أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نعيم عبد مهلهل - ( مرثية الحميدية وطارق بن زياد )














المزيد.....

( مرثية الحميدية وطارق بن زياد )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 03:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


صنع طارق بن زياد مجد لحظته التاريخية من عبارة واحدة ( البحر من وراءكم والعدو من أمامكم )...ثم قفز إلى منية الخيول وأحلام الفاتحين ليجد مدن الأندلس كلها أمامه مفتوحة مثل بساط اخضر وسحر جرماني وليل لم تصفه بنشوة الثمالة سوى ولادة بنت المستكفي وابن زيدون وعود زرياب ....
هذا التأريخ الذي يصفه سان جون بيرس في تحولاته الديالتيكية بأنه المتحول الذي يغيرنا بشيئين فقط ..صهيل الخيول وهدير البحر .وأضيف إليه أنا صوت نعاس الفراشات عندما تحرك جفن الورد في الصباح الدمشقي الذي تخيلت في واحد من فصول كتاب كتبته عن مدينة طنجة وناقة بن بطوطة والخبز الحافي الذي خلدها الروائي محمد شكري في روايته المعروفة ( الخبز الحافي ) .
مات هذا البطل الأسطوري فقيرا ومعوزا على بوابة من بوابات المسجد الأموي في دمشق .وقيل أنهم لم يجدوا معه سوى صرة خبز فيها أرغفة يابسة وسيفه الذي عبر به المحيط الأطلسي من النقطة المسماة اليوم باسمه جبل طارق ...!
بالنسبة لي أجد دمشق مكان يؤسطره بغموض عجيب جنون الجغرافيا وتواريخ لاتبتئس من أحلام الوافدين بل هي أبدا :مكانا لشهوة الكتابة الأممية .ولم تكن دمشق منفى لأحد ، حتى لمحتليها .بل كانت ذاكرة يخيل لك أنها لاتملك سوى خصوصيتها لتعيش ولهذا كان الفرنسيون في فترة الانتداب يفكرون بمغادرتها سريعا على حد قول احد ضباطهم :مدينة تسحرك ، ولكنها لاترضى بك وأنت تلبس الجزمة العسكرية الغريبة ..!
بين بوابة المسجد الأموي والباب الشمالي لسوق الحميدية رواق طويل من حوانيت وزحام متبضعين .وحتما هذا الطريق كان هو الممشى اليومي لطارق بن زياد وقد اختار المكان ليستعيد فيه هدوء روحه ونكران الخلفاء لانتصاراته .فلقد منحهم دولة شاسعة لم يحافظوا عليها وفي النهاية سلم عبد الله الصغير آخر ملوك الأندلس مفاتحيها .والأفرنجة منحوه خيار المنفى والفقر ...
ولا أدري لماذا فضل طارق بن زياد عزلته الدمشقية دون أن يكشف للمدينة عن أوراقه لتقيم له مجدا يستحقه .بقي القائد العربي معتزلا مع صمته وخطواته من بوابة المسجد إلى ركن منعزل في جامع يأوي إليه ...فيما قائد آخر اختار دمشق تكية لدموع المنفى هو الأمير عبد القادر الجزائري عرف بنفسه للمدينة ومحافلها فنال منها ما لم ينله غيره من أمراء المنفى ....
دمشق وردة من مطر الأسئلة .ومكان ليس في متعة قدسيته سوى افتراضات غرام الكتابة والاراكيل والأرائك وعتاب يمر بين شفاه وأخرى ، ليأتي وسط هذا الحشد بائع عرق السوس ليقول :اشربوا ذائقة الصباح فهي لاتنسينا دموع الأوطان البعيدة بل تجعلنا نشرب المدينة بكل عطرها ...
طارق لم يفعل ذلك لأن فيه غيظ بما فعله فيه الأمراء والولاة والخلفاء فتركوه يؤسس في المكان التاريخي خطوات سوق شهير وتكيات متصوفة وما خطه بسيفه في مربع منتظم ليكون بعد ذلك مكانا لمحارب أخر اسمه صلاح الدين الأيوبي ....
المكان الدمشقي .هو مكان اللحظة المطلقة .قراءته صعبة ولكنها ليست مستحيلة .وربما القائد الامازيغي بن زياد اخفق في ذلك .لكن غيره عرفوا في المدينة سر الاسطرة والفتنة ونعاس الكلمات وبنادق الثوار والبهجة الفخمة....!

* صحيفة الزمان اللندنية / العدد 3871 في 14 ابريل 2011


فرانكفورت / 2011



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبي يحاكم اوباما
- الغرام الشهي بين الضحية والجلاد
- ناس ( وعبد الزهرة مناتي )…!
- قذافي وبلدية ويلستين ........!
- تفاصيل غرامية وفقهية وشيوعية ........!
- قناة العربية تشتمُ مدينة عراقية .......!
- أنوثة .ثورة .ذكورة .قذافي.....!
- السيناريو
- ماء العراق
- غرام الشوارع ..................!
- الولد وحيد لأهله ...قتلوه في البصرة ..!
- المفردات الأزلية للبطاقة التموينية..!
- نصوص منسوبة إلى أبي ذرٍ الغفاري .......!
- عشاق وتظاهرات وطغاة ....
- عام الحب في مدينة النجف .....!
- النوم في العراء ...ونصيحة من جيفارا.......!
- الطريق إلى بيت زكي رستم ...!
- كركوك ...الغرام بعطر البترول ..............!
- ورقة التين ( و ) ...خداع وثيقة السفر.......!
- أور ..رباعيات الخيام وممثلات هوليوود..!


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نعيم عبد مهلهل - ( مرثية الحميدية وطارق بن زياد )