أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الأردن وسورية!














المزيد.....

الأردن وسورية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3334 - 2011 / 4 / 12 - 16:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قارئٌ علَّق على مقالتي "دكتور بشارة.. يا للأسف!"، فاتَّهمني قائلاً إنَّني حوَّرت أقوال الدكتور بشارة، وتجنَّيتُ عليه؛ ثمَّ أوضح لي أنَّ الدكتور بشارة قد أيَّد "المطالب العادلة" للشعب السوري، وأكَّد أنَّ "المواقف المشرِّفة (لنظام الحكم السوري)" من "المقاومة" لا تغني عن الحرِّيَّة؛ ثمَّ (وهذا ما استرعى اهتمامي) تحدَّاني أنْ أتحدَّث (أي أنْ أجرؤ على الحديث) عن الأردن إنْ كنتُ صادقاً (في مواقفي التي تضمَّنتها مقالتي تلك) وأن أجيبه عن تساؤله "وهل الأردن يختلف عمَّا حوله (عن سورية مثلاً)؟".

إنَّني، أوَّلاً، لستُ ممَّن يحوِّرون الكلم عن مواضعه؛ فلقد قال الدكتور بشارة حقَّاً ما نسبته إليه من أقوال؛ ولم أكن متجنِّياً عليه؛ بل أنصفته في غير موضع من مقالتي؛ أمَّا تأييده "المطالب العادلة" للشعب السوري فهو موقف لا أفهمه إلاَّ على أنَّه تأييد لمطالب الشعب التي يُقِرُّ نظام الحكم السوري (عن اقتناع أم عن اضطِّرار) بشرعيتها؛ وإنِّي لَمِنَ المؤمنين بعدالة كل مطلب للشعب ولو كان (من وجهة نظر موضوعية) غير صائب، فـ "الديمقراطية" تتلاشى إنْ نحن اتَّخَذنا "الصواب" و"الخطأ" ميزاناً نَزِن به مطالب الشعب، ونُعيِّن، من ثمَّ، موقفنا منها؛ وأمَّا "المواقف المشرِّفة" من "المقاومة" فإنِّي لم أرَ قط موقفاً واحداً مشرِّفاً وقفه نظام الحكم في سورية من المقاومة الفلسطينية والعربية (أي من صراع الفلسطينيين والعرب ضدَّ إسرائيل). ولا بدَّ لي من أنْ أُوضح أيضاً أنَّ "الالتزام القومي (ضدَّ إسرائيل)" لن يكون صادقاً وجاداً إنْ اتَّخَذ أصحابه من "نفي الديمقراطية" أساساً له.

وفي ما يخصُّ الأردن، أودُّ أنْ أقول لك (ولغيرك) إنَّ لدينا في الأردن من حرِّية التعبير (عن الرأي السياسي وغير السياسي) ما يمكن أنْ يحظى به الشعب السوري بعد، وبفضل، "إصلاح سياسي وديمقراطي كبير" في "سورية الأسد"؛ لكنَّ حجم حرِّيَّة التعبير التي لدينا، مع افتقارنا إلى "حرِّيَّة التغيير"، لا يسمح لنا بأنْ نَزْعُم أنَّ لدينا من الحياة الديمقراطية ما يجعلنا دولة ديمقراطية، وما يؤسِّس لفرق في النوع بين حياتنا السياسية والحياة السياسية في سورية؛ وهذا ما يشدِّد الحاجة لدينا إلى "الديمقراطية" التي إمَّا أن تكون موجودة وإمَّا أن تكون غير موجودة؛ لأنَّها كالمرأة لجهة كونها حاملاً أم غير حامل، فليس من امرأة نصف حامل؛ وليس، من ثمَّ، من مجتمعٍ رُبْع، أو ثُلْث، أو نصف، ديمقراطي.

في المقارنة الديمقراطية بين سورية والأردن أستطيع القول إنَّ "وجه الفرق (أو الاختلاف)" هو أنَّ لدى سورية من حرِّية التعبير ما يكفي مواطناً واحداً عَزَم على قول كل ما يريد قوله، وكل ما هو مقتنع به؛ أمَّا الأردن فلديه من حرِّية التعبير ما يكفي 100 مواطن عزموا على فعل الشيء نفسه؛ وإنَّنا نريد "حرِّية تعبير" تكفي الشعب كله.

و"وجه التماثل (أو التشابه)" هو "عدم وجود حرِّية التغيير"، فالشعب "المريض" يحقُّ له أن يصرخ ألماً ووجعاً؛ لكن لا يحق له أنْ يتناول الدواء الذي فيه الشفاء.

والتناقض في العلاقة بين أنظمة الحكم العربية (وهي الواحد وقد تعدَّد) هو ما يؤسِّس لظاهرة "حرِّية التعبير من الخارج"، فالمواطِن في الدولة العربية "جيم" يمكن أنْ ينتقد في حرِّية أكبر نظام الحكم في الدولة العربية "ميم"، التي يستطيع فيها المواطِن أنْ ينتقد في حرِّية أكبر نظام الحكم في الدولة العربية "جيم"؛ ولولا هذا التناقض (الموضوعي) لتكلَّلت بالنجاح المساعي والجهود الموحَّدة لوزراء الداخلية العرب في تكميم الأفواه، وتكسر الأقلام، من المحيط إلى الخليج.

إنَّ "المشترَك" بين أنظمة الحكم العربية جميعاً هو ظاهرة "اغتصاب السلطة"، والمحافظة على اغتصابها، إنْ بالنفي التام للديمقراطية (بقيمها ومبادئها العالمية غير المشوَّهة بـ "الخصوصية العربية") وإنْ بالديمقراطية الزائفة، أو بديمقراطية تشبه مياه البحر (المالحة) كلَّما شرب منها المواطِن الظمآن ازداد ظمأً؛ فهي ديمقراطية كسَراب بقيعةٍ يحسبُهُ الظمآن ماءً!

و"اغتصاب السلطة" لا يعني أنَّ السلطة كانت في يد صاحبها الشرعي، وهو "الشعب"، ثمَّ اغْتُصِبَت منه اغتصاباً، فشعوبنا العربية، ومن وجهة نظر التاريخ السياسي لدولنا، لم تملك قط هذا الذي اغْتُصِب منها؛ لكنه اغْتُصِب (من وجهة نظر حقوقية صرف) فإنَّ منع "الشعب" حقُّه في أنْ يحكم نفسه هو ما أعنيه بظاهرة "اغتصاب السلطة" في بلادنا العربية.

في بلادنا العربية (التي كانت حتى ثورتي الياسمين و26 يناير تَصْلُح تعريفاً للاستبداد الآسيوي الشرقي العريق) يخشى الحاكم على الديمقراطية من إساءة فهم الشعب (أو بعضه) لـ "حرِّية التعبير"، فإذا أسبغ عليه نعمة هذه الحرِّية قد تمتلئ صفحات الجرائد بالقذع وفُحْش الكلام، وبعبارات السبِّ والشتم، فهو حاكم يُفرِّط في "كرامته الشخصية" حيث ينبغي له الاستمساك بها، وينتصر لها حيث ينبغي له التفريط فيها.

إنَّ عليه أنْ يطمئن، ولا يقلق، فالمتضوِّر جوعاً سيأكل غير متقيِّد بآداب المائدة؛ لكنه سيتقيَّد بها ما أنْ ينتهي جوعه المُزْمِن، ويشرع يتناول الطعام في انتظام، وبما يلبِّي حاجته إليه، كمِّاً ونوعاً؛ فالانتقاد الذي لا يخلو من القذع، وغير المتَّسِم بالموضوعية، هو ظاهرة لن تدوم طويلاً، وستنتهي مع انتهاء ظاهرة "المجتمع المتضوِّر جوعاً إلى حرِّية التعبير"، فاطمئنوا!

وإنَّني، أخيراً، لم أَدْعُ الدكتور بشارة إلاَّ إلى ما دعا فولتير كل حُرٍّ من أهل الفكر والقلم إلى التزامه؛ فإنَّ الفضيلة بعينها أنْ تقول كل ما أنتَ مؤمِن به، فإذا لم تستطع، الْتَزِمْ، على الأقل، عدم قول ما أنتَ غير مؤمِنٍ به؛ أمَّا الرذيلة بعينها فهي أنْ تصبح لساناً، أو قلماً، لوجهات نظر يناصبها عقلك العداء سِرَّاً.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيِّدة المسالمة.. بأيِّ ذنبٍ أُقيلت؟!
- دكتور بشارة.. يا للأسف!
- -الإصلاح- في سورية بين الوهم والحقيقة!
- الأهمية الثورية ل -الاعتصام-!
- -الدِّين- و-الثورة- في ميزان -الوسطية-
- تقرير -فيلكا إسرائيل-.. كيف يجب أنْ يُفْهَم؟
- التِّيه العربي إذ شرع ينتهي!
- سؤالٌ صالح جعلناه فاسداً!
- الطريقة العربية في الحُكْم!
- خطاب السقوط!
- .. إلاَّ سورية!
- كيف تكون -قذَّافياً- مستتراً
- مواقف -ثورية- لمصلحة القذافي!
- العبور الثوري من -الواقع الافتراضي- إلى -الواقع الحقيقي-!
- مخاطر ما يحدث في البحرين
- إشكالية التدخُّل العسكري الدولي
- إنسان جديد خلقته الثورة!
- شياطين في هيئة شيوخ السلاطين!
- أين انتفاضة الفلسطينيين؟!
- والقَلَمِ وما يَسْطُرُون


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الأردن وسورية!