أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - التطور الرأسمالى وتعميق التخلف















المزيد.....

التطور الرأسمالى وتعميق التخلف


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 14:34
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تمكنت البلدان الرأسمالية، بفضل التراكم، فى إنجاز نموها الإقتصادى فى مرحلة تاريخية مبكرة ثم لم تتوقف. بل نمت الرأسمالية حتى غدت هى النظام الإقتصادى العالمى السائد حتى الحرب العالمية الأولى. وغدا إقتصاد أى بلد فى العالم مربوطاًً بعشرات الخيوط بهذا الإقتصاد الرأسمالى العالمى.
وبنجاح الثورة الصناعية ونشأة السوق العالمية فى منتصف القرن التاسع عشر صارت العملية الإقتصادية عملية عالمية واحدة. وتحت تأثير الرأسمالية التى صارت عالمية، أصبح هناك أساس واحد هو الأساس الرأسمالى لحساب ومعالجة السمات الخاصة للعمليات الإقتصادية والإجتماعية لهذا البلد أو ذاك فى العالم كله. والأخطر من ذلك، كما يقول الأستاذ الدكتور فؤاد مرسى، أنه بإقتحام الرأسمالية للبلدان التى، لسبب أو لآخر، لم تحقق بعد نموها الإقتصادى الرأسمالى، تجمعت معالم ظاهرة عالمية مقابلة هى تشويه عمليات النمو الإقتصادى فى هذه البلدان.
وهكذا أحدثت الرأسمالية المنتصرة عالمياًً أثرين تاريخيين: أولاًً: إدماج العالم كُُله فى سوق رأسمالية عالمية واحدة، بمستويات مختلفة من التطور، وثانياًً: ومن ثم تشويه عمليات النمو الإقتصادى فى جميع البلدان قبل الرأسمالية.
والسوق الرأسمالية تلك، والتى تندمج فيها فنزويلا البوليفارية، والسودان، لم تتشكل دفعة واحدة، وإنما تكونت على مدى طويل يرجع إلى أوائل القرن السادس عشر. ففى مرحلة الرأسمالية التجارية حينما سيطر رأس المال التجارى، كانت المستعمرات(وفنزويلا أحد هذه المستعمرات آنذاك) مصدراًً أساسياًً للتراكم الأولى لرأس المال من خلال عملية منظمة ومستمرة من نهب وسلب البلدان التى تم إكتشافها.
ولقد تميزت مرحلة الرأسمالية التجارية بالفعل بزيادة ملحوظة فى التبادل التجارى ونمو ملحوظ فى الإنتاج المعد للتصدير إلى المستعمرات. وأخذ الإهتمام يتحول من البحث عن المنتجات الأجنبية إلى البحث عن منافذ للسلع المحلية. وفى مقابل توابل الشرق ومنسوجاته لأوروبا، كان ينبغى دفع أثمانها ببدائل أوروبية. فقدمت إنجلترا وفرنسا وأمريكا المصنوعات والسفن، وقدمت افريقيا السلعة البشرية، وقدمت المزارع فى المستعمرات المواد الأولية. وكانت التجارة الأوروبية هى عصب التقسيم الدولى للعمل الذى نشأ عندئذ بين الشرق والغرب.
وفى عام 1600 تم تأسيس شركة الهند الشرقية الإنجليزية، وبعد ذلك بسنتين قام الهولنديون بتأسيس الشركة العامة للهند الشرقية، وتمتعت بإحتكار التجارة فى المحيطين الهندى والهادى. وفى عام 1621 تم تأسيس شركة الهند الغربية التى أخذت تباشر أعمالها فى القارة الأمريكية. وفى الوقت نفسه كان الفرنسيون ينشئون شركة الهند الشرقية وشركة السنغال فى أفريقيا، فى تلك المرحلة بدأ التراكم الأولى لرأس المال بالإعتماد على أعمال السلب والنهب المنظمة والمنتظمة، كما أسلفنا، والتى تشمل، من ضمن ما تشمل، فرض العمل العبودى والسخرة وإنتزاع الأراضى من أصحابها، وإقتطاع الجزية ونشر الإتاوات.
وفى المرحلة التالية والتى إمتدت حتى سنة 1870 تقريباًً، مرحلة الرأسمالية الصناعية، وإذ يُُسيطر رأس المال الصناعى، فقد قامت الرأسمالية المنتصرة بالبحث عن مصادر الخامات اللازمة لصناعاتها، بالإضافة إلى البحث عن منافذ للتسويق(قريب جداًً من الهدف العام لإتفاقيات التجارة الدولية الحرة، الآن، الذى يتبلور فى فتح أسواق الأجزاء المتخلفة لتصريف المنتجات فى الأجزاء المتقدمة) ويتميز أسلوب الإنتاج الرأسمالى بأنه يؤثر على فروع الإنتاج بمعدل من التراكم يتفاوت من فرع إلى آخر. وبذلك يُُصبح قانون النمو غير المتكافىء حقيقة.
ومن خلال هذا القانون فإن التبادل غير المتكافىء لا يُُصبح هدفاًً وحسب، بل أداة فعالة فى سبيل الحفاظ على فجوات النمو بين الإجزاء المتقدمة وبين الأجزاء المتخلفة من الإقتصاد الرأسمالى المعاصر. إذ التبادل غير المتكافىء هو نتيجة عدم التكافؤ فى الأجور، وعدم التكافؤ فى الأجور محكوم بدوره بالفروق فى مستويات نمو القوى الإنتاجية فى الأجزاء المختلفة من الإقتصاد الرأسمالى الدولى، ولا يمكن الحديث عن المساواة فى عالم أهم ما يميزه إنعدام المساواة فى التطور ذاته.
وفى مرحلة تالية تبلورت مرحلة الرأسمالية المالية، وأصبحت المستعمرات إحتياطياًً مندمجاًً فى الإقتصاد الرأسمالى العالمى، وتخصصت فى تزويد الصناعة العالمية بخاماتها الأساسية، وفى هذه المرحلة من تطور الرأسمالية، مرحلة الرأسمالية المالية، أصبح لتصدير رأس المال الأولوية على تصدير السلع. وأدمج إقتصاد المستعمرات بأكمله(كاحتياطى)بالإقتصاد الرأسمالى.
ولم يعد الإحتكار فى صراعه على الأسواق العالمية يعتمد فحسب على الحكومة التى ينتمى إليها من أجل أن يتخطى عوامل وعقبات ناشئة عن حركة السوق، وإنما تداخلت أيضاًً سلطة الإحتكار مع سلطة الدولة. ولم يعد أى إحتكار مجرد إحتكار خاص، وإنما هو إحتكار مضمون بالدولة، وسوف نتعرض إلى هذه المسألة فيما بعد حين معالجة السلوك الإقتصادى للمشروعات دولية النشاط.
ويشهد الإقتصاد الرأسمالى العالمى من بعد الحرب العالمية الثانية إتجاهاًً نحو نمط مركب لتقسيم العمل الدولى، وإنما فى إتجاهه نحو سيطرة نمط جديد لتقسيم العمل الرأسمالى على الصعيد العالمى؛ إذ بعد أن شهد الإقتصاد الرأسمالى، عبر ما يقرب من أربعة قرون، إنتشار شكل تاريخى من تقسيم العمل فى داخل المشروع الرأسمالى متمثلاًً فى تقسيم عملية إنتاج سلعة واحدة، أى ناتجاًً كاملاًً، إلى عدد من العمليات الصغيرة يتخصص فى القيام بكل منها عامل أو عدد من العمال، كى يُُصبح بذلك نمط تقسيم العمل الذى يسود فى داخل الوحدات الإنتاجية فى كُُل قطاعات النشاط الإقتصادى فى الإقتصاديات الرأسمالية المتقدمة.
يقول أستاذنا الدكتور محمد دويدار، بعد سيطرة هذا النمط فى داخل الوحدات الإنتاجية بدأ منذ الحرب العالمية الثانية ظهور التقسيم فى العمل على مستوى الإقتصاد الدولى، أو على الأقل، بعض الدول فى القيام بجزء من عملية إنتاج سلعة واحدة. وتنتج الأجزاء الأخرى فى بلدان أخرى.الأمر الذى يثير مسألة عملية تجميع هذه الأجزاء لإنتاج الناتج الكامل، ومن ثم إمكانية إختصاص بعض البلدان بعمليات التجميع هذه.
إن هذا النمط من تقسيم العمل الدولى إنما يثير إمكانية إنتقال بعض المشروعات إلى أقاليم دول أخرى إنتقالاًً تحدده: إعتبارات إقتصادية(توفر المادة الأولية، أو القوة العاملة الرخيصة، أو مصدر الطاقة المحركة) وإعتبارات مالية( توفر رأس المال النقدى المعد للإقراض، توفر المعاملة المالية المواتية)وإعتبارات فنية(البعد عن الأماكن التى تزداد فيها قوة التنظيمات النقابية والسياسية للعمال) ولن يكون إنتقال المشروعات دولية النشاط هذا دون عمليات متوازية من إدماج الأجزاء المتخلفة فى المنظومة الرأسمالية العالمية.
فلم تزل تلك الأجزاء، على الرغم من الطفرة فى تخليق البدائل، تملك المواد الأولية اللازمة فى الصناعة، هذا الإدماج، مع تباين أشكاله، يكمل تحول إقتصاديات الأجزاء المتخلفة إلى إقتصاديات سلعية، تخضع لسيادة الأثمان الدولية. ويزيد من تغلغل رأس المال الذى يحكم قبضته التكنولوجية(مستخدماًً كل الأليات القانونية الممكنة) على مختلف عمليات الإنتاج المدولة. مؤدياًً بالتالى إلى تزايد فقدان المجتمعات المتخلفة للسيطرة على شروط تجديد إنتاجه الذاتى. مع تبلور سمات العلاقات الإقتصادية الدولية على نحو من تخصص الأجزاء المتقدمة فى إنتاج السلع كثيفة الإستخدام للتكنولوجيا، وكثيفة الإستخدام لوسائل الإنتاج. ويسود هذا الإتجاه القطاع الصناعى ثم الزراعة (والتى تميل لأن تكون أحد فروع النشاط الصناعى) ثم قطاع الخدمات فى العقود الأخيرة، وهو الأمر المتزامن مع إبتعاد إنتاج الغذاء عن الأجزاء الرأسمالية المتخلفة نحو الأجزاء المتقدمة.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور التخلف الإجتماعى والإقتصادى فى مصر
- كيف تنظر النظرية الرسمية إلى التخلف
- (فى التناقض) لماو تسى تونج
- أمثلة على أزمة فهم الأزمة
- الشركات الإمبريالية
- تراث البله
- االإقتصاد السياسى هو علم فائض القيمة
- بصدد 25 يناير
- خواطر وأفكار أستاذنا العلامة محمد دويدار(الجزء الثانى)
- خواطر وأفكار أستاذنا العلامة محمد دويدار
- الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى
- الإقتصاد المصرى والإقتصاد الإسرائيلى، فى أرقام
- القيمة لدى ادم سميث
- التحريف تخريبا وتخريفا
- الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية، إهداء من تشافيز إلى أوب ...
- فنزويلا كما صورها جاليانو
- فنزويلا ليست إيران
- كولومبوس وفجر العالم الرأسمالى
- شبح يخيم على أوروبا/ رفائيل ألبرتى
- عالمية العلاقات الإقتصادية لدى روزا لوكسمبورج


المزيد.....




- قبل أن يفقس من البيضة.. إليكم تقنية متطورة تسمح برؤية الطائر ...
- كاميرا مخفية بدار مسنين تكشف ما فعلته عاملة مع أم بعمر 93 عا ...
- متأثرا بجروحه.. وفاة أمريكي أضرم النار في جسده خارج قاعة محا ...
- طهران: لن نرد على هجوم أصفهان لكن سنرد فورا عند تضرر مصالحنا ...
- حزب الله يستهدف 3 مواقع إسرائيلية وغارات في عيتا الشعب وكفرك ...
- باشينيان: عناصر حرس الحدود الروسي سيتركون مواقعهم في مقاطعة ...
- أردوغان يبحث مع هنية في اسطنبول الأوضاع في غزة
- الآثار المصرية تكشف حقيقة اختفاء سرير فضي من قاعات قصر الأمي ...
- شاهد.. رشقات صاروخية لسرايا القدس وكتائب الشهيد أبو علي مصطف ...
- عقوبات أميركية على شركات أجنبية تدعم برنامج الصواريخ الباليس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - التطور الرأسمالى وتعميق التخلف