".
وساعد أسلوب القذافي المراوغ الغريب، وميله للأزياء الفضفاضة غير المعتادة، وحرَّاسه من النساء، على إعطاء الرسامين الكريكاتيريين وغيرهم، مادة ثرية للسخرية.
ففي بنغازي، وضع شابٌ شَعراً مستعاراً، يُشبه شَعر القذافي، ونظارة شمسية، وأمسك بمظلة راكباً شاحنة مفتوحة، تجوَّل بها في الشوارع، مما جعل حركة المرور تتوقف تقريباً، لأن المواطنين كانوا يتوقفون، ليضحكوا. وكان البعض الآخر يطلق أبواق السيارات، سعادةً وفرحاً بما يشاهد!
وقالت فاطمة الشكسي، التي تعمل مدرسة "نحن ننفس عن مشاعرنا، ونُعبِّر عن أنفسنا. انه لم يرتكب جرائم عسكرية فحسب، بل أيضاً جرائم ضد عقولنا.. جرائم فكرية."
وشجع القذافي - المتشبث الآن بالسلطة، في مواجهة احتجاجات متزايدة - على عبادة الفرد من خلال التدريس الإجباري في المدارس للكتاب الأخضر، الذي ألَّفه له لاجيء سياسي سوداني سكير هو السيد أبو بكر كرّار – حسب رواية د. أحمد أبو مطر الذي عمل مدة طويلة في التدريس الجامعي في ليبيا- ليوضِّح فيه فلسفته السياسية المضحكة، ومنها أن الفرق بين الرجل والمرأة أن المرأة تحيض والرجل لا يحيض! وأن الثورة هي مؤنث ثور! وأن الديمقراطية هي دوام الحال (ديمو كراسي!) وأن من تحزب فقد خان!.. الخ. وغيرها من الهرطقات السياسية المضحكة. وقد أطلق القذافي – إمعاناً في جنون العظمة - على نفسه لقب "ملك الملوك"، و"الأخ الزعيم القائد"، متمثلاً بلقب " الزعيم الغالي" (كيم جونج ايل)، المتداول في كوريا الشمالية.
المقامة القذافية!
ولم يكتفِ الليبيون بالسخرية من القذافي، بل تعدت السخرية من القذافي إلى معظم أنحاء العالم العربي، فامتلأت الشوارع المصرية – على سبيل المثال – بالنكات المصرية المشهورة والمتدفقة على القذافي قبل الثورة الشعبية الليبية، وبعدها. كذلك امتلأت الصحافة المصرية برسوم الكاريكاتير الساخرة من القذافي. ووصلني على بريدي قبل أيام من السودان، من قاريء مجهول، ما سمَّاه صاحبه بـ "المقامة القذافية" التي تسخر من القذافي سخرية مريرة، ومنها:
"قال أبو الطرائف عن القذافي: له شعر كثيف وعقل خفيف. مُصَعَّرُ الخدّ، ليس لكلامه حَدّ. يعشق الهذيان، وتحرُسُه النِّسوان. له كتاب أخضر، وولد أسمر. وآخر أبيض، أيَّد وأعرض. فيه إسْراطين، ووَحيُ شياطين. كثيرُ البَجح، قليل النُّجْح. حُمْقه طَفَح، عَتهُه رَجَح. سيَّان بَسَم أم كلَح. تتبَعُه خيمة، وتُرهِبُه غيمة. إذا خلا صرخ، وإذا نازل رضخ. عالمٌ نِحرير، بكل أمرٍ بصير. يترنحُ كسكران، أو كشارب شوْكران. واعظٌ خطيب، بيطري طبيب. سياسي أريب، كاتب أديب. فنان حكيم، خبير عليم. إذا حدَّث أطال، وإذا صمت جَلَّى وجَال. كلامُه ريح في قفص، فعلُه جربٌ على برَص. كلامٌ كالعسل، وفِعلٌ كالأَسَل. حديثٌ ليِّن، وظُلم بيِّن. إذا رضِي أنال، وإذا سخط أقال. إن سُئِل تَمنَّع وجادل، وإذا أُكرِهَ مَنَح فأزجل. مَلكُ الملوك، رَبُّ كل صعلوك. زعيمٌ ثائر، رئيسٌ حائر. قائد فاتح، ثورٌ جامِح. حَكم فوق الأربعين، أحمقُ من راعي ضأن ثمانين. سرق الكرسي، مِن عند السَّنوسي."
القذافي ثالثة الأثافي
ثم تقول "المقامة القذافية":
احتجَّ مع الناس، مرفوعَ الراس، لإسقاط "القذافي، ثالثةِ الأثافي. قاتَلَ بنغازي، واستقبلَ التعازي. ضرب وبكى، سبق واشتكى. أُدِينَ فأنْكَر "لوكربي"، وقال لستُ أنا يا ربِّي! لكنْ دفع العِوَض، سخاءً بلا مَضض. صارع "ريجان"، بكلام رنان. ووعيدٍ وخُطب، وسبٍّ وصخب. بقبقةٌ في زقزقة، أحمقُ هبَنَّقة. كالمُهَدِّر في العُنَّة، مبتدعٌ في سُنَّة. فأسْكتَتْهُ قنبلة، فانحنى كسُنبلة. استقدم المرتزقة، من بلاد
الأفارقة، ليحارب ابنَ البلَد، بصبر وجلَد.

صالح والساخرون منه
أما الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فقد أوسعه الفنان الكوميدي اليمني فهد القرني سخرية كبيرة ومريرة. بل كاد يكون الرئيس اليمني الشخصية الرئيسية التي يسخر منها دائماً الفنان القرني. كذلك كان الشباب اليمني مبدعاً – كحال الشباب المصري – في السخرية من الرئيس اليمني. فقد استخدم شباب ناشط أغنية المغنية اللبنانية إليسا (يا نعيش مع بعض حبيبي يا نموت إحنا الاتنين) في المطالبة برحيل صالح. وقام الشباب باستخدام أسلوب أفلام الكرتون في إنتاج فيديو يظهر فيه الرئيس اليمني وهو يجري اتصالاً بأحد البرامج التلفزيونية، وتطلب منه مقدمة البرنامج اختيار أغنية، فيختار أغنية إليسا المذكورة (يا نعيش مع بعض حبيبي يا نموت إحنا الاتنين)، ويقرر إهداءها للشعب اليمني، فتظهر إليسا وهي تغني، وفي الخلفية تظهر صور المظاهرات اليمنية الصاخبة، التي تطالب الرئيس صالح بالتنحي، والرحيل.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام المصري قبل وبعد 25 يناير
- في التحليل النفسي لظاهرة شباب الثورة
- ضباع الدكتاتورية والفساد في سوريا والعراق
- متى؟ وكيف؟ ولماذا تندلع الثورات؟
- ما ضرورة الدولة -السلطوية- المستنيرة؟
- التنوير الفكري في الحالة العربية
- الشاويش صالح: الى الخلف دُرْ!
- سوريا -بيضة قبّان- الثورة العربية
- لا هوان لمصر في يوم الامتحان
- لماذا يتعفف الإخوان حتى الآن عن الحكم؟
- نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!
- مقتل الثورة الليبية في البيت الأبيض
- شاكر النابلسي في حوار مفتوح حول: انفجار البراكين العربية
- عن جذور التنوير الفكري والديمقراطية
- عودة الروح للعرب بعد غياب طويل
- ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟
- مصر: ثورة أم انقلاب عسكري؟
- ما تكوين عقل الانتفاضة التونسية؟
- الإخوان: من مجلس الشعب الى ميدان التحرير
- العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الدكتاتوريون الكاريكاتوريون