أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رباح حسن الزيدان - بعض الاشكاليات العامة للديمقراطية















المزيد.....

بعض الاشكاليات العامة للديمقراطية


رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 09:33
المحور: المجتمع المدني
    


شهدت السنوات الاخيرة وتحديدا منذ بداية تسعينات القرن العشرين تصاعد " حمى الديمقراطية ". نحن، إذن، شهود ظاهرة ملفتة للنظر تتجلى بالعودة الى أدبيات وفاهيم الفكر السياسي الليبرالي، بعد أن ظل الخطاب السياسي للعديد من القوى ولعقود طويلة ينتقد بلا هوادة " الديمقراطية البرجوازية " و " الديمقراطية الشكلية " و " ديمقراطية النخب " ..... الخ.
تنتعش، إذن، في الكتابة السياسية اليوم المفاهيم الليبرالية، وتتحول الديمقراطية الى محور يستقطب النظر السياسي، سلطة سائدة، ومعارضة، وهيئات وتنظيمات وأفراد. ويرافق ذلك تنشيط النقاشات والمساجلات حول ضرورة انبثاق وتطور مؤسسات المجتمع المدني كضمان لأن تصبح السيرورة الديمقراطية عملية لا رجعة فيها.
يتعين التأكيد على أن التركيز على دور مؤسسات المجتمع المدني قد لفت الانتباه الى جانب هام لاشكالية الديمقراطية وإن الديمقراطية لا تنحصر في بعض الممارسات السياسية مثل التعددية الحزبية، وتنظيم الحكم طبقا لمبادئ دستورية تضمن فصل السلطات عن بعضها البعض واختيار الحكام من خلال انتخابات غير مزيفة .... الخ. فالممارسة الديمقراطية الصحيحة في السياسة تفترض دمقرطة المجتمع. ودون هذه الصيغة لا تضرب الديمقراطية جذورا في أرضية المجتمع فتظل شكلية وسطحية دون أن تكتسب شرعية غير قابلة للانقلاب.
غير أن السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه وبحدة هو : ما هي الديمقراطية ؟. يتعين، إذن، أن نحدد في البدء مفهوم الديمقراطية. بداية لا بد من القول أن الديمقراطية كمفهوم هو بطبيعته اشكالي. انها مفهوم متعدد الدلالات. ولكن الديمقراطية، بتعريفها البسيط تعني سلطة الشعب. جوهر الديمقراطية، إذن، حكم الناس بالناس لصالح الناس. وقد بقي هذا الجوهر صحيحا منذ العهد الاغريقي القديم حتى يومنا هذا، بالرغم من ظهور الخلاف في المدينة اليونانية القديمة حول مفهوم الشعب. ولأن الديمقراطية حقيقة سياسية فإنها تعني مجموعة من المؤسسات والاليات لتنظيم الحكم، بما يضمن أن يكون هذا الحكم بواسطة الشعب ومن أجله.
ونستطيع، إذن، أن نطور هذه الاطروحة بالقول بأن الديمقراطية هي طريقة الحياة واسلوب الحكم الذي يقوم على أساس قيام السلطة على ارادة الشعب، وممارسة الشعب حريته، وحقه في اختيار السلطة التي تحكمه، بطريقة يقبلها، وضمان حقوقه الاساسية السياسية والاجتماعية في المساواة وحرية التعبير والتنظيم والعمل والمشاركة في صياغة الحياة السياسية والاجتماعية. إنها، إذن، سلطة الشعب. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه فورا هو : أي شكل من اشكال الحكم يمثل سلطة الشعب، كيف يقوم الشعب بحكم نفسه، ماهو الشعب .....الخ؟.
إذا عدنا الى التاريخ وتأملنا التجارب الملموسة سنجد اشكالا متنوعة ونماذج مختلفة لما نسميه الديمقراطية خاصيتها المشتركة هي أنها أشكال تجمع بين الديمقراطية والدكتاتورية. تتيح الفكرة السابقة استخلاص مجموعة من الاستنتاجات من بينها :

- لا توجد ولن توجد هناك ما نسميه ديمقراطية في ذاتها، ديمقراطية مطلقة. ليست الديمقراطية، إذن، عبارة محايدة تفيد شيئا معلوما، وهي كذلك ليست وصفة شكلية ولا مجرد اجراء روتيني اداري في مجال السياسة. انها محصلة صراع القوى الاجتماعية ونتيجة المساومات الكبرى بين تلك القوى.
- إن الديمقراطية ليست نظاما غربيا فقط، إنما هي نظام انساني ساهمت البشرية، عبر تاريخها الطويل، في تطوره باتجاه التوازن بين السلطة كضرورة والحرية كمطلب اساسي للناس. هذه الاطروحة لا تلغي حقيقة أن الديمقراطية البرجوازية هي بلا شك، أكثر اتساعا وعمقا من أي ممارسة ديمقراطية سابقة لها أو رافقتها في حقبة تاريخية محددة.
- لم يتطور النموذج الليبرالي كنتيجة لمقولات محض فكرية أو فلسفية بقدر ما تطور كمحصلة لصراع اجتماعي داخل البلدان التي تطور فيها. وقد أدى ذلك الصراع الى تطور النموذج الديمقراطي الحالي، من خلال مشاركة طبقات اجتماعية متعددة فيه وعبر عدد من المراحل التاريخية، كانت معمدة بالتضحيات وبالدم !. يتعين التأكيد على حقيقة أن انتصار مبدأ الديمقراطية البرلمانية لم يتحقق قط في أي بلد من البلدان الغربية أثر انتصار ثورته البرجوازية بل ان حق الاقتراع العام والشامل لم يطبق في الغالبية الساحقة من الدول الرأسمالية المتطورة إلا أثر هزائم في حروب خارجية أدت الى توسيع القاعدة الاجتماعية للانظمة المهزومة (المانيا، ايطاليا، اليابان)، أو أثر حروب خارجية تطلبت نوعا من الاجماع الوطني لمجابهة المخاطر (انكلترا، بلجيكا، فرنسا، النرويج – في صراعها مع السويد)، ولم تشذ عن هذه القاعدة الا سويسرا.
إن التجربة التاريخية لهذا النموذج (الليبرالي) أنتجت اليات محددة أخذت تترسخ بمرور الزمن. وتوجد العديد من الاليات، لكن هنالك اربع اليات اساسية يمكن اعتبارها تمثل مجموع الخبرة النظرية والتطبيقية للديمقراطية كعملية للحكم وكإطار مؤسسي وليس كفلسفة ونظام اجتماعي. وهذه الاليات هي :
الالية الاولى: التعدد التنظيمي المفتوح، أي حرية تشكيل الاحزاب والمنظمات والجمعيات السياسية دون قيود. وهذه هي الالية المتعلقة بالنظام الحزبي.
الالية الثانية: تداول السلطة السياسية من خلال انتخابات حرة تنافسية تتيح انتقال السلطة وفقاً لنتائجها. وهذه هي الالية المتعلقة بالنظام السياسي.
الالية الثالثة: وتشمل منظومة الحقوق والحريات العامة التي اصبح توافرها مقياسا لاحترام حقوق الانسان، وهذه هي الالية هي الالية المتعلقة بالنظام القانوني.
الالية الرابعة: وهي الية المؤسسة، غيابها يساوي غياب الديمقراطية. مضمونها النظري يعتمد على وجود قاعدة موضوعية تحدد اختصاصات كل جهاز من اجهزة الدولة التي هي مؤسسة المؤسسات. لماذا هي جوهرية ؟ باختصار شديد نجيب : لأنه قبل تبلورها كان بمقدور لويس الرابع عشر أن يقول " أنا الدولة والدولة أنا "، وهو محق في ذلك لأنه كان يعبر عن حقيقة قانونية كانت قائمة بالفعل، حيث كانت ارادة الحاكم هي ارادة الدولة.
الديمقراطية الحديثة تفترض " المواطن " وهو مفهوم يختلف عن مفهوم " الرعايا " أو " المؤمن " في النظم السابقة للراسمالية. كما تفترض الديمقراطية " العلمانية " أي فصل السياق الديني عن السياق السياسي/ الدولة. ولاشك أن البعض يخشى أن تكون العلمنة ابتعادا عن التمسك بمبادئ الدين وهو لا يناسب ميول أغلبية الشعب، في حين أن العلمنة هي بالعكس الوسيلة الوحيدة لحفظ المبادئ الدينية بعيدة عن التزوير الذي تعاني منه نتيجة تدخل المصالح الاقتصادية الطبقية ومناورات السياسية.
هكذا نرى أن مجموع هذه السمات تعطي للديمقراطية معناها الحديث هو الاخر وتحول دون التشبيه بين هذه الظاهرة وظواهر مماثلة أخرى " ظاهريا " خاصة بالعصور القديمة.
وكذلك فإن مؤسسات " المجتمع المدني " هي خاصة بالرأسمالية إذ أنها مؤسسات مرتبطة بممارسة الديمقراطية. وبالتالي فإن وظائفها خاصة ومختلفة جوهريا عن الوظائف التي قامت بها المؤسسات " الاهلية "الشبيهة ظاهريا في الماضي.
فعلى مستوى الوظائف الايديولوجية والثقافية مثلا قامت " المدرسة " القديمة بالاساس على العلوم " النقلية " بينما دور المدرسة الحديثة هو تطوير القدرة العلمية. فالايديولوجيات القديمة قامت، إذن، على " الاجتهاد "، بينما الحديثة تعتمد أساسا على الابداع.
أما على مستوى الوظائف السياسية كانت مجموعة المؤسسات القديمة تنحصر في الاجتهاد وتأويل النصوص بغرض ضمان " الاستمرارية التقليدية " ، أما وظيفة المؤسسات الاهلية الحديثة فهي بالاساس تطوير المفاهيم والممارسات المجتمعية بحيث تتكيف مع التطور الاقتصادي القائم على التجديد. فالديمقراطية في هذا الاطار قائمة على الابداع " الحر " أي غير المقيد بأية نصوص.
في حين على مستوى الوظائف الاقتصادية كانت المؤسسة القديمة (مثل الطوائف المهنية) تستهدف الحؤول دون " المنافسة "، بينما المؤسسات الحديثة تقوم بالدور العكسي وهو دفع " المنافسة " ولو شملت هذه الوظيفة أيضا " إدارة " هذه المنافسة وتأطيرها.
ونستطيع تلخيص ذلك بالقول بأن الجمع أو المماثلة بين مؤسسات الماضي ومؤسسات " المجتمع المدني "الحديث يلغي التمييز الاساسي بين وظائفها ويسويها على أساس قاسم مشترك شكلي وفارغ من أي مضمون محدد. إن هذا النوع من المماثلات التي لا تقارب المفاهيم في حدودها الخاصة وشروطها التاريخية المواكبة لنشأتها وتطورها، تؤدي في النتيجة الى تعويم المفاهيم.



#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية : بعض الاشكاليات العامة
- بعض الاشكاليات المرتبطة بمضمون الدولة
- المجتمع المدني بين كرامشي من جهة وهيجل وماركس من جهة اخرى في ...
- المجتمع المدني العالمي : تعدد التفسيرات
- نرجسية المثقفين العرب
- العلمانية بين التضامن الاجتماعي و الواجبات تجاه الله
- دور الاشتراكية والشيوعية في تشكيل المدرسة العلمانية الفرنسية
- الإكليروس و العلمانية في النموذج الفرنسي للعلمانية
- اصبح الاسلام موضوع من لا موضوع له
- مفهوم العلمانية
- مفهوم المجتمع المدني العالمي
- رؤية هيجل للمجتمع المدني
- مفهوم المجتمع المدني
- العلمانية في الدساتير الفرنسية
- هل تغيرت العلاقة بين الدين والدولة في فرنسا ؟
- إشكاليات قانون العلمانية في فرنسا
- إدارة العلمانية في ألمانيا
- الولايات المتحدة : العلمانية والدين بين المجتمع و الدولة
- الثورة اليسارية في الاسلام
- المفاهيم المبهمة للعلمانية


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رباح حسن الزيدان - بعض الاشكاليات العامة للديمقراطية