أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - خلدون جاويد - هل أنت كازنتزاكيّ النزعة ؟...















المزيد.....

هل أنت كازنتزاكيّ النزعة ؟...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 3332 - 2011 / 4 / 10 - 13:21
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


من شدة خوفه من والده استحال دمه الى حبر فبدلا من ممارسة الحياة بفعل بطولي كان يخط دم القلب حبرا على ورق ... وهذا لوحده إجحاف بحق إنسانية الإنسان ومسخ لشخصيته . والسؤآل لماذا ؟ وبأي حق تهيمن الإبوة بجبروتها على طفل فتحيله الى شخصية عصابية مذعورة ربما عاشها الكثير منا . عصا شاكر السياب التي يتراكض بها خلف ابنه بدر ،هيمنة والد مارسيل بروست الآمر الناهي وهو ، مارسيل الطفل ، الذي يتحرق في سريره لقبلة من اُمّه قبل النوم وحكاية ، واحتضان .. مع خوف ملازم من عالم الأنا الكبيرة : الأب . عشرات الادباء والوف مؤلفة من البشر عانت من الأنا العليا .. وتشظى ذلك العنف المتوارث بمواقف متباينة منها بل الأسوأ مافيها أنك من غير وعي تطبق ما كان يُطبق على طفولتك من عنف واجحاف وكسر خاطر أو أن ترتقي بدلا من ذلك وبما يُعرف ب "إعلاء الذات" لتعيد ما أفقدوك إياه من هدأة وسلام ونعمة الحوار وإبداء الإحترام للطفل .فتبدأ بتربية أبنائك بطريقة مغايرة لما عانيته وكأنما تعيد الاعتبار لذاتك. نيكوس كازنتزاكي أعلى ذاته مرتين أو أكثر ، ومن شاء أن يكون مثله فليكن .
ـ تجاوز الردع والإرهاب الأبوي بالخوض بعد وفاة والده في كل صراعات العصر الفكرية والفلسفية إلخ وكأنما ثأر من القمع بالإنتصار لقيم الحرية . لقد جاب كازانتزاكي الجغرافيا والتاريخ في سبيل أن يفلسف العالم وان يقوى على تغيير هذا الجانب او ذاك منه ، ولا أدل على ذلك من خروجه من كريت الى أجواء ودول عديدة فقد خبَرَ أولا عالم كريت ومن ثم أثينا وقام بالحج عبر اليونان وبعدها ايطاليا والقدس وسينا ومن ثم باريس وبرلين وروسيا والقوقاز الخ ، وليتصل بالحضارة هناك وبتاريخ الشعوب فكرها وفنها واديانها وهلمجرا . وخلص كما خلص نيتشة من كل ماتعارف الناس على صحته وما يلقـّنه لنا الأب والمجتمع . ذهب الى الحرية التي حرم من ثمارها في طفولته . قال كازانتزاكي عن أبيه في ص 216 من مذكراته ـ تقرير الى غريكو الكتاب الثاني :" كان دائما يلتهم القوة المحيطة به وكانت كل شجرة تذبل في ظله . وأنا الآخر كنت أذبل في ظله . لم أكن احب ان اعيش تحت انفاسه .حين كنت شابا كانت تتفجر في اعماقي ثورات مسعورة ، وكنت مستعدا لإلقاء نفسي في مغامرات خطرة لكنني ،في كل مرة ،كنت افكر في والدي فيجبن قلبي . ولهذا كنت مجبرا على كتابة ماكنت ارغب في فعله وذلك بدلا من ان اصبح مكافحا عظيما في مملكة الفعل ـ بسبب خوفي من والدي ، لقد كان هو الذي حول دمي الى حبر " ص 6 الكتاب الأول من المذكرات .
ومن الحبر ما تورق الأشجار وتتفجر الانقلابات في الفكر والواقع . لقد أجاب كازنتزاكي اجابته الثورية في نتاجه الابداعي العالمي على القمع والكآبة وخصوصا عبر " زوربا" الذي تعلم منه كيف يتجاوز المرء احداث الفشل وينطلق الى حب الحياة والأمثلة عديدة منها موت ابن زوربا الذي حول زوربا مراسيمه ومناحته الى رقصة عالمية شهيرة وخالدة مدى الدهر ، وحادثة المنجم الذي تحطم ، وكيف تحول الى ضحكة وكأس نبيذ ومائدة طعام على الأرض الركام ! مع رقصة أي مع الإصرار على تجاوز أية حالة ومجابهتها بفعل للإنطلاق رغم ، دعني اقول ، الإنغلاق !.. وهل يقوى كل امرئ ٍ على الإعلاء بالحالة السوداء الى شعاع شمس أشقر. والليلة الدكناء بالصباح المشرق ودمعة وثياب الحداد بابتسامة لأطفال في يوم عيد ؟ لقد استطاع كازنتازاكي لا على مستوى القضاء على هموم الذات والفشل في الحياة بل ارتقى الى حب البشرية والجوار بعد ان رآى باُم عينيه المذابح والمكاره والثارات .. لقد انتقل الى الإيمان بأروع مقولة وردت على لسان بطله زوربا بأن في كل شعب هناك ناسا طيبين . اذن ليس من المعقول أن نتولى شعبا معينا بكره تاريخي او تعميم عنصري . ان الإعلاء هنا يرفعني من معاداة خصمي الأبدية الى الارتقاء نحو السلام والتعايش وطي صفحة الماضي . قال في مذكراته تقرير الى غريكو الكتاب الثاني ص75 " تذكرت قول بوذا : اذا رددنا على الكراهية بالكراهية فلن يتحرر العالم من الكراهية " لقد تعلم من استاذه نيتشه كيف يخلع عن مسامات جسدة المختنقة بالثياب الثقيلة والتروس الحديدة أوهامَ الفكر القديمة اذ تحرر الأخير من الاقليموية والقومانية وتحيّز الدين وحتى من التراث الموسيقي واي انتماء محدد ومبلّد ومكرور . كما تعلم كازنتزاكي أن لا يكون قماشة تـُقص وفق قالب قديم . ان رحلته الطويلة في الحياة والسفر علمته حكمة ما الأ وهي " الخلاص من الخلاص " اي عليك ان تكف عن ان المخلص هو هذا النبي او ذاك او هذا الشفيع او ذاك او ان الحزب الفلاني هو قارب النجاة وهو المخلص . وان هذه الأيديولوجيا هي انعتاقتي ! اخرج من هذا الوهم ... الموضوع أكبر من ذلك ، الموضوع هو الحرية وروعتها بعيدا عن القولبة والانتماءات اعلاه . وهذا لا يعني انه لايؤمن حد التصوف أبدا انه فقط يريدك ان تتفكر بالحكمة إياها " الخلاص من الخلاص " قال كازنتزاكي او آمن بمن قال " قلت لشجرة اللوز . حدثيني عن الله يا اخت ... فازهرت شجرة اللوز ". انه مع المطلق وليس مع الجزئي والمحدود . لايتحيز لدين لمذهب بل للإنسان أنى وكيف كان ... مع تطوير وتآخي الانسان تتألق كل أنواع الجنان .
وحتى على مستوى الحرية الشخصية فانه لكثرة اسفاره وتجاربه قد استقى من احاديث الاب جواكيم في الدير درسا وعبرة وردت على لسان الاب انظر ص 301 الكتاب الاول من المذكرات " ان بعنا انفسنا للشيطان فانه يدفعنا لانكار الروح. وان بعنا انفسنا لله يدفعنا لانكار الجسد. متى ينمو قلب المسيح بما لايكفي لمواساة الروح فقط ، بل لمواساة الجسد أيضا ويصالح بين هذين الوحشين المفترسين ؟" . ان الموازنة بين قطبين هو السلام ، والتطرف حتى بالحب انما هوخطر لأنه يميل بالموازنة نحو قطب ضد قطب ، وباتجاه ما عكس اتجاه آخر . كيف نخلق لوحة للموائمة ؟ تلك مهمة البشرية على مدى مئآت من السنين قادمة ! .
كن كازنتزاكياً " إقتراح".. كن مع الأمل مع اعلاء الذات بأن لا تعيد أغاني العنف المتوارثة . كن مسالما . لامنقادا واستسلاميا . اُخرج مما صُنعت به وله ومنه ! ثق بروعة الروح والجسد . ثق بالآخر فرحا مشتركا وإخاءا . اعتمد الخلاص من الخلاص ام لاتعتمده فان ذلك لا يبعدك ، لو كنت كازنتزاكيا بحق وزوربويا بحق ، عن شجرة اللوز رمزا للعطاء وهندسة الجمال الكوني .

*******

توقٌ أخيرٌ :

أنت انا ، مختلفٌ عني شكلا ً ، الى جانب تشابه او تنافر نسبي في الصفات . انت وانا ، كلانا واحد ! ولكن لضعة ودونية مستوانا التاريخي لا ندرك ذلك . ما أروع ما أشار له كازانتزاكي في ص 104 من المذكرات " .... حين أرى مجذوما أحس انني أنا ذلك المجذوم . لقد عبر عن ذلك بأتم وجه الصوفي المسلم السري السقطي من القرن التاسع بقوله : " لايوجد الحب الكامل بين اثنين الاّ حين يخاطب كل منهما الآخر بقوله : يا أنا ." .
وأخيرا ما أطول الطريق الى "خلق الأنبياء" والى قوة بريشت وضحكة زوربا الرنانة وسماحة بوذا وحلول الذوات جميعا في ذات واحدة هي المحبة . أين نحن من السري السقطي ؟ .

10/4/2011



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق لم ترتعبْ حكّامها ارتعبوا ...
- قالوا بأنك َ عن قريب ٍ تُخلَعُ ! ...
- تَخْتِخ ْ ورَبْرُبْ ! ...
- قصيدة الى البطلة سهير الأتاسي ...
- مَنْ لمْ يُطِحْ بالعرش ِ ليس بشاعر ِ
- الثقافة ظهير الإنتفاضة السورية ...
- قصيدة سخرية للقذافي وعنه ...
- نزهة مع أصدقائي الموتى في كوبنهاغن
- ليبيا جوهرة على جبين الكون ...
- قصيدة الى الرئيس - الخَرَنْكَعي ...- !...
- - كل من يطالب له بعمل قالوا شيوعي ... !- ...
- إنحناءة في حضرة الإمام علي ...
- ليبيا العروسُ على الضفاف تحوم ُ ...
- سبعة اُدباء لايدخلون -الجنّة- ! ...
- الرقطاء بثينة شعبان ؟ أم بثينة ثعبان ؟
- ياجعفر الصادق لايصدقون ! ...
- تنبؤآت إخطبوط بهروب الأسد الى إيران ! ...
- ثرواتنا حكرٌ على الخلفاء ِ ...
- السوريون الشجعان
- عجّتْ فدعْها تزدهي بعجيجها ...


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - خلدون جاويد - هل أنت كازنتزاكيّ النزعة ؟...