أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - اسماعيل علوان التميمي - دور الحكومة الاتحادية في فشل الحكومات المحلية















المزيد.....


دور الحكومة الاتحادية في فشل الحكومات المحلية


اسماعيل علوان التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 01:00
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تكتسب قضية ادارة الحكم اهمية كبيرة في العالم اليوم لارتباطها الوثيق بنوع الخدمات المقدمة للمواطن حيث تتباين كفاءة وفعالية الخدمات اليومية بحسب طبيعة وخصائص نظام ادارة الحكم لتلك الدولة , حيث اتجة العالم المتقدم بشكل متسارع نحو اللامركزية التي تكفل المشاركة المجتمعية وتحقيق التنمية الانسانية المنشودة من الاسفل أي ان هناك استجابة لحاجات الجمهور وعلى ضوء اراء المجتمع المحلي يتم تحديد مسارات التنمية المطلوبة , وتحسين قيم المشاركة المجتمعية والشفافية والنزاهة, بينما لاتزال دول العالم النامية تستهدف تحقيق التنمية من الاعلى بغياب واضح وفاضح لدور المواطنين نتيجة لغياب المشاركة المجتمعية في تحديد القرار التنموي وما ترتب على ذلك من غياب الشفافية والنزاهه وقلة الاستجابة لحاجات السكان وضعف الرقابة وانحسار الكفاءة والفعالية ورد الفعل.
يسعى العراق اليوم لمواكبة التطور الكوني الجديد حيث كفل دستور جمهورية العراق قيام النظام اللامركزي كذلك تبنى قانون مجالس المحافظات للامركزية و بموجب ذلك يفترض ان تنتقل العديد من المهام والصلاحيات من الوزارات القطاعية في الحكومة المركزية الى السلطات المحلية في المحافظات, الا ان حداثة هذة التجربة وعدم تهيئة البيئة الملائمة لها ادى الى العديد من المشاكل والمعوقات التي اعاقت تحسين تقديم الخدمات للمواطنين
وبعد هبوب رياح التغيير التي انطلقت من تونس وسقوط نظامين عربيين مركزيين متشددين. انطلقت في شهر آذار الماضي في عموم المحافظات حركة احتجاجات واسعة تحول بعضها إلى اضطرابات رافقتها أعمال عنف وحرق لممتلكات الدولة ، بمطالب تكاد تكون متشابهة في المحافظات العراقية كافة بما فيها محافظات إقليم كردستان وابرز هذه المطالب هي :ـ تحسين مستوى عموم الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء ، إيصال مفردات البطاقة التموينية ، وضع حد للفساد الإداري ، تشغيل العاطلين عن العمل ، إلغاء امتيازات المسؤولين وإقالة بعض المسؤولين في الحكومات المحلية بما فيهم المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات ورؤساء الوحدات الإدارية ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية في الاقضية والنواحي . مما يعني إن الحكومات المحلية فشلت في أدائها وعجزت عن تنفيذ الوعود التي وعدت بها ناخبيها .
لاشك إن فشل الحكومات المحلية في تقديم الخدمات التي وعدت بها ناخبيها هي التي دفعت المحتجين في المحافظات إلى الخروج من بيوتهم وأماكن عملهم إلى الشوارع والساحات المجاورة للمقرات الحكومية معبرين عن احتجاجهم وسخطهم على مجمل الأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية وبالذات الخدماتية. ولا شك أيضا إن سبب فشل هذه المجالس لا يمكن أن نعزوه لسبب واحد وإنما لأسباب عديدة تراكمت وتفاعلت مع بعضها فكانت وراء فشل الحكومات المحلية، أهم هذه الأسباب هي وجود تعارض بين بعض نصوص الدستور التي خلطت بين نظامي اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية وكذلك قانون المحافظات المتعارض مع الدستور والذي يعد أسوء قانون إداري في تاريخ الدولة العراقية الحديثة ، والذي كان يقف وراء الكثير من اسباب الفشل ، كما كان للحكومة الاتحادية أيضا دورا واضحا ومؤثرا في هذا الفشل .وسنخصص دراستنا هذه لدور الحكومة الاتحادية في فشل الحكومات المحلية .

غالبا ما يثار تساؤل فيما إذا كانت هناك مصلحة سياسية للحكومة في تهميش الحكومات المحلية . الحقيقة عندما نفتش عن مصلحة الحكومة أو رئيس الحكومة في هذا التهميش فلا نجد أي مصلحة تذكر للحكومة أو لرئيسها في فشل الحكومات المحلية بل العكس هو الصحيح . فنجد المصلحة السياسية للحكومة مفترضة في توسيع صلاحيات مجالس المحافظات لان نجاح الحكومات المحلية في المحافظات يحسب سياسيا في النتيجة لصالح الحكومة الاتحادية لان العراق ببساطة هو حاصل جمع المحافظات . زد على ذلك إن كتلة رئيس الحكومة حصلت على النسبة الأكبر من المقاعد في كثير من المحافظات وعليه فمن المصلحة السياسية لكتلته أن تنجح في المحافظات لا أن تفشل .
الحقيقة لم أجد سوى تفسير واحد لذلك وهو إن هناك عقلية مركزية متمترسة في المفاصل الرئيسية للحكومة سواء في مجلس الوزراء أو في الوزارات استمزجت أسلوب تركيز فراحت تبحث بمناسبة أو بدون مناسبة عن أي فرصة لتركيز السلطة بيدها وإفراغ اختصاصات المحافظات من أي اختصاص حقيقي ، وإلا ما مصلحة الحكومة من تقديم مشروع قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم إلى البرلمان وممارسة الضغط السياسي لتمريره رغم تعارضه الصريح مع الدستور جملة وتفصيلا ومتعارض مع أصل النظام الفدرالي ،هذا القانون الذي سلب من المحافظات حتى الصلاحيات التي كانت موجودة إثناء عهد الاستبداد وكان سببا في خلق الفتنة بين مجالس المحافظات والمحافظين من جهة وبين المحافظين والوزارات من جهة أخرى وكذلك الحال بين مجالس الاقضية والنواحي ورؤساء الوحدات الإدارية . وما هي مصلحة الحكومة في نقض قانون فك ارتباط دوائر العمل والشؤون الاجتماعية وربطها بالمحافظات وقانون إلغاء وزارة البلديات وربطها في المحافظات اللذان كان بالإمكان أن يوسعا من اختصاصات المحافظات ويمكنا المحافظات من تقديم خدمات أفضل لمواطنيها .
لاضفاء قدر من المنهجية على دراستنا سنقسمها إلى خمسة مباحث نتناول في المبحث الأول دور الحكومة في تمرير التشريعات السالبة لصلاحيات المحافظات ونقضها للتشريعات المانحة لها وخصصنا المبحث الثاني لدور الحكومة في عدم تشكيل الهيئات الدستورية والقانونية الساندة لعمل المحافظات وفي المبحث الثالث تناولنا هيمنة العقلية المركزية على المفاصل الأساسية في الحكومة والوزارات وخصصنا المبحث الرابع إلى قلة التخصيصات المالية قياسا لحجم الحاجة والحرمان المتراكم وخصصنا المبحث الخامس إلى الاستنتاجات والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة لتنشيط الأداء في المحافظات .
المبحث الأول
تمرير التشريعات السالبة لاختصاصات المحافظات ونقض التشريعات المانحة لها

قدم مجلس الوزراء مشروع قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم الى البرلمان لاقراره رغم الكثير من العيوب التي اثيرت عليه في حينها ورغم تعارضه الصريح مع الدستور ورغم سلبه للكثير من اختصاصات المحافظات التي كانت موجودة اصلا في عهد الاستبداد وقامت الحكومة بممارسة الضغوط السياسية لتمريره ضمن صفقة قوانين مهمة اصرت الحكومة ان يكون قانون المحافظات من بينها وفعلا تم إصداره من قبل البرلمان وعند عرضه على اعضاء مجلس الرئاسة اعترض عليه السيد عادل عبد المهدي مستندا في نقضه الى عدة اسباب من اهمها تعارضه مع الدستور واثيرت زوبعة ساسية كبيرة ضد السيد عبد المهدي في حينها . وبعد قطع تعهدات للسيد عادل عبد المهدي من قبل مجلس النواب بان تجري تعديلات عليه بعد المصادقة فبادر الى سحب اعتراضه ومر القانون ولم تنجز التعديلات الموعودة والى يومنا هذا .

وكان من نتائج تطبيق هذا القانون هو فرض حصار كامل على كل اختصاصات مجالس المحافظات بحجة تعارضها مع القوانين الاتحادية وجعل مجالس المحافظات رهينة بيد الوزارات الاتحادية وليس لديها اية سلطة حقيقية من الناحية الواقعية في ممارسة اعمالها عندما قيد القانون اختصاصات مجالس المحافظات بقيد عدم التعارض مع القوانين الاتحادية وهذا يعني عدم تعارض اختصاص المحافظات حتى مع التعليمات الاتحادية مما مكن الوزارات في الامتناع عن تنفيذ الغالبية العظمى من قرارات مجالس المحافظات
طعن مجلس الوزراء بالقانون رقم 20 لسنة 2010 أمام المحكمة الاتحادية العليا المتضمن إلغاء وزارة البلديات والأشغال العامة وتشكيل مديرية عامة لدوائر الوزارة في المحافظات تكون خاضعة للحكومة المحلية في المحافظة ويعين مديرها العام من قبل مجلس المحافظة . وحكمت المحكمة الاتحادية لصالح مجلس الوزراء وألغت القانون لعدم استيفائه الشروط الشكلية الدستورية في القانون لان القانون تم رفعه من قبل لجنة الخدمات في مجلس النواب وليس من قبل مجلس الوزراء او من قيل مجلس الرئاسة كما نصت على ذلك نصوص الدستور.كما طعن مجلس الوزراء ايضا بالقانون رقم 18لسنة 2010 أمام المحكمة الاتحادية العليا المتضمن فك ارتباط دوائر العمل والشؤون الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وربطها بالمحافظات للسبب نفسه وهو عدم مرور مشروع القانون من خلال مجلس الوزراء الى البرلمان فنقضت المحكمة الاتحادية العليا هذا القانون


الحقيقة ان القانونين الملغيين كان من شأنهما أن يوسعا من اختصاصات مجالس المحافظات وبالتالي يمكنا الحكومات المحلية في المحافظات من تقديم خدمات أفضل لمواطنيها لكون دوائر وزارة البلديات او دوائر وزارة العمل في المحافظات عندما تخضع للحكومات المحلية ستكون ملزمة بشكل كامل بتنفيذ أوامر هذه الحكومات أما في الوقت الحاضر فأن دوائر البلديات والمجاري والماء والتخطيط والمتابعة والتخطيط العمراني تخضع لإرادة وزارة البلديات في العاصمة ودوائر وزارة العمل تخضع لإرادة وزارة العمل لذلك فان رؤساء هذه الدوائر في وضع لا يحسدون عليه فهم يتلقون أوامر غالبا ما تكون متناقضة من قبل وزارتهم في العاصمة ومن حكوماتهم المحلية في المحافظة مما جعلهم يعانون من إحراج كبير في عملهم ، لأنهم إذا نفذوا أوامر الحكومة المحلية فإنهم يتعرضون للعقوبة وربما إلى المسائلة القانونية من قبل الوزارة قد تؤدي إلى خسارتهم لمنصبهم ، وإذا نفذوا أوامر الوزارة فان مجلس المحافظة سيسارع إلى التصويت على إعفائهم من مناصبهم فيقع رئيس تلك الدائرة في منطقة الصراع - الأرض الحرام - بين الحكومة المحلية والوزارة ويكون رئيس الدائرة من أول الخاسرين والمواطن في النهاية هو من اكبر الخاسرين .لهذا فان نقض القانونين بسبب طعن مجلس الوزراء ساهم إلى حد بعيد في فشل مجالس المحافظات في تقديم خدمة أفضل لمواطنيها .

المبحث الثاني
دور الحكومة في عدم تقديم مشاريع التشريعات الساندة لعمل المحافظات
1-عدم تفعيل المادة105 من الدستور التي نصت على (تؤسس هيئةٌ عامة لضمان حقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، في المشاركة العادلة في ادارة مؤسسات الدولة الاتحادية المختلفة، والبعثات والزمالات الدراسية، والوفود والمؤتمرات الاقليمية والدولية، وتتكون من ممثلي الحكومة الاتحادية، والاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وتنظم بقانون).
لم تتحرك الحكومة الاتحادية طيلة الدورة الانتخابية الأولى إلى تقديم مشروع هذه الهيئة التي نص عليها الدستور وسكتت تماما عن وجود هذه الهيئة وما تزال ساكتة ولم تعرض موضوع هذه الهيئة حتى الى المناقشة الاولية ، مما يعني ان الحكومة غير جادة في تفعيل اختصاصات المحافظات التي نص عليها الدستور من خلال عدم تقديم التشريعات اللازمة لتشكيل هذه الهيئات التي اسند لها الدستور مباشرة هذه الاختصاصات الى مجلس النواب لاقرارها .
2-عدم تفعيل المادة 106من الدستور والتي نصت على ( تؤسس بقانونٍ، هيئةٌ عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية، وتتكون الهيئة من خبراء الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات وممثلين عنها، وتضطلع بالمسؤوليات الآتية:
اولاً :ـ التحقق من عدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض الدولية، بموجب استحقاق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم.
ثانياً :ـ التحقق من الاستخدام الامثل للموارد المالية الاتحادية واقتسامها.
ثالثاً :ـ ضمان الشفافية والعدالة عند تخصيص الاموال لحكومات الأقاليم أو المحافظات غير المنتظمة في إقليم، ووفقاً للنسب المقررة.
كذلك سكتت الحكومة عن تشكيل هذه الهيئة كما سكتت عن تشكيل الهيئة التي نصت عليها المادة 105 انفة الذكر مما حرم المحافظات من هيئات كان من الممكن ان تساهم في تذليل الكثير من المشاكل التي تعترض عمل المحافظات .

3-عدم تفعيل الفقرة ثالثا من المادة 121من الدستور التي نصت على(تخصص للاقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها(. والفقرة رابعا من المادة ذاتها التي نصت على ( تؤسس مكاتبٌ للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية . مما حرم الحكومات المحلية في المحافظات من الكثير من اختصاصاتها .

4-عدم تفعيل المادة 112 من الدستور التي نصت على (اولاً :ـ تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة، على ان توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون.
ثانياً :ـ تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي، معتمدةً احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار
حيث انفردت الحكومة الاتحادية تماما في موضوع إدارة النفط والغاز المستخرج ولم تتشاور مع الحكومات المحلية كما نص الدستور مما ساهم في سلب الكثير من اختصاصات الحكومات المحلية في المحافظات ولم تحدد الحكومة الاتحادية أية نسبة من موارد النفط للمحافظات المنتجة ولم يتم مراعاة مبدأ المحرومية أيضا مما ساهم في تكريس فشل الحكومات المحلية .
5- عدم تشريع قانون مجلس الاتحاد الذي نصت عليه المادة 65من الدستور التي نصت على( يتم انشاء مجلسٍ تشريعي يُدعى بـ (مجلس الاتحاد ) يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه، واختصاصاته، وكل ما يتعلق به، بقانونٍ يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب(. مما ساهم في حرمان الحكومات المحلية في المحافظات من تمثيلها في السلطة التشريعية استبعاد المحافظات من المشاركة في رسم السياسية العليا للبلاد مما ساهم ايضا في تعزيز عوامل الفشل لدى الحكومات المحلية.
المبحث الثالث
هيمنة العقلية المركزية في المفاصل الرئيسية في مجلس الوزراء والوزارات
ان من اهم متطلبات قيام النظام اللامركزي هو وجود الارادة والقناعة لدى النخب السياسية للاحزاب في السلطة المركزية باللامركزية كنظام لادارة الحكم كذلك ضرورة الايمان والاعتقاد من قبل كبار الموظفين في الحكومة المركزية باهمية اللامركزية كنظام اداري يتيح انتقال الصلاحيات والمهام بشكل تدريجي ( وليس بشكل مفاجي)من الحكومة المركزية الى السلطات المحلية في المحافظات بشكل متواصل ومع تنمية قدرات الكوادر المحلية بما يتناسب مع حجم المهام والصلاحيات الموكلة اليهم مع بقاء الحكومة المركزية كجهة راعية واستشارية لهذا التحول بينما
ما تزال العقلية المركزية مهيمنة على تفكير المفاصل الحيوية للحكومة والوزارات ، فما تزال تنظر الى الحكومات المحلية بأنها قاصرة قانونيا ولا يجوز لها مباشرة اختصاصاتها إلا بإذن من الوصي عليها وهو الحكومة الاتحادية او الوزارة الاتحادية . وبذلك تم نسف أول شرط من شروط قيام الحكومات المحلية وهو توفر الارادة السياسية والقناعة لدى المركز بتمكين الحكومات المحلية من مباشرة اختصاصاتها . لقد اوقعت الحكومة الاتحادية والوزارات الاتحادية طيلة الفترة التالية لتطبيق قانون المحافظات الحكومات المحلية في احراجات كثيرة . على سبيل المثال لا الحصر حصر مجلس الوزراء إجازة المحافظ برئيس مجلس الوزراء بينما يفترض أن تكون إجازة المحافظ من المحافظ نفسه على ان يعلم مجلس المحافظة ورئيس مجلس الوزراء لان المحافظة بنص الدستور لا تخضع لأي وزارة او جهة غير مرتبطة بوزارة .
قامت الحكومات المحلية بتغييرات كثيرة برؤساء الدوائر الفرعية للوزارات في المحافظة إلا إنها اصطدمت برفض الوزارات لهذه التغييرات مما اوقع الحكومات المحلية في احراجات كثيرة وأوقع رؤساء هذه الدوائر في حرج اكبر حيث وجدوا انفسهم في المنطقة الحرام بين وزاراتهم وحكوماتهم المحلية . فلا هم قادرون على العمل بدون وزاراتهم ولا هم قادرون على العمل بدون قبول حكوماتهم المحلية .

المبحث الرابع
قلة التخصيصات المالية قياسا لحجم الحرمان المتراكم

منذ اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1980وحتى سقوط النظام تم توزيع ملايين القطع السكنية واستحداث عشرات الألوف من الأحياء السكنية دون ان تقديم اية خدمات لهذه الأحياء وبقيت اغلب هذه الأحياء بدون كهرباء أو ماء أو خدمات صحية هاتفية وبدون مدارس وبدون مجاري أو شوارع وأرصفة . والمطلوب الآن إيصال الخدمات لكل هذه الأحياء ولنا ان نتصور حجم الحرمان الذي تعاني منه المحافظات العراقية . نذكر المثل التالي ونقيس عليه حجم الحرمان المتراكم في البلد .
في الخطة الخمسية لمحافظة واسط للأعوام من 2010 إلى عام 2014وفي مجال إنشاء الطرق فان مدينة الكوت لوحدها بحاجة إلى شوارع بعرض 10 م بطول113 كم طول يتم تبليطها بعد صبها بالكونكريت المسلح فقط ضمن التصميم الاساسي لمدينة الكوت واذا اضفنا لها حاجة الاقضية والنواحي الاخرى في المحافظة من الطرق وفي مراكز المدن اي ضمن التصاميم الاساسية للمدن فقط التي تبلغ450 كم طول سيكون مجموع الطرق ضمن التصاميم الاساسية لمدن واسط هو 563كم طول بعرض 10 متر واذا ما عرفنا ان كلفة تبليط الكيلو متر الواحد طول بعرض 10 متر بعد صبه بالكونكريت المسلح هي 25 مليار دينار عراقي سنجد ان حاجة محافظة واسط من الطرق ولمراكز المدن فقط هي 14تريليون و 675مليار دينار ولنفترض ان مبالغ التخصيصات للأربع سنوات القادمة بحدود ال 100 مليار سنويا اي أكثر ب5 مليار من تخصيصات سنة 2011حيث بلغت ميزانية محافظة واسط 95ملياردينار فقط فان واسط لوحدها تحتاج الى تخصيصات 140 سنة لإكمال تبليط شوارع المدن فقط ولنا ان نتصور حجم الحرمان الذي تعاني منه المحافظات وبالتالي نسبة التخصيصات الى حجم الحرمان . اذن فان حجم التخصيصات لا يتناسب مطلقا مع حجم الحاجة والمحرومية . وهذا كان من الاسباب المهمة لفشل الحكومات المحلية .
ان تحقيق التمكين المالي (مع صعوبة ذلك)بحد ذاته غير كافي للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة ما لم يصاحب ذلك تحقيق التمكين الاداري والتشريعي الذي يكفل تهيئة البيئة الملائمة لعمل السلطات المحلية لتقليل نسب العجز في تقديم الخدمات المختلفة ذات المساس المباشر بحياة المواطنين كالماء والكهرباء والصرف الصحي والنفايات الصلبة وفق ستراتيجيات تنموية بعيدة المدى تمتد الى(20-25)سنة مع الاهتمام بوضع الحلول الانية والعاجلة للمشاكل الخدمية التي لاتحتمل التاجيل أي ان يكون للحكومات المحلية توجهان ستراتيجي بعيد المدى وتكتيكي يومي وبنفس الوقت للنهوض باعباء الواقع الخدمي للمدينة العراقية.

المبحث الخامس

الاستنتاجات والتوصيات
أولا-الاستنتاجات
1- ان الدستور كان سببا في الارباك الحاصل في اختصاصات مجالس المحافظات حيث خلط بين مفهومي اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية.
2- إن قانون المحافظات كان السبب الأكبر في المشاكل التي تواجه الحكومات المحلية .
3- إن هيمنة العقلية المركزية في الحكومة والوزارات كانت إحدى المشاكل التي تواجه المحافظات .
4- إن عدم قيام الحكومة بتقديم التشريعات التي نص عليها الدستور إلى البرلمان لإصدارها وعدم تفعيل أحكام الدستور الساندة لعمل الحكومات المحلية كان احد أسباب الفشل لمجالس المحافظات .
5- إن قلة التخصيصات لا يتناسب مطلقا مع حجم الحاجة والمحرومية اللتان تعاني منهما المحافظات كان من أهم أسباب الفشل .
6- إن عدم تشريع المجلس الاتحادي كان سببا في استبعاد الحكومات المحلية من المشاركة في عملية صنع القرار الاتحادي .
7- كان لنقض قانوني فك ارتباط دوائر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والحاقها بالحكومات وكذلك نقض قانون الغاء وزارة البلديات والحاق دوائرها بالحكومات المحلية اثرا كبيرا على عدم تحسن الخدمات في المحافظات .
ب – التوصيات
1- اجراء التعديلات الدستورية اللازمة لرفع الخلط بين مفهومي اللامركزية الادارية واللامركزية السياسية لصالح مفهوم اللامركزية السياسية وتحديد اختصاصات الحكومات المحلية بشكل واضح لا يقبل اللبس ورفع قيد عدم التعارض مع القوانين الاتحادية الذي قيد اختصاصات مجالس المحافظات مع ابقاء قيد عدم التعارض مع الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية الذي نص عليه الدستور.
2- تغيير او تعديل قانون المحافظات بما يوسع من اختصاصات مجالس المحافظات ويعطي للحكومات المحلية الحق في الاشراف المباشر على كل فروع الوزارات الاتحادية في المحافظة عدا القضاء والجيش والاقسام التدريسية في الجامعات ، وفي اسرع وقت ممكن .
3- تقديم الحكومة لمشاريع الهيئات الساندة لعمل الحكومات المحلية التي نص عليها الدستور الى البرلمان لاصدارها.
4- تنفيذ احكام الدستور التي تمنح صلاحيات اضافية للمحافظات .
5- اصدار التشريع اللازم لتشكيل مجلس الاتحاد .
6- اعادة اصدار قانوني فك ارتباط دوائر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والحاقها في الحكومات المحلية وكذلك قانون الغاء وزارة البلديات والحاق دوائرها بالحكومات المحلية .
7- استبدال ثقافة المركزية في المفاصل الحيوية في الحكومة الاتحادية والوزارات بثقافة اللامركزية السياسية ودعم الحكومة الاتحادية لجهود الحكومات المحلية وتمكينها من النجاح .
8- مضاعفة تخصيصات المحافظات وتمكينها من إدارة شؤونها بنفسها .



#اسماعيل_علوان_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة...مع كبير مستشاري فخامة الرئيس
- الناتو يحمي في المتوسط ، ودرع الجزيرة يقمع في الخليج
- في صنعاء...الجاني يعلن الحداد على ارواح المجنى عليهم
- مناقشة قانونية لقرار استدعاء درع الجزيرة الى دوار اللؤلؤة
- القرار 1973...اول قرار دولي ينقذ شعبا من مخالب طاغيته من الج ...
- ماالذي ينقذ ليبيا من مخالب القذافي؟
- مداهمة مقرات الحزبين الشيوعي والامة والكيل بمكيالين
- مشاكل المحافظات...الاسباب والحلول
- رسالة مفتوحة وعاجلة الى الثلاثة الكبار/ طالباني ، المالكي ، ...
- انتهى الفاصل ...ونلتقي الان في طرابلس لنتابع معا مشاهد السقو ...
- ماهو المطلوب من المشير طنطاوي ان يفعله بعد البيان الخامس؟
- فاصل ونلتقي في عاصمة عربية اخرى
- البرق في تونس والرعد في القاهرة والسويس
- المسيحيون العراقيون...هم المكون العراقي الاولى بالحماية
- يا احرار تونس... انتم امام فرصة تاريخية ، فلاتقبلوا باقل من ...
- بعد هروب بن علي ...القذافي مرعوبا
- ايها التونسيون المنتفضون ، كل احرار العالم تنحني لكم
- منصب رئيس الجمهورية العراقية في دستور 2005
- تقييم اختصاصات الحكومة في دستور 2005
- مشروع المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية والتعارض مع الدستو ...


المزيد.....




- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - اسماعيل علوان التميمي - دور الحكومة الاتحادية في فشل الحكومات المحلية