أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد احمد العلاونه - بين منير وخالد شاهين















المزيد.....

بين منير وخالد شاهين


خالد احمد العلاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3335 - 2011 / 4 / 13 - 08:32
المحور: حقوق الانسان
    


هذه قصه حقيقيه وليست من نسج الخيال ، وقعت في الاردن وليس في كوكب المريخ ، شخوصها حقيقين وليسوا من احاديث الاساطير ، ولا بد ان نتعرف عليهم ، حتى نرى مدى الفرق بينهما ، وما الذي جرى لهما في الحياه .
الاول هو منير ، مواطن اردني في عمر الشباب لكنه يحمل هموماً تشيخ لها الولدان ، ولد في ارض الوطن لأبوين اردنيين ، ولاسرة ان وضعت على مقياس الفقر نجدها كانت تعيش تحت خطه الرسمي ، ترعرع في حواري الوطن وشهد كل مواسمه ، حراثا وبذارا وحصاد ، تمرغت جبهته بتراب الارض ولوحت شمس الوطن وجنتيه ، شاءت له الاقدار ان يعيش فقيرا ، وهذا ما دفع به إلى ان يترك مدرسته ويغادرها وهو في عمر الورد لينتسب للجيش ، وكان هذا طريق كل من يترك العلم ويحيط به الفقر ، وهذه حقيقة لا يستطيع احد ان ينكرها ولا يجب ان ينكرها ، امضى في الخدمة سنوات واثناء ذلك وجد نفسه يوقع شيكات بدون رصيد حتى يستمر في الحياه ، ولما لم يستطع الايفاء بقيمة شيكاته زج به في السجن ، وبعد ان امضى محكوميته خرج إلى الدنيا ليعمل في كل مجال اتيح له العمل به حتى يؤمن لقمة العيش التي تساعده على الاستمرار ، إلى ان استقر به المقام عاملا للوطن في بلدية منطقته ، ورغم ذلك استمر منير يتنقل للعمل هنا وهناك حتى يوفر المزيد مما يسد به رمق العيش له ولاطفاله ، فقد كان يصحو مع الفجر ليذهب إلى السوق المركزي ، يجر عربة يستاجرها لينقل الخضار لاصحابها مقابل قروش ويظل كذلك حتى تحين ساعة بدء الدوام ، ثم انتقل كذلك ليعمل عتالا على سيارة طحين ، يسري مع الفجر إلى المطحنه يحمل اكياس الطحين على كتفه المنهك ثم يوزعها على مخابز المنطقه ، وبعد ذلك يتوجه إلى عمله في خدمة الوطن ، ثم رأى ان يسبر غور جمع الخرده ، فيجوب القرى والفيافي في عطلته يجمع الحديد والبلاستيك ثم يعود ليبيعها لتدر عليه ربحا بسيطا يكون عونا له في مواجهة مصاعب الحياه ، منير لم تداهمه السمنة المفرطه لانه لم يكن يقوى على ابتلاع شيء سوى اقراص من( الريفانين ) اذا ما داهمه الصداع بعد عمل يوم شاق ، ولم يكن مقاولا او تاجرا او متعهدا او مالكا لشركة او مصنع ، ليكون من اصحاب رؤوس الاموال وارصدة البنوك وشهادات الاستثمار ودفاتر الشيكات ، ودخول العطاءات والمناقصات ليستحوذ على الكثير .
الثاني هو خالد شاهين ولا ادري ان كان ولد على ثرى هذا الوطن وتمرغ بترابه ولوحت شمسه جبينه أم انه جاء من وراء البحار ، رجل اعمال وصاحب عقارات وشركات واستثمارات ، يحسب الحياة بدفاتر الشيكات وبطاقات الائتمان والارصده ، يدخل المزادات والعطاءات ، ويحظى بمكاسب وامتيازات ، ويحصل على اعفاءات ، ويستخرج شهادات الاستثمار ، جمع الملاين وقدم الملايين ، طبعا ليس للوطن ، انما لمن احالوا عليه عطاءاً هنا او مناقصة هناك ، بالتأكيد لم يحمل على كتفه كيس طحين ، ولم تجر سواعده عربة خضار ، ولم يخرج في حر الصيف وبرد الشتاء لجمع الخردة وبيعها ، لم يجلس ليفكر ساعات طويله كيف سيوفر لابنائه حقيبة المدرسه او مصروفهم اليومي ، لم يغزو الدمع عينيه وهو يحسب متى سيأتي آخر الشهر ليدخل على اطفاله كيلو من اللحم البلدي او كيسا من التفاح او طبقا من الكنافه ، لا يعرف الفقر ، او ربما لم يعرفه ، وقد يكون ولد وفي فمه شهادة استثمار او دفتر شيكات ، اي انه لم يعرف الفقر او الفقراء ، وكان يحصل على كل ما يريد بكبسة زر لتجد الـ (ديلفري ) يحمل اليه ما لذ وطاب من أكل وفواكه وشراب ، لايعرف وسائط النقل العام لانه بالتاكيد يملك اسطولا من السيارات وجيش من السواقين وكتائب من الحرس والخدم والحشم ، ولانه ابتلع الكثير الكثير فقد غزت السمنة جسده وداهمته امراض الضغط والقلب ،اكتشف امره في قضية فساد فزج به إلى السجن.
هنا تبدأ القصه فقد روى لنا منير انه عندما كان يقضي محكوميته في السجن بسبب عجزه عن الايفاء بشيك بسيط ، جاءه حرس السجن فكبلوه وحملوه إلى زنزانة مصفحه وضعوا على بابها قفل ضخم ، وامام الباب حرس كثير ، وقد احيطت الزنزانة بمسلحات من امامها ومن خلفها ، وقد اخبروه بانه مطلوب على وجه السرعة إلى المحكمه ، وتحت الحراسة المشدده ، راحت تتسرب إلى مخيلة منير الكثير من الافكار ، فهذه الحالة من الحراسة والحرص لا تكون الا لأخطر المجرمين الذين عاثوا في الارض فساداً ، ويكمل لنا منير القصه فيقول : كنت انظر من نافذة الزنزانه وهي تخترق الطرقات بين السجن والمحكمه واشاهد السيارات تقف على جوانب الطريق لتفتح المجال لزنزانتي بالمرور ، وانا اسمع صوت الشرطه ينادون على سائقي السيارات بضرورة فتح الطريق ، وكنت المح علامات التعجب في وجوه اصحابها وكأني بهم يتساءلون عن المجرم الذي في الزنزانة وعن نوع جريمته التي ارتكبها ، وعند الوصول إلى المحكمه انزلوني من الزنزانة وسارو بي بين صفين من الشرطه ، يقومون بتفريق الناس طالبن منهم افساح المجال ، وكنت ارى في عيون المواطنين علامات السخط علي وانا المجرم الذي يقتاده الشرطة إلى داخل المحكمه .
وصل منير إلى قاعة المحكمه ، ووقف امام القاضي ، الذي طلب فك قيوده ، ثم يسأله عن ذنبه او جرمه الذي دفع بهم إلى ان يحضروه بهذه الحاله ، ولما اجابه منير بعدم معرفته بذلك حتى هذه اللحظه ، طلب القاضي احضار ملف قضيته ، ولما فتحها وقرأ مافيها هز رأسه ونظر في وجه منير وقال له : معك عشرة دنانير، ولما لم يجبه اخرج القاضي العشرة دنانير من جيبه ودفع بها إلى احد المنوظفين وقال له : سددها في صندوق المحكمه ، واقفل الملف وطلب من الشرطة اعادة منير من حيث اتى ، فلم تكن قضيته سوى ان علية غرامة مقدارها عشرة دنانير .
كبل منير مرة اخرى واعيد إلى السجن بنفس الطريقة التي احضر بها ليكمل ما تبقى من محكوميته في قضية الشيك .
اما خالد شاهين ذلك المستثمر الكبير فقد ادين في قضية فساد بملايين الدنانير فيما يعرف بقضية المصفاه ، وحكم بالسجن ، وحمل على اكف الراحة إلى سجن كانه فندق سبع نجوم ، يقولون ان الاقامة فيه على نفقة النزيل ، وان كان ، فان ما بحوزة النزيل من مال ينفق به على اقامته في ذلك الفندق لا يبرأ من شبهات جمعه بنفس طريقة مشروع المصفاه ، وبالتالي ليس من حقه الاقامة بعيدا عن بقية نزلاء مراكز الاصلاح ، فجرمه اخطر واكبر بملايين المرات من جرم شخص سجن في قضية شيك ، او غرامة ماليه ، او حادث سير ، او حتى سرقة ارتكبها ليحصل على شيء من المال يسد رمقه .
رغم ذلك فالاقامة في ذلك الفندق لم ترق لشاهين فخطط ودبر ، وجيش المحامين والاطباء ، وقدم لضعاف النفوس ما يسيل له اللعاب ، ليفكروا له بطريقة يخرج فيها من فندقه ، كما خرج قبله سميح البطيخي ، وتفتقت اذهان من عاونوه عن ان لا طريقة سوى السفر خارج البلاد لاسباب انسانية بحجة العلاج ، فاعدت التقارير الطبية المدفوعة الاجر ، ورويت الشهادات الخالية من الحقيقه ، ووقعت المذكرات واتخذ القرار بالسماح له بمغادرة السجن ، لا بل الوطن ، للعلاج في الولايات المتحده الامريكيه ، بحجة عدم قدرة الكوادر الطبية في الاردن معالجته ، ونحن الذين نباهي العالم بانجازاتنا الطبيه وصروحنا من مستشفيات خاصة وحكومية وعسكريه .
غادر شاهين البلاد ، وكانت المفاجأة انه لم يذهب إلى الولايات المتحده وحملت لنا وكالات الانباء نبأ رؤيته في احد مطاعم لندن ، سائحاً في رحلة استجمام ، بينما في غياهب سجوننا الاف النزلاء هدتهم الامراض والاصابات والجلطات والضغط ، وبينهم الكثير ممن حرموا حتى من المشاركة في دفن ام او اب او ابن والحجة انه سجين ، والتعليمات لا تسمح بذلك ، طبعا التعليمات لا تسمح للفقراء المعدمين الذين لا يستطيعون الدفع بالخروج من السجن لساعات ولحالات انسانيه ، اما من قضى حياته مستمتعا بمال الله مبذرا مسرفا ، فالتعليمات رهن امره وطوع يديه ، تسمح له بالمغادرة عندما يشعر ان نفسه غير قادرة على تحمل البقاء بين اربعة حيطان دون ان يستمتع باكل ما لذ وطاب ، ودون ان يأخذ حماما ساخنا في مرافق قصره الذي قد تبلغ تكاليف انشائه ما يمكن ان تقام به قرية سكنيه يقطنها منير ومن هم مثله في خانة الفقر والحرمان .
خرج منير من سجنه بعد ان امضى محكوميته وعاد ليكون عاملا للوطن يكد ويتعب ، ليعود في المساء يجفف عرقه ويأكل ما شاء له الله ان يأكل من طعام ، ويستمر في حياته مواطنا اردنيا يقبع تحت خط الفقر راضيا بما قسمه له ىالله ، في الوقت الذي خرج فيه شاهين من السجن قبل ان يبدأ بتنفيذ محكوميته ، والى خارج الوطن الذي لا يعرف منه الا استثماراته وشيكاته وارصدته ، ولنكتشف بعد هروبه انه متورط في قضية جر مياه الديسي ، بينما هو ينعم برحلة استجمام في مدينة الضباب .
بعد اليوم ان قدر لي ان اتورط في اي قضية ما لا سمح الله ، وجاء رجال الامن يطلبون مني مرافقتهم إلى المخفر او المحكمه ، فلن اجيب ، ولن ادخر جهدا في عدم مرافقتهم الا اذا جاؤوا بخالد شاهين ، اللهم الا ان اوسعوني ضربا وشحطوني شحطا كما فعلوا بفتاة اردنية في شوارع عمان .




#خالد_احمد_العلاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدسوسين .. بلطجيه
- مطلوب زبالين
- التعايش الديني (بالعاميه)
- اتفاقية وادي عربه والقرد
- بدي سايق محترم
- خيمة ابو معن
- اصلاح شامل
- اتجاوز ،،، لا تتجاوز


المزيد.....




- مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من مخاطر ظهور جبهة جديدة في ...
- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد احمد العلاونه - بين منير وخالد شاهين